صحيفة العرّاب

موقوفات إداريا في "الجويدة": أعيدونا إلى البيت

العراب نيوز: ساعدوني في العودة إلى البيت" كلمات اختلطت بدموع "سلمى" الموقوفة إداريا في مركز إصلاح وتأهيل الجويدة - قسم النساء.

 حيث ردت بهذا الكلمات حين خاطبها عدد من الإعلاميين أمس، عندما زاروا المركز، عن الشيء الذي تتمناه.
 
"سلمى" هو اسم مستعار لفتاة لم يتجاوز عمرها الثامنة عشرة، التقاها عدد من الإعلاميين خلال زيارة نظمتها شبكة الإعلاميين الأردنيين للحماية من العنف الأسري التي أطلقها مؤخرا المجلس الوطني لشؤون الأسرة.
 
تقول عن سبب وجودها في مركز الإصلاح "إنها موقوفة إداريا بقرار من المحافظ، بعد أن تعرضت للضرب المبرح على يد زوجة أبيها، لتنقل إلى المستشفى وتبقى 15 يوما في العناية الحثيثة، جراء تعرضها لضربة قوية في الرأس، وبعد ذلك يعلن الأب عن تخليه عنها متوعدا بقتلها إن هي عادت إلى البيت".
 
والموقوف إداريا هو من يتم التحفظ على حريته من دون ارتكابه جريمة يستحق عليها السجن، ويتم هذا التحفظ خوفا على حياته.
 
بذلك انتقلت "سلمى" من كونها ضحية تعرضت للضرب الى متهمة بنظر والدها لكونه يعتقد أنها السبب في وصول القضية إلى مكتب المحافظ عن طريق حماية الأسرة، ولأن الأب صاحب قضايا عديدة وأسبقيات، فقد خاف من الذهاب لاستلام الفتاة من مكتب المحافظ، أما عمها فأكد للمحافظ أنه لا يستطيع استلام "سلمى" خوفا من تحمل المسؤولية في حال تعرضت للضرب على يد والدها الذي أعلن سخطه عليها، وهدد بقتلها.
 
ورغم ما تعرضت له "سلمى" فإنها لم تقبل بأن تقدم شكوى رسمية بحق زوجة أبيها، وعندما سئلت عن السبب، ألمحت إلى استمرار رغبتها في البقاء مع أسرتها خوفا من مستقبل مجهول لا تعرف ماهيته، وفي حال تقدمت بشكوى - والحديث لها - فإن ذلك ينجم عنه سجن زوجة الأب، ولسوف ينقطع أي أمل لها في الرجوع إلى البيت.
 
أما عن سبب تعرضها للضرب، فتقول "إن زوجة أبيها لا ترغب بوجودها ضمن أسرتها، وغالبا ما تضربها حتى من دون أن يكون هناك أي مبرر للضرب".
 
وبعد مرور شهرين على وجودها في سجن الجويدة للنساء تقول "سلمى" "إنه ورغم توفير خدمات جيدة داخل المركز، وعدم تعرضها لأي نوع من الانتهاكات، إلا أنها غير مرتاحة وترغب بشدة في العودة إلى بيتها، لكونها تقطن مع نزيلات يكبرنها سنا ويتحدثن في أمور لا ترغب بسماعها".
 
ولم تفصح "سلمى" كثيرا عن تلك الأمور التي لا ترغب بسماعها، مكتفية بإنزال رأسها إلى الأرض، وتكرار تعبيرها عن رغبتها في العودة إلى البيت رغم ما ينتظرها هناك.
 
ومن ناحيته قال مدير مراكز الإصلاح والتأهيل بالإنابة العقيد عدنان سحيمات، والذي رافق الإعلاميين في الجولة، "إن المركز يوفر كل الخدمات التي يمكن توفيرها، ولكنه يبقى سجنا، وفيه حصر لحرية الإنسان".
 
وما شدد عليه سحيمات هو "اهتمام مراكز الإصلاح والتأهيل بتدريب كوادرها لضمان التعامل مع النزيلات بأفضل الطرق، إضافة إلى توفير كافة الخدمات التي توفر إقامة انسانية للنزيلة وضمان حفظ كرامتها بغض النظر عن الجريمة التي ارتكبتها".
 
أما مديرة المركز المقدم نضال الجمل، فأشارت إلى أن مركز إصلاح وتأهيل الجويدة للنساء هو الوحيد في المملكة، وقد استقل عن مركز الرجال عام 2000، وتبلغ عدد النزيلات فيه حاليا 249 نزيلة من مختلف القضايا.
 
وأعلنت الجمل نية المركز افتتاح الحضانة الموجودة فيه رسميا منتصف الشهر المقبل، لافتة إلى أن المركز بدأ باستقبال أطفال النزيلات ليضم حاليا 3 أطفال تتراوح أعمارهم ما بين اليوم والثلاث سنوات.
 
وشرحت الجمل أن المركز يوفر مكانا خاصا تنام فيه الأم مع طفلها، في حين يبقى نهارا مع الحاضنة حتى لا يظل الطفل بين النزيلات، حفاظا على نفسيته.
 
وبينت "أن عدد المحكومات 79 نزيلة، وعدد الموقوفات إداريا 78 نزيلة 25 منهن أجنبيات، و53 أردنيات، في حين يصل عدد الموقوفات قضائيا 92 نزيلة.
 
وبالنسبة للموقوفات إداريا من الأجنبيات بينت الجمل أنهن يبقين في المركز الى أن يتم تسفيرهن إلى بلادهن، لافتة إلى أن هناك حركة موجهة لإبعادهن كونهن يشكلن عبئا على المركز.
 
ويوجد في السجن 5 نزيلات محكومات بالإعدام، وواحدة محكومة 15 سنة، و12 نزيلة محكومات ما بين 10 إلى 15 سنة.
 
وفي نفس الجولة اطلع الإعلاميون على الخدمات المقدمة في المركز الذي يضم عدة قاعات تمارس فيها النزيلات نشاطات مثل مشغل الخياطة والتريكو، ومطبخ تعليم الحلويات والمأكولات، وقاعة تعليم الطباعة ومهارات الكمبيوتر، فضلا عن وجود عيادات طب عام وأسنان.
 
وخلال الجولة قالت إحدى النزيلات التي بدا أن عمرها لا يتجاوز العشرين عاما بأنها موقوفة إداريا بعد فرارها من بيت أبيها مع صديقها الذي تخلى عنها بعد أن أفقدها عذريتها، فخافت الرجوع إلى بيت الأهل.
 
وتضيف الفتاة "أنها لجأت إلى إحدى السيدات التي تربطها بها علاقة قرابة من بعيد، ونصحتها الأخيرة بالتوجه إلى الشرطة ليحولها المحافظ بعد ذلك إلى مركز إصلاح وتأهيل الجويدة للنساء".
 
وتزيد بالقول "لا أعرف ماذا سيحصل لي، ولكن لا أريد الرجوع إلى أهلي لأنهم سيقتلوني".
 
أما إحدى النزيلات الوافدات التي كانت تعمل خادمة في أحد البيوت فتقول "إن سبب سجنها هو اشتكاء مخدومها عليها بعد ان لاحظ علامات ضرب على جسد طفله".
 
أما "ميادة" فهو الاسم المستعار لموقوفة إداريا عمرها (19 عاما) كانت تعيش مع أمها المنفصلة عن والدها، ولكن قبل مدة جاء شقيقها المتزوج وأخذها لتعيش مع الوالد الذي رغب بتزويجها برجل تخطى الأربعين، بيد أنها رفضت، لتبدأ بعد ذلك مشاكلها مع أهلها.
 
ولعل رفض الفتاة للخاطب لم يكن سببه الوحيد أنه يكبرها بالسن كثيرا، بل إن السبب الأهم "كان بحسب قولها ارتباطها بعلاقة عاطفية مع شاب تقدم لخطبتها 6 مرات، إلا أنه قوبل برفض الأهل لكونه ليس قريبا لها، وهم لا يزوجون إلا من داخل العائلة".
 
إن ما أوصل ميادة إلى المركز هو هروبها في أحد الأيام مع ذلك الشاب الذي أكد لها أنه حتى يقبل الحاكم الإداري تزويجهما من دون موافقة ولي أمرها، فإنه يجب أن يجري بينهما ما يجري بين الأزواج.
 
جهل الفتاة التي خرجت من المدرسة قبل إكمالها للصف التاسع، أدى بها الى تصديق ما قاله صديقها، وبعد غيابها عن البيت يومين استطاع الأهل الوصول اليها لتأتي خالتها وتأخذها من عند الشاب، الا أن الخالة أفهمت أهلها بأن أم الفتاة كانت هناك ما ينفي فرضية أن يكون قد جرى بينهما شيء.
 
إلا أن ادعاءات الخالة لم تمنع الأب والشقيق من ضرب الفتاة ضربا مبرحا أوصلها إلى المستشفى، وأمام خوفها من تبعات الرجوع الى أهلها واكتشاف أمرها، فضلت الفتاة البقاء في المركز لتعيش على أمل أن يأتي ذلك الشاب ويتزوجها رغم أنها لم تعلم عنه شيئا منذ أن جاءت إلى المركز. الغد