العراب نيوز: أوصت لجنة السياسات الاقتصادية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي الحكومة بضرورة "الحد" من اقتراض المؤسسات المستقلة، نظرا لما ترتبه من "تبعات مالية على الحكومة"، داعية إلى "مراجعة شاملة ودقيقة" لهذه المؤسسات و"إلغاء" بعضها ودمج أخرى.
وانتقدت اللجنة، التي تضم ممثلين عن العمال وأصحاب العمل والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني، سياسات مالية في إدارة بعض الممتلكات والأصول الحكومية.
وأشارت إلى أن "مديرية المساهمات الحكومية في وزارة المالية، التي تملك حصصا في 28 شركة مدرجة وغير مدرجة في السوق بلغ مجموع قيمتها السوقية حتى نهاية العام الماضي 1.39 بليون دينار، منها 17 شركة منيت بخسائر".
كما أوصت اللجنة، في تقريرها الذي حصلت "الغد" على نسخة منه، بحصر الممتلكات والأصول الحكومية، والعائد المتحقق من تلك الأصول، بحيث يتم التخلص من الأصول ذات العائد المتدني أو السلبي.
وانتقد التقرير ما قال إنه "حياد" أداء المالية العامة خلال العامين الماضيين عن الأهداف التي حددتها الأجندة الوطنية، مؤكداً أن الدين الخارجي والداخلي "واصلا ارتفاعهما ليبلغا مع نهاية النصف الأول من العام الحالي نحو 10 بلايين دينار، منها حوالي 5.5 بليون دينار ديونا داخلية".
ومن المقرر أن يبحث المجلس الاقتصادي الاجتماعي، خلال اجتماع يعقده بغرفة تجارة إربد في السابع من الشهر المقبل، تقرير اللجنة ومن ثم إقراره ورفعه إلى الحكومة، التي تعكف حاليا على إعداد مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام المقبل.
وأكد التقرير على ضرورة الحد من نمو حجم الموازنة، بحيث تقل نسبة نمو الإنفاق العام عن نسب نمو الإنتاج المحلي الإجمالي، معتبراً أن الحد من النمو يعني تقليصا تدريجيا في حجم القطاع العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي وتحديد إطار زمني قصير (ثلاثة أعوام) للوصول إلى أهدافه.
فيما أشار إلى ضرورة وضع هدف يحدد نسبة العجز بـ3% من الناتج المحلي خلال إطار متوسط المدى (3 - 4) أعوام، على أن يتم تطبيق ذلك بالتدريج من خلال الالتزام بتخفيض العجز بما نسبته 2% سنوياً وإيجاد صيغة مؤسسية تضمن الوصول إلى هذا الهدف.
وشدد التقرير على ضرورة الالتزام بقانون الدين العام، الذي حدد نسب الدين إلى الناتج المحلي بنسبة 60%، من خلال التشديد على التوائم مع القانون وعدم السعي إلى تعديل القانون لرفع الدين الناتج، والعمل كذلك على وضع هدف جديد لنسبة الدين إلى الناتج بهدف تخفيضها أكثر، والحد من اقتراض المؤسسات المستقلة سواء بكفالة الحكومة أو من دونها لما في ذلك من تبعات مالية تترتب على الحكومة.
وفيما يتعلق بإعداد الموازنة العامة، طلب التقرير من الحكومة بناء افتراضات واقعية للموازنة في تقدير إيرادات النفقات المتوقعة، لافتا إلى أنه لوحظ الفارق الكبير بين التقديرات الواردة في الموازنة وبين الأرقام الفعلية الملحقة في الموازنة.
وطرح التقرير مثالا على ذلك "أن توقعات نمو الناتج خلال العام الحالي كما وردت في الموازنة قدرت بحوالي 6% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين إن المؤشرات الفعلية وتقديرات صندوق النقد الدولي كانت تشير إلى ما بين 3% و4% على أحسن تقدير، وهذا التباين بين المتوقع والمتحقق فعلياً يؤدي إلى خلل في تقدير الإيرادات المتوقعة وبالتالي فإنه يؤثر على العجز المقدر في الموازنة، وهو ما حصل خلال العام الحالي الذي وصل فيه العجز إلى حدود مرتفعة".
وطالب التقرير الحكومة بضرورة "التوقف" عن إصدار ملاحق الموازنة إلا في الحالات الطارئة التي يجب أن يتم تحديدها في أبواب معينة، وبغير ذلك يجب الالتزام بقانون الموازنة وحصر مسؤولية الإنفاق العام بوزارة المالية والحد قدر الإمكان من الموازنات المستقلة الخارجة عن سيطرة وزارة المالية، وهذا يستدعي "تطوير" حساب موحد ترد إليه كافة الإيرادات المحلية والخارجية، وتقوم المالية بعد ذلك بالتوزيع بناء على الالتزامات والأولويات.
وأكد أن تخصيص الموازنات للوزارات والمؤسسات لا يرتبط بالنتائج المتحققة، لافتا إلى أن هناك حسابات خارج الموازنة وتصنيفات لا تتبع الممارسات الدولية.
كما طالب بضرورة التوقف عن البدء بمشاريع جديدة يمكن تأجيلها وذلك كإجراء فوري للحد من العجز في موازنة العام المقبل، واعتماد التخطيط المالي متعدد السنوات الذي يغطي التزامات الحكومة المستقبلية وإظهار النفقات الجديدة المترتبة على المشاريع الجديدة، إضافة إلى حصر الممتلكات والأصول الحكومية والعائد المتحقق على تلك الاصول بحيث يتم التخلص من الأصول ذات العائد المتدني أو السلبي.
وطرح التقرير مثالا على ذلك "أن مديرية المساهمات الحكومية في وزارة المالية لها حصص في 28 شركة مدرجة وغير مدرجة في السوق بلغ مجموع قيمتها السوقية في نهاية العام الماضي 1.39 بليون، منها 17 شركة مُنيت بخسائر".
كما طالب التقرير الحكومة بطرح المشاريع الاستثمارية الحيوية على القطاع الخاص والتفكير بوسائل جديدة لتأمين تمويل تلك المشروعات من خلال عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، معتبرا أن هذا من شأنه التخفيف عن الموازنة العامة وتشغيل جانب من ودائع البنوك التجارية.
وشدد على ضرورة توظيف المنح للحد من الاقتراض وليس للتوسع في الإنفاق ووضع حدود على الاقتراض الداخلي والخارجي، وتحديد مبررات لأسباب الاقتراض سواء أكان داخليا أو خارجيا، إضافة إلى ضرورة ربط الاقتراض الداخلي والخارجي بمشاريع رأسمالية طويلة الأمد وليس لتمويل النفقات الجارية في الموازنة.
وذكر التقرير "أن العامين الماضيين شهدا حياداً عن الأهداف التي حددتها الأجندة الوطنية، فيما يخص أداء المالية العامة، إذ واصل الدين الداخلي والخارجي ارتفاعهما ليبلغا مع نهاية النصف الأول من العام الحالي نحو 10 بلايين دينار، منها حوالي 5.5 بليون دينار ديونا داخلية".
وبين "أنه على الرغم من ارتفاع حجم المديونية بالأرقام المطلقة، فقد رافقها أيضاً ارتفاع في عجز الموازنة العامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي يقدر أن يصل مع نهاية العام الحالي إلى حوالي 1.2 بليون دينار وهو يشكل ما نسبته 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي".
وأشار التقرير "إلى أن قيمة العجز بلغت في نهاية آب (أغسطس) الماضي 763 مليون دينار، ما أدى إلى ارتفاع نصيب الفرد من الدين من (1357 دينارا/ فرد) في العام 2003 إلى (1462 دينارا/ فرد) العام الماضي".
وأوضح أن هذه المؤشرات تدل على التوسع في الإنفاق العام وفي حجم الموازنة كنسبة من الناتج المحلي، حيث بلغت قيمة الإنفاق العام (الحكومة المركزية مضافاً إليها المؤسسات المستقلة) حوالي 55% من الناتج المحلي، وهي نسبة مرتفعة بكافة المقاييس.
وبين أن الاستقرار المالي يعتبر أحد الركائز الأساسية لتحقيق النمو، مشيرا إلى أن الهدف الرئيس للسياسة المالية يجب أن يتمثل بالحفاظ عليه، ويجب تحديد سقوف لا يتم تجاوزها فيما يخص نسبة الإنفاق العام والعجز إلى الإنتاج المحلي.
وقال إن النفقات الجارية تشكل حوالي 80% من إجمالي الإنفاق، والبنود الرئيسة للإنفاق الجاري تتمثل في بند تعويضات العاملين (14%)، خدمة الدين (7%)، المنافع الاجتماعية كالتقاعد والمساعدات الاجتماعية (16%)، وبند مخصصات الجهاز العسكري (27%).
كما بين التقرير أهمية تحليل هذه البنود بالتفصيل للحد من الإنفاق غير الضروري والزائد عن الحد، لافتاً إلى أنه لا توجد مراجعة لهذه البنود بدقة بحيث يتم تخفيضها ولو على مراحل.
وأشار كذلك إلى أهمية تحليل النفقات الرأسمالية التي تتعرض كثيراً للتخفيض بالنظر إلى كلفة تخفيضها الاجتماعية والسياسية والتي تعتبر "متدنية"، لافتا إلى أن الكثير من بنود النفقات الرأسمالية لا يعتبر رأسمالياً بالمعنى الحقيقي.
وقال إن التوسع في الإنفاق العام لا يعني تشجيع الطلب المحلي، بل إن ارتفاع الميل الحدي للاستيراد (نسبة المستوردات إلى الناتج المحلي) يعني أن النسبة الأكبر من الإنفاق العام الزائد بالمجمل يذهب لتمويل المستوردات وبالتالي مفاقمة العجز في الميزان التجاري المختل أصلاً.
وحث على وضع حدود، تستند إلى مرجعيات دولية، لنسبة الإيرادات المحلية إلى الناتج المحلي، بحيث لا تتجاوز تلك النسبة 30% كنسبة من الناتج المحلي، وضرورة البحث في ضبط النفقات وليس زيادة الإيرادات فقط، وإجراء مراجعات دورية ودائمة للعبء الضريبي في ضوء التوجهات العامة القاضية بالحفاظ على تنافسية الاقتصاد الأردني.
وأوصى التقرير بمراجعة قانون الضريبة، والتفكير بالأنواع المختلفة من الضرائب التي يمكن إضافتها، مع مراعاة الأوضاع المعيشية للمواطنين، مؤكدا على ضرورة دراسة هيكل الضريبة الحالي وإظهار التشوهات القائمة فيه من حيث قلة عدد المكلفين ضريبيا الذين يساهمون بالنسبة الأكبر من ضريبة الدخل.
واقترح "التفكير بعملية استبدال بعض أنواع الضرائب ضمن سقف أعلى لنسبة الضرائب إلى الناتج المحلي"، وبضرورة "التفكير بضريبة الأرباح الرأسمالية المطبقة في الكثير من الدول بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، وضريبة الإرث وغيرها من مصادر الإيرادات الممكنة".
كما دعا إلى "إعادة التفكير بطرح موضوع الضريبة على المحروقات، وتعزيز وسائل الجباية للضريبة، وتحسين مصادر الدخل من مختلف المصادر، والتدرج بإدخال القطاعات غير المنظمة ضمن الهيكل الضريبي، على أن يرافق ذلك تقديم حوافز مثل التأمينات الاجتماعية والصحية للفئات الضريبية الجديدة، وبالتوازي مع ذلك تحسين وسائل المساءلة والشفافية".
وفي باب تقييم الإنفاق العام، دعا التقرير إلى فتح حوار حول توفير قدر أكبر من الاستقلالية في صنع السياسات المالية، كالتفكير بآلية تنسيق مركزية تراقب المؤشرات الرئيسة، وتطلق تحذيرات مبكرة حول الانحرافات فيما يخص النسب الرئيسة المتعلقة بالمديونية الخارجية والعجز والضرائب.
كما طالب بالبدء بتنفيذ دراسات لتقييم أثر المساعدات والقروض الأجنبية ومدى استجابتها للحاجات الملحة وانسجامها مع الأولويات الوطنية، وتطوير آليات لرقابة المؤسسات الخدمية من خلال الاستطلاعات المباشرة أو اللجان المحلية لتطوير مفهوم المشاركة وتعزيز كفاءة الإنفاق العام.
ودعا التقرير أيضاً إلى الاستناد لوسائل علمية لتحديد أولويات المشاريع، ودراسة أثر الإنفاق على الاقتصاد والفئات المستهدفة، موضحاً أن ذلك "يتطلب أن تكون العملية مؤسسية وقائمة على معايير واضحة وترتبط بمخصصات الوزارات والمؤسسات المختلفة (...)".
إلى جانب إجراء مراجعة شاملة ودقيقة للمؤسسات والهيئات المستقلة، وإلغاء تلك التي حققت أهدافها، وتلك التي لا تقدم إضافة نوعية، ودمج تلك التي تتشابه أهدافها وغاياتها ومجالات عملها، على أن يتحقق من خلال ذلك الدمج خفض ملموس في نفقاتها.
ولفتت اللجنة في تقريرها إلى أن ذلك ينطبق على الهيئات العاملة في مجال النقل (هيئة تنظيم الطيران المدني، هيئة تنظيم قطاع النقل، مؤسسة سكة حديد العقبة، السلطة البحرية)، والهيئات العاملة في مجالات الطاقة والاستثمار وغيرها من الهيئات التي تتداخل أدوارها، وهذا اتجاه ينسجم مع توجهات الحكومة كما وردت في بلاغ موازنة العام 2010.
ودعت إلى إخضاع المؤسسات والهيئات المستقلة إلى المزيد من الرقابة على إنفاقها، وتحديد سقوف لذلك الإنفاق فيما يخص البنود المختلفة وخصوصاً النفقات الجارية منها.
وأوصت أيضا بضرورة البدء بتقديم تقارير دورية (ربعية) حول سير الإنفاق العام، وتنفيذ المشاريع الواردة في الموازنة بشكل دوري، وجعل هذه التقارير متاحة للعموم ووسائل الإعلام تعزيزا لمبدأ الرقابة والمساءلة.
وكان رئيس الوزراء نادر الذهبي كشف، خلال ترؤسه اجتماعا في الثاني عشر من الشهر الحالي لمديري ورؤساء المؤسسات والهيئات المستقلة والشركات التابعة للحكومة، عن دراسة تعدها وزارة تطوير القطاع العام حاليا بخصوص إمكانية دمج بعض المؤسسات التي تتماثل في تقديم الخدمة أو تتكامل في تقديمها بشكل يسهم في توفير الجهد وتكامل الأدوار والواجبات.
وقال الذهبي إن إيرادات الوحدات الحكومية مقدرة العام الحالي بحوالي 1821 مليون دينار بما فيها الدعم المقدم من الخزينة الذي يشكل حوالي 20%، مشيراً
إلى أن 14 وحدة حكومية تحقق فوائض مالية يتم تحويلها إلى الخزينة قدرت بحوالي 261 مليون دينار مقابل 28 وحدة تأخذ دعما ماليا سنويا من الخزينة بلغت 367 مليون دينار، وهذا الرقم يفوق الوحدات التي لديها فوائض مالية كما أنه يوجد 15 وحدة حكومية تحقق توازنا بين إيراداتها ونفقاتها.
وأضاف أن العجز قبل التمويل للوحدات الحكومية في العام الحالي وصل إلى 229 مليون دينار.