صحيفة العرّاب

الباعة المتجولون: ظاهرة مطلوبة "بيئيا" رغم شكاوى الإزعاج

باعة خضار وفواكه، موزعو غاز، جامعو خردة ومعادن وأجهزة كهربائية ومنزلية مستعملة، وغيرها من "التجارات" البسيطة، باتوا مظهرا رئيسا من روح المدينة الأردنية، رغم انتقادات موجهة إليهم لتسببهم بإزعاجات من ضجيج مكبرات الصوت العالية في الترويج لبضائعهم.

 ورغم تعالي أصوات مطالبة بضرورة الحد من الظاهرة وإزعاجاتها، لا يعدم مختصون بيئيون ومواطنون فوائد بيئية واقتصادية لتجارة أولئك الباعة.
 
"الإزعاج المتأتي من مكبرات الصوت"، هو ما يركز على انتقاده مواطنون تحدثوا إلى "الغد"، مؤكدين أن "استخدام مكبرات الصوت العالية في التجوال بين الأحياء السكنية يتسبب بإزعاجات ذهنية وصحية ونفسية".
 
سعد الدين الخطيب (34 عاما)، الذي يقطن منطقة تلاع العلي يتذمر كثيرا من الإزعاج الصباحي المتأتي من مرور باعة متجولين بعرباتهم لشراء الأثاث المستعمل وقطع الخردة القديمة، لافتا إلى أن "بائعي الغاز يتسببون هم أيضا بالإزعاج، خصوصا أن منهم من يعتمد موسيقى معينة، أو يدق الطبول، أو يملأ المكان بـ"زوامير" عربته.
 
وفي الوقت الذي تبدي فيه أم محمد (60 عاما) انزعاجها من البائعين الذين يطرقون بابها ويبدأون بمزايدات حول إمكانية شراء قطع منزلية مستعملة لديها، ومحاولاتهم الحثيثة لإقناعها بمطالبهم، تستغرب الحاجة أم خالد، التي تقطن تلاع العلي، من مطالبات بعضهم بمنع الباعة المتجولين، كون تجارتهم "رزقة تفتح بيوت الناس".
 
وتعتبر أن باعة الخضراوات يوفرون خدمات مهمة للناس وربات البيوت، خصوصا أن "أسعارهم أرخص بكثير من أسعار المحلات والأسواق".
 
 ويعترف تيسير سمارة، الذي يعمل في بيع الخضار والفواكه بواسطة (بيك آب) برفقة طفله ذي الأعوام العشرة، بأن هذه "المهنة المتعبة هي التي تؤمن مصدر الرزق للعائلة".
 
سمارة يروّج بضاعته ضمن الأحياء الشعبية في منطقة الهاشمي الشمالي، ويبدي أسفه من انزعاج بعضهم، كاشفا أن "المهنة لا تحقق عائدا ماديا متواصلا"، فموسم الصيف هو الأفضل في مهنته "الموسمية".
 
ويؤكد أنه أصبح عارفا بطبائع الناس، لذلك يقول "أذهب إلى عملي بين التاسعة صباحا والثانية ظهرا، كي يتسنى لهم النوم".
 
"الموسيقى المصاحبة لسيارات توزيع الغاز هي فقط للفت الانتباه"، يقول رئيس النقابة العامة لموزعي المحروقات أحمد الحطاب، كاشفا أن النقابة كانت أوقفت تلك السيارات مدة أسبوع منذ فترة، بسبب الإزعاج، إلا أن "الناس سرعان ما عادوا لطلب تواجد هذه العربات بين أحيائهم".
 
ويقول إن مهنة موزعي الغاز في الأردن هي "مهنة جليلة"، كون الحكومة تصرّ على إيصال الغاز إلى المنازل، "لذلك فإن المواطن مرتاح من مشقة حمل الاسطوانات".
 
لكن مساعد مدير السوق المركزي في العاصمة مازن الحديد يمتلك وجهة نظر أخرى، ويؤكد أن "أولئك الباعة يعملون على إزعاج المواطنين، ويبيعونهم منتجات غير موثوق بها صحيا".
 
ويبين أن الخضار والفواكه لا يمكن اعتبارها صحية بسبب تعرضها طويلا لأشعة الشمس والغبار وعوادم السيارات"، ما قد يجعلها عرضة للفيروسات.
 
وفي الوقت الذي يستقبل فيه السوق المركزي زهاء 15 ألف زائر يوميا، يؤكد الحديد عدم تعامل السوق مع هؤلاء الباعة.
 
الناطق والمستشار الإعلامي لوزارة الشؤون البلدية نزيه الجدوع يبين أن الوزارة، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، تعمل على ملاحقة غير المرخصين والمخالفين من الباعة المتجولين، حيث يشترط القانون أن لا يقل عمر الشخص الذي يحمل رخصة البيع عن 18 عاما.
 
 ولكن هناك من يرى أن لعمل أولئك الباعة جانبا مشرقا، فالمدير التنفيذي لجمعية البيئة الأردنية المهندس أحمد الكوفحي لا يستبعد أن يكون عملهم "مفيدا بيئيا"، من خلال جمعهم النفايات البلاستيكية من زجاجات ماء أو أكياس وغيرها من المواد.
 
ويوضح أن "منهم من يتم استئجار خدماته لمصلحة مصانع معينة"، وأنهم بذلك "يقومون بالمحافظة على البيئة من دون معرفتهم".
 
غير أنهم أحيانا يكونون سببا في تلويث البيئة، بحسب الكوفحي، وذلك من خلال رمي مقتنياتهم في أسواق تعج بالباعة والمشترين، فضلا عن تسببهم فيما يسمى بالتلوث السمعي بإحداث الضجيج والإزعاج. الغد