رغم مرور قرابة شهرين على بدء الفترة القانونية لإعلان تشكيلة مجالس أمناء الجامعات التي حددها قانون الجامعات الأردنية الجديد, غير أن التشكيلة لا زالت في درج رئيس الوزراء, ويتوقع أن يعلن عنها خلال الأيام القليلة المقبلة, في وقت لا يزال الغموض يكتنف الأسباب الحقيقية وراء هذا التأخير والتي ألقت بظلال قاتمة على شفافية ونزاهة التشكيلة على ما يؤكد خبراء أكاديميون.
ففي حين تؤكد مصادر حكومية أن تشكيلة مجالس الأمناء الجديدة تحتاج إلى وقت لاختيار الأسماء والشخصيات التي ستدير الجامعات في السنوات المقبلة, يشكك رؤساء جامعات عاملون وسابقون مجددا في جدوى هذه المجالس في إنقاذ التعليم العالي من أزمته الراهنة خاصة بعد الجدل الواسع الذي ثار حول تأخير إعلان القائمة.
وكانت الحكومة قامت بإجراء مشاورات واسعة شملت عددا كبيرا من الأكاديميين في الجامعات بشأن تشكيل مجالس الأمناء, التي ستتولى إقرار موازنات الجامعات وتحديد الرسوم الدراسية فيها إلى جانب رسم سياسات الجامعة العامة وتصويب واقع العملية التعليمية ورسم خارطة طريق جديدة بعد تعثر مسيرة التعليم الجامعي.
في الأثناء تنطلق مجددا تحذيرات من قبل هيئات تدريسية في جامعات حكومية وخاصة من فراغ أكاديمي ستشهده المؤسسات الجامعية خلال السنوات القليلة المقبلة بسبب هجرة عدد كبير من أعضاء الهيئة التدريسية وتسرب الكفاءات من الجامعات الرسمية إلى الخارج, أو إلى الجامعات الخاصة نتيجة توافر فرص عمل في بعض الدول المجاورة, وفتح جامعات خاصة في هذه الدول وبرواتب مرتفعة مجزية.
في حين يرى أمين عام وزارة التعليم العالي د. تركي عبيدات أن الحل الوحيد في وقف هجرة الهيئات التدريسية يكمن في زيادة رواتب هذه الفئة وفتح مجال أوسع في المشاركة بتطور الجامعات وفي مختلف مناحي العمل الأكاديمي مؤكدا أن هذه المشاركة ما زالت في الحدود الدنيا.
ويبدي د. عبيدات استغرابه من تجاوز رواتب خريجين في الجامعات بينما لا تزال رواتب الأعضاء الذين قاموا على تدريسهم ما هي مشيرا أن لهذا الواقع مردود سلبي وهو سبب مباشر في ترك الجامعات والهجرة إلى الخارج.
لكن د. عبيدات يؤكد أن الوضع المادي في الجامعات لا يسمح الآن حيث معظم الجامعات تعاني من تدهور مالي غير مسبوق.
ويبلغ عدد أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الأردنية الرسمية والخاصة ما مجموعه 7283 عضوا موزعين بواقع 4772 عضوا في الجامعات الرسمية, بينما يتوقع أن يصل عدد الطلبة المتقدمين للجامعات للسنوات المقبلة ما مجموعه (70-80) ألف طالب وطالبة.
وتواجه الجامعات تحديات ازدياد أعداد الطلبة نتيجة الزيادة السكانية, وزيادة الإقبال على الجامعات, مما يزيد من أعداد الخريجين من الثانوية العامة الذين يفضلون الالتحاق بالدراسة الجامعية والتي تتطلب زيادة أعداد أعضاء الهيئة التدريسية والمباني والتجهيزات العامة والمتخصصة.
ويتطلب ذلك الأمر إنفاق رأسمالي بحــدود مليار دينار على مدى عشر سنوات (100 مليون سنويا) في الجامعات الرسمية للتوسع في المباني لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة.
(2511) عضو هيئة تدريس في الجامعات الخاصة
من جهته يكشف رئيس الجامعة الأردنية الأسبق وعضو مجلس التعليم العالي الجديد د. عبد الله الموسى عن حالة عدم مبالاة تخيم على الهيئات التدريسية في الجامعات بسبب أوضاعهم المعيشية المتردية إلى جانب فقدان الشعور بالهيبة الأكاديمية وتزايد في تراجع العلاقة بينهم وبين إدارة الجامعة والطلبة على وجه الخصوص.
ويرى د. الموسى أن الحل يكمن في تغيير أنظمة هيئة التدريس وإعادة الهيبة إلى الهيئات التدريسية وتحسين ظروفهم المعيشية.
بدوره أكد نائب رئيس الجامعة الهاشمية المستقيل د. سلطان أبو تايه أن 70% من أعضاء الهيئة التدريسية في كلية الاقتصاد في الجامعة الهاشمية استقالوا من وظائفهم وهاجروا إلى الخارج بينما هنا عدد غير قليل في طريقه إلى الهجرة في الأسبوع المقبل.
ويتساءل د. أبو تايه عن الجدوى من ابتعاث الطلبة إلى الخارج للحصول على درجة الدكتوراه بينما أعينهم تتطلع إلى الجامعات الأجنبية والعربية, مؤكدا أن الجامعة الهاشمية صرفت ملايين الدنانير على الطلبة المبعوثين في الوقت الذي نجدهم يتركون الجامعة بسبب الأوضاع المادية ويذهبون إلى الخارج.
ويقول أيضا أن الجامعات الأردنية تشهد تراجعا غير مسبوق بسبب السياسات المتبعة مشيرا أن استقتالته من الجامعة الهاشمية جاءت بسبب ما آلت اليه أوضاع التعليم العالي والجامعات عموما.