صحيفة العرّاب

«حقوق الإنسان» يكذب مزاعم أميركية حول اضطهاد طائفي في الاردن

 قال المركز الوطني لحقوق الإنسان أن مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل التابع لوزارة الخارجية الأمريكية غير مخول بإصدار تقارير تقيم حالة حقوق الإنسان في البلدان المختلفة، كونها جهة غير مستقلة وغير محايدة.

 وحث المركز معدي التقرير على تطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ومطالبة الولايات المتحدة بالانضمام إلى الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وخصوصا الاتفاقية الدولية لمناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والإقلاع عن توقيع اتفاقيات ثنائية للحيلولة دون مثول الأمريكيين أمام المحاكم الدولية.
 
وأعلن المركز أمس في بيان صدر عنه أن الإشارات التي تضمنها التقرير حول معاناة جزء من الأردنيين من الاضطهاد الطائفي مرفوضة، برغم من أن التقرير المذكور أشاد بالجهود المبذولة من قبل المملكة من أجل تشجيع قيم التسامح والاحترام والحوار المتبادل بين الأديان، وهو ما يشكل خطوة متقدمة نسبيا مقارنة مع التقرير الصادر خلال العام الماضي والذي انتقده المركز بشدة للمغالطات الواردة فيه.
 
وشدد على أن المجتمع الأردني يقوم على سيادة القانون واستقلالية القضاء الذي يفصل في الدعاوى بتجرد كامل، لافتا إلى أن أساس تمتع المواطنين بحقوقهم هو مواطنتهم بصرف النظر عن ديانتهم أو عرقهم أو نوعهم.
 
ولفت المركز في بيانه إلى أن منهجية التقرير لا تزال تستند إلى المعايير والقيم الأمريكية، وقيم المجتمعات الغربية عموما، وتتجاهل المعايير الدولية للحريات الدينية التي هي محصلة الإجماع بين الأمم من مختلف الحضارات والثقافات بوصفها تمثل الحد الأدنى لمبادئ حقوق الإنسان.
 
وفي السياق ذاته فإن التقرير لا يزال يخلط بين ما يمكن إعادته إلى سياسات رسمية وما يعد نتاج تراكمات ثقافية واجتماعية، كما أن معدي التقرير لا يأخذون بعين الاعتبار الخصوصية الثقافية والفروق الحضارية، بالإضافة إلى وجود التباس في تحديد مفاهيم الحرية الدينية التي يعتمدها التقرير، حيث ربطها دائما بالأقليات التي قد تكون لغوية أو أثنية وليست بالضرورة دينية.
 
وأشار البيان إلى أن التقرير ينتهج معايير الانتقائية والتسييس في التعامل مع الدول، وليس أدل على ذلك من عدم التعرض للممارسات الإسرائيلية التي تقوم على التمييز الديني بحق أبناء الشعب الفلسطيني من المسلمين والمسيحيين ومنعهم من إقامة شعائرهم الدينية، كما تجاهل التقرير أن إسرائيل دائمة التأكيد على الطبيعة اليهودية للدولة وتحظر عمل بعثات التبشير المسيحية فيها.
 
ويرى المركز أن مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل في وزارة الخارجية الأمريكية والتقارير الصادرة عنه تسير على نفس النهج الأمريكي في توظيف التقارير بوصفها أداة سياسية للترغيب أو الضغط في سبيل حماية المصالح الاقتصادية والإستراتيجية.
 
وشدد المركز في بيانه على أن الدولة الأردنية كفلت الحريات الدينية لمواطنيها من أتباع جميع المذاهب دون تحيز أو تمييز منذ نشأتها، مشيرا إلى أن الدستور الأردني في غير مادة أكد على أن الدولة تحمي حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد، وعلى المساواة بين الأردنيين، وبحق الجماعات في تأسيس مدارسها والقيام عليها لتعليم أفرادها، مشيرا أن هذه المواد الدستورية تتواءم مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
 
ونوه أن منطق العنف والإكراه كوسيلة لفرض تعبير محدد في النفوس لا يقره التصور الإسلامي الذي يحض على الاقتناع الفكري والقبول العقلي للممارسة الدينية أيا كانت، وهو ما تشهد به التجربة التاريخية التي كان لها قصب السبق في إقرار الحريات الدينية ومبدأ التعايش بينها.
 
وشدد ان المسيحيين يتمتعون بالحقوق والواجبات نفسها مع أشقائهم المواطنين المسلمين، كما أنهم انخرطوا مبكرا في بناء الدولة المستقلة، ومارسوا حقهم في التصويت وتقلد المناصب العامة كأحد الحقوق السياسية التي يكفلها الدستور وحددها القانون بجلاء ووضوح.
 
وينبه المركز الوطني لحقوق الإنسان من أن الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة الأمريكية في موضوع الحريات الدينية، قد يعزز من إمكانية انهيار المجتمعات في حالة العجز عن تحقيق نوع من الموازاة بين احترام حرية الأديان وتعزيز الحوار والتسامح وبين احترام خصوصية المجتمع في الحفاظ على كيان موحد منسجم ذي هوية واضحة، وهو ما يعزز ثقافة التطرف ويهدد سيادة الدول ويشجع على الاضطراب فيها إذا ما استفز الشعور الديني للجماعة بتفجير الخريطة المذهبية باسم الحريات الدينية وحقوق الأقليات.
 
ويدعو المركز الوطني لحقوق الإنسان إلى تقييم مجال الحريات الدينية ضمن اجتهاد حضاري، وخصوصا في فضاء العلماء والمفكرين والمثقفين الملتزمين بمقومات الانتماء الحضاري للهوية بدلالتها المنفتحة، وبلورة رؤيا مشتركة قادرة على الإجابة على التحديات المطروحة.
 
يشار إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية شرعت في إنجاز تقرير سنوي حول واقع الحريات الدينية في مختلف بقاع العالم منذ عام 1999 بموجب قانون الحريات الدينية الذي اقره الكونغرس، وهو القانون الذي تقدم به النائب الجمهوري فرانك وولف في 9 ايلول 1997 وتم إقراره في عهد الرئيس بيل كلينتون في 27 تشرين اول 1998 ليوجب على كل رئيس أمريكي أن يضع في اعتباره القضايا الدينية في سياساته الخارجية، وليجعل من قضايا الحريات الدينية احد المؤثرات لعمل وزارة الخارجية الأمريكية.(الرأي)