رغم مضي نصف المهلة التي حددها مجلس شورى الإخوان المسلمين في جلسته نهاية الشهر الماضي لطرفي الخلاف في المكتب التنفيذي للجماعة (التيار الإصلاحي الوطني والمتشددون)، بضرورة الوصول الى توافق بشأن القضايا الخلافية خلال شهر، فما تزال الأزمة الإخوانية، تراوح مكانها من دون الوصول الى نتائج ملموسة حتى الآن.
ورغم ذلك، تسود أوساط الجماعة، حالة متفائلة بإنهاء ازدواجية التنظيم بين "إخوان الأردن" وحركة حماس، وتعديل القانون الأساسي للجماعة، وإنهاء إشكالية الدائرة السياسية التي قرر المكتب التنفيذي في رمضان الماضي حلها.
الناطق الإعلامي للجماعة وأمين سرها جميل أبو بكر أعرب في تصريح الى "الغد" عن تفاؤله بأجواء الحوار، مؤكدا على قرب التوصل الى حل لقضية الدائرة السياسية التي يرى الإصلاحيون أنها هامشية، إلا أن عودتها الى ما كانت عليه قبل الحل، تشكل بادرة حسن نية من قبل قيادة الجماعة.
بيد أن تفاؤل أبو بكر تصاحبه ضغوط بعض المتشددين، الدافعة باتجاه حسم الخلافات عبر التصويت في مجلس الشورى واختيار مكتب تنفيذي من لون واحد (المتشددون) يسمي أعضاءه، المراقب العام للجماعة همام سعيد.
ورأى أحد رموز المتشددين أن مجلس الشورى، الذي تلقى في جلسته الماضية رسالة من مكتب الإرشاد العالمي للإخوان المسلمين، تدعو إخوان الأردن للوصول الى تفاهمات بشأن القضايا الخلافية، وعدم اللجوء الى حسمها بالتصويت، واتباع اللوائح التنظيمية والاستفادة من تجارب التنظيمات الإخوانية العالمية حول الأسس التنظيمية، وعدم ترحيل الأزمة من دون حلها، وأنه لا بد من حسم الخلاف بالتصويت، وحل المكتب التنفيذي للجماعة وتشكيله من قبل المراقب العام.
ومن المتوقع أن يلتقي مكتب الإرشاد الذي يتمتع بسلطة أدبية كبيرة على تنظيمات الإخوان، ترقى الى درجة الإلزام، طرفي الخلاف الإخواني خلال الأسبوعين المقبلين، ليشرف ويرعى الحوار بينهما.
جلسة الشورى الأخيرة، دعا فيها الإصلاحيون الى إنهاء ازدواجية التنظيم مع حماس وأن يصبح الانتماء الى "إخوان الأردن"، حسب الجنسية والرقم الوطني، وأن لا تمثل المكاتب الإدارية ولا المغتربون في مجلس الشورى، لأنه لا يجوز لمن يعيش خارج البلاد، ويأتي الى الأردن لقضاء فترة قصيرة هي مدة إجازته، أن يقرر للجماعة سياساتها ومواقفها.
وشهدت هذه الجلسة خلافات بين المتشددين، فبين من يرى ضرورة الحسم وقبول استقالة ممثلي التيار الإصلاحي في المكتب التنفيذي (عبد الحميد القضاة، ارحيل الغرايبة، ممدوح المحيسن، وأحمد الكفاوين) وتقديم بقية أعضاء المكتب التنفيذي استقالتهم لإعادة تشكيله، ومن يدعو الى الحوار، ويتفهم الحاجة الى إنهاء الازدواجية، ويرى أنها تخدم على المدى البعيد إخوان الأردن وحماس، وطرفي الجماعة أيضا.
ويدعو الإصلاحيون الى تعديل القانون الأساسي للجماعة، بعد انفصال الإخوان المسلمين الفلسطينيين (حماس) عن تنظيم بلاد الشام، الذي كان يضم إخوان الأردن والضفة الغربية وقطاع غزة والمكاتب الإدارية، ما يستدعي تعديل القانون لوضع الإجراءات المناسبة بعد انفصال الإخوان الفلسطينيين، وقرار حماس بأن الضفة الغربية وغزة والمكاتب الإدارية، هي ساحاتها.
الراغبون في الحسم من المتشددين، بدأوا التحرك في الفترة الماضية، والتقى ثلاثة منهم قياديين في حماس في لبنان، للتشاور حول تطورات الأزمة الإخوانية، لا سيما بعد دخول مكتب الإرشاد على خطها.
وفي وقت يسعى فيه متشددون الى حسم الخلاف وتشكيل مكتب تنفيذي من لون واحد بعد عطلة عيد الأضحى المبارك، مع بقاء الازدواجية والقانون الأساسي للجماعة، يتوقع أن يعود الأربعة الذين رفض مجلس شورى الجماعة استقالاتهم لتقديمها مرة أخرى إذا فشل الحوار بين طرفي الخلاف.
فترة ما بعد عيد الأضحى، ستكشف إن كان الخلاف الإخواني في طريقه الى الزوال أم أنه سيتعمق، ما يؤدي الى حالة انقسام غير مسبوق في تاريخ الجماعة.