أوعز جلالة الملك عبدالله الثاني أمس لطبيبه الخاص رامي فراج بعلاج الطفل محمد وليد الهويمل (12 عاما) الذي تعرض يوم الأربعاء قبل الماضي لإصابة بليغة في عينه اليسرى بعصا أستاذه في مدرسة غور حديثة الأساسية للبنين في لواء الأغوار الجنوبية، خلال "معاقبة الأستاذ لمجموعة من التلاميذ بشكل جماعي".
وإثر إيعاز جلالته، أجرى الطبيب فراج أمس اتصالا هاتفيا مع طبيب الطفل الذي يعالجه حالياً الطبيب ابراهيم النوايسة، للاطلاع على حالته الصحية، ومعرفة حيثيات وضعه لمتابعة علاجه، وفق ما أكده فراج في اتصال هاتفي مع "الغد"، مشيرا الى أن جلالته أوعز شخصيا إليه بمتابعة حالة الطفل الهويمل.
كما أجرى فراج اتصالاً هاتفيا آخر مع والد الطفل وليد الهويمل، ليعلمه بـ "اهتمام جلالته شخصيا بقضية ابنه، وبإيعاز جلالته بمعالجة ابنه وإيلائه الاهتمام اللازم، والرعاية الطبية"، حسب ما أكد والد الطفل الهويمل.
ولا يعد الاهتمام الملكي بحالة الطفل الهويمل "أمرا مستغربا"، فالهاشميون يقفون إلى جانب الضعيف والمحتاج والمسكين، وهذا ديدنهم، على حد تعبير والد الطفل.
وقال والد الطفل، بصوت متحشرج، إن هذه "اللفتة الملكية هي العلاج الشافي لابني الذي كاد أن يفقد بصره لولا رحمة الله عز وجل".
وكان جلالة الملك أكد غير مرة أن الاعتداء على الأطفال "خط أحمر"، لا يجوز الاقتراب منه.
ويعاني الطفل من جرح قطعي في القرنية وجزء من الصلبة المحيطة بها (بياض العين)، فضلا عن نزيف في الحجرة الأمامية داخل العين، وفق ما كشف عنه فحص طبي أجراه استشاري عيون عرضت "الغد" حالة الطفل عليه.
كما يعاني الطفل الهويمل، من "خلخلة" في وضع عدسة العين، وتشكل مياه بيضاء فيها، ما يتطلب معه إجراء عملية جراحية أخرى من أجل زراعة وإعادة العدسة إلى وضعها الطبيعي، وإخراج المياه البيضاء من حولها، لكن ذلك يتطلب قبل المداخلة الجراحية توقف النزيف، والتئام جرح العين، حسب الفحص الطبي.
ولا يتجاوز نظر الطفل الهويمل في عينه المصابة "الإحساس بالضوء"، في وقت يصعب فيه تحديد مستقبل الإصابة بالعين التي تأثرت أنسجتها الداخلية بصورة كبيرة ما يستدعي أسابيع لمعرفة مدى خطورة الحالة على مستقبل النظر لدى الطفل وكيفية التعامل معها، وفق الفحص الطبي ذاته.
ويتلقى الطفل الهويمل حاليا علاجاته المتمثلة في مجموعة مضادات حيوية وقطرات للعين المصابة، التي تعاني شبكيتها من وضع "حساس جداً، وغير واضح"، وما إذا كانت ستشفى تماما أم لا.
وكانت جلالة الملكة رانيا العبدالله أكدت نهاية العام الماضي "أن ضرب تلاميذنا خط أحمر لا يقبل تجاوزه بأي حال من الأحوال".
وقالت جلالتها في مقال نشرته الصحف والمواقع الإلكترونية "لا يجب أن تقف أي جهة مكتوفة اليدين أمام ظاهرة ضرب التلاميذ، بدءا بوزارة التربية والتعليم، لأن المرء يسامح نده، رديفه، لكننا لا نستطيع مسامحة من يؤذي طفلا"، مشيرة إلى أن التربية هي أساس التعليم، والتربية مسؤوليتنا جميعا.
يومها، أشارت جلالتها إلى أن الطفل في المدرسة سيتعلم للمرة الأولى احترام الغير، والقانون، ومن هم أكبر منه سنا وعلما، وهناك أيضا سيتعلم أطفالنا أن الاحترام يُكتسب ولا ينتزع، لكنه يعلّم، ولا يطبق بحد العصا، ولا بالصراخ، ولا بالتهديد، وأي طفل يصبح العنف جزءا من واقعه عار علينا جميعا، مسؤولين ومديرين ومدرسين وأهالي.
وكانت الحكومة تكفلت بكامل التكاليف المالية لمعالجة الطفل الذي أبلغ رئيس الوزراء نادر الذهبي والده، في اتصال هاتفي أجراه معه أول من أمس، أن "الحكومة مهتمة بمعالجة طفله وإجراء كل ما يلزم له".
وكان والد الطفل شرح كيف علم عن إصابة ابنه، أنه "تلقى اتصالا يفيد بأن ابنه تعرض للضرب وأنه أصيب بعينه نقل على إثرها ليتلقى العلاج في المركز الصحي".
وحضر الوالد آنذاك إلى المركز ليجد ابنه ممددا وعينه مضمدة، فيما يستجوبه أحد أفراد الشرطة، فأزاح الضمادات عن عين ابنه ليجدها قد خرجت من مكانها الطبيعي، وفق ما يقول الوالد وعيناه تدمعان، فيما لا يقوى محمد على الحديث أو تذكر ما حدث معه سوى أنه "تعرض للضرب بعصا حديدية أفقدته القدرة على الإبصار".
من جهتها، أكدت وزارة التربية والتعليم على أنها تتابع "بكل اهتمام" ما أصاب الطالب، موضحة أن وزيرها تيسير النعيمي "بادر إلى تشكيل لجنة تحقيق حول هذا الموضوع، منذ وقوع الحادث".
وبعد أن أكدت أنها تأسف لقيام أحد معلميها بـ"هذا التصرف غير المقبول" على الإطلاق بحق أحد الطلبة، وأنها قامت على الفور بتشكيل لجنة تحقيق مع المعلم وإدارة المدرسة حول هذا الموضوع، شددت الوزارة على أنها "لن تتهاون مع هذه الحالة أو أية حالات أخرى يتعرض فيها الطلبة للعنف والإساءة".
إلى ذلك، أكد الدكتور النعيمي لـ"الغد" أن "ما يهم الوزارة بالدرجة الأولى هو تلقي الطالب العلاج اللازم"، مؤكدا على "إيقاع العقوبة الرادعة بحق كل من يثبت أنه تدخل في عمل الكوادر الطبية".