استمرارا لنجاحاتها المتواصلة منذ بدء العدوان البري على قطاع غزة، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" أنها قتلت ثلاثة جنود صهاينة وقصفت "سديروت" بصاروخين من طراز "قسام" وتجمع مستوطنات أشكلول بصاروخ "غراد" وذلك في أول أيام الحرب البرية.
يأتي هذا فيما أكدت فصائل المقاومة الفلسطينية أنها تمكنت من تدمير سبع دبابات صهيونية من طراز "ميركافا" المحصنة باستخدام العبوات الناسفة والقذائف المضادة للصواريخ، ما أوقع قتلى وجرحى في صفوف الاحتلال.
وقال "أبو أحمد" الناطق باسم "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي إن فصائل المقاومة تمكنت فقط في منطقة حي الزيتون من تدمير سبع دبابات صهيونية وهناك عشرات القتلى والجرحى في صفوف الاحتلال، مشيراً إلى أن قوات الاحتلال وقعت في العديد من الكمائن.
وأضاف "أبو أحمد" أن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد والمقاومة تنتشر بالآلاف، موضحاً أن المقاومة بخير، فلم يسقط الكثير من عناصر المقاومة في هذه المعركة، والعدو يقصف المدنيين ليغطي على فشله، في حين أن المقاومة على جهوزية في حال توسيع العدوان.
وأشار إلى أن وحدات الرصد للمقاومة تشير إلى أن العدو بدأ يجلي عدداً كبيراً من جنوده القتلى والجرحى شرق غزة على النقالات ويتم إجلاءهم بالطائرات إلى المستشفى، ما يدلل على الخسائر الكبيرة والساعات القادمة ستوضح ذلك.
وكانت كتائب القسام قد أعلنت عن تدمير دبابتين على الأقل باستخدام صاروخ مضاد للدبابات المدرعة من طراز "بي 29"، والقادرة على تدمير هذه الدبابات وهي القذائف ذاتها التي استخدمت خلال الحرب على لبنان والتي تسببت في "مجزرة" بحق الدبابات الصهيونية ، وأضافت في بيان لها أنها دكت المدن الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة بواحد وأربعين صاروخاً .
علي صعيد متصل ، ارتفع عدد القتلى الإسرائيليين مع نهاية اليوم الأول للهجوم البري إلي خمسة عشر جنديًا، بعد مقتل جنديين مساء الأحد،وأعلنت مصادر عسكرية إسرائيلية أن خمسة من الجنود قتلوا في المواجهات العنيفة التي دارت مع المسلحين الفلسطينيين شرق حي الزيتون إلى الشرق من مدينة غزة، فيما سقط العدد ذاته في مواجهات واشتباكات مسلحة مع كتائب القسام شمال بلدة بيت لاهيا شمال القطاع ، كما لقي جنود إسرائيليون مصرعهم إثر إطلاق فصائل المقاومة ثلاث قذائف هاون على عددٍ من الآليات العسكرية الإسرائيلية في بيت حانون شمال قطاع غزة.
ورغم عدم اعتراف جيش الاحتلال بسقوط هذا العدد من القتلى إلا أن مصادر إعلامية إسرائيلية أكدت أن عدد القتلى في صفوف القوات الإسرائيلية يفوق هذا العدد بكثير وهو ما تتكتم عليه الحكومة الإسرائيلية، مشيرة إلي مقتل مساعد قائد لواء جولاني خلال اشتباكات عنيفة دارت بين الجيش الإسرائيلي ومسلحين فلسطينيين على الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة .
وعلي صعيد تطور الأوضاع علي الساحة الفلسطينية، ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين إلي 47 شهيدا منذ بدء الهجوم البري ليل السبت، لتصل حصيلة العدوان خلال تسعة أيام إلى 509 شهداء وسقوط 2450 جريح.
وأكدت مصادر فلسطينية استشهاد 14 فلسطينياً جراء قصف مدفعي استهدف منازل المواطنين والأحياء السكنية شرق غزة بينهم أربعة أطفال وثلاث نساء، ومنهم أربعة فقط من النشطاء الفلسطينيين ، كما استشهد 12 فلسطينياً جراء قصف شمال القطاع بينهم تسعة استشهدوا دفعة واحدة بعدما قصفت الدبابات الإسرائيلية تجمعاً للمواطنين بالقرب من مدرسة أبو عبيدة بن الجراح في بيت لاهيا شمالي القطاع.
وفي رفح جنوب القطاع استشهد خمسة فلسطينيين، هم أب وأبنائه الثلاثة منهم طفلان وأحد أقاربهم، بعدما قصفتهم الطائرات وهم يكسرون الحطب أمام منزلهم في حي الشوكة شرق المدينة ، وفي وقت لاحق استشهد فلسطيني آخر بعد استهدافه في منطقة موراج ، كما استشهد ناشط في خان يونس وطفل وأصيب آخران بجروح خطيرة، جراء غارة جوية وقصف بالرشاشات من الدبابات الإسرائيلية.
ورغم أن عدد القتلى والجرحى الإسرائيليين في تصاعد فإن وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك بدا مصممًا علي مواصلة عمليته العسكرية، قائلاً قبل اجتماع حكومي في تل أبيب إن الهجوم الإسرائيلي على حركة حماس في غزة سيوسع طالما دعت الضرورة.
وأضاف باراك أن هذه العملية لن تكون سهلة وأنها ستوسع وتكثف طالما دعت الضرورة ، فيما أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي جابي أشكنازي أن حماس أخطأت عندما فسرت ضبط النفس الذي تحلت به إسرائيل باعتباره ضعفًا، مشيرًا إلي أن إسرائيل ستكيل لحماس الصاع صاعين.
وفي تصريحات نقلتها الإذاعة الإسرائيلية، زعم أشكنازي أن بلاده تشن حربها علي حماس لحماية مواطنيها نساء ورجالاً وشيوخًا وأطفالاً في العيش من دون خوف ، موضحًا أن إسرائيل ستثبت لكل من يضمر السوء لإسرائيل تصميم الجيش الاسرائيلي على ضمان أمنها وسلامتها وسيادتها إلى أبد الآبدين.
يأتي هذا فيما أعلن أمين عام الحكومة الإسرائيلية عوفيد حزقيل أن إسرائيل لا تهدف من هجومها البري الحالي على قطاع غزة إلى إعادة احتلال القطاع ، ومن جانبه ، زعم آفي ديختر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي أن بلاده لا تريد إعادة احتلال غزة بل وقفاً نهائياً لإطلاق الصواريخ ومنع وصولها من مصر إلى غزة.
وأضاف ديختر أن الأسلحة التي تصل إلى قطاع غزة لا تخدم السلطة الفلسطينية وعلى مصر وقف تدفق هذا السلاح إلى داخل القطاع ، مشيرا إلى أن هدف إسرائيل الاستراتيجي هو عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة.
وفي مواجهة الهجمة الإسرائيلية الشرسة، دعت حركة حماس فصائل المقاومة الأخرى إلي اجتماع طارئ لمواجهة الهجوم البري المستمر لليوم الثاني علي التوالي ، وقال محمد نزال الناطق باسم الحركة إنه يجب على كافة القوى الوطنية أن تلتقي معًا لكي تقرر مسار عمل موحد في مواجهة الهجوم الإسرائيلي.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد استبق الدعوة الحمساوية بحثه حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" على حضور اجتماعات مشتركة لكافة الفصائل ، موضحًا أن الوقت لا يحتمل خلافات في ظل العدد المتصاعد للقتلى الفلسطينيين.
وقال عباس في بداية اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والقيادة الفلسطينية في مقر الرئاسة في رام الله :"مازالت الدعوة مفتوحة ومستمرة لبذل المزيد من الجهود وكنا قد دعونا إخواننا في حركتي حماس والجهاد لأن يحضروا هنا للاجتماعات وما زلنا ندعوهم لأن الوقت لا يحتمل الخلافات والمهاترات. هدفنا الوحدة الوطنية ووقف إطلاق النار بكل أشكاله على شعبنا حتى نلملم جراحه".
وأضاف "الآن الوحدة الوطنية هي أقدس ما لدينا، وكما قلنا المماحكات والمهاترات موقوفة تمامًا ويجب ألا تعود إلى الساحة الفلسطينية، سعينا وسنسعى لحقن دماء أبناء شعبنا في غزة وسنتوجه إلى مجلس الأمن الدولي لوقف العدوان".
وبدا أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه متناسقاً مع عباس عندما شدد علي ضرورة حضور زعماء حماس والجهاد الإسلامي الاجتماع مع قيادة السلطة الفلسطينية لبلورة موقف موحد ضد ما وصفه بالعدوان الإسرائيلي في غزة ، مؤكدا أن السلطة الفلسطينية أوقفت المفاوضات مع إسرائيل في أعقاب الحملة العسكرية في القطاع.
من جانبه، أكد مشير المصري أمين سر كتلة "حماس" البرلمانية، أن جميع الرهانات لإسقاط الحكومة في غزة فشلت حتى الآن بجانب فشل من يعول على تأليب المواطنين على حركته وخلق فوضى في قطاع غزة من خلال المجازر النازية.
ولفت إلى أن العمليات الوحشية في قطاع غزة أكدت أن إسرائيل لا تريد السلام ولا تريد التهدئة وأنها كيان للعدوان ليس فقط على شعب غزة بل على الشعوب العربية والإسلامية ، نافيا في الوقت ذاته أن تكون الضربات الإسرائيلية المفاجئة لقطاع غزة أدت إلى شلل حركات المقاومة الفلسطينية.
تحذيرات من أن تأتي العملية العسكرية بنتائج عكسية
وفيما تشن إسرائيل هجمتها الأوسع منذ حرب يونيو 1967 من أجل استئصال حركة حماس إلا أن صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية اعتبرت أن إسرائيل فى مأزق حقيقى رغم جبروت آلتها العسكرية فى عدوانها الحالي على قطاع غزة.
وقالت الصحيفة في تحليلها للمشهد الراهن بقطاع غزة إن هناك محللين إسرائيليين حذروا من أن المواجهة الحالية ستؤدي إلى خروج حركة حماس بمكاسب من أبرزها فوزها بشرعية ستمنح لها.
وخلصت الصحيفة إلى القول إن الأمل الذي يراود المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بتدمير البنية الأساسية لحركة حماس قد يتحول على الأرجح إلى كابوس من الفوضى سيطال بالتأكيد سكان جنوب إسرائيل الذين تشن الهجمات الحالية على قطاع غزة باسم الدفاع عن أمنهم.