كانت نور23 عاما من بين عشرة ابناء وبنات للعائلة ,لم تجبر على الزواج رغم ان عمرها 15 عاما عند اختيارها لزوجها الذي قررت الارتباط بنفسها ومع هذا فان شعور الندم جراء هذا الزواج اخذ يلاحقها خاصة وانها وعلى حد تعبيرها " ما عشت حياتي متل البنات اللي بعمري " .
وتواصل نور حديثها " لم اكن اعرف ماذا يعني الزراج وماذا سافعل بعد ان اغلق باب الغرفة علينا ..لم اتقبل الامر بهذه السهولة فمرضت لمدة شهر كما امضيت تلك المدة ابكي ..صغيرة في العمر تزوجت وعائلتي لم تمانع عندما تقدم لخطبتي " .
وزادت "اجهاض متكرر لازمني بعد كل حمل وذلك بسبب صغر البنية الجسمية كما اكتشفت بعد مرور فرتة على الزواج مدى بخل زوجي الذي كان يسئ لي بعد مغادرة عائلتي التي كانت تحضر لزيارتي في العيد او من اجل الاطمئنان والتواصل ..وتصبح حياتي جحيما لو طلبت والدتي ان اجهز طعام العشاء او الغذاء فينهال علي بالسب والشتم والاساءة لعائلتي اما اذا كانت العزيمة لعائلته فيكون الامر ادي بالنسبة له " .
اضافت " لا يهم ان كنت اعاني في عملي الذي يرهقني على الدوام بل ما يهم زوجي ما اكسبه من عملي ,فراتبي الشهري لا اعرف عنه شيئا فهو من يقوم باخذه مني فور وصولي الى المنزل ..طلبت اللطلاق منه وعدت الى منزل عائلتي لكنه وعد بان يتحسن معي ومع ابنتي ..ونصيحتي للمقبلة على الزواج في مثل عمري ان لا تتسرع والزواج ليس كما هو في قصص الف ليلة وليلة " .
ويقول استاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حسين الخزاعي ان العلاقة الزوجية يفترض أن تؤدي الى بناء وترسيخ العلاقات الاجتماعية النموذجية المبنية على التسامح والمودة والرحمة والطيبة بين افرادة ، وهل هناك امتن وأروع وأدفأ من علاقة الزواج (بالزواج السكينة والرحمة والتراحم والتعاطف والايثار والمودة ) ؟ .
و عند الحديث عن زواج وطلاق المراهقات يبين د الخزاعي اننا نهدف تسليط الضوء على الفتيات اللواتي تزوجن وهن لم يزلن في سن المراهقة والذي تعرفه منظمة الصحة العالمية العمر من ( 10 – 19 ) سنة ، ويلاحظ من خلال الأحصاءات الرسمية والتي تدخل في صلب البناء الاجتماعي والذي نسعى أن تكون العلاقة بين افراده نموذجية في العطاء والمحبة.
ويشير د الخزاعي الى إرتفاع ظاهرة طلاق المراهقات ، أي الفتيات اللواتي تزوجن وأكملن العمر ( 15) سنة ولم يكملن العمر (19) سنة ، أي انهن عشن كأقصى حد ( 4) سنوات في الحياة الزواجية ، ،الارقام تشير إلى أن عدد حالات الطلاق بين الفتيات اللواتي في عمر الورد أي في الفئة العمرية ( 15-19) سنة كانت في عام 2003 ارتفعت إلى ( 1757) حالة ، في عام 2007 ، اي أن الظاهرة بأرتفاع مستمر ، وبالمقابل تشير الأرقام ألى أن عدد حالات الزواج للفتيات في نفس الفئة العمرية (15-19) كانت ( 14188) حالة زواج في عام 2003 ، ارتفعت إلى ( 16620) في عام ( 2007) والصدمة الكبيرة أن هذا الارتفاع بمعدل ( 1000) حالة سنوياً في هذه الفئة العمرية الوردية ، واذا عرفنا ان نسبة الطلاق بين هذه الفئة هي ( 10 % ) من حالات الزواج .
وما يتبادر للذهن سؤال يطؤح عادة من المسؤول عن تزويج الفتيات في هذا العمر ، وحرمانهن من حقوقهن في مواصلة التعليم والعمل واختيار الزوج ويجيب عليه د الخزاعي " ليس هناك ادنى شك في ان هناك مصادرة لحق الفتاة في اختيار الزوج " وهذا كلام معناه " تزويج ، وليس زواج " ، وهل يجهل الآباء والامهات أن الأبناء في هذا العمر يعيشوا في مرحلة المراهقة ، وبأكتمال هذه المرحلة يكتمل النمو النفسي والخلقي والجسدي للانسان. ويلفت د الخزاعي الى قضية اساسية يجب التوقف عندها والتركيز عليها قضية التجاوب العاطفي غير الآمن ، فهل الفتاة التي تتزوج في العمر ( 15) سنة قادرة على منح الزوج المشاعر الرومانسية المطلوبة ، وخاصة أن عدم الانسجام والاشباع الغريزي والعاطفي بين الزوجين يعد احد الاسباب الخفية التي تؤدي الى الطلاق . وبعد لا ننكر الجهود التي بذلت بتعديل المادة ( 5) من قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 61 لسنة 1976 والذي كان يشترط في أهلية الزوج أن يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين وأن يتم الخاطب السنة السادسة عشرة وأن تتم المخطوبة الخامسة عشرة من العمر .
والتعديلات الجديدة التي اجريت على هذه المادة في القانون المؤقت رقم (82) لسنة 2001 المادة (2) التي نصت " ان يكون كل منهما قد اتم الثامنة عشرة سنة شمسية إلا انه يجوز للقاضي أن يأذن بزواج من لم يتم منهما هذا السن إذا كان قد أكمل الخامسة عشرة من عمره وكان في مثل هذا الزوج مصلحة تحدد اسسها تعليمات يصدرها قاضي القضاة لهذه الغاية أي اننا تركنا امر البت في العمر عند الزواج إلى القاضي الشرعي ، وها هم القضاة الشرعيون يأذنون بزواج( 16620) فتاة في عام ( 2007) لم يكملن العمر تسعة عشر عاما اي (27.4%) من حالات الزواج التي تمت في ذلك العام .
ويتسائل الخزاعي ما هي المصلحة التي استند اليها القضاة الشرعيون في مثل هذا الزواج ، اذا كان هذا الزواج سيؤدي الى الطلاق بين المراهقات ، وبهذه الارقام الفظيعة ، الموضوع يتطلب منا وقفة مراجعة ، واجراء تعديل على هذه المادة في قانون الاحوال الشخصية ومنع اجراء أي عقد زواج قبل بلوغ الثامنة عشرة من العمر للشاب والفتاة ،فأيهما افضل تتزوج الفتاة بعد العمر ( 18) سنة ام تتطلق قبل العمر ( 18) سنة .
يضيف بالتالي نواجه مشاكل " تفرخ لنا مشاكل اجتماعية اخرى " كقضايا النفقة أو دفع المطلقات للقبول بالزواج الثاني والثالث ،والتنازل عن قضايا كثيرة هروبا من واقع نكون قد ساهمنا في دفع ابنائنا وبناتنا اليه . لنضع الموروثات الثقافية جانبا ، ولنطرح من فكرنا أن الزواج " سترة " ويحمي ابنائنا وبناتنا من الانحراف والانجراف ، ومن هو المهيأ للأنجراف في مثل هذه الحالات .
وتعتبرمن جانبها المستشارة النفسية والاسرية د. دلال العمي سعد الدين العلمي مخالفة القانون المدني وتزويج الفتاة في عمر ال 15 يعني امكانية الاحتمال كبيرة في عدم تمكن الفتاة من القيام بواجباتها الزوجية بسبب صغر سنها وعدم اكتمال الرشد عندها مما يؤشر بالتالي الى انهيار هذه العلاقة الزوجية .
ووفي الاطار ذاته تلفت د العلمي الى ان القانون المدني وقانون المحاكم الشرعية تحبر على عدم تزويج الفتاة قبل سن 18 عاما وهذا الكلام شرعا وقانونا وذلك بسبب دخول الفتاة في هذا العمر مرحلة النضج والرشد مما يؤهلها للقيام بمتطلبات وواجبات العلاقة الزوجية .
وتكشف د العلمي ان ما تواجهه الفتاة المتزوجة في عمر صغير تتركز في عدم قدرتها على تحمل المسؤولية خاصة اذا صاحب هذا الزواج انجاب طفل او طفلين ,فتصبح الفتاة مثقلة بالهموم والواجبات والمسؤوليات وبالضغط الشديد الذي سيؤثر سلبا على صحتها النفسية ومن ثم على طبيعة علاقتها مع الزوج , الامر الذي يؤدي للاسف الى احتمال انهيار العلاقة الزوجية .
وعن حالات طلاق المراهقات تعلق د العلمي اذا كان هناك احتمالات طلاق او زيادة نسبة الطلاق لمن هن تحت سن 18 عن الاعمار الاخرى واعادة الفتاة الى منزل العائلة فانه يكون بسبب جهل الفتاة لطبيعة الحياة الزوجية وجهل الزوج في كيفية معاملة الزوجة القاصر .
ان تسرع الاباء في تزويج بناتهم في هذا السن هو مخالفة للقوانين الشرعية وتقع المسؤولية الاولى والاخيرة على هذين الابوين اللذان عرضا ابنتهما لمثل هذه التجربة .
وتمنت د العلمي على الصحافة ان تعلن صراحة بالارقام ةالحقائق معلومات عن الطلاق المبكر للفتيات القاصر حتى يكون الوعي وتنتشر المعلومة عند الابوين لان يوقفا هذا الزواج ,وللمدارس دور ايضا في توجيه جميع الطالبات والتركيز عليهن في عدم صلاحية الزواج للعمر ما قبل 18 سنة ,وتحذيرهم باستمراروبشدة واضحة بان الانجاب لا يجوز ابدا ان يكون قبل سن 19 سنة .
وتقول د العلمي على مدارسنا ايضا ان تؤهل الفتيات والشباب في مواد تدريسية واضحة لتعريق مدى اهمية حمل الطفل ومسؤولية تربية الطفل الذي ترتكز عليه سلامة الاسرة فيما بعد .
وهل يمكن للزواج المبكر ان يؤثر على الصحة الجسمية للفتاة وهذا ما يكشف عنه في رده اخصائي النسائية والتوليد د مروان السمهوري في ان جسم الفتاة لابد وان يمر في مراحل معينة حتى يكون مهيأ للحمل والولادة ووهذا لا يعني لزواج وانما الحمل كونه بحاجة الى قوة جسد وتحمل ويشير الى ان الحمل في عمر ال 15 وما يصاحبه من اعراض عند الحمل والولادةكون الرحم غالبا لايكون بشكل وحجم يستطيع معه التأقلم على المستجدات الفسيولوجية التي تحدث للمرأة الحامل ومن أكثر المضاعفات التي يمكن ان تتعرض لها المراة الحامل في هذه الحالة هو الإجهاض المبكر لتلك الفتاة بل الطفلة على حد التعبيراضافة الى الولادة المبكرة .
يضيف مما يعرضها لمسؤلية مبكرة وبالتالي ينعكس على نفسيتها السيئة وربما هذا يؤدي إلى مشاكل زوجية تنتهي بالطلاق حيث أن الزوجين عادة يكونا في سن ما قبل النضوج الفكري والعقلي وعدم مراعاة المسؤوليات الزوجية إطلاقا.
ويشير د السمهوري الى رأي الطب في تحديد السن المناسب للزواج والحمل والولادة واختيار السن ما بين ال20-30 كون المراة تكون مهيأة جسديا وفكريا ونفسيا
عمان نت