صحيفة العرّاب

بعد أن انفض السامر.. تركيبة الفريق الوزاري تثير أسئلة حول قدرة الحكومة على تنفيذ أجندات الإصلاح

 انفضَّ السامر، وخرجت أعداد قليلة من "مولد" التشكيل، راضية مرضية، فيما عادت أخرى، الى بيوتها، وأغلقت هواتفها، وباتت تحلم بتعديل حكومي قريب، لعلها تحظى بمقعد وزاري مستقبلي.

 وقبيل إعلان التشكيلة الجديدة للحكومة، والذي استمر العمل على إنجازها 5 أيام كاملة، فإنه من الطبيعي ان تثار تساؤلات حول مدى انسجام الفريق الوزاري، وقدرته على تنفيذ الرؤى الملكية التي جاءت في كتاب التكليف السامي، والذي تعهدت الحكومة بتحقيقه.
 
سياسي وبرلماني سابق، يعتقد ان التشكيلة الحكومية مفاجئة لكل المتابعين والمراقبين، وبخاصة إذا أخذ في عين الاعتبار المدة الطويلة التي قضاها الرئيس في التشكيل، إضافة الى الملفات الكبيرة التي أوكل إليه تنفيذها.
 
ويرى هذا البرلماني أن الحكومة الجديدة وبعد أدائها القسم أمام جلالة الملك، يتعين عليها الذهاب فورا الى العمل والإنجاز، وان "تشمر عن سواعدها"، لتنفيذ ما جاء في كتاب تكليفها.
 
وهذه الملفات: إصلاحية، واقتصادية، واجتماعية، ومجتمعية، وعن كل ملف منها تتفرع قضايا كثيرة، تحتاج جهودا مضاعفة.
 
وفي نطاق الحجم الكبير للعمل المطلوب من الحكومة الجديدة، فإن أول ما يقع على عاتقها وفق ما جاء في كتاب تكليفها، هو إنهاء الجدل حول موضوع اللامركزية، بوضع تصور واضح حول ما اذا كان سيجري تنفيذ انتخابات المحافظات في ربيع العام المقبل، أم ان الحكومة هي من سيقوم بإنجاز القوانين، لتقدمها الى مجلس النواب المقبل، وتوكله باتخاذ القرار حولها، وتعديل قانون الانتخاب، وفتح حوارات جدية مع كافة أطياف المجتمع الاردني للوصول الى حد معقول من التوافق حول مواده القانونية.
 
وينوه مراقبون الى أن التباطؤ في التفكير، وفتح حوارات مطولة، لا يفيد الحكومة ولا ينبئ بقرارات حاسمة، وعليها الذهاب فورا الى نقاط الخلاف، وطرح وجهات النظر على طاولة الحوار للوصول الى صيغة تشمل الحد الأدنى من التوافق.
 
ويرون أن نجاح الحكومة في الوصول الى حد من التوافق حول قانون الانتخاب المفترض، يشكل بداية الطريق الى نجاحها في إدارة دفة الإصلاح السياسي الذي طلبه جلالة الملك، وحث عليه في كتاب التكليف السامي.
 
سياسي عتيق رفض الإفصاح عن اسمه، دعا الى منح الحكومة وقتا للعمل، وأثار جملة تساؤلات حول تركيبتها ومدى قدرتها على تنفيذ ما عهد إليها من إصلاحات سياسية واقتصادية منتظرة، ولفت أيضا الى منح الحكومة وقتا للإعلان عن نفسها بوضوح، والوقوف على مدى انسجامها وتوافقها حول القضايا المطلوبة منها.
 
وزير سابق آخر، لم يشأ التصريح باسمه، سأل عن قدرة الفريق الاقتصادي الجديد على إخراج البلاد من عنق زجاجة عجز الموازنة، لافتا الى ان الحكومة الجديدة، وبعد ان أبعد وزراء المالية والتخطيط عن مواقعهم في الحكومة السابقة، وجاءت باثنين جديدين، إضافة الى نائب أول للرئيس ذي خلفية اقتصادية، مطالبة بتقديم تصورات ورؤى حول هذا الجانب، للحد من العجز.
 
ويعتقد الوزير السابق نفسه ان الأمر الآخر الذي سيشكل بداية للحكومة على طريق الإصلاح، ومعرفة قدرتها على إنجازه بشفافية، هو اجراء انتخابات نيابية مقبلة نزيهة وشفافة وعادلة، تتوافق مع رؤى الملك، وطموحاته بصياغة انتقالة فاعلة للبلاد نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي.
 
ويقع على عاتقها، وفق هذا الوزير، مسح الغبار والنقد، الذي تراكم حول طريقة اجراء الانتخابات الماضية، والتي وصفت من قبل قوى سياسية ونقابات وسياسيين، بأنه شابها الكثير من اللغط والتجاوزات.
 
ووفقا لذلك، فإن الحكومة لا يقع عليها مسؤولية تعديل قانون الانتخابات، ومشاورة كافة أطياف المجتمع، واجراء انتخابات نزيهة فحسب، وإنما إعادة الاعتبار للمؤسسة البرلمانية بالتركيز على نزاهة الانتخاب، وحث المواطن على اختيار الشخصية المناسبة لهذا الموقع التشريعي المهم، كما يقول أحد المراقبين.
 
ويضيف إن "ثقة المواطن في البرلمانيين تراجعت خلال الأعوام القليلة الماضية، وربما يعود ذلك الى محدودية تمثيل النواب لمناطقهم، من جهة، وللأقاويل الكثيرة التي رافقت الانتخابات الماضية من جهة اخرى، ولذلك لم يكن المجلس المنحل (الخامس عشر) يحظى برضا شعبي وارتياح لطريقة أدائه، وكان دوما عرضة للتشكيك والهجوم".
 
وتبدو الفرصة مواتية أمام الحكومة للبدء بإصلاحات سياسية جادة، تضع البلاد والعباد على بداية طريق النمو والتقدم، والا فإن النتائج، إذا كانت سلبية ستنعكس فشلا على الطاقم الحكومي، وفق مراقبين.
 
ويرى الوزير السابق، ان أي تباطؤ من قبل الحكومة في تحقيق الرؤى الملكية وتنفيذ ما ورد في كتاب التكليف السامي، سيؤثر بشكل كبير على فرص الإصلاح المطلوب، والفرصة التي منحت للرئيس وطاقمه، كانت جيدة وكبيرة، كما ان حجم العمل الذي جاء في كتاب التكليف يتطلب انسجاما وتوحدا، ولذلك فإن أي تباطؤ سيعيد عجلة الإصلاح الى الوراء.
 
كما أن على الرئيس وطاقمه، كما يرى السياسي والبرلماني السابق، قطع الطريق امام الاقاويل التي تدعي عدم قدرتها على الانجاز، ومن ثم الخروج عن المألوف والتوطيد لخلق رافعة جيدة لها وللحكومات المقبلة، تعلي من شأنها من دون أي تطاول على صلاحياتها.
 
ويضيف أن الملفات الكبيرة والمفتوحة فوق طاولة مجلس الوزراء، تتطلب رؤية وتأنيا وعملا واجتهادا واسستشرافا للمستقبل، وبخلاف ذلك، فإن الحكومة ستفشل في أول اختبار جدي لها، وتعيدنا الى نقطة البداية.
 
لم تخل التركيبة الحكومية من منتقدين، والبعض ذهب لنقدها بسبب عدم وجود وجوه قادرة على تنفيذ أجندات العمل المتراكمة على طاولة مجلس الوزراء.
 
فرصة الـ5 أيام التي منحها الملك للرفاعي قبل الإعلان عن تشكيل الحكومة، وضعتها "تحت مجهر" الطامحين والمشككين، ولذلك فإن المطلوب منها ليس الانتظار، وإنما الدخول فورا الى ساحة العمل من دون تأن، وبخاصة أن أي تباطؤ في الإنجاز، سيرتد سهام نقد شديدة على الحكومة.
 
 الغد الاردنية