يكرس ميثاق الشرف لقواعد السلوك الخاصة برئيس الوزراء وأفراد حكومته حالة غير مسبوقة من التزام المسؤولين باليمين الدستورية التي أقسموها أمام جلالة الملك عبدالله الثاني لحظة توليهم حقائبهم الوزارية الاثنين الماضي.
ويتفق مراقبون على أن "ميثاق الشرف" يراعي الأبعاد المرتبطة بالمرجعيات الأخلاقية والقانونية التي تحكم عمل هؤلاء الوزراء وتعاطيهم مع الشأن العام.
وفي ذلك، يقول وزير الدولة للشؤون القانونية السابق ووزير تطوير القطاع العام الأسبق المحامي سالم الخزاعلة إنه لـ"أول مرة يجري مواجهة أحد أهم الأسئلة المرتبطة بمنظومة النزاهة الوطنية مواجهة جريئة وشجاعة".
ويضيف الخزاعلة لـ"الغد" أن مدونة السلوك التي وقع عليها أول من أمس رئيس الوزراء سمير الرفاعي وأعضاء حكومته "راعت الأبعاد المرتبطة بالمرجعيات الأخلاقية والقانونية التي تحكم عمل صناع القرار (الوزراء) وما شاب سابقا ممارسة البعض منهم بتجاوزات تخرج أحيانا عن مرجعية واضحة".
ويشير الخزاعلة الذي وضع مدونة سلوك لموظفي القطاع العام إبان تسلمه لحقيبة "القطاع العام" في حكومة رئيس الوزراء السابق معروف البخيت إلى أن "مدونة الرئيس والوزراء" تؤكد على أن المساءلة العامة أصبحت أداة حقيقية في المجتمع لمحاسبة كل من يخرج على العقد والميثاق القانوني والأخلاقي والذي "هو في هذه المدونة بتوقيع الوزراء أنفسهم قبل مباشرة أعمالهم باعتباره قسما جديدا يجد طريقه إلى الوجدان ليحاسب كل من يخلف به".
ويتضمن "ميثاق الشرف الحكومي" مبادئ عامة وقواعد النزاهة، والإنصاف، والمساءلة، والمسؤولية، والتطبيق، وتلزم نصوصه أعضاء الحكومة باعتبار المصلحة العامة هي الغاية الأولى والأساسية عند اتخاذ القرارات المتعلقة بمهامهم الرسمية.
وتنظر وزيرة تطوير القطاع العام السابقة نانسي باكير إلى ميثاق الشرف الذي سيحكم عمل أفراد الحكومة الحالية على أساس أنه "خطوة حضارية تنقل الأداء الحكومي والإداري إلى مستوى نوعي، وربما يكون غير مسبوق على المستوى العربي".
وترى باكير في الخطوة تكريسا لانطباع إيجابي أزال بعضا من الانطباعات التي سادت في أوساط المراقبين والتي رافقت الإعلان تشكيل الحكومة.
وترى الوزير السابقة، والتي عملت مساعدا للأمين العام للجامعة العربية للشؤون الثقافية والاجتماعية، في إصرار الحكومة ورئيسها على إنجاز "الشرعة السلوكية القويمة" أول من أمس في جلسة ماراثونية استمرت ثماني ساعات، "التزاما حقيقيا ببنود كتاب التكليف السامي للحكومة في سبيل وضع ميثاق أخلاقي لعمل الحكومة يتصدى لكل المفردات التي أنتجت ظواهر سلبية جراء سلوك بعض المسؤولين في الحكومات السابقة".
وتشترط المدونة على الوزير عدم استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة، بما في ذلك عدم استخدام أية معلومات يحصل عليها في سياق ممارسته لواجباته الرسمية لتحقيق أي مكاسب شخصية له أو لمنفعة أي شخص آخر.
ويؤكد نقيب المحامين أحمد طبيشات على ضرورة أن يلتزم الوزراء بهذه المدونة لما لها من آثار مجتمعية متعددة الجوانب، وخصوصا في "محاربة الفساد والفاسدين والقضاء على كافة أشكال المحسوبيات".
ويوضح طبيشات أن "المدونة تقيد الفريق الوزاري، وتطلب منه القيام بواجباته بكل حيادية ونزاهة وشفافية وعدالة وتقديم الخدمة العامة للناس وفق منظور العدالة للجميع"، فيما يرى عضو المكتب السياسي لحزب الوسط الإسلامي مروان الفاعوري أنه سيكون لهذه المدونة "في حال تطبيقها على الرئيس والوزراء، وقع خاص لدى عامة الناس على طريق نشر مفاهيمها وتعميقها في نفوس المواطنين".
وتوجب المدونة على كل وزير التقيد عند قيامه بواجباته بالابتعاد عن المصالح الشخصية وبالالتزام بمبادئ النزاهة والموضوعية والمساءلة والشفافية والأمانة والمصداقية والحرص والحياد.
ويتفق كل من الخزاعلة وباكير وطبيشات والفاعوري على أن الحكومة الحالية "تملك من القدرات والكفاءات ما يؤهلها لتدشين مرحلة جديدة من التعاطي مع الشأن العام، بعيدا عن مفردات الاسترضاء والمحاصصة والمصالح الشخصية".