حاجّة بين حكومتين أو ثلاث أو أربع حكومات، أو ربما أكثر هي (أم هاني) فاطمة أحمد محمد محاشي، من بلدة حلاوة في محافظة عجلون، سيدة شارفت على الثمانين من العمر، تقطع مسافات كبيرة لتجد في كل مناسبة وطنية أو تشكيل حكومي، متنفسا لبث همومها ومطالبتها المزمنة في منحها راتب زوجها التقاعدي، المتوفى منذ 16 عاما، حين كان في الحرس الوطني، ولم تعترف الحكومة براتب له.
تلك الحاجة التي نراها تصافح معظم رؤساء الوزارات في الأردن، لنقل تهانيها لهم، لا تلبث أن تبث شكواها لهم، وهي التي لا تملك أجرة الطريق.
تقول أم هاني إنها "تعتاش من 50 دينارا هي المبلغ الذي يدفعه لها صندوق المعونة الوطنية منذ عدة أعوام، بحيث تدفع منه 30 دينارا أجرة لغرفة استأجرتها في بلدة حلاوة"، إضافة الى 10 دنانير تتوزع بين فاتورتي ماء وكهرباء، والـ 10 دنانير الباقية تستثمرها لتقضي بها نفقات شهرها.
أم هاني التي فقدت أربعة أطفال منذ أمد بعيد (ولدين وبنتين)، قالت "لم يكن مولودها يبلغ 4 أعوام من عمره حتى فارق الحياة" وبقيت بلا ولد أو تلد.
وتضيف "أنها مع كل صلاة فجر، ترفع يديها الى السماء، وتدعو الله أن "يحنن عليها أبناء الحلال"، ويساعدوها على ما تبقى من عمرها من غير مهانة، فلا تنسى مكرمة جلالة المغفور له الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه، عندما استقبلها قبل نحو عقدين من الزمن، وأكرمها بحجّة على نفقته الخاصة عندما علم بظروفها.
وتؤكد أم هاني أنها لا تملك ثمن وجه فرشة لتغطي به فرشتها الممزقة التي تنام عليها، كما أنها تبيت ليالي طويلة من غير طعام، داعية الله عز وجل أن يفرجها عليها.
وتقول أم هاني إنها لا تريد بيتا، إذ لا أحد لها سوى الله فلمن تتركه بعده، فهي تريد فقط ما يكفيها عزيزة الى أن تلاقي وجه ربها الكريم من غير ذل أو مهانة.
تلك هي قصة الحاجة أم هاني التي نراها في كل مناسبة، لتقدم التهنئة للحكومات، متأملة أن يسهموا بحل مشكلتها القديمة الجديدة.
وكانت "الغد" نشرت في عدد الخميس الماضي صورتين للحاجة فاطمة، الأولى خلال تهنئتها لرئيس الوزراء الأسبق نادر الذهبي، والثانية تهنئ رئيس الوزراء الجديد سمير الرفاعي، وتساءلت عن الأسباب التي دفعت هذه الحاجّة الكريمة الى عدم الغياب عن مناسبتي تهنئة الحكومتين.
ولم تنفع التهنئة الأولى بحل مشكلتها، فهل تنفع التهنئة الثانية بذلك، مع أن مطالبتها بسيطة ويمكن حلها بسهولة، وبسرعة.