حذر خبراء اقتصاديون من مغبة استغلال الحكومة غياب مجلس النواب وإصدار قانون ضريبة دخل يحابي الأغنياء على حساب الفقراء، مؤكدين ضرورة المحافظة على مبدأ تصاعدية الضريبة وفقا للدستور.
وتطرق هؤلاء إلى خطورة تخفيض الضريبة على البنوك والشركات الكبرى التي تدر أرباحا جيدة، ومكافأتها بتنزيل ضريبة الدخل عليها، مؤكدين أهمية توزيع الدخل كهدف رئيسي من وراء التشريع.
ويلفت هؤلاء إلى أن البنوك هي أكبر مقرض للحكومة بموجب التوسع الذي جرى في الدين الداخلي على حساب الخارجي، وبالتالي عدم أخذ ذلك الأمر ذريعة لتخفيض نسب الضريبة عليها.
يذكر أن حكومة رئيس الوزراء السابق نادر الذهبي سبق وسحبت في 29 تشرين الأول (أكتوبر) مشروعي قانون الطاقة وضريبة الدخل خلال عرضهما على مجلس النواب.
فيما كانت الإرادة الملكية السامية التي صدرت يوم الاثنين 23 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أمرت بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، سبقتها أخرى، قضت بحل مجلس النواب الخامس عشر، بعد أن أمضى عامين من عمره.
ويعد مشروع قانون ضريبة الدخل الذي تقدمت به الحكومة إلى مجلس النواب الثالث خلال عامين، حيث يواجه مثل هذا التشريع في كل مرة آراء معارضة ومنتقدة له، كونه يمس حياة غالبية المواطنين، وهذه هي المرة الثانية التي تطلب فيها الحكومة من النواب سحب مشروع قانون الضريبة.
وقال رئيس جمعية المحاسبين القانونيين السابق محمد البشير "ان الحكومة مصرّة على محاباة القوى الاقتصادية في الأردن وتحديدا البنوك، عبر ترضيتها باعتبارها أكبر دائن للدولة".
وأوضح "لا يختلف اثنان من الاقتصاديين على أن قانون ضريبة الدخل يهدف إلى توزيع الثروة وألا يكون البديل له قانون ضريبة المبيعات بزيادتها لتعويض نقص الإيرادات الذي سينتج عن قانون ضريبة الدخل المؤقت".
وأكد البشير أن ضريبة المبيعات ضريبة ظالمة للمستهلك وتقلل من القدرة الشرائية للمواطنين.
وأشار إلى أن الموازنة العامة مع موازنة المؤسسات المستقلة تصل إلى 7.5 بليون دينار، وتشكل رواتب العاملين في الجهازين المدني والعسكري ورواتب المتقاعدين 4 بلايين دينار منها، وأن ضريبة المبيعات تقلل القدرة الشرائية لهؤلاء.
وبموجب مشروع قانون ضريبة الدخل المؤقت الجديد، بحسب صيغته التي وردت من الحكومة، فسيكون على البنوك والشركات المالية أن تدفع 25%، كضريبة دخل مقطوعة من أرباحها بدلا من 35%، تمثل النسبة الحالية وعلى القطاع الصناعي ما نسبته 15% بدلا من 25%، والقطاع التجاري 15% بدلا من 25%.
أما فيما يتعلق بالأفراد، فإن مشروع القانون الجديد زاد الإعفاء ليصل إلى 24 ألف دينار بدلا من 12 ألف دينار مقابل إلغاء إعفاءات أخرى يمنحها القانون الحالي لقاء مصاريف الاستشفاء والتعليم، فيما يفرض مشروع القانون على الفرد الذي يزيد دخله على 24 ألف دينار لأول 10 آلاف دينار ما نسبته 6% وعلى المبالغ التي تليها 12%.
وكان بلاغ إعداد مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2010، الذي أصدره رئيس الوزراء بإجمالي 5.65 بليون دينار، تضمن نصا صريحا يؤكد "إقرار مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد وسريانه خلال العام 2010".
وشُغل الرأي العام لفترة طويلة بنقاش وحوار تولته وزارة المالية من خلال سلسلة من النقاشات لإقناع مختلف الفئات الاقتصادية حول جدوى تطبيق التشريع، إلا أنها فشلت في تحقيق آراء مؤيدة لمشروع القانون في مجلس النواب.
ومن بين أبرز الأمور التي انتقدها خبراء ماليون في مشروع قانون ضريبة الدخل تخفيض الضريبة على البنوك.
من جهته، شدد الخبير الاقتصادي مازن مرجي على أهمية مراعاة مبدأ التصاعدية في الضريبة في قانون ضريبة الدخل المؤقت الذي تعتزم الحكومة إصداره.
وأشار إلى أن مبدأ التصاعدية في ضريبة الدخل هو نص دستوري يجب أن لا تغفل عنه الحكومة.
وتابع مرجي قائلا "يجب عدم استغلال الحكومة غياب المجلس النيابي لإصدار ما تشاء من تشريعات تحابي بها المتنفذين من أصحاب الشركات الكبرى".
وطالب مرجي بأن يشمل القانون حوافز لبعض القطاعات وعدم تخفيف النسب عن بعض القطاعات المدرة للدخل كالبنوك، محذرا من المساس بالامتيازات الممنوحة للفقراء والطبقة الوسطى لصالح الأغنياء.
ودعا إلى اعتماد الدخل النهائي للأفراد والشركات وعلى أساسه وضع الشرائح الضريبية بدلا من القطاعات.
وكان مجلس النواب السابق فرض ضريبة دخل على البنوك وشركات التعدين والاتصالات والتأجير التمويلي بنسبة 35%، مخالفا قرار لجنته المالية والاقتصادية، وما ورد في مشروع القانون المقدم من الحكومة، قبل انتهاء الدورة البرلمانية.
يذكر أن المجلس العالي لتفسير الدستور أصدر قرارا العام 2001 أعطى بموجبه الحق لرئيس الوزراء سحب أي مشروع قانون معروض على مجلس النواب في أية مرحلة كانت وسواء أكان المجلس منعقدا أو غير منعقد.