تخوفت مصادر طبية في وزارة الصحة من تسبب دورات المياه، ووسائد وأغطية الأسرة في المستشفيات الحكومية، بنقل الأمراض والأوبئة وبعض أنواع الفطريات والجراثيم، بين المرضى والمراجعين.
وكانت "السبيل" نشرت في وقت سابق، دراسة طبية أكدت تكاثر أنواع من البكتيريا التي تتسبب بنقل الالتهابات المعدية إلى المريض، في عدد من المستشفيات الحكومية والخاصة.
وفي الأثناء، تجولت "السبيل" في عدد من المستشفيات التابعة لوزارة الصحة راصدة بالصورة، مخالفات صحية داخل دورات المياه، وعلى شراشف ووسائد الأسرة التي توفرها تلك المستشفيات للمرضى.
أحد المسؤولين في الوزارة اطّلع على صور "السبيل" الخاصة بالتقرير، واعتذر عن التعليق بعد أن بدت الصدمة على وجهه، قائلا: "أتمنى أن يشاهد معالي الوزير هذه الصور، وأن يحاسب المسؤولين عنها مهما كانت مسمياتهم الوظيفية".
وفي مستشفى البشير أكبر مشافي الوزارة، رصد مندوب "السبيل" بكمرته الخاصة مخالفات صارخة داخل دورات مياه المرضى، وعلى أسرة قسم الطوارئ، وبعض الأقسام العلاجية الأخرى.
الكثير من دورات المياه كانت تفتقر لأدنى مقومات الصحة العامة، فقد استبدل العاملون فيها أباريق الماء الخاصة بقضاء الحاجة بعوات المشروبات البلاستيكية المهترئة. كما افتقرت تلك الدورات للمغاسل الخاصة بتعقيم المريض ليديه بالماء والصابون، والأغرب من ذلك انعدام الإنارة في المرافق الصحية المذكورة.
وفي المقابل، يؤكد مسؤولون في المستشفى اهتمام الإدارة بنظافة وتطهير دورات المياه وتهويتها، وأن تكون إضاءتها جيدة وموزعة بطريقة مناسبة، مع توفير وسائل الاغتسال والتجفيف المناسب، فضلا عن توفير مراوح شفط وأحواض لغسل اليدين بالصابون جيدا، وهو ما لم ترصده "السبيل" في الكثير من تلك المرافق.
ولا تنتهي المشكلة في دورات المياه، فحتى أسرة المرضى باتت بحسب مسؤول بارز في الوزارة مرتعا خصبا لنقل الأمراض والأوبئة.
كاميرا "السبيل" التقطت صورا لوسائد وشراشف مهترئة غطيت بها الأسرة، كما سجلت صورا أخرى لأسرة اكتست بالقاذورات، وبقايا دماء المرضى وبرازهم.
كما لاحظ مندوب "السبيل" تناوب العديد من المرضى المراجعين لأقسام الطوارئ على سرير واحد غزته الأوساخ والقاذورات.
وتؤكد قوانين الصحة العامة التي تجزم الوزارة بتطبيقها، ضرورة أن لا يتناوب المرضى على نفس الغطاء أو الوسادة الخاصة بالسرير.
وينص القانون على استبدال غطاء السرير بآخر بعد أن يتم الكشف عن كل حالة مرضية، حيث يفترض أن "يرسل الغطاء والوسادة إلى قسم الصباغة والتعقيم، ليعاد استخدامه فيما بعد بشكل صحي وآمن".
"السبيل" حاولت الاتصال أكثر من مرة بمدير مستشفى البشير الدكتور عبدالهادي بريزات لمعرفة وجهة نظره، إلا أن جميع اتصالاتها بائت بالفشل.
وتؤكد دراسات طبية حديثة أن أمراض المستشفيات تعد مشكلة ظاهرة للعيان، إذ يتسبب بعضها بوفاة المريض نتيجة إصابته بأنواع من البكتيريا المقاومة لعمليات التعقيم والتنظيف في المستشفيات، والتي تصبح أشد فتكا مع عدم توفر المضادات الحيوية لمعالجة آثار الإصابة.
ويؤكد رئيس قسم الهندسة الطبية واختصاصيو علم الجراثيم في الجامعة الألمانية الأردنية الدكتور عدنان اللحام وجود أنواع من البكتيريا المقاومة بعد عملية التعقيم، والتي يصعب في العادة معالجتها بالمضادات الحيوية المتوفرة في مستشفيات الوزارة إلا ما ندر.
وينصح اللحام المستشفيات، باتباع الإجراءات التي تقوم بها مثيلاتها في أوروبا والغرب من فحص روتيني لجميع مرضى المستشفى وكادره من أطباء وممرضين وغيرهم، للكشف عن حملهم لأية جراثيم وبائية، فضلا عن تعقيم مرافق المشافي بشكل مستمر لضمان الحفاظ على أسس الصحة العامة.
ويشدد أطباء على أن بكتيريا "العنقودية الذهبية" تجد لها في العادة مرتعاً خصباً في المستشفيات، بحسب دراسة أمريكية، ويمكن أن تودي بحسب أطباء بحياة المريض نتيجة تواجدها في الأنف والجلد، لتشق طريقها فيما بعد إلى الدم عبر الجراح الناجمة عن العمليات الجراحية، أو عن طريق أنابيب نقل الدم أو التغذية إلى المرضى.
وكان وزير الصحة الدكتور نايف الفايز قال في تصريح سابق: "إن تطوير المستشفيات والنهوض بمستوى خدماتها على رأس سلم أولويات الوزارة وخطة عملها للمرحلة المقبلة".
ودعا الوزير إلى إيلاء أقسام الإسعاف والطوارئ اهتماما اكبر وتحسين مستوى أدائها، مؤكدا أن الضغط الكبير الذي تواجهه ينبغي أن لا يكون شماعة نعلق عليها أي تقصير عن أداء الواجب.
وطلب الفايز من مديري المستشفيات، العمل على رفع طاقة الأقسام العلاجية، والحفاظ على مستوى جودة عالية في توفير سبل الراحة للمرضى، للتخفيف من معاناتهم جراء المرض. السبيل