تبدو سامية شديدة القلق على مستقبلها المهني في بلاد الغربة، فسامية التي التحقت بأحدى مدارس التربية الخاصة في دبي منذ الصيف الماضي لا تعرف ما ستؤول اليه احوال عملها في ظل استمرار انعكاسات الازمة العالمية.
وتقول سامية "لا أعرف ماذا ينتظرنا" رغم أن راتبها الضئيل لا يجعلها ضمن فئة الموظفين ذوي الدخول المرتفعة والذين ربما تشملهم سياسات التقشف الجديدة وبالتالي يخشون فقدان وظائفهم بموجبها.
سامية واحدة من آلاف الأردنيين المغتربين الذين يواجههم مستقبل مهني مجهول في دول الخليج، بعد أن اخذ خبراء يدقون ناقوس خطر عودة المغتربين العاملين في الخارج، والتي يرى هؤلاء انها ستزيد نسب البطالة خصوصا بين فئة الشباب وحملة الشهادات.
ويؤكد اقتصاديون أن أول المتضررين من آثار الأزمة العالمية هم القوى العاملة الوافدة في دول الخليج والتي أصبحت تظهر آثارها بشكل واضح بعد فقاعة أزمة ديون دبي، الأمر الذي أدى إلى تسريح العديد منهم.
ورغم التصريحات التي تصدر عن الجهات الرسمية في المملكة والتي تنفي عودة أعداد كبيرة من المغتربين العاملين في الخارج، إلا أن أرقاما رسمية تظهرعكس ذلك.
إذ ارتفع عدد معاملات التخليص على الأثاث المنزلي من قبل المغتربين العائدين للمملكة بنسبة 24% منذ بداية العام الحالي وحتى 20 من الشهر الحالي مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وفقا للأرقام الصادرة عن دائرة الجمارك.
وبلغ عدد معاملات التخليص على الأثاث من مطلع العام الحالي وحتى 20 من الشهر الحالي 3162 معاملة مقابل 2552 معاملة للفترة نفسها من العام الماضي.
ومن الدلالات الأخرى على تأثر الكثير من المغتربين بالأزمة تراجع حوالاتهم، إذ هبطت حوالات العاملين الأردنيين في الخارج خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بنسبة 22% مقارنة بذات الشهر من العام الماضي لتسجل أكبر انخفاض على أساس شهري خلال العام 2009.
وبلغت قيمة حوالات العاملين الأردنيين في الخارج خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) 215.6 مليون دينار.
الخبير الاقتصادي منير حمارنة يقول إن أول المتضررين من الأزمة العالمية وانفجار أزمة ديون دبي، وانعكاساتها المتوقعة على دول الخليج، هم القوى العاملة الوافدة في الخليج ومنهم الكثير من الأردنيين.
يشار إلى أن مصدرا مطلعا كشف أن عدد العاملين الأردنيين في دبي يقارب 54 ألف أردني، يعملون في قطاعات العقار والإنشاءات والصحة والتربية والتعليم والإلكترونيات.
وكان المصدر الرسمي الذي طلب عدم نشر اسمه بين أن الأردنيين سيتأثرون بعمليات إعادة الهيكلة التي ستعكف شركات دبي على إجرائها بعد أزمة الإمارة المالية.
وأشار إلى أن التأثير سيكون باتجاهين، الأول فقدان وظائفهم، إلى جانب تراجع معدلات الرواتب التي تلجأ لها بعض الشركات لتخفيض النفقات.
بيد أن المصدر لم يحدد حجم التأثر الناجم وعدد العاملين الذين سيطاولهم الأثر السلبي، مبينا أن ذلك سيتضح خلال الفترة المقبلة.
إلى ذلك، يلفت حمارنة إلى أن تلك القوى كانت قد تأثرت اصلا قبل الإعلان عن أزمة ديون دبي وان أعدادا كبيرة منها عادت بعد أن تم تسريحها، وفي الوقت الراهن وبعد الإعلان عن ديون دبي أصبحت فرصة عودتهم أكبر.
ويقول معلقا "شئنا أم أبينا كثير من الأردنيين سيعودون جراء فقدهم لعملهم ومن الأجدى عدم الوقوف والاعتراض على عودتم بل من الأفضل إيجاد حل لاستيعابهم".
ويضيف ان عقود العمل الجديدة في دول الخليج والتي يسعى إليها الكثير من الشباب الأردنيين لن تكون بمستواها المعتاد أو حتى بنفس المستوى من الراتب الذي كان عليه في اوقات سابقة.
ويتفق الخبير الاقتصادي قاسم الحموري مع حمارنة مبينا أن آثار الأزمة أصبحت أكثر وضوحا من خلال تراجع المشاريع والاستثمارات في دول الخليج والتي أدت إلى الاستغناء عن العديد من الأيدي العاملة الأردنية.
وأما حول تأثير عودة هؤلاء المغتربين إلى المملكة، فيقول الحموري إن ذلك سينعكس سلبا على نسب البطالة في المملكة التي ستستزداد خلال العام المقبل، بالإضافة إلى الضغط الذي سيحصل على الخدمات.
وفي هذا الخصوص، يؤكد حمارنة أن معدل البطالة المحلي سيشهد ارتفاعا جراء عودة المغتربين خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار زيادة العجز في موازنة هذا العام، فزيادته تعني أن فرص الاستثمار في داخل الأردن ستقل خصوصا من الجانب الرسمي بالتزامن مع الدين الداخلي والخارجي وشح الموارد.
ويشير حمارنة إلى أن عودة المغتربين بالاضافة الى أعداد الخريجين السنوية ستزيد من نسب البطالة بين فئة الشباب وحملة الشهادات.
ويظهر تحليل الأرقام التي صدرت اخيرا عن دائرة الإحصاءات العامة حول معدلات البطالة في المملكة أن نسبة المتعطلين عن العمل لم تنخفض بمقدار نقطتين مئويتين كما بينت الدائرة، بل شهدت النسبة ارتفاعا مقداره 0.2%.
وبحسب بيان نشرته الدائرة اخيرا، قالت فيه إن "نسبة البطالة تراجعت إلى 12.2% في الربع الأخير من العام الحالي مقارنة مع 14% في الربع الثالث من العام الحالي".
لكن المقارنة الربعية للأرقام تبين أن نسبة البطالة قد "ارتفعت إلى 12.2% في الربع الأخير من العام الحالي مقارنة مع 12% خلال الفترة ذاتها من العام الماضي"، علما بأن هذه الطريقة في المقارنة هي الطريقة المعتمدة إحصائيا للوصول إلى النتائج الحقيقية.
وبناء على ذلك، فإن نسبة البطالة الحقيقية ارتفعت خلال الربع الأخير من العام الحالي بنسبة 0.2% وصولا إلى 12.2% مقارنة مع الربع الأخير من العام 2008، الذي بلغت فيه نسبة البطالة 12%.
ويختتم الحموري بدعوة الحكومة الى وضع دراسة وبرامج لاستيعاب العائدين من الخليج والاستفادة من خبراتهم وتحويل عودتهم الى عامل ايجابي يخدم البلد بدلا من سلبي. الغد