في الوقت الذي انتقد ماليون تخفيض الضريبة على البنوك وشركات كبرى في قانون ضريبة الدخل الجديد الذي أقره مجلس الوزراء الأحد الماضي، رأى آخرون أن البنوك لم تستفد من تخفيض ضريبة الدخل عليها إلى 30% بدلا من 35%، بعد أن ألغى القانون إعفاءات سابقة كانت تحصل عليها.
وكانت الانتقادات السابقة للخبراء الماليين تتركز على أساس التخفيضات في النسب الضريبية خصوصا على قطاع البنوك والشركات الكبرى.
وقال رئيس جمعية المحاسبين القانونيين السابق محمد البشير إن " الامتيازات التي شرعتها الحكومة لذوي الدخول العالية من الشركات في قانون ضريبة الدخل الجديد المؤقت ستقابله ضريبة مبيعات تأكل مداخيل المواطنين".
وتابع قائلا "الضريبة التي ستفرض على البنزين سترفع كلفة الإنتاج على أغلب الصناعات والنقل مما يؤثر سلبا على معيشة المواطنين".
ورفض ما ذهب إليه القانون من تخفيض على البنوك وكذلك على التجارة من 25% في القانون السابق إلى 14%، في التشريع الجديد، متسائلا "هل يجوز مساواة التجارة بالصناعة؟".
واعتبر البشير ما ورد في القانون "استماعا لوجهة نظر الأغنياء" مشيرا إلى أنه "غير منصف" ولا يحقق المبدأ الدستوري في تصاعدية.
وأشار إلى أن الموازنة العامة مع موازنة المؤسسات المستقلة تصل إلى 7.5 بليون دينار، وتشكل رواتب العاملين في الجهازين المدني والعسكري ورواتب المتقاعدين 4 بلايين دينار منها، وأن ضريبة المبيعات تقلل القدرة الشرائية لهؤلاء.
وأكد أن ضريبة المبيعات تستعيد الأموال التي تنفقها الدولة، لتظهر وكأنها عملية إعادة تدوير للأموال.
وقال البشير "الحكومة ما تزال تصر على النهج السابق للحكومات، ومنها كان رفض الفعاليات الاقتصادية في المجتمع المدني وكذلك مجلس النواب السابق".
واختلف الخبير المصرفي مفلح عقل مع ما ذهب إليه البشير قائلا إن "البنوك في الحقيقية لم تستفد من تخفيض نسب ضريبة الدخل الجديد عليها في القانون بعد أن ذهبت الإعفاءات التي كانت تتقاضاها".
وأوضح أن البنوك في القانون السابق لم تكن تدفع فعليا 35% من دخلها؛ لأنها كانت تحصل على إعفاءات منها ما يتعلق بالدخل المتأتي من السندات الحكومية التي كانت تمولها والمعفية بنسبة تصل إلى 25%، بالإضافة إلى التدريب لكن كل تلك الأمور فقدتها في القانون الجديد.
وتابع قائلا " كل ذلك لا يعني شيئا كثيرا للبنك لأن إلغاء الإعفاءات جاء ليقابل تخفيض نسب ضريبة الدخل الفعلية التي ستدفعها المصارف".
وشدد على أهمية عدم التفريق بين البنوك كشركات ونظيرتها من الشركات المساهمة العامة مؤكدا أن سلامة الجهاز المصرفي أهم من سلامة القطاعات الاقتصادية الأخرى.
وقال عقل "إذا كانت النظرة للبنوك تنبع من أرباحها التي تعد مرتفعة مقارنة بالشركات الأخرى، فينبغي التفكير أين تذهب تلك الأمول؟ والإجابة قطعا هي للمساهمين".
وكان نائب رئيس الوزراء وزير الدولة الدكتور رجائي المعشر، قال في مؤتمر صحافي نهاية الأسبوع الماضي، إن الحكومة أخذت ما توصلت إليه اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب، بالإضافة إلى قاعدة البيانات والمعلومات التي جمعتها الحكومة السابقة عند إعداد قانون ضريبة الدخل الذي تم إقراره.
وأشار المعشر حينها إلى أن إلغاء الإعفاءات عن البنوك نتيجة تمويلها السندات الحكومية سيجعل المنافسة بين القطاعين العام والخاص في الوضعية ذاتها بالنسبة للبنوك من حيث العائد.
من جهته، حمل الخبير الاقتصادي مازن مرجي على الحكومة بإقرارها قانون ضريبة الدخل الجديد بشدة، معتبرا أن الحكومة مررت الأمور التي كانت مرفوضة خلال السنوات الماضية.
واعتبر مرجي الحديث عن إصدار القانون بغرض تشجيع الاستثمار أمرا غير مقبول لأن كثيرا من الدراسات والآراء تؤكد أن الضرائب ليست من الأولويات وحدها لدى المستثمرين.
يذكر أن حكومة رئيس الوزراء السابق نادر الذهبي سبق وأن سحبت في 29 تشرين الأول (أكتوبر) مشروعي قانون الطاقة وضريبة الدخل خلال عرضهما على مجلس النواب.
فيما كانت الإرادة الملكية السامية التي صدرت يوم الاثنين 23 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أمرت بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، سبقتها إرادة ملكية قضت بحل مجلس النواب الخامس عشر.
ويعد مشروع قانون ضريبة الدخل الذي تقدمت به الحكومة السابقة إلى مجلس النواب الثالث خلال عامين، وكان يواجه مثل هذا التشريع في كل مرة آراء معارضة ومنتقدة له، كونه يمس حياة غالبية المواطنين، وهذه هي المرة الثانية التي تطلب فيها الحكومة من النواب سحب مشروع قانون الضريبة.
كما انتقد رئيس جمعية الصرافيين الأردنيين علاء ديرانية النسب الضريبية التي فرضها القانون على الصرافيين، مشيرا إلى أنهم كانوا يدفعون نسبا تتراوح بين 7-25%.
وقال إن القانون الذي يساوي بين الصيرافة وشركات التأمين والوساطة أمر غير منطقي لأن الأرباح المتحققة للصيارفة تقل كثيرا عن باقي القطاعات الأخرى التي تم مقارنتها.
وكان مجلس النواب السابق فرض ضريبة دخل على البنوك وشركات التعدين والاتصالات والتأجير التمويلي بنسبة 35%، مخالفا قرار لجنته المالية والاقتصادية، وما ورد في مشروع القانون المقدم من الحكومة، قبل انتهاء الدورة البرلمانية.
يذكر أن المجلس العالي لتفسير الدستور أصدر قرارا في العام 2001 أعطى بموجبه الحق لرئيس الوزراء سحب أي مشروع قانون معروض على مجلس النواب في أية مرحلة كانت سواء انعقد المجلس أو لم ينعقد. الغد