مضى على عمل بعض عاملات المنازل من الجنسية السريلانكية في الأردن نحو 25 عاما وما يزلن هاربات من منازل مخدوميهن ويخشين الاقتراب من مراكز الشرطة ويتفادينها لعدم وجود تصاريح عمل بحوزتهن، وجوازات سفرهن عفا عليها الزمن عند كفلاء أو مكاتب استقدام.
وتتنقل تلك العاملات من مكان إلى آخر بعيدا عن أعين الجميع وحتى حملات التفتيش التي لا تجد حيلة تمكنها من ضبط آلاف العاملات الهاربات من منازل مخدوميهن.
وتؤكد عدد من عاملات المنازل الهاربات اللواتي التقتهن "الغد" في مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان اللاتي لجأن إليه شاكيات مما تعرضن له من "اضطهاد وتحرش وضياع الحقوق وحجز وثائقهن فضلا عن طردهن والاستيلاء على أجورهن".
وتطالب العاملات الجهات الحكومية المختصة بإعفائهن من الغرامات المترتبة على كفلائهن وإعادة وثائقهن، فضلا عن تفعيل القانون لحمايتهن وإعادتهن لبلادهن "بعدما تعرضن لاعتداء وانتهاك لحقوقهن فضلا عن التحرشات الجنسية بحسبهن".
من جهته قال وزير العمل الدكتور إبراهيم العموش إنه بصدد تشكيل لجنة تحقيق في مزاعم العاملات والوقوف على واقعهن، مشيرا الى أن القانون يمنع الإساءة الى العاملات أو حجز وثائقهن.
ولفت الوزير الى أن وزارته معنية بالتوازن في العلاقة بين العاملات ومكاتب الاستقدام والاستخدام والكفلاء وبين الوزارة للمحافظة على حقوق جميع الأطراف.
وشدد الوزير على أن الوزارة لن تقف مكتوفة الأيدي ازاء ما يمكن ان يكشف عن أية حالات انتهاك لحقوق العاملات.
قصص غريبة وشكاوى سردتها العاملات السريلانكيات الى "الغد" بعد سنين من الغربة والتعب، وتقول رياما انها متواجدة في المملكة منذ عام 1987 (23) عاما وهي من منطقة في سريلانكا تشهد عمليات حربية بين القوات الحكومية وقوات "التاميل" وزوجها من جنوب السودان ولديهما ابنة في الثالثة عشرة من عمرها ولا تحمل إقامة في الاردن بسبب إبعاد والدها".
وأشارت الى ان ابنتها في حال رجوعها الى جنوب السودان لكونها تتبع جنسية أبيها يتوجب عليها دفع غرامات 13 عاما من الإقامة كما انها لا تستطيع الذهاب الى سريلانكا أو السودان ولا تعرف ماذا تفعل بخاصة وان كلتا المنطقتين مناطق حرب.
أما ارامانيا ساروما فقصتها غريبة جدا، حيث لا توجد لديها أية وثائق ولا جواز سفر أو أي اثبات، كما انها لا تعرف القراءة والكتابة وتتواجد في المملكة منذ 10 سنوات.
وتقول ارامانيا انها بعد أن عملت لدى أول كفيل "طلب منها ارتداء الحجاب رغم أنها هندوسية ولبت طلبه الا أنه وبعد مضي عامين على عملها طردها دون أجر".
وبينت أنها سلمت نفسها للشرطة 3 مرات الا انهم في كل مرة كانوا يخرجونها لأنه لا وثائق لديها أو أي تعميم عنها أو لا يمكنها أن تكتب اسمها كما انها عملت لعدة سنوات في أكثر من منزل.
وتشير الى انها خلال عملها لم تستطع جمع أكثر من 900 دولار وتحتاج الى وثائق للعودة الى بلادها واذا ما لجأت الى أي مكتب استقدام سيرسلها الى كفيل جديد وتعمل لديه لأكثر من عامين دون أجر.
وتعمل ارامانيا الان لحسابها الخاص في المنازل ومن دون أية وثائق أو تصريح.
ولا تقل معاناة ارامانيا عن سايريواتي التي تبلغ من العمر 65 عاما وتعمل في الاردن منذ 10 سنوات.
وتقول سايريواتي انها تعاني أمراضا عديدة وانها تريد السفر الى سيريلانكا لرؤية ولديها هناك اللذين لم ترهما منذ 10 سنوات، كما انه لا يوجد لديها جواز سفر وترتب عليها غرامات لعشر سنوات.
وتطالب سايريواتي السلطات الحكومية اعفاءها من الغرامات والسماح لها باستصدار وثيقة سفر من سفارة بلادها بعد ان انتهت الوثيقة السابقة.
وبينت أنها لم "تحقق عائدا ماليا من عملها طيلة السنوات العشر الا في 3 سنوات فيما لم تحصل من الكفلاء السابقين على أي أجر".
بدورها تسرد لاكشمي فرناندو معاناتها وهي التي عملت في الاردن منذ 22 عاما، حيث قالت "قدمت عام 1987 الى المملكة وعملت لدى أسرة أردنية مخلفة وراءها زوجا وطفلا عمره آنذاك 4 سنوات وبعد أن انتهى عملها لعامين طالبت الاسرة بأجرها، حيث أكدوا لها أنه تم تحويله الى بلادها.
وبعد أن سافرت للحصول على أموالها المزعومة فوجئت أنه لم يحول لها أي دولار وعادت الى المملكة لاسترداد أموالها دون جدوى وبعدها بفترة قليلة توفي زوجها هناك وتزوجت من عامل هندي مسيحي وهي تدين بالبوذية.
وبينت أنها ومن خلال مساعدتها لأسرة أخرى أردنية انفقت عليها مدة عام أسلمت هي وزوجها وابناؤها الخمسة وما يزالون يعيشون في المملكة وترتب عليهم غرامات كبيرة وتبلغ أعمار أولادها على التوالي 18و15و14و11و7 سنوات.
وتعاني لاكشمي من مأساة أخرى، حيث لا يتحدث ابناؤها سوى اللغة العربية فيما يتحدث والدهم باللغة الهندية وتتحدث هي اللغة السريلانكية. وقالت انها بعد فترة وجيزة ستطالب لابنائها بالجنسية الاردنية.
وأوضحت لاكشمي انها في اطار معاناتها مع مكاتب الاستقدام التي استغلتها لعدة أعوام دون جدوى اضطرت للهروب من منزل مخدومها والعمل لحسابها الخاص بدوام جزئي للانفاق على اولادها.
ولا تختلف قصة العاملة برمال كاليما عن قصص الأخريات من حيث استغلال مكاتب الاستقدام لهن ولكنها اكدت انها ولدى قدومها الى المملكة منذ عامين تعرضت للاستغلال، حيث عملت في المنزل الاول 4 شهور من دون أجر وبعدها هربت بسبب تعرضها للتحرش من ابن الكفيلة البالغ من العمر 14 عاما ولجأت الى مكتب الاستقدام الذي استولى على هاتفها ونقلها الى كفيل آخر بعد ان تعرضت للضرب المبرح في المكتب ثم أعادها الكفيل الجديد الى المكتب الذي عاد واستولى على أموالها ومقتنيات شخصية لها، فلم تجد وسيلة سوى الهروب والعمل لحسابها الخاص وتطالب باستعادة جواز سفرها لتتمكن من العودة الى بلادها.
أما الخادمة دي مالني فتقول "انها قدمت للمملكة منذ العام 2002، حيث عملت لدى أسرة أردنية ثم تبين أنها تعاني مشاكل في القلب وبدلا من أن تحملها ربة المنزل الى الطبيب أعادتها الى المكتب الذي اوسعها ضربا وأعادها الى المنزل نفسه دون أن تحصل على أجرها عن 3 أشهر ثم تعرضت كذلك للضرب في المنزل ما اضطرها للهرب وتعمل الان لحسابها الخاص بدوام جزئي".
وأشارت الى انها تود الحصول على جواز سفرها المحتجز وإعفاءها من الغرامات، إضافة الى تذاكر السفر لتتمكن من العودة الى بلادها.
أما العاملة كريستين فقد قدمت الى المملكة قبل عامين ولدى عملها في منزل مخدومها تعرضت للتحرش الجنسي، حيث هربت الى المكتب ونقلها الى كفيل آخر في محافظة الزرقاء وعملت لمدة 3 أشهر دون أجر.
وقالت انها لجأت الى سفارة بلادها الا ان السفارة لم تستقبلها حيث ملأت طلب اللجوء اليها مرتين ولا يوجد لها متسع مع وجود 73 عاملة أخرى لجأن الى السفارة.
وتشير إحصائيات نقابة اصحاب مكاتب الاستقدام والاستخدام أن عدد العاملات الهاربات من منازل مخدوميهن يصل الى 15 ألف عاملة.
وتشير إحصائيات وزارة العمل أن عاملات المنازل الحاصلات على تصاريح عمل سارية المفعول بلغن العام الماضي نحو 50 ألفا.
ويوجد في الأردن نحو 70 ألف عاملة منزل من بينهن 30 ألف عاملة منزل اندونيسية و25 فلبينية ونحو 15 ألف سريلانكية. الغد