"يطلب عملا.. يطلب عملا.. سائق يطلب عملا، ذو خبرة طويلة"، كلمات خطها خمسيني على لافتة كرتونية صغيرة كان يرفعها بيديه المنهكتين، أثناء وقوفه قرب تقاطع منطقة أم أذينة في عمان.
بهذه الطريقة المبتكرة أعلن الخمسيني رشيد شعبان "أبو محمد" عن حاجته لعمل، وهو الرجل الذي جلس خلف مقود حافلة وتاكسي وسرفيس لأكثر من 27 عاما ماضية، وها هو اليوم، بعد 6 أعوام من التقاعد يبحث عن عمل ليسد حاجات أطفاله السبعة.
اليأس من الطرق العادية بتتبع الإعلانات وسؤال المعارف والأصدقاء، كان دافع أبو محمد إلى اللجوء لطريقته المبتكرة التي تشبه طرق المحتجين في التظاهرات، فلعل وعسى أن يجد عملا يساعده على تغطية نفقات أسرته الكبيرة، وفق قوله.
ولم يجد أبو محمد حرجا وهو يقف قرب الإشارة الضوئية الواقعة على التقاطع في مشهد لم تشهده شوارع عمان الغربية وربما شوارع المملكة من قبل، فسد جوع الأبناء أهم، والبحث عن عمل بهذا الأسلوب "ليس عيبا، ولا سرقة أو قتلا بل هو أسلوب جديد للبحث عن وظيفة"، بحسبه.
وأثناء وقوفه، كان أبو محمد يرتدي بدلة، ويرسم ابتسامة على شفتيه، لأنه وفق ما قال إلى "الغد" يريد أن يكون مظهره "مرتبا" للفت انتباه المارة، فـ"اللباس يلعب دورا في الكشف عن هوية صاحبه".
تلك البدلة ربما تكون الوحيدة التي يقتنيها أبو محمد، وتعود كما أوضح إلى عمل سابق له في قيادة حافلة تابعة لشركة طيران الملكية الأردنية لنحو 21 عاما، تقاعد بعدها، ليعمل سائقا على تاكسي، ومن ثم على سرفيس، ليتمكن من توفير مستلزمات عائلته التي لا يحققها الراتب التقاعدي.
"الله لا يكسر حدا"، قال أبو محمد بصوت متهدج، عند سؤاله عن سبب ابتداع تلك الفكرة في الإعلان عن حاجته للوظيفة، مبينا أن "الظروف" جعلته يقوم بذلك بعد مراحل متلاحقة، بحث أثناءها عن عمل عبر إعلانات الصحف، من دون نتيجة.
وعندما اكتشف أن وقوفه قرب الإشار نجح في لفت انتباه عديدين بعد 6 أعوام من محاولات البحث عن وظيفة بالطرق التقليدية، ضحك أبو محمد وقال "همي تأمين قوت عيالي بغض النظر عن وسيلة البحث عن وظيفة، فالمهم أن تكون وظيفة حلال أجني منها لقمة حلال".الغد