بوفاة عامل سوري وافد في الرمثا أمس جراء "سوء استخدام المدفأة"، يرتفع إلى 12 عدد الوفيات الناجمة عن عدم اتباع تعليمات السلامة العامة في استعمال المدافئ، وخصوصا التي تعمل على الغاز، منذ آخر يوم في العام الماضي.
وعشية رأس السنة الحالية، استفاق الأردنيون على نبأ وفاة خمسة أفراد من عائلة واحدة جراء "انفجار غاز" في غرفة المعيشة، كان ناجما عن تسرب للغاز أثناء قيام رب الأسرة بتركيب أسطوانة لمدفأة حاول إيقاد شعلتها فانفجر الغاز، حسب تصريحات مدير دفاع مدني الزرقاء العقيد محمد الملاعبة في حينها.
ورغم أنها هزت الرأي العام، وقوبلت بردود فعل واسعة من مواطنين أعربوا عن تعاطفهم الكبير مع ذوي المتوفين، لم تحل مأساة تلك الأسرة دون تكرار حوادث مشابهة ولا تقل فداحة من حيث الخسائر البشرية الناجمة عنها.
وبالإضافة إلى ستة أفراد من عائلة واحدة أيضا، قضوا نحبهم اختناقا في منطقة المكيفتة (60 كيلومترا شرقي المفرق) جراء نفاد الأوكسجين بسبب ترك مدفأة الغاز مشتعلة في الغرفة التي كانوا ينامون فيها جميعا الأسبوع الماضي، أصيب 16 شخصا آخرون في حادثتي مدافئ خلال اليومين الماضيين في محافظتي إربد والرمثا.
ومع توالي تأثر المملكة بمنخفضات جوية، يتزايد حرص المواطنين على استعمال وسائل التدفئة، وخصوصا مدافئ الغاز والكاز والحطب، المنتشرة على نطاق واسع بين الأردنيين، ما ترتفع معه درجة الخطورة في حال عدم اتباع تعليمات السلامة العامة المتعلقة في استعمال "الصوبات" عموما.
ومع بدء تأثر المملكة مساء أمس بكتلة جوية باردة مصاحبة لمنخفض جوي يتمركز فوق جزيرة قبرص، جددت المديرية العامة للدفاع المدني دعوتها للمواطنين بضرورة الحرص أثناء استعمال المدافئ، سواء خلال إيقاد شعلتها وعند إطفائها أو أثناء التحلق حولها طلبا للدفء.
وبينما شهدت مختلف مناطق المملكة، وخصوصا الشمالية والوسطى، مساء أمس تساقطا غزيرا للأمطار وانخفاضا كبيرا على درجات الحرارة توقعت معه دائرة الأرصاد الجوية تساقط زخات ثلجية فوق المرتفعات العالية، مع استمرار تأثير المنخفض حتى مساء غد الثلاثاء، رفعت الجهات الرسمية والأمنية المعنية من درجة جاهزيتها في مواجهة الظروف الجوية الحالية وما قد ينجم عنها من حوادث.
وتدعو مديرية الدفاع المدني إلى إطفاء المدفأة قبل النوم، والحرص على تهوية الغرفة باستمرار لترك المجال لتجديد الأوكسجين الذي يعد انعدامه، واستمرار انبعاث أول وثاني أكسيد الكربون سببا مباشرا في تسمم الدم والاختناق. كما تنصح بضرورة إخراج المدفأة فور الانتهاء من استعمالها إلى مكان آمن وجيد التهوية.
وكان الاستخدام الخاطئ لمختلف وسائل التدفئة داخل المنزل سببا في 394 حادث حريق نتج عنها 9 حالات وفاة و332 إصابة خلال العام 2009 حسب إحصائيات الدفاع المدني.
إلى ذلك، يقول اختصاصي أمراض وجراحة قلب الأطفال الدكتور خالد السلايمة إن "الدماغ أهم أجزاء جسم الإنسان يليه القلب والكلى والكبد، فأولوية دخول الأوكسجين تكون لهذه الأعضاء ومن ثم باقي أعضاء الجسم (...) وفي حال نقص الأوكسجين فإن أول المتأثرين بذلك الدماغ والقلب ما يجعل الشخص يفقد الوعي ويدخل في غيبوبة".
وبخصوص الاختناق، يشير السلايمة إلى "أن القلب يتغذى بالدم من خلال الشريان التاجي وفي حالة الاختناق يكون الدم مكونا من هيموغلوبين وأول أكسيد الكربون وهو غاز كثير السمية ما يجعل عضلة القلب تتأثر نتيجة نقص الأوكسجين ما يؤثر في الدماغ والقلب والكبد والكلى".
ويتابع السلايمة "في هذه الأثناء من الممكن أن يصاب القلب باحتشاء "جلطة" بسبب قلة الأوكسجين وزيادة أول وثاني أكسيد الكربون في الدم فيصاب المريض بفقدان الوعي ومن ثم الوفاة في حال لم تتم عملية الإنقاذ".
بدورها توضح اختصاصية الطب الشرعي الدكتورة إسراء طوالبة آلية حدوث الاختناق بقولها "عندما يبدأ الهيموغلوبين بارتباطه مع أول أكسيد الكربون، يدخل إلى الدماغ والقلب والكبد والكلى، ويجعل الجسد أثناءها يدخل في غيبوبة ومن ثم غيبوبة عميقة وإن لم يسعف، فإن عملية الوفاة تحدث فورا".