- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
لماذا يسود عدم اليقين في الأردن؟
كل المعالجات التي تحاول تفسير حالة الانجماد في الأردن، لا تتوقف مطولا عند تفسير مهم يتعلق بالمشاعر السائدة المرتبطة بعدم اليقين حول المستقبل، وهذا هو أخطر التفسيرات.
إضافة إلى التأثر المعنوي، والتأثيرات النفسية والوجدانية، وحالة الغضب وغير ذلك من شراكة مع الفلسطينيين بشأن حرب غزة، فإن عدم اليقين حول المستقبل، هو عنصر أساس في مشهد الانجماد الداخلي، خصوصا، مع دخول الحرب شهرها الرابع، وتوسع الحرب نحو عدة دول.
مرّ الأردن بأزمات متعددة، بعضها كان داخليا، والبعض الآخر ارتبط بالإقليم، لكن هذه الحرب مختلفة، خصوصا، مع التغذية السياسية اليومية في الصياغات الأردنية والعربية والدولية، التي تتحدث عن بضعة عناوين من بينها سيناريوهات التهجير، وامتداد الحرب إلى الضفة الغربية، واعتبار أي تصعيد بمثابة حرب على الأردن، وتوسع الحرب في المنطقة، وتأثر السلع والنفط والملاحة، وكل هذا يعني مجموعة من المخاوف حول المستقبل، وبدون وقف الحرب في قطاع غزة، لا يمكن لحالة الانجماد أن تنتهي، على الرغم من أهمية فك الانجماد لمصلحة الأردن، وما يصب لمصلحة الفلسطينيين في المحصلة، حيث لا تعارض بين الأمرين في المحصلة.
كل التقارير تؤشر على تراجعات على مستويات الحياة، والإنفاق الاقتصادي، ومحاولة انتشال المجتمع الأردني وإعادته إلى خطه الأساس، لا تنجح كليا، إذ إن هناك ضررا معنويا هائلا أشرت إليه سابقا، ومع هذا عدم اليقين حول المستقبل، وهذا المستقبل لا يمكن حتى الآن شد الأنظار إليه لمجرد الحض على ذلك، أو التذكير بحياة الناس هنا وأولوياتهم، أو من خلال بث التطمينات حول قدرة الأردن على عبور هذه الفترة، لأن الوعي العام لا يتأسس فقط من خلال التوجيه المباشر أو غير المباشر على المستوى الداخلي، بل يتأثر بمجمل تقييمات الأفراد الشخصية، وتجاربهم السابقة، وبعضها من التجارب الموروثة، والمحكية، والمسموعة.
هذا يعني أن استرداد حيوية الداخل الأردني بحاجة إلى ما هو أكبر من خطاب التطمين الداخلي الذي ربما لم يرتق إلى مستويات الموثوقية تماما، وإلى عدم اعتبار الكلام عن محطات لاحقة مثل الانتخابات النيابية نهايات هذا العام باعتبار ذلك تأشيرا على المستقبل السياسي المستقر، وديمومة الخطط، هذا على الرغم من أهمية الكلام هنا عن استحقاق دستوري، وقدرة الدولة على تنفيذه وإدارته في موعده، كما أن تدفق أخبار النشاطات اليومية للفعاليات الرسمية والقطاع الخاص، وعلى الرغم من أهميتها أيضا لتأكيد ديمومة الحياة، إلا أنها تصطدم من جهة ثانية بالصور المتراكمة للحرب، وعدم وقفها، وعدم اليقين إزاء الفترة المقبلة خصوصا مع كلفة جغرافيا الأردن في هذه الحالة حصرا، وهي كلفة مفتوحة أصلا على عدة اتجاهات.
هذا لا يعني الاستسلام للواقع الحالي، بل لا بد من استرداد حيوية الأردن بأسرع وقت ممكن، ومعالجة هذه المخاوف بشكل مبتكر وأقوى، وتخفيف حدة المشاعر السلبية وعدم اليقين، وحين يتحدث الإعلام الإسرائيلي والعربي والغربي عن اليوم التالي لوقف الحرب، فإن دلالة اليوم التالي لوقف الحرب لا تنحصر بصراحة في غزة، بل إن اليوم التالي عنوان يتنزل على كل دول المنطقة بما فيها الأردن، وخطط صياغات الخرائط في المنطقة، هذا إذا توقفت الحرب سريعا.
عدم اليقين بين أبناء الأردن ليس مرده عدم الثقة بالدولة أو بـأنفسهم بل لأن خط التصعيد لا يتراجع، ولأن الألم حين يتحالف مع القلق الشديد، تكون النتيجة التي نراها أمامنا مفهومة، وهذا يعني أن أول خطوات تبدد الحذر بشأن الفترة المقبلة، تبدأ من خطوة وقف الحرب فعليا.
لقد قيل مرارا إن حرب غزة ليست على شواطئ البحر الأبيض المتوسط فقط، بل إنها على حدود الأردن مباشرة؛ بما يعنيه ذلك من كلف ومخاوف وتوقعات ونتائج حالية ومستقبلية.
الغد