الشريط الاخباري
- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
قرارات غير شعبية وعمليات جراحية صعبة وفريق اقتصادي يتجنب المواطنين
الاثارة السياسية والاعلامية التي خلقها نحو 200 عامل اردني امام مقر رئاسة الحكومة تصلح كمقطع عرضي يمثل مشهدا تهرب منه الحكومات المتعاقبة بالعادة ويثير الكثير من التساؤلات حول الكلفة المتوقعة شعبيا اذا ما تقرر اجراء عمليات جراحية صعبة لانقاذ الجهاز الاداري او اتخاذ قرارات غير شعبية لانقاذ موازنة الدولة .
نحو 200 عامل مياومة غاضب فقط صنعوا اثارة اجبرت الحكومة على التفكير. فقد تجمعوا امام مقر رئاسة الحكومة وسط العاصمة وهتفوا بسقوط حكومة سمير الرفاعي مطالبينه بالخروج اليهم ثم حاول احدهم الانتحار قبالة نافذة الرفاعي بالقاء نفسه من الجسر الموازي قبل ان يشتبكوا مع قوات الدرك الوطني التي اظطرت لتأسيس حاجز دائم لان الاعتصام سيستمر حسبما اعلن العمال وهم يصرون على العودة لوظائفهم الصغيرة جدا .
هؤلاء الذين احتار وزير الزراعة سعيد المصري في ادارة ملفهم وفشل معهم بوضوح اوقفوا الحكومة اجباريا على محطة الاستماع لصدى صوتهم في الشارع وملأوا الاجواء ضجيجا وسط تعاطف واضح معهم من الصحافة والاعلام وتحديدا الالكتروني .
والمسألة تتعلق بعمال مياومة استغنت عنهم وزارة الزراعة بسبب عدم وجود مخصصات واستفزهم وزيرها باسلوب تعامله معهم فاتجهوا للتطرف وبرهنوا على ان كل شيء ممكن لانهم لا يملكون عمليا الا الدنانير المحدودة التي يحصلون عليها لاطعام اطفالهم ودون عمل في الكثير من الاحيان .
السؤال الذي غرقت فيه الحكومة فورا وهي تراقب الضجيج الذي صنعه عشرات العمال في المستوى الوطني كان التالي: اذا كان عمال مياومة يفعلون ذلك فماذا سيحصل اذا استغنى الوزير السابق صالح القلاب مثلا عن مئات من موظفي ادارة التلفزيون وفقا لخطة موضوعة لترشيق الجهاز؟ .. وماذا سيحصل اذا اضطرت الحكومة لقرارات صعبة لتعويض عجز الموازنة المالية بعدما اكتشف وزير المالية الحالي محمد ابو حمور ان سلفه في عهد حكومة الذهبي باسم السالم صاغ موازنة متفائلة وغير منطقية ترحل الازمة المالية ولا تعالجها مورطا فريق وزارة الرفاعي بعجز لا يقل عن مليار دولار ومرشح للزيادة؟
مثل هذه التساؤلات غرق فيها الجميع لكن مشهد العنف العمالي امام مقر الرئاسة امس يتردد صداه داخل اروقة الحكم والحكومة فالفشل الوزاري باحتواء ازمة عمال يزيد عددهم بقليل عن 200 يؤشر على مستوى الضيق الاقتصادي الشعبي عند الفقراء ويؤشر- وهذا الاهم - على الكلفة الامنية المتوقعة لذوي الدخول المحدودة الذين يصطدمون بالحائط .
داخل الحكومة يتم منذ نحو اسبوعين تسريب معلومات عن قرارات غير شعبية متوقعة برمجتها واقعيا واجرائيا حكومة الذهبي قبل رحيلها من بينها رفع ثمن اسطوانة الغاز المنزلي ورفع الدعم عن سلع ومواد اساسية ورفع الضرائب على الاتصالات وبعض الخدمات ورفع اسعار الكهرباء والماء.. هذه القرارات هي الاصعب على الناس وقد تنتهي بازمات امنية واجتماعية لكن حكومة الرفاعي لا تعلق على التسريبات ولا تناقشها ولا تقول للرأي العام بصورة محددة ما الذي ستفعله؟
داخل الوسط الحكومي تساهم عنجهية بعض الوزراء وشعورهم بانهم فوق الناس بتعميق الدعوات لسقوط حكومة الرفاعي التي خلفت حكومة الذهبي بعد اقل من شهرين من تشكيلها وسياسي مهم من طراز ممدوح العبادي يلاحظ بأن منسوب الشعارات المضادة للحكومة يرتفع حتى قبل ان تعلن رسميا انها بصدد اي قرارات وقبل ان تتخذها .
وفي الداخل ايضا ينتج الرجل الثاني وقائد الفريق الاقتصادي رجائي المعشر مستويات من الحيرة اكثر من مستويات الحسم ويفضل تجاهل دعوات زميله الناطق الرسمي نبيل الشريف بالتحدث للناس كما يفضل وزير المالية ابو حمور تجنب الاطلالة مباشرة على الناس لان ذلك ليس من واجباته وهو صحيح وعليه اصبح تسويق الخيارات السيئة جدا او التعليق عليها مهمة مفصلة على مقاس وزير الاتصال وفريق الرئاسة الاعلامي الذي يشعر بدوره بالتردد .
واللافت ان الجو الاعلامي والسياسي والحزبي مليء بالتحذيرات للحكومة من المساس بجيوب الفقراء الخاوية اصلا ورفع اسعار الخدمات والسلع الاساسية فالجميع يشارك في حفلة التحذير ويطالب الحكومة بحلول ابداعية اقتصاديا وماليا لكن الغرابة تتجلى في ان احدا في الحكومة لم يخرج بعد ليعبر عن الموقف الرسمي من التسريبات التي تخص الموازنة وكل ما يحصل ان اصدقاء اعضاء الفريق الاقتصادي يسربون بعض التفاصيل للجمهور ثم يغمزون من قناة وزارة الذهبي الراحلة التي ورطت الجميع بدراسات غير واقعية اسست عليها الموازنة المالية .
هذا الوضع اصبح محرجا للغاية - قالها الوزير المعشر في جلسة خاصة قبل ان يلاحظ مجالسوه بان بقية اعضاء الفريق الاقتصادي من عباقرة الاستثمار والاعمال غائبون بدورهم عن الواجهة والكلام هنا عن وزراء من طراز عامر الحديدي " التجارة والصناعة" وعماد فاخوري "ادارة المشاريع" وجعفر حسان "التخطيط ".
وسط هؤلاء يبدو الرفاعي وحده مستعدا للالتزام بتحمل الكلفة الشخصية وبجرأة وفقا لما تعهد به امام الملك باتخاذ ما يلزم لانقاذ الموازنة بعيدا عن متطلبات الشعبية، والنتيجة كانت سريعة ومبكرة جدا عمال يائسون يهتفون لاسقاط حكومته قرب نافذته الرئاسية .
بوضوح يلاحظ اعضاء في مجلس الوزراء ان زملاء لهم وفي الفريق الاقتصادي يتفادون "محرقة" الفتوى بالمسائل الاقتصادية والمالية ويتجنبون الخروج للتحدث للناس عن الهم الاساسي الذي يشغلهم قبل التنمية السياسية والاصلاح والانتخابات.. على الاقل يمكن القول ان ذلك انطباع بعض زملائهم وهم يراقبون المحاولات المضنية للترقيع والتكييف الذي ينتجها في الظل الوزير ابو حمور .
باختصار الجمهور في الاردن قلق للغاية من قرارات اقتصادية صعبة للغاية والغريب ان الحكومة ليست اقل قلقا لكن غياب الروايات الرسمية المتماسكة والاكتفاء بلعن السلف ابان عهد الذهبي مظاهر تساهم في تعبئة الفراغات من قبل الشارع.. لذلك ولذلك فقط التقط عمال المياومة ما هو جوهري في المسألة وقرروا صنع البروفة الاولى لما يمكن ان يحصل قبالة مقر الرئاسة على امل ان تعيد الحكومة حساباتها، فهل تفعل؟.** بسام بدارين مراسل صحيفة القدس العربي اللندنية
الأكثر قراءة
من هالوطن الحبيب10-02-2010