الشريط الاخباري
- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
امتناع «الصحة» عن إلزام المقبلين على الزواج بفحص الإيدز يثير قلق جهات مختصة
ترفض وزارة الصحة إلزام الراغبين في الزواج بإجراء فحوصات الإيدز للمقبلين على الزواج، خوفا من الوقوع في مشكلات اجتماعية.
تصريحات رسمية صادرة عن مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز الدكتور بسام حجاوي قبل أيام، دفعت بعدد من الجهات ذات الاختصاص إلى دعوة الوزارة لإقرار تشريع يلزم الطرفين المقبلين على الزواج بإجراء فحوصات سرية في مختبرات "الصحة" المعتمدة، تؤكد خلوهم من الأمراض الجنسية المعدية، في ظل تسجيل حالات رسمية لأطفال أردنيين مصابين بالإيدز.
ويقول حجاوي: "إن فحص الإيدز قبل الزواج يحدث مشكلات اجتماعية نحن في غنى عنها"، ويوضح أن المرض المذكور داء سلوكي يمتاز بوصمته الاجتماعية، مشيرا إلى أنه ليس من السهل تطبيق إجراء الفحص في مجتمعنا. ويقترح الحجاوي العمل على توعية الخطيبين وبسرية تامة، من خلال العودة إلى برنامج مكافحة الإيدز المعمول به في وزارة الصحة.
"السبيل" حاولت أكثر من مرة الاتصال بالحجاوي لمعرفة تفاصيل أكثر عن وجهة نظر الوزارة، لكن محاولاتها باءت بالفشل.
وتقول إحدى المصابات بمرض الإيدز، والتي التقتها "السبيل" في إحدى المراكز العلاجية وطلبت عدم الإفصاح عن هويتها، إن زوجها تسبب بنقل الفيروس لها عن طريق الاتصال الجنسي، وتضيف: "ها أنا الآن أعاني الأمرين، وأسابق الزمن للبحث عن علاج، وأسأل الله أن يزيح عني البلاء، وينقذني من هذا الداء الخطير".
وبلغة الأرقام، فإن إحصاءات الوزارة تبين ارتفاع عدد المصابين بالمرض إلى 214 حالة مقارنة مع 211 حالة مسجلة حتى أواخر العام الماضي، إضافة إلى ارتفاع مجموع الإصابات لـ723 مقارنة مع 712 إصابة منها 509 بين أجانب، منذ تسجيل أول إصابة العام 1986م.
أستاذ الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حسين خزاعي يتحدث عن مشكلة حقيقية في حال لم يطبق قرار الفحص، ويقول خزاعي وهو باحث في مرض الإيدز لـ"السبيل": "العدد التراكمي للأطفال الأردنيين المصابين بالإيدز حتى نهاية العام 2009 يدلل على مشكلة كبيرة يجب التنبه لها، فالبيانات الرسمية للوزارة تؤكد إصابة 8 أطفال أعمارهم أقل من خمسة سنوات، في حين ذكرت الأرقام تسجيل 18 إصابة لأطفال أعمارهم بين 5-14 سنة، و8 إصابات لحالات تتراوح أعمارها بين 15-19 سنة".
ويؤكد خزاعي أن الفحص المشار إليه ضروري جدا، ويجب أن تأخذه الجهات المعنية بعين الاعتبار، وأنه لا يوجد ضرورة للتأخر في عدم إقراره.
ويقول: "يجب أن تكون العلاقة القائمة بين أفراد المجتمع الواحد قائمة على التكاتف والرحمة وعدم الغش والتضليل"، ويضيف: "في حال اكتشاف إصابة أحد الزوجين بالمرض فيما بعد، فإن ذلك يعد خداعا ومن شأنه أن يتسبب بمشاكل اجتماعية خطيرة".
ويحاجج خزاعي في أن عدم وجود قرار يقضي بإلزام فحص الطرفين قبل عقد القران، يعد جريمة قد تلحق الضرر بالآخرين.
ويجادل الباحث في أمراض الإيدز بالقول: "كثير من الدول سارعت إلى تطبيق قرار الفحص لتجنيب أفرادها الإصابة بالفيروس الذي يصعب علاجه، المجتمع الأردني يمتاز بمستوى عالي من التعليم والثقافة، وهو لن يقف سدا منيعا أمام مثل هذه التشريعات".
ويؤكد الخزاعي أن إحدى الدول المجاورة منعت 22 حالة زواج بعد أن تأكدت إصابتهم بالإيدز، داعيا وزارة الصحة إلى إجراء فحوصات أخرى للمقبلين على الزواج، لمعرفة ما إذا كان أحد الطرفين يتعاطى المخدرات أم لا.
ويوضح خزاعي أن 60 في المئة من الإصابات المحلية المسجلة في الأردن ناتجة عن ممارسات جنسية محرمة، قائلا: "إن معظم دول العالم التي تطبق القرار تسجل تراجعا في عدد الإصابات، فيما يزداد المعدل في الدول التي لا يوجد لديها تشريعات تنص على إلزامية الفحص قبل الزواج".
ويلفت الاجتماعي المعروف إلى أن الوطن العربي سجل في العام الماضي 75 ألف حالة إيدز، فيما سجلت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأروبية مجتمعة 67 ألف حالة فقط، وهو ما يشير إلى وجود مشكلة حقيقية.
خزاعي يؤكد أن كل رقم يعلن في الأردن عن إصابته بالإيدز يقابله عشر حالات غير معلنة، وهو ذات الرقم العالمي كما يقول، لافتا إلى أن الخطر يكمن في ممارسات يقوم بها شباب ومراهقون.
وكانت جمعية العفاف الخيرية طالبت بجعل إجراء فحص مرض الإيدز للمقبلين على الزواج إلزاميا، مستندة في مطالبتها إلى أرقام وإحصائيات تطلقها وزارة الصحة بين الفينة والأخرى.
وأكد مدير الجمعية مفيد سرحان لـ"السبيل" نية "العفاف" إلى تنظيم ورشات متخصصة قريبا، بمشاركة حقوقيين واجتماعيين وخبراء صحيين لبحث الأمر من جميع النواحي، وللخروج بتصور مشترك حول آلية تطبيق القانون، يلزم المقبلين على الزواج بإجراء الفحص المخبري.
وأشار سرحان إلى أن الجمعية ستطلب من الجهات المختصة تطبيق القرار، مجادلا أن "كثيرا من وظائف الدولة يتطلب العمل فيها إجراء فحوص الإيدز الإلزامية".
ولفت إلى أن إجراء فحص الإيدز للمقبلين على الزواج، سيساهم في المستقبل بتقليل عدد حالات الإصابة، فضلا عن أنه سيكون عامل ردع غير مباشر، لمن يمارسون سلوكيات غير صحيحة.
وأكد ضرورة أن تكون هذه الفحوصات سرية، كالآلية المتبعة في فحص مرض التلاسيميا، مطالبا بـ"تفعيل طرق الوقاية من المرض، وإشاعة تطبيق هذه الخطوة نظرا لأهميتها".
ويقول سرحان: "معلوم أن الوقاية خير من العلاج، وإجراء الفحص قبل عقد القران جزء من الوقاية، وسيكون له أثر إيجابي على أفراد المجتمع الواحد".
ويرى سرحان أن وجود مصاب واحد في الأسرة يؤدي إلى عدم استقرار الحياة الأسرية، بالإضافة إلى استنزاف مواردها الاقتصادية، وهو ما يتعارض مع الحكمة والغاية من الزواج.
ويؤكد مدير الجمعية أن القرار الذي تسعى جهات كثيرة إلى تطبيقه، لا يعني حرمان المصاب من حقه في العلاج والرعاية الصحية والاجتماعية، شريطة أن لا يؤدي ذلك إلى انتهاك حقوق الآخرين، موضحا أنه "ليس من المعقول إعطاء المصاب حصانة مطلقة، تحت ذريعة ما يسمى بالوصمة الاجتماعية، التي تحاربها وزارة الصحة".
أما مدير مركز جذور لحقوق الإنسان الدكتور فوزي السمهوري، فيرى وجوب أن يكون للجهات الحقوقية رأي في الموضوع، ويوضح السمهوري أن القانون الإنساني ينص في كثير من تشريعاته على وجوب إنتاج جيل يتمتع بالصحة الكاملة، ويقول في تصريح لـ"السبيل": "لا بد أن تكون هنالك إجراءات وقائية من شأنها حماية الأجيال القادمة من الأمراض الخطرة والمنقولة جنسيا".
ويلفت السمهوري أيضا إلى وجوب أن يطبق قرار الفحص، وفي نهاية الأمر يترك الخيار للطرفين في تحديد موقفهما من وجهة نظره.
ويدعو الناشط الحقوقي وزارة الصحة إلى إشراك المهتمين ومؤسسات المجتمع المدني في استحداث قانون يحمي الأجيال من الإصابة بالأمراض، ويحافظ على حياة الفرد من الخطر.
وتشير أستاذة الشريعة في كلية المجتمع الإسلامي الدكتورة ساجدة أبو فارس، إلى عدم وجود مستند شرعي للفحص قبل الزواج. وتؤكد أبو فارس أن القرار بحاجة إلى هيئة من العلماء الشرعيين لتقييم حجم المصلحة والمفسدة، بالإضافة إلى مجلس شوري يتكفل بإصدار القرار بناء على دراسة أرقام الإصابة الرسمية، والاطلاع على قواعد البيانات ذات الاختصاص. وتزيد: "من وجهة نظري أرى أن المفسدة المترتبة على الفحص أكبر من المصلحة، لأن ذلك سيزيد من التعقيدات المفروضة على عقد الزواج، ومن شأنه أن يكشف الأستار، ويشيع فكرة أن كل أردني مصاب بالإيدز حتى يثبت العكس".
يشار إلى أن دول عربية عدة تلزم المقبلين على الزواج بإجراء فحوصات مخبرية لتأكيد خلو الطرفين من مرض الإيدز.
وكانت السعودية منعت 22 حالة زواج العام الماضي بعد تأكيد الفحوصات الطبية إصابتهم بالمرض.
عالميا، أصدرت منظمة الصحة العالمية توصيات في نهاية العام الماضي للحد من انتشار فيروس الإيدز، اشتملت على نصائح بشأن علاج الرضّع، ووقايتهم وتغذيتهم، استناداً إلى أحدث البيّانات العلمية في هذا المجال.
وأوصت المنظمة بالبدء باستخدام المعالجة بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية لدى البالغين والمراهقين في مراحل مبكّرة، وتمديد فترة استخدام تلك الأدوية للحدّ من انتقال الفيروس من الأمّ إلى طفلها. وكانت هذه المرّة الأولى التي توصي فيها المنظمة بضرورة قيام الأمهات اللائي يحملن فيروس الأيدز بتناول تلك الأدوية، أو إعطائها لأطفالهن.
وتشير التقديرات إلى أنّ هناك نحو 33.4 مليون من المتعايشين مع الأيدز والعدوى بفيروسه، وأنّ كل عام يشهد وقوع 2.7 مليون إصابة جديدة بذلك الفيروس. وتوصي المنظمة أيضاً بضرورة العمل تدريجياً، على وقف استخدام مادة الستافودين، أو "D4T" بسبب آثارها الجانبية الطويلة الأجل، والملاحظ أنّ ذلك الدواء لا يزال يُستخدم على نطاق واسع في إطار معالجة الخط الأوّل في البلدان النامية نظراً لسعره المنخفض وتوافره على نطاق واسع.
كما تدعو المنظمة إلى مواصلة الرضاعة الطبيعية حتى بلوغ الرضيع 12 شهراً من العمر، شريطة استفادة الأمّ الحاملة لفيروس الأيدز أو طفلها الرضيع من المعالجة بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية أثناء تلك الفترة، ويسهم ذلك في الحدّ من مخاطر انتقال الفيروس إلى الرضيع، وتزيد حظوظه في البقاء على قيد الحياة.
الأكثر قراءة