• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

«لوبي» يجهض قانون المساءلة الطبية..و30% من كوادر الوزارة تطالهم المسؤولية

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2010-02-22
1755
«لوبي» يجهض قانون المساءلة الطبية..و30% من كوادر الوزارة تطالهم المسؤولية

يعمل "لوبي صحي" يضم عددا من العاملين في المؤسسات الطبية المختلفة، على وأد قانون المساءلة الطبية طيلة سبع سنوات متواصلة، بحسب مسؤول كبير في وزارة الصحة.

 ويقول المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إنه في حال وضعت وزارة الصحة قانونا حقيقيا وصارما لمواجهة الأخطاء الطبية، فإن ذلك سيشكل وبالا على الكثير من الكوادر الصحية، وسيتسبب بزج الكثير منهم في السجون. فيما يقول مسؤول آخر أن "30 بالمائة من كوادر الوزارة ستطالها المسؤولية عن أخطاء ومضاعفات يتسببون بها للمرضى".
 
ويؤكد وزير الصحة السابق الدكتور عبد الرحيم ملحس لـ"السبيل"، أن هنالك "لوبيات" تسعى لإجهاض قانون المساءلة الطبية، لافتا إلى أن أي قانون يعد لإشهاره يحاول معارضوه القضاء عليه، في الوقت الذي يسعى مؤيدوه إلى إقراره ضمن التشريعات القانونية.
 
ويرى ملحس وجوب أن تكون هنالك هيئة عليا من جميع القطاعات الطبية والحقوقية، وأن تضم أيضا متضررين سابقين من الأخطاء الطبية، ومفوضين عن شركات التأمين، للنظر في شكاوى المواطنين، والتفريق بين الخطأ الطبي والمضاعفات.
 
وعلى الهيئة المذكورة بحسب ملحس أن تحدد حجم العطل والضرر الواقع على المريض، ومحاولة حل الإشكالية بين الطرفين، وفي حال لم تنجح الهيئة في تحقيق مطالب المتضرر، يتم تحويل الملف إلى القضاء.
 
ويطالب ملحس في هذه الحالة، ألا تعتمد المحكمة في قراراتها على طبيب واحد، بل على مجموعة من أطباء الاختصاص أصحاب الخبرة الطويلة في العمل الطبي.
 
الناطق الإعلامي باسم نقابة الأطباء الدكتور باسم الكسواني، ينفي وجود "لوبي صحي" هدفه خنق القانون كما يقول. ويضيف في تصريح لـ"السبيل": "لا يوجد من يعيق إشهار القانون، وفي المقابل يجب أن يصدر قانون ناظم وواضح، وأن يشرح ماهية الأخطاء الطبية، وأن تكون هنالك لجانا متخصصة للتفريق بين الخطأ الطبي والمضاعفات".
 
ويزيد: "من قال إننا في الأردن لا نطبق قانون مساءلة طبية، فنقابتي الأطباء والصيادلة على سبيل المثال لديهما قوانين تواجه الأخطاء الطبية والمضاعفات أيضا، النقابة ترى أن تسمية قانون المساءلة الطبية الذي تعمل الصحة حاليا على انضاجه خاطئ من حيث التسمية، فتشريعات المساءلة الطبية كما قلت كثيرة وهي تطبق على أرض الواقع".
 
ويرى وزير الصحة نايف الفايز، أن الأردن معني بإصدار قانون واضح لمساءلة الأشخاص مقدمي الخدمة العلاجية للمواطنين.
 
ويقول في كلمة ألقاها نيابة عنه الدكتور مؤمن الحديدي مدير الطب الشرعي في إحدى الورشات الحوارية قبل أيام: "لدينا قانون يسمى الصحة العامة، وهناك بنود كثيرة غير مفعلة فيه، وهناك قانون لنقابات الأطباء والصيادلة والأسنان، فضلا عن القانون المدني الذي يتحدث عن التعويضات، وقوانين مجلسي الطبي العالي والأردني، ومع ذلك فإننا نحاول جاهدين إشهار قانون المساءلة الطبية".
 
ويستند الجانب القضائي في قضية الأخطاء الطبية دوما على قانوني "المدني" و"العقوبات". وتنص المادة 256 من القانون المدني، على أن "كل إضرار بالغير يُلزم فاعله ولو غير مميز ضمان الضرر"، كذلك المادة 265 "إذا تعدد المسؤولون عن الضرر كان كل منهم مسؤولاً بنسبة نصيبه فيه، وللمحكمة أن تقضي بالتساوي أو بالتضامن والتكافل فيما بينهم".
 
أما المادة 266 من ذات القانون، "يقدر الضمان في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب، بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار".
 
ويقر الفايز بأن هذه القوانين مجتمعة تشكل عبئا على مسؤولي الصحية إذ يصعب تطبيقها على أرض الواقع. ويعترف الوزير بوجود مشكلة حقيقية في توقيف الأطباء، في ظل تساؤلات عن الجهة التي ستكون الفيصل في تعريف الخطأ الطبي.
 
ويوضح الفايز أن "الصحة تريد قانونا ناظما يمر بمراحل نقاشية مطولة ولو بعد حين، ليكون مقنعا لجميع الأطراف".
 
وفي غمار هذه "المعمعة"، بادرت "الصحة" قبل أيام إلى إرسال نسخ رسمية من مشروع قانون المساءلة الطبية إلى عدد من خبراء الطب في المملكة، بالإضافة إلى جهات صحية عدة، بهدف اطلاعهم على بنود القانون، ودراستها، والاستماع لوجهات النظر المختلفة.
 
أحد خبراء الطب الكبار وهو وزير صحة سابق أطلع "السبيل" على بعض بنود المشروع الذي وصل إليه، متوقعا أن يعرض على مجلس النواب القادم. ووصف الخبير الكثير من بنوده بالفضفاضة التي من شأنها تضييع حق المتضررين من الأخطاء.
 
ويؤكد المسؤول أن تعريف الوزارة للخطأ الطبي في مشروع القانون لم يتجاوز السطر الواحد، وجاء على النحو الآتي "أي نشاط سواء بالفعل أو الترك، لا يتفق مع القواعد المهنية وينتج عنه ضرر معين". أما المضاعفات الطبية فعرفها القانون بـ"تفاقم الحالة بالرغم من الاحتياطات المتخذة من قبل مقدم الخدمة العلاجية". وتحدث القانون أيضا عن قواعد طبية يتم فرضها على المهنة بقرار من الوزارة.
 
ويرى الخبير الصحي أن هذه المصطلحات وغيرها الكثير، فضفاضة ومتروكة لاجتهادات العاملين في وزارة الصحة. قائلا "إن القانون بصورته الحالية غير مريح، ويجب أن يناقش مع جميع الجهات ذات العلاقة، لا أن يكون حكرا على الوزارة".
 
المادة الخامسة في القانون المكون من سبع صفحات، تحدثت عن ماهية المضاعفة، وفيما إذا اتخذ مقدم الخدمة الاحتياطات اللازمة لتقديم علاج آمن، لكنها بحسب الخبير الصحي لم تتطرق للأشخاص الذين سيحددون الخطأ من المضاعفة، كما افتقرت المادة لتعريف حقيقي للاحتياطات التي ذكرت في البند.
 
وجاء في المادة التاسعة من القانون المقترح "إذا قدمت شكوى بحق أي من مقدمي الخدمة الطبية للمحاكم، فإن على المدعي العام أن يحيل الشكوى إلى اللجنة العليا المقررة من الوزارة وبعض الجهات الطبية، لإبداء الرأي في الخطأ المزعوم". وهو بحسب الخبير يفتح مجالا للشك في مصداقية القرار المتخذ فيما بعد.
 
الفقرة "أ" من المادة 16 تنص على إنشاء سجل وطني للأخطاء الطبية من قبل الوزارة لرصد أسماء المتضررين فيه، وذكر تفاصيل الحادثة، على أن تحمل جميع المعلومات الوادرة في السجل صفة السرية.
 
وكانت نقابة الأطباء قد عارضت القانون حين طرح لأول مرة عام 2002، موضحة أن المشروع تم فرضه على الجسم الطبي ولم يؤخذ رأيها فيه.
 
ويرى وزير الصحة السابق زيد حمزة، ازدياد عدد أخطاء الأطباء في الآونة الأخيرة لدرجة ملفتة. وهو يقول في تصريحات صحافية سابقة أن مرد ذلك ناتج عن توسع ميادين العمل الاختصاصي، حيث ظهرت أخطاء أكثر، كما أن وعي المواطنين تغير، وانتقل من التسامح مع الأطباء على مبدأ "هذه إرادة الله" إلى المطالبة بالحقوق.
 
وكان وزير الصحة قد سحب في وقت سابق مشروع القانون من ديوان التشريع، بحجة إجراء مزيد من الدراسة والمناقشة على جميع مواده، للوصول الى مشروع قانون يخدم الجميع ويحقق الهدف المنشود.
 
وبحسب الوزير، فإن السياحة الطبية العلاجية ترتبط ارتباطا وثيقا بقانون المساءلة الطبية، للحفاظ على السمعة الطبية للمملكة، وإعطاء المرضى الوافدين مزيدا من الأمان عند زيارتهم المستشفيات.
 
يشار الى أن وزير الصحة السابق الدكتور صلاح مواجدة كان قد شكل لجنة وطنية لإعداد مسودة مشروع قانون المسؤولية الطبية، ضمت في عضويتها مدير عام الخدمات الطبية الملكية، ونقيب الأطباء، ورئيس جمعية المستشفيات الخاصة، ومدير عام هيئة التأمين، ونقيب الصيادلة.
 
وتؤكد جمعية المستشفيات الخاصة ان الاخطاء الطبية موجودة في الاردن، ولا احد يستطيع انكارها وإن كانت اقل من الدول الاخرى، مشيرة إلى ان القطاع الطبي يهتم بتقليل الاخطاء والحد منها قدر الإمكان. وتلفت الجمعية إلى أن هنالك 60 قضية اخطاء طبية في المملكة منظورة أمام القضاء حاليا.
 
أما نقيب الممرضين خالد ابو عزيزة، فيقول "السبيل"، "إن قانون المساءلة الطبية يحتاج الى وقت طويل لتحقيقه نتيجة التجاذبات والمصالح المتقاطعة بين العديد من الأطراف"، مؤكدا أن النقابة لديها دليل أخلاقي سيعمم على العالم العربي، يحمي ويحدد العلاقة بين كافة المشاركين في العملية الصحية.
 
ويضيف: "هناك أطراف مختلفة تقف ضد بعضها البعض، سمعت من وزير الصحة يقول إن هذا القانون سيرى النور في نهاية 2010، لكنني أعتقد أن الوزارة لا تستطيع تطبيقه لأسباب كثيرة".
 
ويتابع: "الأكثر إثارة في الموضوع هو تعارض المصالح بين العديد من الأطراف، او تغول مصلحة على أخرى، فالجميع يريد قانونا يتماشى معه".
 
يذكر أن الأخطاء الطبية في المملكة تقتل 80 شخصا سنويا، وفق مصادر طبية. وبحسب تصريحات سابقة لمصدر طبي في وزارة الصحة، فإنه لو طبقت النسبة العالمية للأخطاء الطبية لا سيما الفرنسية منها، لارتفع الهامش إلى 240 وفاة سنويا. السبيل
  
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.