الشريط الاخباري
- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
الطلاق ونظرة المجتمع: صدمتان تحيلان حياة فتيات إلى جحيم
لم تكن سناء تعلم أن صدمتها بعد طلاقها من زواج على الورق ستتحول إلى صدمتين، تقول "عندما تقدم ذلك الشاب لخطبتي اشترط أهلي أن يتم كتب الكتاب (عقد القران) وبعد فترة من الخطبة اتضحت لنا أمور لم نكن نعلمها ممّا اضطرنا لفسخ الخطبة، وتحويلي إلى مطلقة".
صدمة سناء لم تتوقف هنا كما تفيد؛ فبالكاد خرجت من الصدمة الأولى التي سبّبت لها آلاما نفسية عميقة، حتى تبعتها صدمة أكبر عندما تقدم شاب آخر لخطبتها، وبعد معرفته بوضعها رفض الارتباط بها، بحجة أنه "لا يقبل الزواج من فتاة صاحبة تجربة".
تتساءل سناء بألم "أي تجربة تلك التي خضعت لها؟! وهل كان ذنبي ليقع اللوم عليّ، وليس على الشاب الذي أخفى حقيقته عنّي وعن أهلي؟!".
سوء الاختيار وتدخل الأهل كثيرا هما سببا طلاق سناء كما ترى، ووفقا لدراسة اجتماعية أجرتها جمعية العفاف الخيرية، فإن عامليّ "سوء الاختيار" و"تدخل الأهل" تصدرا قائمة أسباب الطلاق في عمان خلال الفترة الواقعة بين العامين 2005 و2007، وإن عدد المطلقات قبل الدخول في العام 2007، وصل إلى 6000 حالة في محافظة العاصمة فقط!
اختصاصي علم الاجتماع د. حسين الخزاعي يعزو سبب ارتفاع نسبة الطلاق في الآونة الأخيرة إلى التسرع في عقد القران، وعدم إعطاء موضوع الزواج أهمية كبرى.
الخزاعي يرى أن الطلاق يعكس دلالة على وجود مشاكل لم تحل، وهو ما يرجعه الخزاعي إلى التسرع، وعدم وضع الحلول المناسبة لتجاوز الطلاق.
وفي الوقت نفسه يرى الخزاعي بأن النظرة إلى المطلقة قد تغيرت؛ ففي الماضي كانت الفتاة هي التي تتحمل مسؤولية الطلاق كاملة وأنها هي السبب فيه، حتى لو لم يكن ذلك صحيحاً، والسبب في ذلك هو ثقافة المجتمع، مبيناً ضرورة تسلح المرأة بثقافة التحمل.
حال سناء لا يختلف كثيرا عن حال لبنى التي خاضت تجربة مدتها أسبوعان وخرجت منها "مطلقة"، تقول "لا أكاد أصدق أنني نفس الفتاة البريئة التي كنت أعيش حياة طبيعية بين أهلي وأصدقائي، وأن أسبوعين من حياتي كفيلان بأن يجعلاني فتاة مطلقة يهابها الجميع، ويضعون علامات استفهام كثيرة حولها!".
وتشير لبنى بأنها كانت ترفض تماما أن يتم كتب الكتاب؛ لأنها لا تعرف الشاب جيدا، ولا تدرك حقيقته إلا أن أهلها اشترطوا ذلك، مبينة أن تجربتها لم تعد تشعرها بأنها فتاة طبيعية كبقية الفتيات، وأن ما حدث معها جعلها تفكر في الأمور مطولا قبل أن تأخذ أي قرار، بالإضافة إلى أن ما حدث قيّد حريتها، وجعل اختياراتها محدودة في نواحي الحياة كافة؛ بسبب نظرة المجتمع للفتاة المطلقة.
وعلى عكس آخرين، لا يرى خليل (29 عاما) مانعا من الارتباط بفتاة طُلِقت في فترة الخطبة؛ "فكل شيء بهذه الدنيا نصيب، ولا يمكن محاسبة الفتاة على ذنب لا دخل لها به".
ويشير إلى أنه قد ارتبط بفتاة كان قد سبق لها الزواج وطلقت في فترة الخطبة "تجربتها السابقة التي جعلتها مطلقة على الورق لا تعني أنها فتاة سيئة لا سمح الله؛ فأنا أعيش حياة سعيدة جدا معها وكلانا متفاهمان، وهي على درجة عالية من الأخلاق".
وإجمالا أصبح المجتمع أكثر وعيا للمشاكل الزوجية، بحسب الخزاعي، ودليله على ذلك هو زواج نسبة كبيرة من المطلقات مرة ثانية، لافتا إلى أنه لو لم تتغير النظرة لما تمّت تلك الزيجات.
ومن جهة أخرى يرى الخزاعي بأن النظرة إلى الزواج قد تغيرت من قبل الشباب والفتيات؛ حيث أصبح الزواج أمرا ثانويا بالنسبة لهم وليس بالحاجة الأساسية، وهذا يعني تغير النظرة التي كانت سائدة في السابق، مبينا أن جيل اليوم ليس على قدر المسؤولية في الزواج والاختيار.
ورغم هذه التطورات يقول سامر (26 عاما) إنه لا يحبذ الزواج من فتاة سبق لها الزواج من رجل آخر، حتى لو كان ذلك زواجا على الورق ومجرد خطوبة، فهي مطلقة بكلتا الحالتين.
ويضيف سامر "من يضمن لي بأنه لم يحدث شيء بينها وبين خطيبها السابق، وأنا لا ينقصني شيء حتى أرتبط بفتاة مطلقة سبق لها الارتباط".
ذكورية المجتمع هي السبب وراء هذه النظرة، وفق اختصاصي علم النفس د.جمال الخطيب، الذي يرى أن المرأة دائما تعد متزوجة حتى لو لم يتم زواج فعلي، مبينا أن نظرة الشباب نابعة من النظرة المجتمعية بشكل عام وهي نظرة تتسم بالسلبية؛ وذلك لكونه مجتمعا يرجح دوما موقف الذكر على موقف الأنثى، ويضع الذكر دائماً في موقف الأفضلية والاختيار، لذلك نجد هذه الأفكار التي تعكس نظرة سلبية عن العلاقات والزواج.
ويرى الخطيب أن هناك مسافة تفصل بين الزواج الفعلي بمعنى الدخول التام، والزواج الرسمي وهو كتب الكتاب فقط.
ويعقب بأن هناك أثرا سلبيا شديدا على مَن تمر بمثل هذه التجربة؛ كونها تجربة سلبية بالمطلق، وقد تسهم بنوع من الإحباط والشعور بالغضب تجاه المجتمع والظروف.
وفي ذلك يرى الباحث والمستشار في حقوق المرأة المحامي عاكف المعايطة، أن هناك كثيرا من الحالات التي تخضع للطلاق قبل الدخول، والأصل في القانون هو أنه إذا طلق الزوج زوجته قبل الدخول فإنها تستحق نصف مهرها المعجل والمؤجل، كما تستحق تبعاً لذلك تعويضا عن طلاق تعسفي، إلا أن تفعيل تلك القوانين "قليل جداً".
ويضيف المعايطة أنهم في معظم القضايا يقومون باللجوء إلى المفاوضات من خلال الضغط على الزوج بقضية النفقة على سبيل التخويف، وغالبا ما يُكتفى بإعادة المهر للزوج (الخطيب) كنتيجة لرغبة الزوجة (الخطيبة) الخلاص منه بأي طريقة، وهو ما يحدث في 90% من الحالات، بحسب المعايطة، في حين تحصل 10% من النساء فقط على حقوقهن. ويعبّر المعايطة عن أمله بأن يحمل مشروع القانون الجديد آفاقا أكثر عدالة بالنسبة لقضية الطلاق قبل الدخول. الغد
الأكثر قراءة