• المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
  • يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

أطفال على مقاعد الدراسة: في قبضة الدخان المسموم..!

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2010-04-12
1617
أطفال على مقاعد الدراسة: في قبضة الدخان المسموم..!

* الاهالي: قلقون على مستقبل ابنائنا الطلاب!

* مدير ادارة مكافحة المخدرات: هذه القضايا ناجمة عن التفكك الاسري!
* د. الخزاعي: تحول دور المعلم من التربية الى التلقين فقط.!
* امين وزارة التربية: نحول الطلبة المتعاطين الى ادارة مكافحة المخدرات
* 6300 متسرب من جميع المراحل الدراسية و5100 حدث جانح العام الماضي..!
* 1% من اولياء الامور يطمئنون على ابنائهم في المدارس
 
قبل ما يقارب التسعة أعوام كان أحد طلاب الصف الثالث الأساسي في احدى المدارس الحكومية الأساسية في عمان الشرقية, يخطو خطواته الأولى نحو طريق الإدمان الشائك, فلم يكن على دراية حينئذ بأن سيجارة الدخان الأولى التي لم يستطع إكمالها في إحدى باحات المدرسة, أنها ستقذف به إلى مهالك المخدرات, إذ سرعان ما شق طريقه نحو الخمر وتعاطي المخدرات رغم صغر سنة, ووجود بعض الطلاب الذين يكبرونه في السن والتجربة, ممن كانوا قد انضموا لفريق المتعاطين من اصحاب السوابق في وسط البلد, عبدوا الطريق امامه وامام البعض من زملائه.
الحي (احد احياء شرق عمان) لم يساورهم الشك أن المدرسة التي يذهب إليها أبناؤهم, وفي حالة غريبة وشاذة عن مجتمعنا الأردني وعن مدارسنا; لينهلوا من منابع العلم, ويتعلموا منها كيف يكون العلم نوراً وطريقاً للنجاح, أصبحت تمدهم بنماذج من المتعاطين للمخدرات, ومحترفي فنون السكر ووالجي عالم الدعارة.
قاطنو المنطقة وأصحاب المحال التجارية شرحوا ل¯ "العرب اليوم" كيف انتقلت العدوى لأطفال لم يعوا بعد مخاطر الإدمان على المخدرات والكحول, وفي الرواية, أن هناك الكثير من أرباب السوابق الذين يتجمعون بشكل لافت في المنطقة خاصة وقت المساء, فيبدأون بممارسة طقوسهم الخاصة من حشيش ومشروب وحبوب وعقاقير, اضافة إلى ممارسة الجنس مع ما يتوفر من بعض الجنسيات, وغالباً ما تكون جهارا نهاراً من دون استحياء, لكن لا أحد يستطيع تعكير صفوهم خوفاً من بطشهم.
الطريق المر
"العرب اليوم" أتيح لها أن تلتقي صاحب تجربة في أحد المحال التجارية في احد احياء عمان الشرقية, وقد أصبح شاباً ذا جسم نحيل وعينين حمراوين, فجلسنا وأخذ يتحدث مطلقاً العنان لقدمه اليسرى المضطربة ما أمكن, تساعده في التعبير وسرد الحكاية, كلما أخذ قسطاً كافياً من الذكرى المغلفة بالكثير من الألم.
وفي تفاصيل روايته لمسلسل إدمانه أنه وإبان كان طالبا في الصف الثالث الابتدائي ابتدأ مشواره الطويل مع المخدرات والحبوب بتعلم الدخان, ثم وجد نفسه يشرب بقايا كأس كانت قد تزاحمت عليه أيادٍ كثيرة. حيث قال: "أول شيء تعلمته الدخان, بعدين ما وفت معي بلشت اشرب واحشش", حتى ولج بعدها إلى تعاطي المخدرات.
ويتابع بعد قرابة الثلاثة أعوام على إدماني, "دخلت فتاة من جنسية غير عربية على حارتنا, فذهبت معها إلى الجبل المهدود...", وكان ذلك بداية لطريق آخر أشد مرارة, فتحدث بنبرة ملؤها الألم والحسرة على ما مضى من عمره, فلم يكن يعرف مخاطر ما أقدم عليه, وهو حتى هذه اللحظة لا يستطيع مواصلة يومه من دون المرور بفقرة مؤلمة, فإما أن تكون سيجارة حشيش أو كأساً يداوي به جرح تعرى منذ الطفولة.
الشاب الضحية في العقد الثاني من عمره إلا إنه ولغاية الآن يعيش عاطلاً عن العمل بسبب إدمانه وفي هذا يقول: بعد أن دخلت الكار من أوسع أبوابه, لم أستطع مواصلة الدراسة فاضطررت إلى تركها, متمنيا أن يستطيع معالجة نفسه ليتمكن من إيجاد وظيفة.
فقدان الذاكرة
أما القصة الأخرى وتتشابه في أغلب جزئياتها مع السابقة إلا أن صاحبها كان قد أدمن على الحشيش إلى أن وصلت به الأمور إلى فقدان الذاكرة المتزامن وحالة نفسية سيئة, ما دفع أهله لادخاله مستشفى الرشيد للطب النفسي, وبقي هناك قرابة 10 أيام حتى شفي ثم أخرج من المستشفى, إلا أنه سرعان ما عاد سيرته الأولى.
وفي هذا يوضح عمه أبو خالد بقوله:" لم نفقد الأمل بالشفاء فواصلنا مراحل علاجه في مستشفى الفحيص, خاصة أنه كان خاطباً وعلى أبواب الزواج, وبقي هناك قرابة الشهر إلى أن أصبح وضعه النفسي مطمئنا, فقمنا بإخراجه من المستشفى, وتم إبعاده عن كل المدمنين حتى تزوج".
ويضيف: "يعيش ابن أخي الآن مع زوجته وابنته حياة مطمئنة هادئة, بعد أن تمت معالجته من الإدمان الذي جلب معه المرض النفسي".
وفي هذا السياق يقول أحد الباعة في السوق فضل عدم الكشف عن هويته حتى لا يتعرض لمكروه, أنه سمع ذات مساء صياحا وضحكا وهتافا وألفاظا تعطي تصوراً واضحاً عن مدى حالة الثمالة التي كان وصل لها بعض الشباب والفتية, في دخلة معروفة في الحي, وفور وصوله ومحاولته ردعهم, فما كان منهم إلا أن أشهر كل منهم آلة حادة "موس" وحاولوا التهجم عليه, لكن تدخل أهل المنطقة وبعض التجار حال دون ذلك.
أبو خالد أحد وجهاء الحي أكد وجود بعض الطلبة ممن اعتادوا على الخروج مبكراً من المدرسة والتقاء بعض اصحاب السوابق في نفس الدخلة, إذ لا أحد في المدرسة يسأل عن سبب الغياب ووقت الحضور, فأبواب المدرسة مشرعة لكل من أراد الدخول أو الخروج متى شاء.
مشيراً إلى أن ابنه اضطر للغياب أكثر من أسبوعين عن المدرسة لمرض ألم به, وعند انتهاء الإجازة الطبية لم يُسأل الطالب عن سبب الغياب ولم تخاطبني المدرسة في ما مضى من أيام لمعرفة سبب الغياب.
 وأضاف أن من أسباب تعلم الأطفال وفي سن مبكر لمثل هذه العادات السيئة, وجود الكثير من المروجين للمخدرات خاصة يوم الجمعة في السوق, اضافة إلى إمكانية الحصول على بعض أنواع الحبوب المخدرة من الصيدليات من دون حسيب أو رقيب.
وعن الوضع الاقتصادي والعلمي لأهالي الحي, كشف أبو خالد أن البعض منهم يعمل برواتب بسيطة إما في المؤسسات الحكومية أو في سوق السكر, وأن ما لا يقل عن 300 عائلة يتقاضون رواتب من وزارة التنمية الاجتماعية وصندوق الزكاة, اضافة إلى وجود البعض منهم من يعتاش على ما تجود به أنفس المحسنين; ما حال دون متابعة الأهل لأبنائهم.
مضبطة للخلاص
أحد طلاب المدرسة ذكر أن البعض من الطلاب يؤمون الجبل المحاذي للمدرسة منذ الساعات الأولى للدوام, فيبدأون مبكراً بسمفونيتهم المقلقة من حشيش وسكر وغيره, والبعض الآخر يأتي للمدرسة, فيلتقي مع ما تيسر من رفاقه, ولا أحد يعرف متى يخرجون.
أبو اسعد وهو أحد التجار الموقعين على "مضبطة" كانوا شرحوا فيها ظروفهم ومعاناتهم جراء وقوع الدخلة جانبهم; ما اضطرهم إلى إغلاق الجزء النافذ على سوق الحمام, لمنع كل من تسول له نفسه الدخول إليها, إلا أن الطريق بقيت نافذة من جهة واجهة المحال التجارية, وتم رفع المضبطة إلى أمانة عمان الكبرى, طالبوا فيها بضرورة إيجاد حل جذري لمعالجة الدخلة التي باتت تشكل الهم الأكبر للتجار والمواطنين على حدٍ سواء, خاصة أنها كانت وما زالت تشكل مكرهة صحية ومكاناً لمدمني المخدرات.
وأشار إلى أن الدخلة بدأت مبكراً باصطياد بعض الطلاب وإيقاعهم في فخ التعاطي محذراً من "تشكل ظاهرة سلبية تهدد جميع الطلاب وذويهم في المنطقة إذ ما بقي الوضع على حاله من دون تدخل الجهات المعنية وإصلاحه, خاصة أن هناك الكثير من أصحاب السوابق يجوبون الحي بصحبة بعض الطلاب "السيئين" ويطلقون عليهم صفة "زلمتي" في إشارة واضحة منهم إلى أفعال غير أخلاقية من شأنها إلحاق الضرر بالأطفال; لنقل الخبرة إليهم وتعريفهم على مهارات الإدمان وكيفية جلب النساء.
التفكك الاسري
ويتفق كل من مدير إدارة مكافحة المخدرات العقيد مهند العطار, وأستاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية, د. حسين الخزاعي, على أن وجود مثل هذه القضايا في المجتمع الأردني, ناجم عن التفكك الأسري الذي يعاني منه المجتمع الأردني, اضافة إلى ازدياد حالات الطلاق والخلع في ظل ضعف أدوات الضبط الاجتماعي غير الرسمي والتي كان لها أكبر الأثر في ضبط سلوكيات الأبناء.
ويضيف الخزاعي أن الفقر من أهم أسباب هذه الممارسات, وهو ما يعتبر عاملاً من عوامل التسرب المدرسي والذي هو من أهم عوامل الانحراف.
الإحصائيات في هذا الموضوع مقلقة وغير مريحة, حيث أن عدد المتسربين من المدارس العام الماضي بلغ 6300 متسرب في جميع المراحل الدراسية, في حين أن عدد الأحداث المنحرفين بلغ 5100 حدث جانح ومنحرف يمارسون مختلف الجرائم, وتتراوح أعمار هؤلاء بين 7-18 عاما, وهؤلاء سيكونون مشاريع مجرمين في المستقبل إذا لم يتم تأهيلهم وإصلاحهم بشكل جيد.
كما أن نسبة أولياء الأمور الذين يذهبون للمدارس للاطمئنان على أوضاع أبنائهم الدراسية هي اقل من 1% في أحسن حالاتها. كما ذكر الخزاعي في دراسة أعدها في عدد من المدارس.
وعن دور المعلمين في وزارة التربية يقول الخزاعي: انسحب دور المعلم من التربية وانحصر في التلقين فقط; إما خشية من العقوبات المدرسية, أو من ملاحقة الأهالي قانونياً للمعلم.
مشيراً إلى أن دور الأقارب ووجهاء العشائر والمدرسة والجامعة ودور العبادة قد انسحب من الضبط الاجتماعي; ما أدى إلى عدم متابعة الأبناء وتربيتهم التربية الصحيحة, فاسحين المجال أمام التكنولوجيا لتربية الأبناء وتنشئتهم كيفما يشاءون, محذراً من إعطاء الأبناء الحرية الكاملة غير المسؤولة خشية إلحاق الضرر بهم.
الاردن يواجه تحديا
يشكل الموقع الجغرافي للأردن تحدياً كبيرا لتهريب المخدرات, نظراً لقرب الأردن من مناطق الإنتاج ومناطق الاستهلاك للمواد المخدرة, فضلاً عن الوضع السياسي المعقد والمحيط المضطرب الذي يغلف المنطقة برمتها.
أكد العقيد العطار مدير إدارة مكافحة المخدرات ازدياد عدد الأشخاص الذين يتاجرون بالمخدرات, منذ بداية التسعينيات; نتيجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي مرت بها المنطقة إلا أن هذه الزيادة بحمد الله ما زالت تحت السيطرة, بحسب قوله.
وأشار أن الأردن جاد في مكافحة المخدرات فقد عمل على صياغة إستراتيجية وطنية شاملة لمكافحة المخدرات جرى اعتمادها من قبل الحكومة الأردنية من أجل تنسيق الجهود الوطنية لمكافحة المخدرات, وقد بدأت الحكومة الأردنية في تنفيذ هذه الإستراتيجية التي تعمل على ثلاثة محاور: المكافحة, التوعية, العلاج, وتحتوي هذه الإستراتيجية على خطط تنفيذية وبرامج, ويجري تقييم تنفيذها عن طريق المجلس الوطني لمكافحة المخدرات.
تفرد إدارة المكافحة مساحة واسعة للتوعية من أخطار المخدرات, فتعمل على التنسيق مع وزارة التربية والتعليم, ومع الجامعات, ورجال الدين, والمراكز المعنية بالشباب, ووزارة الصحة, ومؤسسات المجتمع المدني.
وألمح العطار إلى أن الإدارة عمدت إلى انتهاج أساليب جديدة للتوعية, مثل: استثمار الدراما في التوعية وتأسيس فرقة مسرح خاص بالمخدرات, وكذلك تغذية برامج إذاعية وتلفزيونية خاصة بالمخدرات وتنظيم حملات توعية في المقاهي والمولات, هذه البرامج ساهمت في الحد من تعاطي أكثر أنواع المخدرات خطورة وهو الهيروين.
وقال: تشير إحصائيات إدارة مكافحة المخدرات في الأمن العام أنه تم ضبط 3641 حالة عام 2009 مقابل 841 عام .2000
منها 661 قضية اتجار, و2980 قضية حيازة وتعاطي للمواد المخدرة, تورط فيها 6397 شخصا منهم 947 ضبطوا بقضايا اتجار بالمواد المخدرة و5450 بقضايا حيازة وتعاطي مواد مخدرة.
وبحسب الإحصائيات فإن الحبوب المخدرة التي تم ضبطها ,29078724 حبة, و2076 كغم من الحشيش, ومن الهيروين المخدر 247 كغم, ومن الكوكائين 33 كغم, وتمت معالجة 355 شخصا في مركز علاج الإدمان التابع لإدارة مكافحة المخدرات.
وبحسب إحصائيات الربع الأول من العام الجاري, فإن عدد القضايا المضبوطة لغاية 31-3-,2010 891 قضية, منها 53 قضية اتجار, و838 قضية حيازة وتعاط للمواد المخدرة, وعدد الأشخاص المضبوطين بقضايا المخدرات 1793 شخصا. منهم 575 شخصا بقضايا اتجار بالمواد المخدرة, و1218شخصا بقضايا حيازة وتعاط للمواد المخدرة.
وتم ضبط 6303939 حبة مخدرة, ومن الحشيش المخدر 791 كيلو غراما, ومن الهروين 196.382 كيلو غرام, ومن الكوكائين 1.675 كيلو ومن الماريجوانا 42.266 كيلو غرام, ومن مادة الافيون 5.921 كيلو غرام, ومن مادة الميثا امفيتامين 2 كيلوغرام.
ومن الجدير ذكره أن البند رقم 652 في التقرير الذي أعدته الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات لعام ,2009 أشار إلى أن الأردن "ما يزال بحكم موقعه بين البلدان المنتجة للمخدرات في الشمال والشرق, والبلدان المستهلكة لها في الجنوب والغرب, منطقة عبور رئيسية للمخدرات غير المشروعة".
وبند ,639 "تتخذ حكومة الأردن مبادرات بما فيها الحلقات الدراسية والمحاضرات في المدارس والجامعات لزيادة وعي الناس بأخطار تعاطي المخدرات, وتشارك المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية ومراكز الإصلاح والتأهيل ونوادي الشباب; بهدف إكساب المزيد من النجاح بجهود خفض الطلب على المخدرات".
من جهته أكد أمين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون التعليمية د. فواز جرادات دعم الوزارة لبرامج توعوية وتثقيفية بمبلغ 10.000 دينار سنوياً, يعمل على نشرها مرشدون تربيون مزودون بأساليب التثقيف والتوعية, من شأنها تعريف وتوعية الطلبة بمخاطر الإدمان على المخدرات.
مضيفاً أن الوزارة شاركت إدارة مكافحة المخدرات إعداد استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات لعام ,2009 لإعداد وتنفيذ البرامج الوقائية والعلاجية للحد من أخطار المخدرات والمؤثرات العقلية.
وأشار إلى أنه يتم تحويل الطلبة المشتبه بهم في تعاطي المخدرات إلى إدارة مكافحة المخدرات لإجراء الفحوصات اللازمة, وفي حال ثبوت الحالة يتم تقديم العلاج اللازم للطالب.العرب اليوم
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.