• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

ابعاد كلمة جلالة الملكة رانيا العبدالله في قمة الويب بقلم :الدكتورة ردينة العطي

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2022-11-05
968
ابعاد كلمة جلالة الملكة رانيا العبدالله في قمة الويب  بقلم :الدكتورة ردينة العطي

 للمرة الأولى يشارك الأردن في قمة  "الويب " في لشبونة بالبرتغال وهو مؤتمر تقني يقام سنويا وهو اكبر حدث تقني في العالم والذي يعمل على بروتكولات للأنترنت والتكنولوجيا الناشئة وراس المال المخاطر

وبما ان هذا المؤتمر  يستضيف ابرز الشخصيات على الصعيد السياسي للمشاركة فيه عالميا ومشاهير مثل الأمين العام للأمم المتحدة وآل غور نائب الرئيس الأمريكي وأيلون مسك وستيفن هوكنج ضمن هذا الاطار وبرئاسة وفد من الأردن من قبل جلالة الملكة رانيا العبدالله تمت مشاركتها بشكل فعال وقد لقيت كلمة جلالتها ترحيبا وقبولا استثنائيا وذلك لأن جلالتها القت بكلمة تضمنت الغوص العميق فيما أعتبره أنسنة للسلوك التكنولوجي أي ان يكون البعد الإنساني هو الحاضر دائما في سياق البروتكولات الدولية لضبط  وتنظيم الية التعاون واهدافها مع التكنولوجيا المعلومات وحذرت  جلالة الملكة ( اعتماد الإنسانية المتزايد على التكنولوجيا ) ودعت الى تركيز اكبر على تحسين حياة الضعفاء وهو ما لفت انتباه معظم المشاركين والمراقبين وذلك لأنها اوضحت  ( أن تمسكنا بالتكنولوجيا ليس مجرد عادة، بل نوع من الإدمان. مشيرة إلى نتائج تقرير النظرة العالمية الرقمية لعام 2022 في أنه خلال العام الماضي، ارتفع المتوسط اليومي للوقت الذي نقضيه على الانترنت بواقع أربع دقائق في اليوم، وجمع تلك الدقائق على مدار عام ستصل إلى يوم كامل، لكل شخص) 
وكان لافتا الواقع المقارن الذي تجسد في كلمتها وذلك بإعطاء الفروق التناقضية بين الوقت في بعده الزماني واهميته للفرد عندما قالت ( إذا أخبرنا أحد بأن لدينا يوم إضافي كل عام، هل سنستنتج أن أفضل ما يمكننا القيام به من أجل أُسرنا ومجتمعاتنا وعالمنا، هو أن نعيد استثمار تلك الأربع وعشرين ساعة الإضافية أمام شاشاتنا؟)
وهذا معيار يعيد تحديث الذاكرة الجمعية للبشرية بأهمية الوقت وأننا لا يمكن أن نستخف بهذه القيمة الوجودية عندما قالت جلالتها ( يُقلقني من أننا نستخف بقيمة أغلى عملة في عالمنا وقتنا ويُقلقني أنه حتى مع تطور الواقع الافتراضي مع الأيام، إلا أننا نتجاهل احتياجات واقعنا الفعلي)
وكانت هناك لمسة تنم عن معرفة عميقة بواقع ربط  الدال بالمدلول عندما تطرقت الى تقسيم هذه القيمة في الدقائق المهدورة واسترجاعها من خلال ابعاد اخرى لتركز جلالتها على أن كل دقيقة تعتبر وجودا كاملا عندما قالت ( استرجاع الدقائق الأربع الإضافية التي تُقضى على الانترنت يومياً، وأشارت إلى أن الدقيقة الأولى يجب أن تذهب "من أجل حشد تعاطف جماعي... بدءاً من اليقين أن كل إنسان له نفس القيمة) عندما تطرقت جلالتها بشكل ذكي ينم على عمق معرفتها بالواقع السياسي الدولي عندما تطرقت الى ازدواجية المعايير في علاج القضايا ذات البعد الإنساني عندما قالت هنا ( أنه في الوقت الذي أظهرت فيه استجابة العالم لأزمة اللجوء الأوكراني ما يمكننا تحقيقه عبر العمل المشترك، كان هناك اختلاف ملحوظ "في السخاء واللهجة والاهتمام" مقارنة بالاستجابة لأزمة اللجوء من دول مثل سوريا أو جنوب السودان أو ميانمار)
هنا وضعت جلالتها مصطلحا فلسفيا منطلقاته قدرة جلالة الملكة على التوظيف الذكي لقدرتها الهائلة وخاصة  في اللغة الإنجليزية بأن ازدواجية المعايير ستؤدي  بالنهاية الى اضعاف ثقتنا وقدرتنا على استيعاب فروقاتنا أي ان التعريف بغض النظر عن شكله ومضمونه يجعل من الإنسانية ومعرفتها وتراكمها المعرفي والحضاري  سيستطدم بمركز رئيسي من مرتكزات القيم الإنسانية وهو العدل وان أحادية التقييم  ووحدانية الطريق تبعدنا بعدا كليا عن مفهوم وجوهر الوجود بسمته الاسمى وهو التعدد عندما قالت (ودعت لمراعاة وجهات النظر الأخرى قائلة ليس هناك طريقة صحيحة واحدة لفعل الأمر الصائب أو للحصول على النتائج الصحيحة. هنالك دائماً طريق ثالث، وإيجاد ذلك الطريق لا يعني أنه تضحية أو تنازل أحياناً يعني أخذ الأفضل من الخيارين لإيجاد شيء جديد يمكن للطرفين الاقتناع به )
واشارت جلالتها في سياق للسيكولوجيا البشرية بأن الذاتية والفردية تفرض على الأنسان  معايير تستجيب للأقرب الذي يشبهها وأن عدم الاستجابة للآخر ومعاناته يؤدي الى ثغرة عميقة في انسانيتها عندما قالت ( يسهل بشكل مخيف على العقل البشري ألا يكترث بمعاناة الآخرين، خاصة عندما لا يشبهوننا، أو عندما تكون أسماؤهم صعبة أن ننطقها مضيفة ذلك الشكل من التعاطف الانتقائي، وذلك التعاطف الاختياري له تبعات جغرافية سياسية حقيقية ومأساوية، لأنها منطقة عمياء في إنسانيتنا، تؤثر على أين ننظر وماذا نرى)
هنا نقول بأن العمق الذي خاطبت به جلالتها القمة كانت تعبر بكل صدق عن جوهر تركيبة جلالتها في اطارها السيكولوجي والتي هي ركيزة من ركائز مجمل ادائها وهي العاطفة الجامحة نحو الأنسان بغض النظر عن تلاوينه المبتذلة وأن البعد الإنساني يتطلب كجزء محوري من تراكم المعرفة الإنسانية وأهم مرتكزاته العدالة والمساواة  في ردة الفعل والاستجابة لأي مآساة انسانية مهما كان موقع ومكان وزمان تلك المآساة وأن الفك والتركيب لمفاهيم الاستجابة انطلاقا من ابعاد أخرى وتعني السياسة منها قد تجعلنا لا نرى إلا من خلال ما نطمح لرؤيته وليس كما هو على أرض الواقع ( النقطة العمياء )
وهو في بعده المعرفي والتربوي لا يؤدي بالإنسانية الى مواجهة التماسي ببعدها الشمولي وانما بإطار انتقائي كما أسلفنا فكيف سيواجه هذا العالم بعد ذلك اهم المعضلات الإنسانية الكبرى وهي التغيير المناخي وزيادة حرارة الكرة الأرضية عندما قالت جلالتها ( مشيرة إلى أنه قد يكون أمامنا أزمات لجوء أكثر نتيجة لتغير المناخ الذي قد يسبب نزوح أكثر من 200 مليون شخص بحلول عام  2050)
اذن هذا التشخيص لكل الأبعاد التي تهم الإنسانية وعلاقتها بالتكنولوجيا تعتبره جلالة الملكة  ومن خلال ثوابتها القيمية والتربوية منها والإنسانية وانتمائها الى وطن الهاشمية الذين تأسسوا على أنسنة السلوك على مدار التاريخ ومن خلال مفهوم الأنسنة للسلوك السياسي الذي طالب به جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين واهمية الحل الشمولي للأزمات الكونية فأن جلالتها قد جلت هذا البعد من خلال هذه الكلمة تتطلب تمحيصا وتدقيقا اكثر ثقلا وعمقا تعهد مرتكزات الثوابت القيمية والإنسانية والتي على راسها مفهوم أن سمة هذا الوجود تكمن في تعدد الخلائق ووحدانية الخالق عزوجل .
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.