الشريط الاخباري
- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
علماء أزهريون: قراءة المرأة للقرآن في الإذاعة والفضائيات يفتح باب الانحلال في المجتمع
هل صوت المرأة عورة، وهل هذا الحكم بدعة، أم أنه حقيقة يؤكدها الشرع، وإذا كان من حق المرأة قراءة القرآن في بيتها حتى وهي حائض، كما يذهب بعض الفقهاء، فلماذا لا يكون من حقها أن تقرأه في الإذاعة وعلى الفضائيات كما طالب البعض مؤخرا بذلك. بيد أن علماء الإسلام في مصر اتفقوا جميعهم على أن صوتها «عورة» وأن قراءتها قد تدعو المستمع أو المشاهد لها إلى تمعن مفاتنها، خاصة لو كانت حلوة الصوت، رافضين أن يسمح للمرأة بقراءة القرآن، واستندوا في ذلك إلى أن أمهات المسلمين لم يقرأن القرآن أمام الرجال، مؤكدين أن السماح للنساء بقراءة القرآن سيفتح باب الفتن والانحلال في المجتمع الإسلامي.
والجدل في هذه القضية لا يزال قائما، ما بين مؤيد ومعارض. قالت الداعية الإسلامية الدكتورة هدى الكاشف، عضو المجمع العلمي لبحوث القرآن والسنة بالقاهرة، أول مقدمة برامج قرآن في مصر: «إن صوت المرأة (عورة)، ولكن ممكن أن تتلو القرآن في وجود سيدات فقط، أي في مناسبات معينة، مثل شهر رمضان أو الزواج الإسلامي أو خاتمة القرآن».
وحول تجربتها في تعليم قواعد القرآن، قالت: «نحن لا نخالف الشرع الذي قال إن صوت المرأة عورة كاشفة، أما عن تجربتي في تعليم قواعد القرآن، فقد اقتصرت على تفسير آياته بصوتي فقط من دون الظهور في إحدى القنوات الفضائية، وأنا أرى أن ظهور سيدة علي الشاشة أو في الإذاعة تعلم القرآن (شوية) وتتلو (شوية) هذا غير مقبول، أما ظهورها كمعلمة قرآن أو أحكام تجويد فلا أحد يعترض على ذلك حتى السلفيون. لقد رفضت طلب قناة فضائية لتسجيل القرآن بصوتي، لأن قراءة المرأة القرآن وتلاوتها فيها جدل وكلام كبير، وأمتنا في غنى عن هذا وعندنا قضايا أهم». وأكد الدكتور أبو سريع عبد الهادي، أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر أن بعض الفقهاء أقروا بعدم جواز قراءة المرأة القرآن، ولكن ابن تيمية وابن القيم وآخرين أجاز كل منهم للمرأة أن تقرأ القرآن ولو كانت حائضا أو نفساء، لكن إذا كانت محدثة حدثا أكبر فلا يجوز لها قراءة القرآن، مشيرا إلى أن قراءة القرآن تجوز من الرجل والمرأة، ويستحب أن يكون كل منهما طاهرا، ولكن لو كانا غير طاهرين، فإن هذا جائز ما دام أنهما يقرآن القرآن دون أن يمسا المصحف، ولا يشترط هنا أن يكون كل منهما طاهرا من الحدثين الأكبر والأصغر، وهذا علي سبيل الاستحباب وليس علي سبيل الإلزام، كما أنه لا يجوز للجنب أن يقرأ القرآن، أما إذا كان محدثا غير متوضئ، فهذا يجوز ولا شيء غيره، أما الحدث الأكبر فلا يجوز ولو لآية واحدة. ودعا الدكتور حسن محرم الحويني، رئيس قسم العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر إلى الاكتفاء بأداء الرجال بأصواتهم وألا تقرأ المرأة القرآن بصوتها في أجهزة الإعلام، وخصوصا أن هناك تحفظا على أداء المرأة الشعائر الدينية.
وقال الدكتور الحويني: «صحيح أن السيدة عائشة كانت تقرأ القرآن على المسلمين والصحابة، وسائر أمهات المسلمين كن يفعلن هذا، لكن الأولى أن يقوم الرجال بهذا الأمر».
وتساءل الدكتور الحويني قائلا: «ما الداعي لأن تقوم المرأة بهذا خروجا عن الخلاف الدائر بين العلماء، حيث منهم من يري أن صوتها (عورة)». وقال الشيخ هاني الصباغ، من علماء الأزهر: «إن دعوة المرأة إلى قراءة القرآن (بدعة) وتزوير في الدين، فالنبي لم يسمح للسيدة عائشة بالأذان وأرسل لها مؤذنا كبير السن ليؤذن للنساء والقرآن. كما أن صوت المرأة في القراءة سيكون فيه بالطبع إخفاء وإقلاب وغنّة، فيكون بذلك صوتها عورة، كما أنه لم تكن هناك قارئات شهيرات والحديث عن عودتهن يدعو إلى الشك والريبة، فكيف تقرأ امرأة في جموع من الناس ويقال إن صوتها جميل ولها نغمات». ويرى الدكتور علي نجار، الباحث في قسم اللغويات بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر أن قضية المرأة عموما قضية فكرية قبل أن تكون شرعية ودائما الذين يريدون أن ينالوا من الإسلام يدخلون من ناحية المرأة في حجاب المرأة ونقابها وختانها، وأخيرا في جواز أو عدم جوازها أن تقرأ القرآن الكريم مثل قراءة الرجل بصوت مرتفع تجويدا وترتيلا، فالقضية فكرية قبل أن تكون شرعية، لماذا المرأة بالذات؟ وهل ستضيف جديدا في هذا المجال؟ وتابع: «نعم، قد تتمتع المرأة بصوت أحسن وهذه موهبة من الله لكن طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل، إذ يقول المولي سبحانه وتعالى: (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى). إذن، هناك خلاف بين طبيعة الرجل وسعيه وطبيعة المرأة وسعيها، والمرأة المؤمنة التي أيقن قلبها وآمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، تتوقف عند حدود الله وتقول ما يقوله المؤمنون: (سمعنا وأطعنا)، ولا تعطي فرصة لأعداء الإسلام أن يدخلوا من ناحيتها، لا سيما إذا كنا نتحدث عن القارئات للقرآن الكريم بمعني أنها قارئة لكتاب الله تعالى، أي إنها حفظته وتعلمت أحكامه ووقفت عند حدوده، لذلك نقول لهذه الفئة من النساء: اتقين الله تعالى ولا تكنّ مدخلا يُنال منه الإسلام».
وأضاف: «أما من الناحية الشرعية، والله أعلم، فقراءة القرآن لا سيما بطريقة التجويد تحتاج إلى ترقيقه وترخيمه وهذا يقع من الرجال الذين أتاهم الله تعالى صوتا حسنا، فنجد الواحد منهم يجذبك بصوته ويؤثر فى نفسك بشجنه، وتجد نفسك هائما مع القرآن الكريم بسبب هذا الصوت الجميل، وكما قال المفسرون: حسن الصوت. إذن، هذه الطريقة من القراءة لها مواصفات خاصة، وبناء عليه فإن المرأة التي تتعرض لتجويد القرآن الكريم لا بد أنها سترفع صوتها وترخمه وترققه حتى تؤثر في السامعين، والمولى سبحانه وتعالى نهى أشرف نساء على وجه الأرض أن يفعلن ذلك، وهن أمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لهم في سورة الأحزاب الآية 32 (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقولن قولا معروفا)، المولى سبحانه وتعالى يقول هذا لأمهات المؤمنين اللاتي لن يطمع فيهن أحد، لأنهن أمهات للمؤمنين جميعا. ثم إن هؤلاء، رضي الله عنهن جميعا، كن يعشن في كنف صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أطهر أناس داست أقدامهم هذه الأرض بعد الأنبياء، فمن باب أولى ألا تخضع المرأة في زماننا هذا بالقول، ونحن نعيش في زمان الكل يفعل ما يشاء وما يريد تحت مظلة الحرية».
ويخلص الدكتور نجار إلى أننا إذا نظرنا إلى قاعدة أصولية أو بعض القواعد التي وضعها الفقهاء مثل «يرتكب الضرر الأخف لدفع الضرر الأكبر أو الأثقل»، فإذا طبقنا هذه القاعدة على موضوعنا هذا، فإننا سنوازن بين شيئين: الأول مدى الإفادة من أن تقرأ المرأة القرآن الكريم بصوت مرتفع على الفضائيات وأمام الرجال، والثاني مدى الضرر الذي قد يترتب على هذه القراءة، أما الإفادة فلا شك أنها، أي التي تقرأ القرآن، لن تضيف جديدا، أما ثانيا فإن الضرر قد يكون بالغا ومحققا بسبب (الفتنة)، التي تقع في قلوب الرجال حينما يستمعون إلى المرأة ترقق وترخم صوتها وهي تقرأ القرآن.
وبناء عليه، فإن عدم قراءة القرآن بصوت مرتفع أمام الرجال هو الأولى، لأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وهناك قاعدة أصولية أخرى تقول: «ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام»، كما أنه ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب، ومن أصول التشريع الإسلامي قاعدة تسمى سد الذرائع.
وتساءل الدكتور عادل عبد الله، محاضر وكاتب إسلامي بوزارة الأوقاف المصرية، حول ماهية طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة هل هي تكاملية أو تنافسية؟ مشيرا إلى أن من يرفعون شعار المساواة بين الرجل والمرأة هو شعار «تضليل» لا يعرفه المسلمون وإنما هو مجلوب من بلاد لها عاداتها وتقاليدها وثقافتها التي لا تتناسب مع تشريعاتنا الإسلامية، ومن ثم هو نقل أعمى في الغالب، الهدف من ورائه التضليل والنيل من قيم الإسلام وتشريعاته، بل إن من الأغراض أيضا زرع روح الفرقة في المجتمع الإسلامي، فلو أن العلاقة بين الرجل والمرأة أخذت على أنها تنافسية، فلا بد في المتنافسين أن يتقابلا في الكثير والكثير من الصفات، لكن فطرة الله التي فطر الناس عليها تؤكد الاختلاف التكويني والمصطفى صلى الله عليه وسلم علمنا أنه «كل ميسر لما خلق له»، فالمرأة خلقت لأمور وشؤون والرجل خلق لأمور وشؤون، ومن ثم فالحقيقة التي أكدها القرآن أن العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة تكاملية وليست علاقة تنافسية، يقول تعالى «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء».
وقال تعالى أيضا «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة».. فكل الآيات تشير إلى أن طبيعة العلاقة هي التكاملية التي بين الرجل والمرأة.
ويستطرد الدكتور عبد الله حديثه قائلا: «هناك سؤال آخر هو: هل صوت المرأة عورة؟ أهل الإفراط (المتنطعون) قالوا صوت المرأة عورة، فمنعوا المرأة من الأحاديث الكلية والكلام بشتى صوره وأشكاله، وأهل التفريط (دعاة الحداثة) أطلقوا الأمر وجعلوا الحبل على غاربه، فأحلوا للمرأة الحديث والكلام بشتى صوره وأشكاله مع تحطيم كافة القيود والضوابط، أما دينيا، فالوسطية والسمعة القائمة على مقاييس علمية وشرعية سليمة تقول إن صوت المرأة ليس بعورة على إطلاقه ومن قال بذلك الشافعية والمالكية، فللمرأة أن تتحدث في الشؤون التي تسير أمور دينها وحياتها فهي تتعامل مع البائعين والمدرسين والقضاة والدعاة. وهذه النماذج عرضت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الأبرار.
إذن، هناك إطار من الضوابط والتشريعات التي تكفل حفظ المرأة وصيانتها وبهذا خوطبت أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، فقال تعالي في حقهن (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب) سورة الأحزاب».
وخلص عبد الله قائلا: «لا ننكر أن قراءة القرآن من الأمور التعبدية ونحن نسلم بذلك، والأمور التعبدية لا ننكر أنها للنساء والرجال، ولكن أليست الصلاة أيضا من الأمور التعبدية، ومع ذلك فإن المصطفى صلى الله عليه وسلم أبان للأمة حكما تشريعيا في هذا الأمر بأن الرجل إذا نابه شيء في الصلاة (سبح)، أما المرأة، فإذا نابها شيء في الصلاة فإنها (تصفق)، وهذا حكم شرعي متفق عليه.
إذن، حتى في الأمور التعبدية هناك ضوابط للمرأة في قولها أو حديثها، والإمام ابن عبد البر في كتابه «الاستذكار» قال قولا سديدا في هذا الأمر، حيث أورد: إنما تصفق المرأة ولا تسبح، لأن صوتها من جملة مفاتنها ومحاسنها، والمرأة أمرت بستر المفاتن والمحاسن حتى وهي بين يد الله. وأقول لمن يتشددون في ما ورد في السنة المعطرة من حوارات للنساء: "أمعنوا النظر جيدا ولا تفتروا على الله كذبا"
الشرق الاوسط
الأكثر قراءة