الشريط الاخباري
- المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
محمد جميل الخطيب يكتب: خطاب سمو ولي العهد: رؤية واقعية لأردن المستقبل
في خطاب يحمل من الوعي والواقعية بقدر ما يحمل من الطموح، خاطب سمو ولي العهد شباب الأردن وشاباته، واضعًا بين أيديهم رؤية متكاملة لأردن المستقبل.
لم يكن الخطاب مجرد مناسبة رسمية أو كلامًا إنشائيًا مألوفًا، بل شكل نافذة على تفكير جديد يربط الحلم بالفعل، ويؤسس لمفردات جديدة في الحوار الوطني.
فقد خاطب سموه الشباب لا باعتبارهم جمهورًا مستقبليًا بل شركاء في صناعة الحاضر، مؤكداً أن التحديات الكبرى التي يواجهها الأردن، شأنها أن تُواجه بالعقول النيّرة والقلوب المؤمنة بقدرتها على التغيير.
افتتح سمو ولي العهد كلمته بالتأكيد على القيم الأردنية الراسخة منذ تأسيس الدولة، وعلى رأسها المثابرة والإخلاص والتميز، وهي قيم لا تزال تشكّل النواة الصلبة لشخصية الإنسان الأردني، ومن هنا جاءت دعوته الصريحة إلى إطلاق حوار وطني يستند إلى هذه الثوابت، ويرتكز على فكر الشباب وإبداعهم باعتبارهم "فرسان الحلم الأردني".
لم يغفل سموه التحولات العالمية، ولا حجم القلق الذي يرافقها، فشدد على ضرورة الحوار الحقيقي والإصغاء، كي لا نبقى أسرى الانطباعات التي تتغلب – في زمننا – على الحقائق.
اللافت في الخطاب كان الحضور القوي للتكنولوجيا، ليس بوصفها مظهراً من مظاهر الحداثة فحسب، بل كأداة مفصلية في تجاوز تحديات الأردن الأساسية، من ندرة المياه إلى مشكلات النقل، ومن تحسين جودة التعليم إلى النهوض بالقطاع الصحي. حيث تحدث سموه بلغة تطبيقية لا نظرية، وقدم نماذج واقعية لما يمكن أن يبدو عليه الأردن بعد سنوات قليلة، حين تتمكن طالبة من استخدام مساعد افتراضي مدعوم بالذكاء الاصطناعي لتلقي دروسها، أو حين يُعالج مريض عن بعد، أو عندما تُنقل الإمدادات الطبية بطائرات بدون طيار من تصنيع شركات أردنية. كل هذه ليست أحلامًا بل تصورات مبنية على واقع ممكن، فقط إذا ما توفر التصميم والإرادة.
الخطاب أيضًا حمل دعوة للمصارحة، إذ لم يخلُ من الاعتراف بتقصير سابق، أو تباطؤ في اتخاذ القرار وتنفيذ المبادرات. لكنه لم يكن خطاب تأنيب، بل دعوة للاستدراك، لأن المستقبل لا ينتظر المترددين.
ودعا سموه إلى التوقف عن الاكتفاء بمناقشة الأفكار، والإسراع نحو التجريب والتطبيق، لأن المستقبل يُبنى بالخطوات العملية لا بالتأجيل. وهنا تظهر الروح القيادية التي تُراهن على المبادرة لا على الجمود، وعلى استباق التحديات لا الاستسلام لها.
جانب آخر مهم تناوله الخطاب هو الإشارة الى مجلس تكنولوجيا المستقبل، وهي خطوة تحمل رمزية كبرى نحو تحويل التفكير التكنولوجي من ترف أو اختيار، إلى جزء من منظومة اتخاذ القرار ورسم السياسات العامة. في هذا المجلس، يبرز الأمل بأن تكون مؤسسات الدولة أكثر تفاعلاً مع متطلبات العصر، وأكثر قدرة على الاستفادة من التكنولوجيا لتطوير الأداء، وتحقيق الكفاءة، والارتقاء بالخدمات، وتمكين الأردن من لعب دور حقيقي في محيطه الإقليمي.
ولعل الجملة التي تلخص جوهر الخطاب كانت حين قال سموه: "إذا كانت المعرفة قوة، فإن الأفكار الخلاقة ثروة". بهذه العبارة يضع الإنسان الأردني في صدارة المشهد، لا كرقم في معادلة التنمية، بل كصانع حقيقي لها، وكقوة اقتراح وتأثير. وهذا في جوهره ما تسعى إليه الدول التي تسير في ركب المستقبل: تمكين الإنسان، والثقة بعقله، والإيمان بقدراته، وتوفير البيئة التي تحوّل الإمكانات إلى منجزات.
خطاب سمو ولي العهد لم يكن مجرد رسالة للشباب، بل وثيقة سياسية واجتماعية يمكن البناء عليها، لتأسيس مرحلة جديدة عنوانها: المستقبل يبدأ الآن، ويُصنع هنا، في الأردن. فبين كلمات الأمل، ونبض الواقع، ومعالم الطريق، يجد الأردنيون دعوة صريحة للثقة بأنفسهم، وللإيمان بأن الأوطان لا تُبنى بالشعارات، بل بعقول تعرف، وقلوب تُخلص، وأيادٍ تعمل.

الأكثر قراءة