• المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
  • يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

سامح المحاريق يكتب للراي .. *ما لا يجب أن يغيب في التجاذب حول التوجيهي*

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2025-06-29
450
سامح المحاريق يكتب للراي .. *ما لا يجب أن يغيب في التجاذب حول التوجيهي*

 *ما لا يجب أن يغيب في التجاذب حول التوجيهي*

 
يتناسى كثيرون أن امتحان التوجيهي غايته تصنيفية وتنافسية، حيث يفترض أن الطلبة يسعون للحصول على العلامة المؤهلة لالتحاقهم بتخصص معين يتطلب أداءً معرفيًا معينًا، وبالتالي، فصعوبة الامتحان أو سهولة أسئلته، أمر لا يغير شيئًا في حال قياسه بهذه الغاية، وقبل عقود طويلة كان المتحصل على درجة الثمانين مؤهلًا لدخول الكليات التي تتطلب أداءً مدرسيًا متميزًا، ولم يكن أحد يتحدث في الأجيال القديمة عن مستوى الامتحان من الأساس، ثم أن امتحانات سهلة وفي متناول الطالب العادي، ستعني علامات عالية، ويمكن أن الوصول إلى 95% لا يكون كافيًا أحيانًا لحصول الطالب على المقعد الذي يريده، بينما في سنة أخرى يتمكن الحاصلون على 90% من ذلك.
 
الواضح أن البحث عن الشعبوية أصبح جزءًا من التعامل مع امتحانات التوجيهي، وما زال الأردنيون يتذكرون وزيرين للتعليم في السنوات الأخيرة تحمل أحدهما غضب أولياء الأمور لصعوبة الامتحانات أثناء ولايته، بينما حظي الآخر بمديحهم ليحوله إلى مكتسبات سياسية في وقت لاحق، مع أن الفئة الواسعة من أولياء الأمور محكومة بعوامل عاطفية وأوهام تربوية تتعلق بأداء أبنائهم وطموحاتهم بالتفاخر الاجتماعي، بجانب التحصل على علامات دنيا تمكنهم من الالتحاق بالبرنامج الموازي أو الجامعات الخاصة بالنسبة لمن تسمح إمكانياتهم بذلك، من غير أن يتوقفوا للتساؤل هل سيتمكن الأبناء من الأداء بالصورة المطلوبة في هذه التخصصات التي سيدخلونها من بوابة جانبية لنظام التعليم الذي يبدو أنه يحتاج إلى مراجعة ووقفة طويلة، وأن تستند إلى حوار بين الخبراء والمجتمع من أجل الوصول إلى صيغة تفاهم لأن الموضوع أكبر كثيرًا من مجرد امتحان سنوي، أو حتى نظام لإدارة التوجيهي بوصفه المرحلة الفاصلة بين التعليم المدرسي والجامعي. 
 
هل يحكم الأردنيون طيف من الخداع الذاتي الجمعي عند الحديث عن التوجيهي، وهل يدركون أن الطالب الأردني لم يعد يتنافس مع ابن عمه أو خالته، أو مدرسته أو قريته، وأن عليه أن يحصل حدًا من التأهيل يجعله قابلًا للمنافسة التي ستضعه مع طالب آخر يسهر على حل مسائل التفاضل والتكامل في أحد الأحياء العمالية في بوخارست، أو قرية صغيرة بالقرب من لاهور، وأنه يمكن أن يلتقي ذلك الشخص وتتقاطع حياتهما في مقابلة عمل في مدينة خليجية أو أوروبية بعد سنوات ليست بالبعيدة، وحتى بافتراض تزويد سوق العمل المحلي بحاجاته، فهل يستطيع غير المؤهلين معرفيًا وعلميًا أن يتصدوا لكثير من المشكلات الصعبة والمعضلة التي تواجههم، وهل يكفي مجتمع النقابات المغلق على ذاته ومصالحه أن يكون الحكم الأخير في أهلية بعض المهنيين؟ 
 
يصل الطلبة إلى مرحلة التوجيهي ولديهم نواقص كثيرة تجعلهم يصطدمون بامتحانات يعتبرونها تعجيزية، وهي في الحقيقة مجرد عملية تصنيف ليست هي المشكلة، ولكنها نقطة تحكم أساسية تظهر أمامها جميع المشكلات المرحلة في النظام التعليمي، والتعامل مع هذه المشكلات تتزايد صعوبته مع الوقت، فالمعلمون الذين يلتحقون بسلك التدريس يأتون من النظام الذي تدور حوله ملاحظات كثيرة، ويتعاملون مع تحديات مادية كثيرة تشكل بيئة التعليم، وحتى التعليم الخاص، فإنه لم يعد ذلك الذي يشكل فارقًا كبيرًا، لأنه يؤدي نظريًا دوره في تمرير الطالب إلى المرحلة الجامعية التي تضطر هي الأخرى للتواضع بمخرجاتها بناء على المدخلات المتوفرة. 
 
فرضت ديناميكيات الحراك الاجتماعي في الأردن شروطها على بيئة التعليم ككل، وأصبحت العائلات تتفاخر بمن يحملون درجة الدكتوراة بين أبنائها، ومن تحصلوا على شهادات في كليات الطب والهندسة، ويسافر آلاف الطلبة الأردنيين وراء هذا الحلم ليدرسوا في دول بعيدة ويتحملوا تكلفة باهظة، وفي النهاية ينجح بعضهم ولكن الأغلبية تبقى ضمن معدلات تنافسية منخفضة، ويوجد تخوفات من العمل على إصلاح التعليم بصورة جذرية لأنه سيفتح بابًا لأسئلة اجتماعية كثيرة، ويشعر بعض الفئات أنها تفقد فرصتها في تحقيق المناهزة الاجتماعية مع أنها كانت متاحة سابقًا، وهو الأمر الذي يؤدي للتوتر الاجتماعي مع الوقت، وشعور بالفوات والمظلومية. 
 
مقاربة هذه المشكلة أصبحت ضرورية وملحة، مع ضرورة ايجاد الحلول اللازمة ضمن مفهوم العدالة الاجتماعية الأوسع ومتطلبات التأهيل الحقيقي الذي يليق بسمعة رأس المال الأردني وتنافسيته، بحيث لا تؤدي المراوحة في المكان ذاته، واجترار نفس الأسئلة مرارًا وتكرارًا إلى السحب من رصيده، ليكون الجميع خاسرين بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
 
الرأي ٢٩ حزيران ٢٠٢٥
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.