الشريط الاخباري
- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
مصر: إستياء واسع من محاولة نشر رواية "محاكمة النبي محمد"
تسببت رواية حديثة يعتزم الكاتب الصحفي المصري أنيس الدغيدي إصدارها قريبا في موجة استياء واسعة؛ ليس فقط بسبب عنوانها "محاكمة النبي محمد"، وإنما بسبب العناوين الفرعية لبعض الفصول والتي يفهم منها الإساءة للنبي، مثل "لماذا يجاهد النبي أعداءه بالسيف قتلا وسبيا؟" و"لماذا لم يتزوج أحد من أمته من نسائه بعد مماته؟ وغيرها من العناوين الصادمة التي كان في مقدمة المهاجمين لها الداعية الإسلامي أبوإسحق الحويني.
وقد تفجرت الأزمة بعد أن أعلنت صحيفة "اليوم السابع" نشر فصول الرواية على حلقات مؤكدة أن الرواية ترد على الإساءات الموجهة للإسلام في الغرب، وأن العناوين مقتبسة من أقوال بطل الرواية الدانماركي ولا تعبر عن الرواية، غير أنها "مراعاة لمشاعر القراء" قررت التوقف عن النشر.
صاحب الرواية أكد في حديثه لـ"محيط" الذي يعد الأول بعد الأزمة، أن الرواية تقدم كل الأسانيد الدينية لرد إدعاءات الذين هاجموا الرسول صلى الله عليه وسلم في الغرب، وتؤكد جهلهم البالغ، قائلا أن مضمون الرواية يرد على ما جاء بالعناوين من كلمات صادمة كان الغرض منها لفت القراء لخطورة الموضوع.
وعن مضمون الرواية يقول الدغيدي : بطل الرواية محامي دنماركي يحمل اسم صاحب الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم وافترض أن هذا المحامي يرفع دعوى على ديني وعلى النبي ماذا سيكون رد فعلنا؟ ، كل هذا يدور في إطار أدبي، وأنا في انتظار حكم القراء بعد النشر، وحتى لا نحقق ما قاله فينا موشى ديان "العرب لا يقرأون، وإن قرأوا لا يستوعبون، وإن استوعبوا لا يفعلون شيئا".
أكد المؤلف أنه شرع في كتابة الرواية منذ 15 عاما، حتى اضطر لترك دراسة الدكتوراة والتفرغ لها، وكان يواجه صعوبة لنشرها حتى أنه طبع في البداية عدد محدود من النسخ على نفقته الخاصة، رغم تأكيده أن كتاباته دائما تلقى رواجا مما يجعل الناشرين يسعون وراءه، بعكس هذه الرواية التي رفض الجميع نشرها حتى بعد أن أكد لهم أنها تدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن بعد أن أعلنت الصحيفة المصرية نشر فصول الرواية تباعا، لهث الناشرون خلف المؤلف حتى وصل عددهم 11 يرغب بنشرها!
ويرى المؤلف الذي اشتهر بكتبه المثيرة للجدل آخرها "صدام لم يُعدم" أن الشعوب العربية تعاني الأمية، قائلا أن الجهل ينتشر بين المثقفين، مؤكدا أن العقلية العربية لم تستوعب ما جاء بالرواية ولكن هذا سيزول بعد قراءتها .
كما أكد الدغيدي أنه مؤمن ومتعصب لدينه؛ وبناته منتقبات وزوجته ترتدي الحجاب، متسائلا " هل من الممكن أن أخسر آخرتي من أجل كتاب؟" ، وقال أنه يعتبر هذا الكتاب من أفضل أعماله، وأن هذه العناوين الهدف منها جذب القراء فحسب لتعم الفائدة.
ورداً على هجوم الداعية أبو اسحاق الحويني، فرد عليه المؤلف بالآية 108 من سورة يوسف والتي ينفي فيها نبي الله عن نفسه الشرك ويؤكد دعوته إلى الله على بصيرة، داعيا الحويني للتريث والقراءة قبل تصديق الصحف، مسترشدا أيضا بالآية الكريمة من سورة الحجرات التي تحذر من قول الفاسق ويعني به الصحف.
لعبة مفضوحة
في حديثه لـ"محيط" قال الناقد الأدبي الدكتور حسام عقل أن استخدام الدين لعبة مفضوحة يلجأ إليها بعض الأدباء من متوسطي القيمة والموهبة عندما يشعرون بتجاهل الرأي العام أو تجاهل النقاد لما يكتبون، فيلجأون إلى حيلة للفت الأنظار اتكاء على اعتبارات خارجة عن الموهبة أو متانة الأسلوب، إما بالغلو فيما يسمى بكتابة الجسد كما صنعت الأديبة المغربية فاطمة المرنيسي في روايتها "أحلام النساء الحريم"، وهي رواية مترهلة تدور داخل حمام نسائي.
أما التيمة الثانية برأي الناقد التي تضمن لفت الأنظار فهي التعامل مع الرأي العام بطريقة الصدمة بصرف النظر عن عمق الفكر ويعني بها هنا تجريح الرموز الدينية، ومن أسف أن هناك شريحة من النخبة الليبرالية تلتقم الطعم وتضع ثقلها مساندة خلف هؤلاء الكتاب "المنتسبين زورا" إلى حقل الأدب.
ويضرب عقل مثالا لهذا حين قام شاعر معروف بمحاولة استعادة الأضواء بكتابة نص ضعيف، ثم إرسال شكوى فيه إلى مجمع البحوث الإسلامية ، وبالفعل تفجرت أزمة ونفدت الطبعة الأولى من الديوان!
لكن الناقد يؤكد أن هناك فئة أخرى من الكتاب لديهم حسن النية متوفر، وقد يكونوا حقا يرغبون في الدفاع عن الإسلام، لكن صيغة الكتابة وطريقة المعالجة توحي بعكس الفكرة، مؤكدا أن هذا هو ما جرى مع رواية "محاكمة محمد" ؛ فالمساحة الممنوحة للبطل المعادي للإسلام كانت أكبر ومن هنا يبدو النص جانحا للهجوم على الإسلام وتجريح رموزه.
ويؤكد عقل أن كاتب النص الأدبي لابد أن يكون واعيا بتأثير كلمته على الرأي العام، قائلا : " أنا ممن يؤثرون أن يكون الأنبياء بما لشخوصهم من قداسة بعيدين عن هذه الدائرة "، مشيرا إلى أن المجتمعات الإسلامية ليست وحدها التي ترفض المساس برموزها؛ فمجلس الرقابة البريطاني عام 1989 رفض عرض فيلم يمس حياة القديسة تريزا بطريقة غير لائقة برغم أن مدة الفيلم عشرين دقيقة وقد تم تصعيد الأمر للمحكمة الأوروبية التي أيدت قرار المجلس.
وسائل دعاية
" أكره استخدام العناوين المثيرة رغم حرصي على حرية التفكير والإبداع بشكل مطلق دون المساس بالعقائد والأديان " هكذا بدأ الشاعر والناقد شعبان يوسف حديثه لـ"محيط"، ورفض عنوان الرواية "محاكمة النبي محمد" مفضلا أن يجنح المؤلف لعناوين تفيده في معالجته للقضية؛ فمثل هذه العناوين المثيرة تصرف نظر القارئ عن مضمون الكتاب وتجعله متحفزا ضده، واصفا ذلك بأساليب الدعاية، والإثارة لا تجوز حينما يتعلق الأمر بالدين.
ودعو يوسف الكتّاب إلى التعقل في التعامل مع القضايا العقائدية التي تذهب بالمبدع إلى ساحات المحاكم، موضحا مع ذلك رأيه في أن الدين ليس حكرا على علمائه، إلا أن المثقفين حين يتصدون لقضية دينية ينبغي أن يكون ذلك عن دراية ومعرفة، وقال أن التاريخ يحفل بأسماء دافعت عن الإسلام من غير المختصين منهم بحسبه "توفيق الحكيم، عبد الرحمن الشرقاوي، دكتور عبد الرزاق نوفل، دكتور مصطفى محمود، المستشار طارق البشري، محمد عمارة" وغيرهم من الكتاب الذين هدفوا لخدمة القضية بعيدا عن اللغط والإثارة.
مؤكدا أن ما تحدثه هذه الروايات من زوابع يساهم في توزيع آلاف النسخ منها، دون أن تستحق ذلك مما يساهم في "الشوشرة" على أعمال الأكثر قيمة وجدية.
نفي الإساءة
وبخلاف الرأيين السابقين اعتبر الكاتب الشاب محمد فتحي أن عناوين الفصول وما تحمله من تساؤلات لا تتضمن أي تجاوز أو إثارة، ولا تختلف عن فهرس كتاب صادر عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية كتبه مجموعة من العلماء الكبار بعنوان " حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين" صدر عام 2003 فمن ضمن ما يتضمنه الكتاب: "محاولة النبي الانتحار"، "محمد صلى الله عليه وسلم يحرم ما أحل الله"، "محمد يعظم الحجر الأسود"، "الإسلام انتشر بحد السيف ويحبذ العنف"، "محمد صلى الله عليه وسلم مذنب كما قال القرآن" وغيرها من العناوين التي إن تضمنها كتاب الدغيدي لكانت جريمة لا تغتفر!.
ورأى فتحي أن الرواية يجب أن تعرض الشبهات حتى تستطيع الرد عليها كما أنها لا تتضمن أيا من العناوين الصفراء كما يقول البعض، لكن المشكلة تأتي دائما من هؤلاء الذين يظنون أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم حكرا عليهم دون غيرهم، رغم أنه نبي المسلمين جميعا وكل من يستطيع الدفاع عنه فليفعل.
ويؤكد صاحب "مصر من البلكونة" لـ"محيط" أنه ضد أن يحاكم العمل قبل قراءته، قائلا: "مهاجمة الشيخ أبو اسحاق الحويني للرواية غير منطقية، كنت سأتفهم موقفه إذا انتقد أن يكتب الدغيدي وهو الكاتب المعروف بكتاباته الفضائحية الكتابة في الدين، رغم أنني مع حرية التعبير".
ويشبه فتحي ما جرى مع الرواية بالإرهاب الفكري وابتزاز الكتاب، وضرب المثل برواية "عزازيل" للدكتور يوسف زيدان، والتي خرجت كتب للرد عليها كثيرة، وهو موقف سليم في التعامل مع الفكر.
ويقترح فتحي أن يزداد اهتمام الأدباء بالدين لتزداد الفائدة، قائلا أنهم في الخارج صنعوا نسخة مصورة من الإنجيل! ، داعيا لإفساح الفرصة للدغيدي ليعبر عن رأيه ، خاصة أن له بعض الأعمال الجيدة منها "قصر العروبة" وهي رواية سردها متميز، برغم حكمه على كتاباته وشخصه عامة بالميل للإثارة ، ومن ذلك إعلانه أنه يعتزم الترشح لرئاسة الجمهورية!
الأكثر قراءة