• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

الأجندة الاقتصادية لا تحاكي الواقع الأردني والقائمون عليها سقطوا بالبراشوت

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2010-08-03
1590
الأجندة الاقتصادية لا تحاكي الواقع الأردني والقائمون عليها سقطوا بالبراشوت

يحاول البعض التركيز على البعد السياسي في الاجندة الوطنية واعتباره محور الاصلاح الحقيقي والابتعاد عن الخوض في تفاصيل الابعاد الاخرى خاصة الاقتصادية منها والذي أرى فيه وحده مقتلا للاجندة قبل ولادتها.

الشأن الاقتصادي في الاجندة تضمن شرحا طويلا عن الاهداف الكلية التي يتطلع اليها الاقتصاد لتحقيقها سنة 2015 ، وللوهلة الاولى يشعر المواطن انه امام خارطة طريق للامان الاقتصادي مشابهة لتلك التي تحدث بها آخرون عن اقتراب السلام في منطقة الشرق الاوسط بعد سقوط بغداد سنة 2003 .
للعلم الجانب الاقتصادي في الاجندة جرى تطبيقه حرفيا من قبل الحكومات المختلفة, لا بل ان جميع موازنات الدولة ضمنت رصدا كافيا من المخصصات لمشاريع الاجندة وبرامجها, وتم اقرار البرنامج التنفيذي لها, ويوجد وحدة في وزارة التخطيط مهمتها متابعة الانجاز.
الاجندة قدرت ان ينمو الاقتصاد الوطني بنسبة 8 بالمئة في سنة 2012 ، وان ينخفض الدين كنسبة من الناتج المحلي الى 36 بالمئة في سنة 2017 ، وان يتراجع عجز الموازنة الى 3.6 بالمئة والعجز التجاري الى 1.7 بالمئة سنة 2012 في حين قدرت ان تنخفض البطالة الى 9.3 بالمئة للعام نفسه.
جميع المؤشرات السابقة جميلة من حيث المظهر والشكل والجميع يتمنى ان يتحقق اليسير منها, وباستطاعة واضعو الاجندة ان يرفعوا من وتيرة تقديراتهم لاكثر من ذلك, لكن الحقيقة ان هناك معطيات على ارض الواقع تجعل من تلك المؤشرات احلاما وسرابا, لان تحقيقها يتطلب ميكانيزم جديدة للاقتصاد الاردني غير تلك التي اطلقتها الاجندة.
تقول الاجندة انه لتحقيق المؤشرات السابقة فان قطاع صادرات الالبسة سينمو الى خمسة مليارات دينار في غضون سنة 2017 ، وهو يدلل على مدى الخلل التنموي في فكر القائمين على الاجندة بالاعتماد على صادرات المناطق الصناعية المؤهلة التي لا تتجاوز قيمتها المضافة في الاقتصاد الاردني على 12 بالمئة في احسن حالاتها, والابتعاد عن الصناعات الحقيقية ذات الاهمية الحيوية للاقتصاد, غير مدركين ان شمس تلك الصناعات آخذة بالزوال شيئا فشيئا بسبب وجود مناطق مماثلة في الجوار واختراق صادرات الالبسة الصينية للاسواق الامريكية من دون أية قيود جمركية, مما يدلل على القراءة الخاطئة التي وقع فيها القائمون على الاجندة.
توصي الاجندة بتسريع وتيرة التخاصية, وهذا ما تم فعلا فماذا كانت النتيجة, ان الدولة فقدت معظم ملكياتها بالشركات الرئيسية مقابل عمليات اعادة هيكلة قام بها الشركاء الجدد من دون ان يتم استقدام تكنولوجيا حديثة او توسيع قاعدة الانتاج وبالتالي خلق فرص عمل للاردنيين, والاكثر سوءا من ذلك ان عوائد التخاصية التي هي اصلا اقل من القيمة الحقيقية التي تستحقها تم هدرها بعملية شراء جزء من ديون نادي باريس بخصم 11 بالمئة حينها في واحدة من اهم الصفقات التي ما زالت تثير جدلا في المجتمع حول جدواها, خاصة بعد ان تبين ان الحكومات هرعت للاقتراض الداخلي الذي تضاعف ثلاثة اضعاف عما كان عليه قبل الاجندة.
الاجندة أوصت بالغاء الدعم عن المشتقات النفطية وهذا ما تم انجازه من قبل الحكومة سنة 2008 فكانت المحصلة ان عجز الموازنة تضاعف وازدادت نفقات الدولة وازدادت الاعباء المعيشية على المواطنين التي تآكلت دخولهم وتزعزع امنهم المعيشي.
اوصت الاجندة بتنفيذ برنامج اصلاح القطاع العام الذي اقره مجلس الوزراء سنة 2004 ، وقد جرى تنفيذه حرفيا, وكان بعض القائمين على الاجندة هم وزراء لتطوير القطاع العام ومراقبة الاداء الحكومي فكانت النتيجة ان الجهاز العام بات مركزا لسياسات كسب الشعبية والوساطة والمحسوبية, وتضخمت رواتب العاملين بفضل العقود الخاصة التي جرى ابرامها لوظائف استحدثت خارج رحم الجهاز المدني للدولة مصحوبة بتضخم عدد الاجهزة والمؤسسات الرسمية المستقلة اضافة الى تجاوز مرجعية مجلس الوزراء في قرارات حيوية تم اتخاذها من خلال هيئات واطر جديدة.
الاجندة طالبت بتأسيس الهيئة الاردنية لتنمية البيئة الاستثمارية والانشطة الاقتصادية مع اعادة هيكلة المؤسسات الاستثمارية, وفعلا تم تأسيسها, وبعد عامين من اقامتها وتخصيص مبنى لها وكادر وظيفي من مختلف المستويات مع رصد مخصصات مالية تم انهاؤها رسميا من الحكومة بعد ان تبين انه بات مكتبا للعلاقات العامة لمدرائها وعبئا جديدا على الخزينة.
بالمحصلة يقبع الاقتصاد الاردني اليوم تحت جملة لا تنتهي من التحديات التي يكاد بعضها في حال تناميه ان يهدد الاستقرار الاقتصادي للمملكة, فهناك دين عام يناهز الـ 14 مليار دولار وعجز في الخزينة يتجاوز المليار دولار, وتراجع ملحوظ في الايرادات المحلية واعتماد متزايد على المساعدات وازدياد جيوب الفقر مع ارتفاع مؤشر البطالة.
المعضلة الرئيسية في الاجندة الوطنية من الناحية الاقتصادية ان مؤشراتها لا تحاكي واقع الاقتصاد الاردني, وان القائمين عليها تفننوا في ترجمة البرامج التنموية في الدول الغربية, واعتقدوا انها صالحة للتطبيق في الاردن, والواقع انها سقطت بالبراشوت على الحكومات التي نفذتها من دون فهم او نقاش لما فيها, لذلك كانت المحصلة على النحو السابق الذي ذكرناه.
مروجو الاجندة يرون انفسهم انهم اوصياء على الاقتصاد الاردني ويرفضون الحوار حول تلك الاحلام التي حولوها الى ارقام وهمية تلاعبوا من خلالها بمشاعر المواطنين, وهم عقبة مستمرة تجاه فتح أية ملفات قديمة للتقييم او المساءلة, لانهم يعتبرون ذلك اغتيالا للشخصية. للأسف هم يتهربون من المحاسبة اولا واخيرا, ويرون بالاجندة وسيلة ضغط على الاردن لدى الدول المانحة, والكل يتذكر كيف أصر الجانب الامريكي في اجتماعات اللجنة الوزارية الاخيرة على تنفيذ جميع توصيات الاجندة حرفيا وهو ما تم فعلا.
 
*سلامه الدرعاوي
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.