• يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

ليالي رمضان في الأردن.. اسراف .. فضائيات .. سهرات

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2010-08-04
2978
ليالي رمضان في الأردن.. اسراف .. فضائيات .. سهرات

أيمن توبة

على أبواب شهر رمضان المبارك، شهر التقوى، تبدو ظواهر سلبية تتنافى وما في هذا الشهر الكريم من خصوصية. ومن بين هذه الظواهر السلبية، ظاهرة الإسراف والبذخ في الأطعمة، وما يحدث في سائر المنازل من طهي للعديد من المأكولات وإعداد للمشروبات، ثم تناول اليسير منها، وإتلاف ما تبقى. لقد نهى الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم عن الترف والإسراف في الطعام والشراب في قوله تعالى «وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ».

 والإسراف في شهر رمضان المبارك وغيره من أيام السنة منهي عنه، فإنفاق الأموال على هذه النعم، ومن ثم إهدارها وإلقاؤها في النفايات، يعد مخالفة لتعاليم ديننا الحنيف، وأمر ينكره الشرع ويحرمه، ويزيد في تحريمه الإسراف المنهي عنه، وإنفاق للأموال في غير محلها، وختمها في إلقاء الأطعمة في مرمى النفايات، وحاوياتها. إن ظاهرة الإسراف في الأطعمة والمشروبات في شهر رمضان المبارك تشمل اغلب الأسر، وأصبحت هذه العادة السيئة صفة ملازمة في هذا الشهر الكريم.. 
 
هل تعلم عزيزي القارئ ان هناك اسرا لا تجد ما تفطر عليه، «وتحسبهم اغنياء من التعفف». وايضا من العادات السيئة التي ظهرت في مجتمعنا الاردني بخاصة والمجتمعات العربية بعامة ظاهرة المسلسلات، والاكثار من مشاهدة المسلسلات، وايضا الاكثار من النوم اذ ان من العادات السيئة التي ظهرت عند الناس في هذا الشهر الكريم هي السهر طوال الليل والنوم اغلب النهار.
 
شهر رمضان شهر عبادة، شهر يتقرب به العبد الى الله عز وجل، «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، وللأسف فقد اصبح شهر رمضان شهرا للبذخ والاسراف والتفنن في الطبخ وصنع الحلويات، ومشاهدة المسلسلات الهابطة، والسهر حتى أذان الفجر.... في هذا العدد ارتأت المواجهة ان تسلط الضوء على ظاهرة البذخ والاسراف والعادات السيئة في شهر رمضان الفضيل والتي اصبحت ظاهرة متفشية في مجتمعنا:
 ******
مبيضين: شهر رمضان تحول الى تفريغ للطاقات المكبوتة
وقال الدكتور حسن مبيضين للمواجهة: بداية اقول ان التغيير والتطور سنة اجتماعية تمر بها كل المجتمعات حسب مراحل نموها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، فهي تتناسب بشكل واضح حسب معطيات هذا النمو. ولذلك فان الاهتمام بالجانب الديني والفكري والوجداني في عصور الازدهار في هذا الجانب قد اهمل الجانب المادي. والاكل والشرب بانواعه المختلف تعد من كماليات هذا الجانب وضرورياته، بل ونزوعه نحو مظاهر الترف، فاذا زاد الاهتمام بالجانب الفكري رأيت الناس قد انصرفوا الى مضامين الفكر من قرآن وسنة وخطط اقتصادية وصحة بدنية ونفسية وعقلية، وهذه جميعها في مجملها تدعو اما الى عدم الاسراف والتبذير، كما تدعو الى الوسطية في كل شيء، فلا افراط ولا تفريط، مثلما ندعو الى التنوع الصحي والايجابي في المواد المتناولة وتحترم العمل اليدوي الذي ينتج الطعام والشراب وتحث عليه، فلا يأكل المرء طعاما اطيب من صنع يديه، كما تدعو الى الالتزام بالاحاديث التي تنظم عملية تناول الطعام وادابها وجلساتها، وهذه المضامين الفكرية من شأنها ان تخلق وعيا دينيا وثقافيا وصحيا واجتماعيا فيما يتعلق بتناول الطعام وخصوصا في شهر رمضان. واضاف المبيضين ان لهذا الشهر مقتضياته من طقوس العبادة والتقرب الى الله التي تسمو فوق شهوات البطن والفرج. ونحن بامس الحاجة الى الالتفات لتلك الشعائر التي تحقق من هذا الشهر الفضيل ما نريده.
 
وفي رده على سؤال «المواجهة» حول نظرة الناس الى رمضان المبارك، فقد تغيرت هذه النظرة بعدما غابت المضامين الفكرية او غيبت بفعل تيارات التجديد والتغيير التي تعمل وفق رؤى اعلامية عالمية تريد للانسان المسلم ان ينسلخ عن تراثه وعاداته وتقاليده التي تقدمه للاخرين في صورة ابهى واجمل واكثر توازنا بين معطيات المادة والروح لديه، وفق مرجعيته الدينية التي يمنحها اعلى مراتب القدسية والاحترام.
واكد المبيضين ان شهر رمضان قد تحول الى تفريغ للطاقات المكبوتة من المرح والتسلية والغناء في جلسات تلوث سماءها ادخنة الاراجيل في مقاه اشبه بدكاكين الغناء.. الامر الذي يدعونا الى التنبيه الى احترام هذا الشهر المبارك واظهار مظاهر هذا الاحترام له في صور شتى لعل اهمها عدم الاسراف في اطباقه وموائده، والعودة فيه الى معان اكثر حضورا للامة والفرد على حد سواء مستذكرين ان كل معنى جميل لهذه الامة من نصر او تقدم كان في شهر رمضان اذ حفل عبر مراحل تاريخية عدة بانتصارات ما زلنا نتغنى بها يوم كانت بطوننا خفيفة.
 
العبد: إشباع الرغبات الدنيوية أبعدنا عن معاني الشهر الفضيل.
وقال مهند فايز العبد ( 29 عاما) لـ»المواجهة» ان الحال قد تغير في شهر رمضان المبارك فلم يعد شهرا للطاعة والمغفرة والتسامح بين الناس.. بل اصبح عند كثير من الناس في عصرنا الحالي شهرا للمرح واللهو ومشاهدة التلفاز والسهر حتى لساعات متأخرة من الليل.. ويضيف العبد: اصبح اهتمام الناس ينصب على اشباع رغباتهم الدنيوية حيث ابتعدوا كل البعد عن الله عز وجل في هذا الشهر الفضيل، فنلاحظ على القنوات الفضائية انها تستعد وتعد البرامج الرمضانية منذ اشهر ومنها الفوازير والسهرات الرمضانية والتي تنقل بثا مباشرا من الفنادق والخيم الرمضانية التي يعم بها الاختلاط والبعد عن الله.
ويستطرد العبد: تضاعفت مصاريف شهر رمضان المبارك، فالناس لا يهمهم سوى بطونهم، وشهواتهم، وتكثر الولائم والعزائم الفارهة في هذا الشهر والتي ينفق عليها الناس الكثير الكثير من الاموال، لتوضع في نهاية الامر في مكب النفايات، ويا حبذا لو وزعت هذه الاموال على الفقراء والمحتاجين لكان اجدى وانفع. ابوجاموس: ليكن رمضان منطلقاً لتصحيح الأخطاء باسمة احمد ابوجاموس (45 عاما)/ معلمة قالت: ونحن على ابواب هذا الشهر الفضيل، شهر البر والإحسان، شهر المغفرة والرضوان، شهر التقوى.. يجب أن نحرص على الالتزام بهدي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بأن يظهر علينا أثر نعمة الله - سبحانه وتعالى -، ولكن دون سرف، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري: «كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف، فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده»، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأك خصلتان: سرف وخيلة»، وما أحوجنا في هذا الشهر إلى أن نلتفت إلى ما نحن عليه من أمور سلبية وخاطئة في حياتنا، فنتقي الله، وليكن شهر رمضان منطلقاً لتصحيح هذه الأخطاء، وأن نحرص على عدم الإسراف والتبذير، وأن نبدل هذه العادة السيئة إلى عادة حسنة، فنبقي على ما كان يطهى ويطبخ، ثم نقوم بتوزيعه على المستحقين من الفقراء والمساكين، أو إهداء الجيران أو المشاركة في إطعام وإفطار الصائمين في المساجد والجمعيات.
 
الجيوسي: شهر للرحمة لا للتخمة
علاء امين سليمان /(38 عاما)مهندس معماري قال للمواجهة: من المؤسف والمعيب بحقنا أن رمضان لم يعد يمثل للكثير منا هذه الايام أكثر من كونه شهرا لـ»تغيير الجو»، عداك عمن جعله فرصة لنفخ البطون حتى بات عنده شهرا للتخمة لا للرحمة. كما تحولت الأجواء الرمضانية في عصر الفضائيات الى مسلسلات تجر مسلسلات، تجر معها الصائم اللاهي بعيدا بعيدا عن حكمة الصوم ومبتغى التشريع. أما عن مظاهر الإسراف والبذخ، فهذه من أعجب العجب، إذ يذهل المرء حقا وهو يشهد أموالا كان الأجدى ان توجه للصدقات وأعمال الخير، لا سيما في شهر الخير، وقد انصبت على الولائم والإطعام لغير وجه الله، حتى أن الشهر الكريم يعتبر فرصة يغتنمها عدد ممن يعدون أنفسهم للترشح للانتخابات لكسب أصوات الناخبين من خلال بطونهم!.
ومع طول ساعات النهار والحر المتوقع خلال الشهر الفضيل هذا العام، تتزايد شكاوى الصائمين وتأففهم من معاناة الصيام، كأنما يمنون على الله تعالى بأدائهم ما فرض عليهم.
 
العبادي: سلوكيات غير حميدة ومبالغات اجتماعية
زيد محمد العبادي (35 عاما) قال: يجنح الكثير من الناس الى تصرفات وسلوكيات غير حميدة خلال الشهر الفضيل من خلال التهافت على الشراء والمبالغة في سلوكيات الاسراف والتبذير في الاستهلاك وتجاوز الأسر في شراء المأكل والمشرب بما يفوق الحاجة ولا يراعي الامكانات الاقتصادية وإن عامل التقليد والرغبة في مسايرة الآخر خاصة الأثرياء يتحكم في تصرفات شريحة كبيرة من المجتمع.
ويعتبر مواطنون ان المبالغة في عمليات الاستهلاك المفرط في شهر رمضان احد مظاهر الشهر الفضيل باعتباره نوعا من الكرم الذي يتسم به المواطن العربي خصوصا فيما يتعلق بالتنوع في اعداد الولائم الرمضانية. وحوّل المواطن الشهر الفضيل الى شهر ولائم وأصبحت تلك الولائم معيارا للعرف الاجتماعي وحلت بديلة عن تبادل المحبة وأجواء الألفة والتعاون في الوقت الذي تحث فيه التعاليم الاسلامية على تكريس الشهر الفضيل للعبادة والشعور مع اولئك الذي يعانون اشد المعاناة من اجل توفير ادنى متطلبات الحياة الضرورية. الجبور: «الشهونة» والسهر على المسلسلات!.
 
نبيل احمد الجبور (45 عاما) قال للمواجهة: اصبح شهر رمضان للكثير منا شهرا لتناول المأكولات والمشروبات، وشهرا لـ (الشهونة) - على تعبير الجبور -، فترى الموائد في اغلب الاسر متعددة ومتنوعة ويوجد بها اكثر من صنف، عدا الحلويات. فالناس لا تهمها في هذا الشهر سوى بطونها. ويكمل الجبور: لقد ابتعد الناس عن دينهم، فشهر رمضان المبارك، شهر العبادة والمغفرة، نجد الناس للأسف تنتظره الان لمتابعة المسلسلات والبرامج التلفزيونية، والسهر حتى اذان الفجر. الجبور تحدث للمواجهة وهو يعلوه الالم والحزن على حال الامة ويقول: لو جمعت هذه الاموال التي تنفق على المأكل والمشرب والسهرات وانفقت في سبيل الله على المحتاجين، وبناء المساجد، لعم الخير على الجميع، فهنالك اسر لا تجد ما تفطر عليه.. حسبي الله ونعم الوكيل.
ويشير بالقول: في عهد رسولنا الكريم وعهد الصحابة رضوان الله عليهم كان شهر رمضان للجهاد والفتوحات الاسلامية ونصرة الاسلام، اما في عصرنا الحالي فقد اصبح شهرا للسهر ومتابعة التلفاز والتسوق وشراء القطايف.
 
وفي جولة لـ»المواجهة» على أسواق العاصمة بدا واضحا زيادة إقبال المواطنين على المواد الغذائية التي أكد أحد التجار لـ»المواجهة» أنها تستأثر باهتمام المستهلكين في هذه الفترة كل عام استعدادا للشهر الفضيل، لافتا الى ان المحال والمولات تحرص على توفير بضائعها بكميات أكبر من المعتاد، ما يشير الى زيادة في نسبة الاستهلاك. ووفق عدد من التجار، فإن إقبال المستهلكين قبيل رمضان وخلاله يتركز على التمور والعصائر الى جانب اللحوم ولوازم الطبخ المعتادة، والقطايف. كما لاحظت «المواجهة» إقبالا متزايدا على شراء كتب الطبخ من قبل سيدات البيوت، لأن «الطبخ في رمضان غير شكل»، وفق قول إحدى السيدات.
 
رأي الشرع: وفي تصريح لـ»المواجهة» قال الدكتور طارق الخوالدة المحاضر في جامعة العلوم الاسلامية العالمية، ان الله سبحانه وتعالى شرع الصيام وجعله ركنا من أركان الاسلام الخمسة وذلك لحكم عظيمة ذكرها الله في كتابه وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. وأوضح أن من أهم هذه الحكم التقوى، حيث قال تعالى «يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» البقرة/183 .. والتقوى هي مراقبة الله في كل اقوالك وافعالك، وقد عرفها بعض العلماء بانها سلوك عملي يتقدم من خلاله المرء الى كل خير ويتأخر من خلاله المرء من كل شر.
وأضاف ان من هذه الحكم الصبر، فقد سمى الرسول صلى الله عليه وسلم شهر رمضان بشهر الصبر، والصائم في هذا الشهر الكريم يدخل دورة عملية يتعلم فيها معاني الصبر حيث ان الصائم يصبر على طاعة الله ويصبر عما حرم الله كما يصبر على ألم الجوع والعطش. وكذلك تهذيب السلوك والاخلاق، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فلا حاجة لله في ان يدع طعامه وشرابه»، وقال ايضا «فاذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث ولا يفسق وان سابه احد او شاتمه فليقل اني صائم».
وأشار الى الصوم يؤدي الى شعور الصائم مع الفقراء والمحتاجين، وقد سئل احد السلف: لم شرع الصيام فقال: ليذوق الغني طعم الجوع فلا ينسى الفقير. ومن حكم الصيام، وفق الخوالدة، استشعار نعم الله الكثيرة، حيث يتعرف المسلم على قيمة الطعام والشراب مما يؤدي الى صونها والمحافظة عليها. وقال ان الحكم الربانية لشهر الصيام كثيرة جدا غير ان كثيرا من الناس تغافلوا عن هذه الحكم واستبدلوها بسلوكيات خاطئة قد تصل في بعض الاحيان الى حد الاثم والمنكر، موضحا ان من ابرز هذه السلوكيات الخاطئة الاسراف والتبذير، وإضاعة الاوقات. وبين انه ينتشر الاسراف والتبذير في شهر رمضان المبارك كظاهرة اجتماعية سلبية تهدد الاقتصاد الوطني وتوسع دائرة الفقر في المجتمع، والسبب في ذلك ان كثيرا من الناس ينظر الى شهر رمضان على انه شهر التلذذ بشتى صنوف الطعام والشراب، وما علم هؤلاء ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفطر على رطبات او تمرات، وما علم هؤلاء ان شهر رمضان هو شهر تصح فيه الابدان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «صوموا تصحو».
وأكد ان الاسلام حرم الاسراف والتبذير في كثير من النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله، ومنها قوله تعالى: «يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين» الاعراف/ 31، وقوله تعالى: «وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا * ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا» الاسراء/26-27 .
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :

محمد محيسن19-08-2010

احلى ابو توبه شو المواضيع الحلوة ياحلو
رد على التعليق
capcha
: كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها .
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.