الشريط الاخباري
- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
49 الف خادمة في أسرنا.. عاملات منازل أم أمهات؟
العاملة نموذج اجتماعي دخل الى بيوتنا مؤخرا لتساعد في التنظيف والعناية بشؤون الأسرة ورعاية الأطفال والاهتمام بهم متجاهلين اهليتها في توفير الرعاية والحاجات الاساسية لهؤلاء الاطفال نظرا لاختلاف اللغة والثقافة والعادات والتقاليد والدين.
وهنا, ما نراه عندما تكون صاحبة المنزل موظفة فعلى عاملة المنزل ان تقوم بجميع اعباء المنزل ورعاية الصغير وتدليله واطعامه وتبديل ملابسه وغيرها من الامور التي تتعلق في رعايته وما يترتب عليها من سلبيات في حياة الطفل الذي يحتاج الى رعاية والديه في السنوات الأولى من حياته كمرحلة تأسيسية.
إن وجود 49 ألف عاملة لدى الأسر الأردنية (الحاصلات على تصاريح) من دون ذكر المخالفات لقانوني الإقامة والعمل- في الوقت الذي يبلغ عدد الأسر فيه مليون أسرة تقريبا وفقا لأرقام دائرة الإحصاءات العامة في العام ,2008 إنما ذلك يدعو للنظر إلى هذا النموذج الاجتماعي الذي بات منتشرا في ما يقارب 5% من هذه الأسر.
اعتاد فراس ذو السنوات الاربع في حياته اليومية ومنذ عامين على أن تكون كريمة العاملة فلبينية الجنسية في حياته اليومية, إلى أن بات يفضلها على والدته خاصة قبل انجابها لطفلتها, وما زاد الطين بلة حسب كلام الأم ان موعد عودة كريمة الى بلدها بات قريبا.
وتقول ام فراس كنت قبل عام ونصف أعمل لساعات طوال وأصل البيت بعد الخامسة مساء, وكان ينام في الثامنة مساء, وفعليا لم اكن اقضي معه وقتا طويلا, لأصدم فيما بعد بواقع تعلقه بالعاملة بشكل كبير, لا يكاد يقارن بدرجة تعلقه بي.
وتضيف لجأت إلى تغيير عملي حتى اعطي ابني وقتا اكبر بدوام اقل لتعويضه, وقمت بتسجيله بحضانه حتى لا يقضي يومه كاملا مع كريمة خاصة واني تعمدت بان يكون بين وصوله المنزل وعودتي اقل من ساعتين.
وتشير الى ان المشكلة التي واجهتها خلال تصويبها سلوك ما تراه هي كوالدة من امر سلبي او غير سوي يمارس من قبل ابنها يضطرها احيانا الى توبيخه, إلا ان سلوكه كان بالهروب إلى كريمة كونها لا تنهره عن الغلط وتسايره في كل تصرفاته, الأمر الذي زاد من تعلقه بها.
وتضيف في كثير من الاحيان كنت أطلب منها الدخول الى غرفتها حتى استطيع ان اسيطر على الوضع وتعليمه باني انا المسؤولة عنه وعن كل ما يتعلق به وليس العاملة.
ولفتت ام فراس الى تعلق ابنها بالعاملة بات يخف تدريجيا بعد محاولاتي أنا ووالده بحل مشكلة هذا التعلق فاصبحنا نصطحبه لدى خروجنا من البيت وحده دون ان تشاركنا حتى بالزيارات العائلية التي اعتدنا على وجودها معنا, وقللنا كثيرا من وجودها معه.
وحددت ام فراس لكريمة ادوارا محدودة تمارسها خلال تعاملها اليومي مع ابنها لا تتجاوز إطعامه في غيابها, تاركة لنفسها الاهتمام بنظافته واللعب معه مشاهدة التلفاز والتسوق وقضاء باقي احتياجاته له.
وتضيف المشكلة التي أرقتني كثيرا كانت عندما علم فراس بعودتها الى بلدها فعاد إلى تعلقه الكبير بها واصبح يرفض الدخول الى غرفته او مشاهدة التلفاز الا بحضورها, مما تطلب مني امضاء وقت اضافي معه وعلى حساب ابنتي الرضيعة (3 اسابيع ).
أم فراس تنبه الأمهات الأخريات إلى تدارك مشكلة تعلق الأبناء بالعاملات منذ البداية وعدم التهاون فيه, داعية الأمهات العاملات أن يتحكمن ببيوتهن وأن يتركن إلى كل صاحب شأن شأنه فتكون الأم أماً والعاملة عاملة, وعدم منح العاملة فرصة أن تكون الأم.
علم الاجتماع
ومن وجهة نظر علم الاجتماع يقول أستاذ علم الاجتماع المشارك في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حسين الخزاعي لنتفق اولا ان الديانات السماوية لم تحرم الاستعانة بمن تساعد الاسرة في شؤونها المنزلية إذا دعت الحاجة الماسة, ولا يلجأ لذلك رب الأسرة إلا عند الحاجة والملحة جد.
ويوضح ذلك أن وجود العاملة لعملها المنوط بها داخل البيت أمر ليس فيه حرج, لكن ما ينبغي أن نقف عنده هو, هل يقتصر دورها على مساعدة أهل البيت في شؤونهم المنزلية فقط? أم أن لها دورا آخر اخطر وأعظم?
ويرى د الخزاعي مكمن الخطر في هذا الأمر في أننا نرى بعض الآباء والأمهات والأسر قد أوكلوا أمر رعاية أبنائهم وتربيتهم إلى هذه العاملة الوافدة من بلاد لها عقائد وعاداتها وتقاليدها التي كثيرا ما تخالف ما نحن عليه من دين وأخلاق وقيم وعادات, فتنقل إليهم ما تحمل من سموم لتخرج لنا جيلا مشوة مفرغ القلب والوجدان والانتماء للوطن
ويضيف علينا أن نستشعر مسؤوليتنا كاملة تجاه أولادنا وألا نتركهم للعاملات دون وعي ومراقبة وتحديد الدور المنوط بهن . ولنتفق ايضا ان الظروف الاجتماعية الحاضرة ألزمت ربة البيت أن تعطي العاملة مسؤوليات كبيرة, من تربية وإشراف على الأبناء, وهنا تكمن الخطورة.. فعلى الأسرة أن تحدد بموضوعية تامة احتياجها للعمالة, فإذا كان المنزل كبيرا وعدد أفراد الأسرة كبيرا فلا بأس من ذلك, وإلا فلا داعي لوجود العاملة .
ويحدد الدكتور الخزاعي السلبيات والإيجابيات الناجمة عن وجود العاملة في الأسرة, محددا السلبيات في فقدان الاتصال الجيد بينها وبين من حولها في الأسرة, مما يوجد عدم الاطمئنان سواء من جانب العاملة أو من جانب مستخدميها, واختلاف الدين واللغة والثقافة بين العاملة والأسرة يجعلها تحاول نقل ما عندها من عقائد وأفكار وتقاليد إلى محيط الأسرة خصوصا لصغار السن, حيث يسهل التأثير عليهم.
ويقول علينا ان لا ننسى ان الأسرة عالم صغير والمنزل سكن خاص بهم, لهم أفكارهم وبرامجهم وأسرارهم, وهذا يتأثر سلبيا بوجود عاملة , خاصة في ظل انخفاض نسبة المربيات اللاتي يتحدثن العربية, وتكون وسيلة التفاهم بين الأسرة والمربية هي اللغة الإنجليزية, مما يشكل خطورة على الناشئة المسلمة بالإضافة إلى اختلاف وتناقض قيم وعادات المجتمعات المصدرة للمربيات مع قيمنا وأخلاقنا, وتقلص دور الوالدين تجاه الطفل في وجود المربية.. مع خطورة استئثار المربية بعواطف ومشاعر الطفل في سن التكوين, وعدم اكتسابه لعادات وأخلاق وقيم الوالدين.
ولعل القضية المهمة التي يجب التوقف عندها والتركيز عليها بحسب الخزاعي هي ان غياب دور الأم في التربية يضعف العلاقة الطبيعية التي تنشأ بينها وبين طفلها فيحرم الطفل من العطف والحنان الذي ينتظره منها والتي من المفترض ان تشعر بما يدور في رأسه وتفهمه من دون ان يتكلم , ولا ينبغي ان يشاركها احد في هذه المهمة سوى الأب صاحب الحق في هذا .
ودور الام ليس فقط في تغيير الملابس للطفل وتقديم الطعام الرعاية المادية دورها في توصيل مشاعر الامومة الحقيقية من خلال ابتسامتها واحضانها الدافئة وارضاعها له بشكل طبيعي ورعايتها بعد ذلك من خلال العلاقة المباشرة وجها لوجه و تعديل وتقويم السلوكيات الخاطئة .
ويقول العاملة مهما كانت مدربة ومؤهلة لن تستطيع توصيل المشاعر العاطفية التي تشعر الصغير بالحب والامان , انعدام التوازن النفسي الذي لا يحققه الاب ولا الأم .
ونوه الى ان مرحلة الطفولة من اهم وادق مراحل العمر في حياة الانسان . ولعل ابرز العوامل المؤثرة في نمو وتكامل شخصية الطفل هو تلك العلاقة الحميمية والاساسية بين الطفل ووالديه, فالطفل في تفاعلة اليومي والحياتي يبني علاقته الاجتماعية والعاطفية والحسية الأولى مع من يرعاه , وخاصة الأم إذ ان الأم يجب ان تكون مصدر الحب والحنان والامل الأول , ومن تلك العلاقة ومن ذلك النبع يرتوي الطفل حسياً وعاطفياً ونفسياً ويعيش حالة من التوازن البدني والنفسي , وكلما كان توازن الطفل النفسي مستقراً وفعالاً كلما كان سلوكه وتصرفاته طبيعية ومقبوله ومفهومه في الإطار العائلي والاجتماعي , ونخشى من وجود العاملة يوفر الاجواء للخيانة الزوجية , والانحراف الاسري ,. واهمال التربية وتعلم الاطفال السرقة وصناعة وتعاطي الخمور سرا والانحراف الخلقي والإيذاء المتعمد لأفراد الأسرة, خاصة إذا كان الخدم يعانون من سوء التكيف مع الأسرة, إفساد الطفل تربويا, التجسس وإفشاء أسرار الأسر, إفساد العلاقة بين الزوجين, الفتنة .
ويقول الخزاعي من ايجابيات وجود الخادمات هو المساعدة أو الإشراف على المنزل والأطفال , عدم إمكانية التوفيق بين العمل والمنزل فالعاملة تسهل المهمة , وفي حال المرض او العجز عند احد افراد الاسرة او كبار السن فان العاملة تقوم بمساعدة الاسرة في امور المنزل والاسرة تتفرغ للعناية بالمريض.
واستعرض الدكتور الخزاعي بعض الاقتراحات التي ستساعد على تقليل أثر العاملة على الاطفال في الأسرة, كتعاون أفراد الأسرة على خدمة أنفسهم قدر الإمكان بإعادة تنظيم البيت من الداخل وتوزيع المسؤوليات مثلما يحدث في العديد من البيوت العربية العاملة, وتعاون الزوجين والاتفاق على برنامج معين للحياة المشتركة من أهم الشروط للاستغناء عن العمالة المنزلية , ووقف الاستخدام غير المبرر للعمالة.
ويرى في تغيير كثير من العادات السلبية مثل كثرة الولائم واستقبال الضيوف كل أيام الأسبوع والحد من مظاهر البذخ والإسراف امرا يساهم في التخفيف من وجود العاملة في حياة الاسرة.
ولفت إلى ضرورة أن يكون للعاملة داخل البيت غرفة أو مكان خاص يهيئ له معيشة إنسانية وأن يكون له ساعات عمل معينة وبعيد عن الاسرة, مطالبا بالمراقبة الدائمة والمستمرة خلال تواجد العاملة مع الطفل.
العرب اليوم
الأكثر قراءة