الشريط الاخباري
- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
الطلاق.. صفقة الكل فيها خاسر
إعداد/ أيمن توبة
يعتبر الطلاق مشكلة اجتماعية نفسية.. وهو ظاهرة عامة في جميع المجتمعات، ويبدو أنه يزداد انتشاراً في مجتمعاتنا في الأزمنة الحديثة.
والطلاق هو ´أبغض الحلال لما يترتب عليه من آثار سلبية في تفكك الأسرة وازدياد العداوة والبغضاء والآثار السلبية على الأطفال، ومن ثم الآثار الاجتماعية والنفسية العديدة بدءاً من الاضطرابات النفسية إلى السلوك المنحرف والجريمة وغير ذلك.
ونال تنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة وتكوين الأسرة اهتمام المفكرين منذ زمن بعيد. ونجد في كل الشرائع والقوانين والأخلاق فصولاً واسعة لتنظيم هذه العلاقة وضمان وجودها واستمرارها. ويهتم الدين ورجال الفكر وعلماء الاجتماع وعلماء النفس بهذه العلاقة، كل يحاول من جانبه أن يقدم ما يخدم نجاح هذه العلاقة لأن في ذلك استمرار الحياة نفسها وسعادتها وتطورها.
وأسباب الطلاق متعددة، منها الملل الزوجي وطغيان الحياة المادية والبحث عن اللذات وانتشار الأنانية وضعف الخلق، وكل ذلك يحتاج إلى الإصلاح وضرورة التمسك بالقيم والفضائل والأسوة الحسنة.
ومن الأسباب الأخرى ´الخيانة الزوجيةª، حيث تتفق كثير من الآراء حول استحالة استمرار العلاقة الزوجية بعد حدوث الخيانة، لاسيما في حالة صدورها عن المرأة. وفي حال خيانة الرجل تختلف الآراء وتكثر التبريرات التي تحاول دعم استمرار العلاقة.
ويمكن للشك والغيرة المرضية واتهام أحد الزوجين للآخر دون دليل مقنع أن تكون سبباً في فساد العلاقة الزوجية وتوترها واضطرابها مما يتطلب العلاج لأحد الزوجين أو كليهما، ذلك أن الشك يرتبط بالإشارات الصادرة والإشارات المستقبلة من قبل الزوجين معاً، ويحدث أن ينحرف التفكير عند أحدهما بسبب غموض الإشارات الكلامية والسلوكية التي يقوم بهاأ كأن يتكلم قليلاً أو يبتسم في غير مناسبة ملائمة أو أنه يخفي أحداثاً أو أشياء أخرى وذلك دون قصد أو تعمد واضح مما يثير الريبة والشك والظنون في الطرف الآخر ويؤدي إلى الشك المرضي.
وتبين الحياة اليومية أنه لابد من الاختلاف والمشكلات في العلاقة الزوجية، ولعل هذا من طبيعة الحياة، والمهم هو احتواء المشكلات وعدم السماح لها بأن تتضخم وتكبر، وهذا بالطبع يتطلب خبرة ومعرفة يفتقدها كثيرون. وربما يكون الزواج المبكر عاملاً سلبياً بسبب نقص الخبرة والمرونة وزيادة التفكير الخيالي وعدم النضج فيما يتعلق بالطرف الآخر وفي الحياة نفسها.
وللوقوف على هذه الظاهرة ارتأت ´المواجهةª أن تستطلع الاراء لتسليط الضوء على هذه المشكلة:
أمينة: تدخل أهل زوجي.
أمينة امرأة مطلقة منذ ثلاث سنوات لديها ثلاثة ابناء، وتعمل آذنة في مدرسة حكومية، وهي تحصل على نفقة 90 دينارا فقط من الزوج، وتعتبر هذا المبلغ زهيدا جدا ولا يكفي حاجة الابناء ومصاريف الحياة الكثيرة المتزايدة. وتضيف أمينة: تزوجت بابن عمي منذ عشر سنوات وطلقت منه بعد 7 سنوات من الزواج، وسبب طلاقي هو تدخل أهل زوجي في حياتنا الزوجية، وعدم تحمل زوجي للمسؤوليات الزوجية، فقد انقلبت حياتنا الى جحيم، واستحالت الحياة بيننا.
محمد: رغبة والدي.
ويقول محمد، وهو يعمل موظفا في شركة: منذ اكثر من خمس سنوات اجبرني والدي على الزواج من فتاة يرتبط والدها بوالدي بمصالح عمل، وقد أراد الاثنان ان يوثقا علاقتهما اكثر من هذا وتمتد إلى حدود النسب والمصاهرة والقرابة، وكنت وقتها غير مستعد للزواج نفسيا واجتماعيا وقد حاولت ان اشرح ذلك لوالدي ولكن دون جدوى، حيث مارس علي ضغطا لكي اوافق على هذا الزواج. وامام هذا الضغط وهذا الالحاح من جانب والدي وافقت على التقدم لخطبة هذه الفتاة على امل أن تكون هناك فترة خطوبة تمكنني من الاستعداد نفسيا واجتماعيا وكذلك من التعرف على هذه الفتاة اذ ربما تكون زوجة صالحة، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه فقد اراد الابوان ان يتما مشروع الزواج سريعا وامام رغبتهما سلمت بالامر الواقع وتزوجت هذه الفتاة دون ان اعرفها ودون ان تعرفني وكل واحد منا يجهل طباع وميول ورغبات الاخر، وبعد الزواج وانتهاء ايام العسل - كما يسميها بعض الناس - بدأت الاختلافات تظهر وبدأت المشاكل تعكر صفو حياتنا، وكان هذا كله يرجع إلى اختلاف الطباع وعدم قدرة كل منا على ان يفهم الاخر ويقدر احتياجاته ومتطلباته ورغباته ويعي ميوله ويدرك طبيعة انفعالاته، وكلما كانت الايام تمر كانت المشاكل تزداد وبدأ الاهل يتدخلون في هذه المشاكل وبالتأكيد كل من الطرفين انحاز لطرفي المشكلة - الزوج والزوجة - ومع تفاقم المشاكل وسوء التفاهم ادركت ان حياة مثل هذه لا يمكن بأي حال من الاحوال ان تستمر وادركت ان الانفصال هو الحل الانسب للطرفين وبالفعل انفصلنا وترتب على الانفصال خلافات بين والدي ووالدها لدرجة انهما انفصلا في اعمالهما المشتركة، وبعد الطلاق عشت أياما صعبة عانيت فيها الكثير من الآلام النفسية والاجتماعية لدرجة أنني قررت عدم تكرار التجربة خوفا من ان يحدث مثل ما حدث في الاولى.
سامر: حكاية مرة قبل الطلاق وبعده.
ويقول سامر ´في الحقيقة مشكلة الطلاق من أكثر المشاكل الاجتماعية خطورة وتأثيرا على الفرد والمجتمع والامة، ولكن في الوقت نفسه يعتبر الطلاق حلا جذريا عندما تستحيل الحياة الزوجية، وقد كان لي مع الطلاق حكاية مرة ومع الزواج حكاية اكثر مرارة.
ويضيف ´تزوجت من احدى بنات عمي وكان الزواج عائليا بحتا فقد تزوجتها لمجرد انها ابنة عمي وبدافع لم شمل العائلة، واستمر الزواج اكثر من ستة اعوام هي اصعب سنوات حياتي، فلم اكن فيها سعيدا ابدا وكان الاختلاف بيني وبين زوجتي شاسعا وقد فكرت في مسألة الطلاق في السنة الاولى من الزواج ولكني خوفا من تأثير ذلك على شمل العائلة قررت ان اصبر واتحمل واحاول ان افهم زوجتي ونصل معا إلى حدود مشتركة من التفاهم والتعايش، ولكن ما كنت اهدف اليه لم يتحقق وطغت المشاكل الاجتماعية على حياتنا حتى تحولت إلى جحيم لا يطاق، وفي كل مرة افكر فيها في الطلاق اتراجع واقرر الاستمرار حرصا على جمع العائلة، ولكن بعد ان فاض بي الكيل لم استطع التحمل والاستمرار في حياة زوجية فاشلة وبالفعل كان الطلاق هو الدواء الوحيد لما كنت اعاني منه على مدى ستة اعوام من الهم والنكد والمشاكل، ولكن بعد الطلاق اكتشفت انه أصابني بأمراض واوجاع نفسية كثيرة، تكفي نظرة المجتمع المتدنية للمطلق لدرجة ان زوجات اصحابي كن يوصين ازواجهن بالابتعاد عني وقطع صلتهم بي خوفا من ان اصيبهم بعدوى الطلاق، وهذا ما جعلني افكر في الزواج مرة اخرى، ولكني قررت الاستفادة من التجربة الاولى التي لم تنته اثارها حتى الان وخاصة فيما يتعلق بالعائلة وبالفعل تقدمت للزواج ثانية وكان ايضا الطلاق سببا في تأخر هذا الزواج حيث كانت العروس وأهلها يخشون من تجربتي السابقة مع الزواج والطلاق وبعد ان شرحت لهم أسبابي اقتنعوا بها ووافقوا على الزواج وفي حياتي الزوجية الحالية احاول ان اتجنب كل سبل الخلاف وفي الحقيقة فقد تفهمت زوجتي مواقفي واصبحنا مع مرور الايام اكثر تفاهما.
خالد: حسن الاختيار.
ويرفض خالد الحديث عن تجربته في الطلاق لأنها - بحسب قوله - مريرة للغاية ولا يريد استرجاعها من ذاكرته فقد حاول كثيرا ان يطوي هذه الصفحة السوداء من حياته ويبدأ حياة جديدة مليئة بالامل والفرحة والسعادة بعد سنوات عجاف لم يذق فيها طعم الراحة ولا السكينة ولكنه في الوقت نفسه يوجه نصيحة لشباب المجتمع قائلا: ليت كل شاب يفكر جيدا قبل ان يقدم على الزواج وعليه ان يحسن اختيار شريك حياته وألا يخضع في اختياره لرأي والد أو عائلة وان يختار بناء على ما يراه هو وليس ما يراه الآخرون.
***فادي: المسائل المادية.
ويؤكد فادي أن المسائل المادية لها دور كبير في موضوع الطلاق حيث ان هناك أسرا تحمل الزوج أو الشاب المقبل على الزواج ما لا يطيقه من أمور كمالية تتطلب أموالا طائلة ومن ثم يستيقظ الشاب في صباح أول يوم زواج ويجد على كاهله ديونا لا طاقة له بها ولا يدري كيف يسدد هذه الديون، بالاضافة إلى مطالب الزوجة التي لا تنتهي، وهذا كله كفيل بأن يدفع أي زوج للتخلص من هذه الحياة الزوجية الثقيلة عليه، وهذا ما حدث في تجربتي الشخصية وكان الطلاق الحل الوحيد امامي بعد ان عجزت عن تلبية كل متطلبات زوجتي التي لم تراع حالتي وكان كل ما يهمها هو اقتناء كماليات لا تسمن ولا تغني من جوع.
*** حكم شرعي.
لا يتنافى الطلاق مع شرع الإسلام، ولكن في نظر الإسلام فان شر بلاء في هذه الحياة هو معاشرة المرء من لا يوافقه ولا يفارقه، فأمر الإسلام أن يعالج الزوج زوجته إذا كانت نابية عاصية بالحكمة والتدرج مع اللين في غير ضعف والشدة في غير عنف وأمر الإصلاح بوضع الحَكَم للحيلولة دون الطلاق، وهو مكروه فهو أبغض الحلال إلى الله، وقد يكون واجباً في حالة عدم تأدية الزوج للصلاة ويجوز طلبه عند وجود سبب مقنع -عضوي أو نفسي- يستوجب الطلاق وفسخ عقد الزواج.
ويكمن الحل الناجع لمنع انتشار الطلاق في أمور منها:
أولاً: اختيار ذات الدين بالنسبة للزوج واختيار ذي الدين والخلق بالنسبة للزوجة.
ثانياً: مراعاة شروط اختيار الشريك باختيار سليم وصحيح تتحقق فيه جملة الشروط الموضوعية والذاتية.
ثالثاً: تأهيل المرأة منذ البداية من خلال التربية والتنشئة الاجتماعية تنشئة صالحة وتعليمها لتتكيف مع الحياة الأسرية ومع العادات والتقاليد وكيفية حل مشاكلها مع الزوج بمنطق العقلانية والمناقشة بالحوار مع الشريك وليست بالتوبيخ ابتداء من الفرد وانتهاء بالمجتمع ككل، وهذا الكلام بالنسبة للجنسين.
رابعاً: لا بد من مشاركة وزارات الإعلام والتربية والتعليم والشؤون الاجتماعية لدراسة هذا الموضوع والخروج بحلول له، ولا بد من مشاركة وزارة العدل في إعادة النظر بالقوانين المرتبطة بالطلاق للحد منه قانونياً حسب الإمكان.
وبعد، فان عقد الزواج من أخطر وأهم العقود، لأن له صفة الاستمرارية، والطلاق شرعه الله لحكمة فهو علاج وهو حق للرجل وهو أبغض الحلال إلى الله، وكذلك تستطيع المرأة إذا أحست باستحالة العشرة أن تطلب الطلاق، فالطلاق آخر العلاج وليس أوله، ولا بد أن تسبقه محاولات للتوفيق والإصلاح، وإذا استحكم النفور بين الزوجين ولم تصلح كل الوسائل ولم تنجح فإن الطلاق في مثل هذه الحالة هو الدواء المر، وللأسف فان المتضرر دائماً وأبداً من الطلاق هم الأطفال، فيذهبون ضحية لزواج فاشل ويتشردون في دور الرعاية يصارعون ظلمات المجهول، ثم يأتي الضرر على الزوج الذي فقد ماله مع زوجة مستهترة بددت ثروته وأهانت كرامته فليست المرأة الضحية دائماً، وقد تكون المتضررة هي الزوجة التي افترى عليها زوجها وأذاقها ويلات الحياة وخاصة إذا كانت غير متعلمة، ونحن نشهد في المحاكم مآسي كثيرة. من هنا يظهر جلياً ما للطلاق من آثار سلبية على جميع أفراد الأسرة ولا يوجد في الطلاق طرف رابح فالكل خاسر فيه.
الأكثر قراءة