• المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
  • يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

تحقيق يكشف استهتار الحكومة في التعامل مع قانون حق الحصول على المعلومات

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2010-11-23
1595
تحقيق يكشف استهتار الحكومة في التعامل مع قانون حق الحصول على المعلومات

رفع أول قضية يتم فيها الطعن بقرار رفض تزويد مواطنة بمعلومات

غالبية ردود فعل المؤسسات الرسمية سلبية أو تنطوي على جهل في تفسير القانون ومضامينه
5% فقط من 130 صحافيا وصحافية, استخدموا حق الحصول على المعلومة
التلهوني: من أصل 124 مؤسسة حكومية 15% منها لم تنته من فهرسة وثائقها
ثغرات في قانون ضمان حق الحصول على المعلومة وجهل المؤسسات الرسمية في تطبيقه, ما يحول دون تفعيله على الأرض بعد ثلاث سنوات على إقراره, ليغدو الأردن أول دولة عربية تعتمد مثل هذا القانون
 
لم يستطع الكاتب والمحلل السياسي محمد أبو رمان أن يخفي غضبه واحتجاجه وهو يقلب صفحات كتاب اقتل خالد للباحث الأسترالي بول ماكغوف الذي يتناول محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في عمان في 25 أيلول 1997 . الباحث حصل على معلومات خطيرة وسرية ووثق مقابلات مع كبار المسؤولين في الأردن يؤكد أبو رمان وهو يقارن كرم الدولة في اغداق المعلومات السرية بما واجهه بنفسه, خلال إعداده اطروحة الدكتوراة حول العلاقة بين الأردن وحماس, من تلكؤ المسؤولين في تزويده بالمعلومات بحجة سريتها.
أبو رمان لم يستخدم قانون ضمان حق الحصول على المعلومةالشكلي و الديكوري, حسب وصفه, نتيجة منطق الوصاية والاحتكار الذي يحكم عمل الجهات المسؤولة في التعامل مع المعلومة كما يقول.
نوقش قانون حق الحصول على المعلومة وأقر في جلسة برلمانية لم تتجاوز ستين دقيقة. جلسة يتيمة ناقش بها البرلمان قانونا رسم ملامح تداول المعلومات بين السلطة وستة ملايين أردني, لتصبح الأردن أول دولة عربية تسن قانونا من هذا النوع.
بعد مضي ثلاث سنوات على صدور القانون بالجريدة الرسمية بتاريخ 17-6-2007 لم يسهم بتحريك المياه الراكدة في مجال تداول المعلومات ولم يرفع سهم الأردن دوليا في فضاء الحريات; فمستخدمو القانون من الصحافيين مثلا لم يتجاوز 5% بحسب استطلاع علمي اجري لصالح التحقيق, كما انخفض تصنيف الأردن من دولة حرة جزئيا , الى دولة غير حرة لعام 2010 وفقا لمؤسسة فريدم هاوسالأمريكية التي ينظر المسؤولون العرب الى تقاريرها كنوع من التدخل في شؤون بلادهم الداخلية.
القصور الحكومي في توفير بيئة ملائمة لتطبيق القانون وتلكؤ وعدم جدية الحكومة في التعامل معه كانا سببا في تعطيله وتفريغه من محتواه كما يرصد هذا الجزء من التحقيق.
القانون في أروقة مؤسسات الدولة
 كانت صدمة الصحافية في ملحق شباب الدستور عبير أبو طوق كبيرة لدى مراجعتها وزارة الزراعة, بعد انتظار دام لأكثر من شهر, لمتابعة مآل معلومة كانت طلبتها. أحد المسؤولين قابلها برد فاتر :طلبك ضاع الله يعينك قدمي مرة تانية. تقول أبو طوق: فعلا قدمت الطلب مرة ثانية وثالثة وبعد جهد بالغ وفترة زمنية جاوزت الشهر والنصف حصلت على المعلومة.
كاتبة التحقيق قدمت عشرة طلبات للحصول على المعلومة بهدف قياس مدى استجابة المؤسسات الحكومية للقانون (مرفق في الجدول تفاصيل تقديم الطلبات).
دائرة المكتبة الوطنية ومجلس النواب كانا الأسرع في التجاوب مع هذه الطلبات. أما وزراة التربية والتعليم, التي قدم اليها طلب للحصول على معلومات بخصوص عنف الطلاب ضد المعلمين في المدارس, فقد اتصل ناطقها الاعلامي بكاتبة التحقيق بعد أكثر من خمسة اسابيع راجيا إرسال الطلب مرة أخرى.
وزراة الداخلية قدم لها طلب متعلق بالغطاء الذي عملت تحته جماعات تبشيرية تم ابعادها من الأردن عام 2008 ليصل الرد بعد فترة انتظار لأكثر من شهر خال من أي معلومة ذات صلة.
رئاسة الوزراء هي الأخرى حجبت معلومة طلبتها شبكة أريج تتعلق بتقرير أوضاع المعلومات في الأردن لعام 2008 الذي يرفع عادة من مجلس المعلومات للحكومة. حجة الرفض تلخصت بعدم توفرشرط المصلحة المشروعة لدى الشبكة , علما بأن المعلومة كانت ستستخدم لتدعيم تحقيق استقصائي سينشر في العرب اليوم.
رفض الحكومة استند إلى منطوق المادة (7) من قانون ضمان حق الحصول على المعلومة : مع مراعاة احكام التشريعات النافذة , لكل اردني الحق في الحصول على المعلومات التي يطلبها وفقا لاحكام هذا القانون اذا كانت له مصلحة مشروعة او سبب مشروع.
اثبات مشروعية المصلحة المنصوص عليها في المادة السابعة من القانون بالنسبة لطالب المعلومة ليس سهلا كما ترى المحامية المتخصصة في الشأن الإعلامي بسمة الحسن, ولتجاوز هذه الإشكالية عمدت كاتبة التحقيق الى تقديم الطلب بصفة شخصية, فلم يكن من الرئاسة إلا تحويله لمؤسسة تطوير القطاع العام لتنفي الأخيرة تلقيها له.
كما تقدمت العرب اليوم بطلب لدائرة الأراضي والمساحة لمعرفة هوية المستثمرين العرب والأجانب وأثمان الأراضي الاميرية التي تم بيعها لهم. مرة اخرى ترفض الدائرة الاستجابة بحجة سرية المعلومة استنادا لتصنيفها ضمن الوثائق المحدودة بحسب قانون حماية أسرار ووثائق الدولة والذي تتعارض بنوده مع قانون حق الحصول على المعلومة .
في غضون ذلك, وتحديدا بعد السؤال حول الأراضي الأميرية مباشرة, عممت الحكومة بتاريخ 6-7 -2010 على جميع مؤسساتها الإلتزام بقانون حماية ووثائق الدولة (الذي يحظرعلى الموظف الحكومي تسريب أي معلومة سرية) تحت طائلة المسؤولية.
تصنيف الوثائق الحكومية ... كل يغني على ليلاه
تعذر المؤسسات بسرية المعلومة عائق لم تواجهه كاتبة التحقيق فقط, بل واجه أيضا الصحافي والخبير بالقوانين الإعلامية يحيى شقير, الذي أثار دهشة القائمين على المعهد الأردني للإعلام عندما أبرز وثيقة فشل في الحصول عليها من إدارة المعهد باستخدام قانون حق الحصول على المعلومات.
يقول شقير على خلفية خلاف بيني وبين إدارة المعهد حول شروط التفرغ للدراسة, طلبت الإطلاع على الاتفاقية الأكاديمية بين المعهد وبين الجامعة الأردنية بهذا الشأن, إلا أن المعهد تذرع ب¯ سرية المعلومة بينهم وبين الجامعة الأردنية حالت بيني وبين ذلك. في الواقع لم يكن ما طلبت سريا بدليل حصولي عليه لاحقا.
المحامية الحسن ترى أن قانون ضمان حق الحصول على المعلومة أعطى المؤسسة هامشا واسعا لحجب المعلومة بداعي السرية ; إذ تلزم المادة 14 من القانون المؤسسات الحكومية بفهرسة وثائقها بحسب الأعراف المهنية وتصنيف ما يتوجب اعتباره منها سرياً ومحمياً حسب التشريعات النافذة.
لا ضير في المادة كما يرى إبراهيم عز الدين وزير الإعلام الأسبق ورئيس للمجلس الأعلى للإعلام الأسبق; فحق الحصول على المعلومة وضع قانون حماية أسرار ووثائق الدولة كمقياس تسير عليه المؤسسات في تصنيف وثائقها, على اعتبار أن لكل دولة حق تصنيف وثائقها بين المباح والسري حفاظا على أمنها وسيادتها يقول عز الدين.
ورغم أن التصنيف المقصود للوثائق هو الرجوع الى قانون حماية أسرار ووثائق الدولة وهو قانون معروف أنه من أكثر القوانين حجبا للمعلومة إلا أن الصورة تبدو ضبابية في بعض المؤسسات الحكومية.
تظهر نتائج مسح عشوائي في إطار التحقيق على 16 مؤسسة حكومية, عدم وجود معايير مشتركة بين المؤسسات الحكومية لتصنيف وثائقها.
ففي وزراة الصناعة والتجارة مثلا, تتم الأرشفة والتصنيف حسب نظام معتمد داخل الوزارة. أما مديرية الأمن العام تصنف المعلومات اعتمادا على سياسة خاصة بها, اما هيئة مكافحة الفساد فتفهرس المعلومة حسب ما تراه مهما للرأي العام, في حين ترفض دائرة الأحوال المدنية الإدلاء بأي معلومة حول فهرسة وثائقها بأمر من مساعد المدير العام , وزارة العمل كذلك طلبت من الباحث معن عبدالله الموكل من قبل »العرب اليوم« بإجراء المسح العودة بعد اسبوع للإجابة عن السؤال.
وعلى أرفف مقر الرئاسة الحكومية تختفي محاضر مجلس الوزراء بحجة عدم تدوينها; كاتبة التحقيق طلبت الإطلاع على تلك المحاضر الخاصة بمناقشة صفقة كازينو البحر الميت (خريف 2007) بعد طي ملفها مؤخرا بتفاصيله الغامضة فجاء رد الرئاسة: لا توجد محاضر لرئاسة الوزراء!.
ثلاث سنوات على إقرار القانون, وستة تعاميم خلال فترات متباعدة ارسلها رئيس الوزراء سمير الرفاعي للمؤسسات الرسمية يدعوها للإنتهاء من عملية الفهرسة والإلتزام بجزئيات اخرى متعلقة بالقانون لم تفلح في انجاز المهمة على مستوى الوزارات والدوائر الحكومية; فمن أصل 124 مؤسسة حكومية, لم تنته 15% منها من فهرسة وثائقها, عدا عن كون الحكومة لم تقم بجولة ميدانية واحدة لتفقد وضع من أنهى عملية التصنيف, حسب معلومات أدلى بها مفوض المعلومات مأمون التلهوني لكاتبة التحقيق.
رفع أول قضية للحصول على المعلومة
أكثر ما يميز قانون ضمان حق الحصول على المعلومة هو أحقية مستخدمه بالطعن قضائيا في رفض المؤسسة منحه المعلومة, وهذا ما حصل فعلا.
في أواخر شهر أيلول الماضي, سجلت بمحكمة العدل العليا أول قضية طعن منذ إقرار القانون رفعتها كاتبة هذا التحقيق ضد دائرة الأراضي والمساحة, لحجبها معلومات حول الأثمان التي بيعت بها الأراضي الاميرية في الأردن ولصالح من تم البيع.
منذ البداية لم يكن الطريق معبدا; إذ رفضت المحكمة اعتبار كاتبة التحقيق صحافية لافتقادها عضوية النقابة وهو ما جردها, من وجهة نظر المحكمة, من الصبغة الشرعية لطلب المعلومة. لتجاوز هذه الاشكالية تم تسجيل المشتكية كمواطنة أردنية فقط. هي معضلة قد تواجه 500 من العاملين في حقل الصحافة والإعلام غير المسجلين في النقابة, من أصل 1200 صحافي عاملين في المملكة بحسب تقديرات مركز حماية وحرية الصحافيين.
وقال المحامي الموكل بمتابعة القضية محمد قطيشات, مدير وحدة المساعدة القانونية للصحفيين ميلاد التابعة لمركز حماية وحرية الصحافيين سنعمد إلى الطعن بتصنيف الدائرة للمعلومة بالمحدودة التي لا يستطيع المسؤول الإفصاح عنها بموجب قانون حماية أسرار ووثائق الدولة المؤقت والصادر عام 1971; فالأراضي الاميرية ملك عام من حق جميع المواطنين الإلمام بكل ما يتصل به من معلومات وأرقام.
حين تخلو أدراج الحكومة من نماذج المعلومات
بموجب المادة (9) من قانون حق الحصول على المعلومة يجب على الصحافي تعبئة نموذج رسمي معتمد قبل طلبه الحصول على المعلومات, هو أمر لا يعرفه الكثير من الصحافيين ممن التقاهم كاتب التحقيق.
أهمية النموذج تكمن في إضفاء الصفة القانونية على طلب المعلومة حسب مفوض المعلومات مأمون التلهوني, الذي يؤكد أن رئاسة الوزراء اصدرت تعميما أكثر من مرة حثت خلاله الوزارات والمؤسسات على توفير النموذج الموحد لطلب المعلومة في دوائرها.
المفارقة كانت في نتائج مسح ميداني أجري في إطار التحقيق شمل 16 مؤسسة كشف عن خلو مكتب خدمة الجمهور التابع لرئاسة الوزراء من هذا النموذج, الذي لم يتوفر إلا لدى دائرة ضريبة الدخل.
أما في الفضاء الإلكتروني فلا يبدو الأمر أفضل حالا; إذ لن تجد النموذج إلا على موقع رسمي واحد, من بين عشرات المواقع الحكومية, هو مجلس المعلومات الوطني الذي أسس بعد إقرار قانون حق الحصول على المعلومة .
مجلس المعلومات... رعاية حكومية و قرارات غير ملزمة
نموذج المعلومات, هو باختصار جواز العبور لتقديم شكوى لمجلس المعلومات في حال حجبت مؤسسة ما معلومة عن طالبها, تماما كما حصل مع الصحافي في راديو البلد سابقا محمد الخطيب.
 الخطيب لم يجد بدا من تقديم شكوى بتاريخ 16-10 -2010 ضد البنك المركزي كما تتيح المادة 17 من قانون ضمان حق الحصول على المعلومة. شكوى الخطيب جاءت بعد مماطلة المركزي أكثر من شهر انتهت برفض البنك إعطاءه معلومات حول نسبة القروض السكنية والشخصية المتعثرة لعام 2009 بحجة سرية المعلومة, بموجب المادة 45 من قانون البنك المركزي.
لكن مجلس المعلومات أوصى البنك بإعطاء الصحافي المعلومة على اعتبار بطلان سبب المنع, إلا أن الأمر لم يسر على ما يرام يقول الخطيب, فقانون ضمان حق الحصول على المعلومة لا يلزم الجهة المعنية التقيد بقرارات مجلس المعلومات وهو ما دفع البنك لرفض توصية المجلس, حسب الخطيب.
في هذا السياق يتشارك كل من مفوض المعلومات مأمون التلهوني والصحافي يحيى شقير وهو أحد المساهمين في وضع القانون بأن عدم إلزامية قرارات المجلس أسهمت في تحييد دوره كمنفذ ومشرف على تطبيق القانون.
يذكر أن اليمن, ثاني دولة عربية أقرت مسودة لقانون حق الحصول على المعلومة, تجاوزت إشكالية إلزامية قرارات المجلس طبقا لنص المادة 31 من القانون: التوصيات والقرارات الصادرة عن المفوض العام ملزمة لكافة الجهات حسب شقير.
عدم الزامية قرارات مجلس المعلومات الأردني ليس السبب الوحيد في انعدام الثقة بينه وبين مستخدمي القانون بحسب المحامي الخبير في القضايا الإعلامية محمد قطيشات, فالمجلس المشرف على انسياب المعلومات من السلطة التنفيذية الى المواطنين ولد من رحم الأولى ليشغله موظفون حكوميون بموجب تعيين من رئيس الوزراء وفقا لقطيشات.
إحصاءات غربية
الصورة القاتمة لتدفق المعلومات وتداولها ممن يملك المعلومة الى من يطلبها في الأردن يقابلها اخرى مشرقة في دول غربية, فبحسب ورقة عمل أعدها الصحافي المتخصص في التشريعات الإعلامية يحيى شقير, في شهر تموز الماضي احتفلت ايرلندا بالشكوى الألف المقدمة لدى المحكمة استنادا لقانون حق الحصول على المعلومة هناك.
أما الولايات المتحدة فبلغ عدد الطلبات المقدمة بموجب القانون مليونين ونصف المليون طلب خلال عام 2007 وحده. دولة أخرى كبريطانيا, عرفت بصرامتها في التعامل مع الوثائق السرية, وصل عدد الطلبات المقدمة فيها في أول 3 أشهر من عمر القانون 7700 طلب تمت إجابة 51% منها بالكامل و20% جزئيا.
* هذا التحقيق بدعم من شبكة أريج (إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية) وإشراف المركز الدولي للصحافيين(ICFJ) ومقره واشنطن.
العرب اليوم - مجدولين علان
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.