• يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

سيف قاسم محمود: تراكيب لونية وتنظيم صوري خلاق

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2011-11-30
2043
سيف قاسم محمود: تراكيب لونية وتنظيم صوري خلاق

 في معرضه الشخصي المقام على قاعة حوار للفنون استطاع الفنان سيف قاسم محمود مواليد 1980 ان يشد انتباهنا لاعماله لما تتسم به من خصائص الرؤية المرتكزة على فهم الالوان وسبل وضعها وصوغ الشكل المبتكر، المؤهل وكذلك في توظيف طاقة الافكار الخلاقة.
ومن اللافت للانتباه ان الية الاداء اللوني والتقني امنت للفنان حضورا ضمن رقعة المشهد التشكيلي في العراق فكيف كانت هذه الالية؟
_ يبدو ان الانشاءات التصويرية تاخذ فعاليتها وديناميكيتها من نماذج واقعية وانتقاءات صورية لاشكال الزهور والفراشات ونماذج من الحياة الصامتة وبعض اوضاع الراقصات والمناطيد وصور الاشجار على نهر دجلة ومن خلال هذه المسميات يتاكد لنا بان النهج الذي اشتغل عليه سيف قاسم هو نهج ينطوي على رؤية واقعية الا ان الية الاداء اللوني وكيفيات الانتخاب الشكلي وضعت سياقات العمل ضمن خصائص الفنون التصميمية المشيدة على الاسس السليمة والاستناد الى قواعد الضبط في بناء الشكل المنظم وشد الانتباه الى زوايا العمل ونقاطه السيادية المكرسة للانتباه.
 ان المتلقي للاعمال سيجد نفسه بمواجهة اشكال انتقائية ترسم بوضوح وحدات صورية بيد ان الفنان يعمل على خلق ضرب من التمويه وذلك بعدما يحاول تدمير هذه البنى الشكلية وتقويضها ومزاولة اللعب على التراكيب اللونية فتبدو الالوان في اللوحات على شكل تشظيات لسطوح هندسية مشغولة بعناية تامة ومحسوبة الابعاد من جميع جوانب اللوحة.
 فالخصائص الخطية تكاد ان تتداخل في البنى اللونية التي غالبا ماتوضع كعلامات فاصلة لابراز قيم الموضوعات.
ان كل لوحة تمتلك سمات الالوان المتضادة وكل لون مشغول على شكل سطح مستقل قائم بذاته غير اننا نتلمس وحدة انسجام كلية تجمع التراكيب اللونية وانساق الخطوط ضمن وعاء شكلي متوازن تقبله عين التلقي من الوهلة الاولى.
 لقد وظف الفنان المواضيع المستمدة من البيئة بمناى عن المواضيع المقلقة التي تثير الحزن وتسبب وجع الراس أي ان الفنان سعى لقصديات المواضيع الفرحة التي تطبع البهجة وتحفز بواعث السرور بمناى عن المواضيع السياسية الحامية فاختار لفنه المواضيع الهادئة وكان رؤيته الفنية ترتكز على قيم جمالية متناغمة مع الحياة بعيدا عن حالات الاضطراب والصخب ولذا فان مواضيع الاعمال الفنية تنحو باتجاه تجسيد صور الجمال الطبيعي القائم بذاته ولذاته ولكن سبل الاداء الفني كفلت صيغة اخرى من الجمال فاضفت القا جديدا مسوغا بالفهم والوعي لمغزى فنون حداثة الرسم العراقي.
 ومما يثير الانتباه بان السطوح اللونية المتباينة وتراكبها تعطي الانطباع بحركة مستمرة وكانها اكتسبت بعدا زمنيا وطاقة متواصلة فالانطباع الاول عن اللوحات سرعان ما يفضي الى عالم الفنون التجريدية ولكن عملية التركيز على اتجاه اللوحة وتحديد سمات الموضوع المشخص احالت دون ان تكون مرجعياتها تنتسب للفنون التجريدية ولذا فاننا سنبقى ضمن اطر المواضيع الواقعية المحورة التي تحتمل التشاكل والتراكب والاضافة والحذف ضمن المعطيات التقنية في برامج الحاسوب ففنون الرسم الجديدة سمحت بطرق ابواب مختلف المواضيع كما سمحت باستثمار مختلف السبل التقنية والادائية على شرط ان تكون مستوفية لاغراضها الفنية ووظائفها الجمالية وتاكيد المغزى الذاتوي ولكن الفنان وخلال الية الاداء اللوني المتشابه مع مايشتغل عليه المصممون فالسطوح اللونية المشغولة وفق نظم هندسية سرعان ما تذكر بفنون التلصيقات الورقية وصناعة شكل يحفى بخداع البصر وخلق الايهام عن طريق مزاولة لعبة فنية او تقنية وبالحقيقة ان هذه الالية من الاشتغال تذكر باساليب الرسم الانطباعية ولاسيما في اسلوب المدرسة التنقيطية التي تنظر لمكونات الوجود على انها تتشكل من اجزاء دقيقة ثم تتراكم لتكون هذا العالم الفسيح.
 لقد استطاع الفنان سيف قاسم ان يعلن عن اسمه الفني بجدارة واستحقاق ولنا ان نضع حكم القيمة الفنية على منجزاته الابداعية ونعدها ضمن الاساليب الجديدة في الرسم العراقي المعاصر لما تحفى به مؤهلات الوعي الجديد فالفنان استطاع ابتكار ذاته وتقديم خلاصاته على نحو مثير للدهشة دون ان يسقط في فخاخ التقليد او الاتباعية فمرجعيات النصوص البصرية تؤكد حقيقة مصادر النهل من ينابيع الحياة العراقية الثرة وحين زاول الفنان ضروبا من اللعب على الاشكال والالوان وسبل تحريرها فان هذه الاجراءات اتاحت له فرصة تاكيد خصوصيته واصالته.

أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.