- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
حملة الدبلوم.. اضطهاد صامت ووصمة تمييزية في سوق العمل والصالونات الاجتماعية
تعتبر شهادة البكالوريوس - بأي علمٍ كانت - المعيار الأهم لتمكن الفتاة من اصطياد فارس أحلام يجتمع فيه أكبر عدد ممكن من المواصفات المطلوبة, فيما تزيد الفتاة من فرصها في حال كان تخصصها الذي يدفعها للعمل في وزارة التربية والتعليم معلمة. المفارقة في المجتمع الأردني أن شهادة البكالوريوس في الغالب الأعم هي الحد الفاصل والمتطلب الإجباري للموافقة المبدئية لزواج الفتاة. ووفق المعادلة فان الشرط في حمل الفتاة للشهادة الجامعية, ولكن - هنا مفارقة أشد - ممنوع عليها في المقابل اجتياز شهادة البكالوريوس إلى ما هو أعلى منها. أما في الأولى عدم الوصول إلى البكالوريوس فإن ذلك يعني وضع الفتاة اسمها على قائمة العرسان الأقل حظا اقتصاديا واجتماعيا, أما في الثانية حصولها على شهادة أعلى من البكالوريوس فإنها ستضع حول نفسها هالة من الهيبة يخشى معها العرسان وضع اسمها في قوائم الآنسات المفترضات كزوجات لهم. سيدتي إن شهادتك الأكاديمية بعد الثانوية العامة تحدد الإطار العام لمواصفات العريس المفترض الذي تنوين الاقتران به عنوان يكاد يكون إعلانا اجتماعيا تعارفت عليه الأجيال في المجتمع الأردني. لكن حملة شهادات الدبلوم يصفون ذلك بالوصمة التمييزية في نظرة المجتمع لشهادتهم الأكاديمية. وهو ما يؤكده خبراء في التعليم العالي في المملكة عندما يقولون ان تغييرا تدريجيا حدث في منظومة القيم في المجتمع بدأت تظهر ملامحه في المجتمع عبر ما يمكن وصفه بوصمات تمييزية تتمثل بنظرة المجتمع إلى دخل الفرد وفرص العمل المتاحة له, وهو ما انعكس سلبا على خريجي كليات المجتمع اجتماعيا بعد انعكاسه اقتصاديا. الوصمة التمييزية بحق خريجي كليات المجتمع الدبلوم هي جزء من تغيرات منظومة القيم بينهم وبين خريجي الجامعة البكالوريوس التي تشمل التمييز بين الشريحتين اقتصاديا في سوق العمل واجتماعيا في ضعف الوجاهة الاجتماعية لحامل هذه الشهادة والتي تميل لصالح البكالوريسيين أكثر من حملة شهادة الدبلوم. فيما ذهب عرفا في عين المجتمع النظر إلى خريج الدبلوم بانه سطحي بل وغير متعلم كفاية ولا يتمتع بمهارات عملية حقيقية. ولا يقتصر هذا التمييز على جنس بعينه رغم ما يعتقد بان للذكر في هذا الموضوع حظ الأنثيين فظهور التمييز لدى الفتيات من خريجات كليات المجتمع اللواتي تضيق لديهن الخيارات, خاصة في الجانب الاجتماعي تحديدا عندما ينظر إلى الآنسة الدبلومية نظرة الزوجة المفترضة. الناس هنا يفضلون الموظفة, وبما أن هناك ضعفا في توظيف الكثير من خريجات كليات المجتمع فإن فرصتهن ستكون ضعيفة أمام وجاهة البكالوريسيات. ويقابل معاناة الآنسات الدبلوميات ذات المعاناة لدى العازب الدبلومي وان كانت بتفاصيل مختلفة ولكن الآه واحدة. فأهل الفتاة ينظرون إليه هو الآخر انه خريج كلية مجتمع ما يعني ان توقعات حصوله على وظيفة مستقرة معقولة الراتب محدودة, لهذا فان شأن رفضه أسهل من رفض حملة الشهادات البكالوريوس خاصة وان هذه الفئة باتت متوفرة مع انتشار الجامعات الحكومية والخاصة. ما الذي يتوجب فعله إذن? احدى الإجابات على هذا السؤال كانت بين يدي مشروع مواطن في مدينتي الذي تنفذه مؤسسة تطور لدعم قدرات الشباب والممول من الاتحاد الاوروبي ويشمل مناطق سحاب, والأشرفية, وبيادر وادي السير الذي كان قد نفذ عددا من الورش لتأهيل خريجي المجتمع وتثقيفهم بدورهم في المجتمع وكمواطنين اضافة الى تعريفهم بحقوقهم القانونية والتوصية من هذه الورشات إلى أصحاب الاختصاص بعمل مسح لهذه الوصمة المجتمعية وآثارها على الدولة. وقالت مديرة مؤسسة تطور مريم ابو عدس: إنها تلقت الكثير من الشكاوى من الوضع التمييزي الحاصل بين الشريحتين. وأضافت: إن تعيين خريجي كليات المجتمع أضحى صعبا وفي حال وجد خريج كلية المجتمع عملا فإن راتبه يقل عن راتب خريج الجامعة بكثير, سواء كانا يعملان في القطاع العام أو الخاص, مشيرة ان كثيرا من الأحيان يكون خريج كلية المجتمع مؤهلا تأهيلا كافيا وبنفس مقدار تأهيل الجامعي خصوصا في العلوم المهنية. وتضيف أبوعدس إن مشكلة أخرى تبرز لهذه الفئة وتتمثل في الناحية الاجتماعية, مشيرة ان الكثير من خريجي كليات المجتمع عندما يتقدمون الى خطبة فتاة, يواجهون تمييزا شديدا بتفضيل خريج الجامعة عليهم, مشيرة ان المشكلة تواجه كلا الجنسين لكن الفتاة تواجه صعوبة أوضح لانغلاق الخيارات عليها. من جهتها أكدت عميدة كلية الاندلس د. ختام عناتي إن منظومة القيم في المجتمع تغيرت بالفعل, وبدأت تظهر في المجتمع وصمات تمييزية تتمثل في نظرة المجتمع إلى دخل الفرد وفرص عمله وهو ما ينعكس سلبا على خريج كليات المجتمع وقالت د. عناتي إن الظاهرة تبرز عندما يطلب الشاب الزواج, فيبدأ بالبحث عن الفتاة الموظفة وبما ان الكثير من الفتيات لا ينطبق عليهن الشرط المجتمعي فإنها تفقد حقها في ذلك بدفع من الوصمة التمييزية تلك. وأكدت د. عناتي أن قرار وزارة التعليم العالي لصالح قبول فئة الدبلوم في الجامعات سيعالج من معاناة هذه الفئة مشيرة أنها وافقت على قبول الطلبة الحاصلين على معدلات 50 - 55 في الجامعات الخاصة في تخصصات مثل المحاسبة و IT والملاحظ بان شريحة المعدلات هذه هي المستهدفة من التعليم المتوسط, ما يعني ان الطبقة الفقيرة هي فقط التي تتوجه الى كليات المجتمع مع قدرة أبناء الأغنياء من الحاصلين على علامات متدنية جدا في الثانوية العامة إلى دراسة بعض التخصصات في الجامعات الخاصة. وقالت إن طلبة كليتها تحديدا هم من أبناء سحاب والوحدات وماحص وأنه لا وجود لأي طالب من مناطق عمان الغربية رغم وقوع الكلية فيها, داعية وزارة التعليم العالي إلى إعادة النظر في سياستها. أما عضو مجلس طلبة كلية الاندلس الطالب غيث ابوصيام. ويدرس في تخصص جرافيك ديزاين فيرى ان صاحب العمل بشكل عام لديه قناعات لصالح خريج الجامعة الذي يرغب به عن خريج كليات المجتمع. وقال إن التمييز يظهر في تخصصات أكثر من غيرها ومن التخصصات التي يظهر فيها التمييز بقوة هي التمريض والصيدلة, مشيرا أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل يتعداه إلى التمييز اجتماعيا. وحملت ذات الرأي شفاء الكسواني الطالبة في إحدى كليات المجتمع التي قالت إن سوق العمل تجذّرت لديه قناعات بأن الجامعي يتمتع بمهارات عالية وأن لديه إمكانات أوسع من تلك التي يمتلكها حامل شهادة الدبلوم, مشيرة ان من الظلم الاعتماد بالكلية على هذه النظرة خاصة وان طالب كلية المجتمع لم يدرس في الجامعة ليس بسبب ضعف تحصيله العلمي بل بسبب عدم توفر القدرة المالية لدى ذويه أو لديه ليدرس في الجامعات الخاصة. لكن شفاء لا تقلل من دور التعليم الجامعي وتؤكد ان الطالب المتميز يمكن من خلاله ان يواصل تميزه وإنما تطالب بمعادلة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار عدم قدرة طلبة الكليات المتوسطة الدراسة أساسا في الجامعات, مشيرة ان ذلك تمييزا واضطهادا اقتصاديا واجتماعيا يجب محاربته. وقالت إن شقيقتها درست معلم مجال انجليزي وحصلت في امتحان الشامل على علامة متقدمة ودرجة متفوقة بين دفعتها ولكن حتى هذا لم يشفع لها فها هي منذ اكثر من اربع سنوات عاطلة عن العمل. هذا تحديدا ما تحدثت به إحدى خريجات دبلوم بتخصص اللغة العربية من إحدى كليات المجتمع الحكومية بداية التسعينيات س.ر رفضت الإدلاء باسمها لاعتبارات اجتماعية فقالت: إنها تعرضت للتمييز كونها خريجة كلية مجتمع رغم ان معدلها في الثانوية العامة كان 79 % ولكن بسبب الظرف الاقتصادي للاسرة لم تتمكن من الالتحاق بالدراسة الجامعية رغم حصولها على مقعد جامعي في إحدى الجامعات الحكومية. تقول بقيت عاطلة عن العمل سنوات طوال وعندما عملت في إحدى المؤسسات الخاصة عبر الواسطة كان الراتب متدنيا إلى حد لم يقنع أي من الراغبين في الزواج من التقدم إليّ خاصة وان قطار الزواج فاتني بعد ان أصبح عمري ثلاثين خريفا. تقول: اليوم تقدم بي العمر فأصبحت حجة - على حد تعبير الناس في الشوارع - ودخلت سن العنوسة وانتهى الأمر.