قول المراقبون إنهم عرفوا أخيرًا السبب الذي يجعل بريطانيا من أصحاب ذيل القائمة في منافسات الأغنية الأوروبية «يوريوفيجن سونغ» على الدوام، برغم المواهب الموسيقية التي تعج بها البلاد. ويختصرون هذه المسألة في كلمتين هما «العنصرية الأوروبية»!
رغم مكانة بريطانيا المرموقة على ساحة الموسيقى العالمية الحديثة ومساهمتها الثرّية في التراث الإنساني بهذا المجال، من «البتلز» إلى أديل، فقد أخفقت العام تلو الآخر حتى في التخلص من ذيل القائمة عندما يتعلق الأمر بمسابقة أفضل أغنية أوروبية Eurovision Song «يوروفيجن سونغ».
وقد أثار هذا الأمر حيرة النقاد الموسيقيين لزمن طويل وخاصة منذ العام 2005. والسبب في هذه الحيرة هو أن مساهمات بريطانيا حملها أصحاب أصوات متميزة بعذوبتها وجمال أدائها، بمن فيهم جافين هيلتون وآندي ابراهام وجايد ايوين وفرقة «بلو».
|
هيلتون (اليسار) وابراهام فشلا أوروبيا بسبب لونهما
|
ولكن، على سبيل المثال، جاءت هيلتون في المرتبة الثانية والعشرين، بينما احتل ابراهام الخامسة والعشرين. وهذا رغم أن أداء كل منهما كان يستحق تقديرا أفضل كثيرا من هذا بحيث كان لكل منهما أن يضع عينيه صوب الجائزة الكبرى نفسها.
والآن تقول آراء الخبراء إن السبب في النتائج الضعيفة التي تحرزها بريطانيا صار واضحا ولا مراء فيه، وهو أن الأوروبيين لا يمنحون أصواتهم لأبناء الأقليات العرقية التي تعني في معظم الحالات المغنين السود... وإذا عُرف السبب بطل العجب.
ونقلت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية تصريحات عن عدد من النقاد وكبار رموز صناعة الموسيقى تقول إن العنصرية هي السبب الوحيد للفشل البريطاني المتكرر في هذه المنافسة الشهيرة. والملفت للنظر هنا هو أن كل هؤلاء اشترطوا حجب هويّاتهم، وهذا بحد ذاته يعني أنهم يحملون آراءهم تلك على محمل الجد وفي مسألة تتصف بالكثير من الحساسية.
وكان من ضمن ما قاله بعض هؤلاء إن جهات معيّنة أطلعتهم صراحة وحتى قبل بدء المنافسات على أن لا أمل لبريطانيا في الفوز بغض النظر عن القيمة الحقيقية لمساهمتها طالما ما كان من يمثلها منتميا لأقلية من غير البيض.
|
اللورد ويبر نفسه لم يفلح في تغيير النظرة العنصرية
|
وعلى هذا الأساس طالب هؤلاء مع جهات عدة أخرى هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» - التي ارتبطت تاريخيا بعرض المنافسات على شاشة تلفزيونها - بقطع علاقاتها مرة وإلى الأبد بيوروفيجن. وقال أخد هؤلاء: «أطلعونا بكل صراحة على أن الأوروبيين لن يصوّتوا لوجه أسود. هذا مسلك علينا أن نغسل ايدينا منه بالكامل».
وحتى مؤلف موسيقي عظيم مثل اللورد اندرو لويد ويبر - وهو صاحب أعمال مسرحية موسيقية شهيرة عالميا مثل «إيفيتا» و«كاتس» و«شبح الأوبرا» - وقع فريسة للعنصرية الموسيقية الأوروبية. فبرغم كل وزنه، احتلت أغنيته التي مثلت بريطانيا في 2009 المرتبة الخامسة لأن المغنية - جايد ايوين - خلاسية ذات أم جامايكية.
ولم يكن اختيار هذه المغنية لشرف تمثيل بريطانيا عطيّة قدمت لها فقط بسبب سواد عيونها. فقد خاضت منافسات شرسة متلفزة مع آلاف المتنافسين وفازت بها عن جدارة. وبلغ من إعجاب اللورد ويبر بأدائها وصوتها أن طاف معها شخصيا على العديد من البلدان الأوروبية للترويج لموهبتها الواضحة.
وفي مؤتمر صحافي عقده المؤلف الشهير في إحدى تلك الدول حدث شيء لم يصدقه على حد قوله. فقد تقدم اليه صحافي من تلك الدولة بالسؤال التالي: «لماذا تغامر بمغنيّة سوداء وأنت تعلم أن الأوروبيين لن يمنحوها أصواتهم بغض النظر عن جودة أدائها»؟ ويقول ويبر إنه لم يصدق أذنيه عندما سمع السؤال حتى أنه افترض أن ثمة خطأ في الترجمة فطلب إعادة إلقائه وترجمته من جديد.
ويذكر أن المغنية السويدية لورين فازت العام الحالي بالمنافسة الأوروبية عن أغنيتها Euphoria «يوفوريا» التي نالت عنها 372 نقطة. وهذا في الوقت الذي نالت فيهLove Will Set You Free، وهي المساهمة البريطانية، 12 نقطة لا أكثر لأن مغنيها، إنكلبرت همبردينك، نصف هندي.