• يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

أردني يؤلف كتابا دعاه "الهدي العظيم" يتعبد به في محرابه بدلاً من القرآن الكريم

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2009-10-07
1618
أردني يؤلف كتابا دعاه "الهدي العظيم" يتعبد به في محرابه بدلاً من القرآن الكريم

هي عائلة حزينة هدتها معالم البؤس وضنك العيش، متعثرة الخطوات محطمة الآمال، اختلط ليلها بنهارها، واسودت دقائق حياتها دونما أمل بإشراقة بارقة أمان تلوح في أفق السماء.

 مأساة هذه العائلة المغرقة في سراديب النسيان وليها وراعيها وحاميها الذي يفترض به أن يقود دفة السفينة نحو السلام والراحة وهدأة الحياة.
 
لكنما الأب ذو السبعين عاما تاه خلف ظلام الترهات وطلاسم الأكاذيب واتخذ لروحه منهجا خاطئا في الحياة حتى تسبب ضلاله في ضياع أسرة بأكملها. 
 
 "الحقيقة الدولية" زارت هذه العائلة في بيتها بجبل النصر، وحين تدخل المنزل تشعر بقبض رهيب يخيم على روحك، تتلفت حولك في أرجاء ما يسمى "مجازا" منزلا فيصدمك سواده وتهتك جدرانه وسقفه الآيل للسقوط، أما خزان الماء فقد تآكل وصار موطنا للحشرات المسببة للأوبئة والأمراض. وعندما تمتد بناظريك داخل الدار تجد مطبخا متهرئا كريه الرائحة أسود الجنبات، يقبع في إحدى زواياه صنبور ماء للاغتسال، وعبثا تحاول أن تعطي هذا المطبخ – ككل ما في البيت من دمار – مسمى واضحا فلا تسعفك تخيلاتك فيرتد إليك بصرك محسورا لتقابل مالكه (ولنطلق عليه اسم منصور) وقد وقف على عتبة الدار وبانت في عينيه نظرة خاوية تخلو من معاني الترحيب أو المودة.
 
قال لنا وقد أشرع في وجه إقبالنا على مساعدته بوارق إعراضه: من أنتم وماذا تريدون؟ قلنا له: لقد جئنا لسماع قصتك وتقديم المساعدة لك ولأولادك.
 
كان يتصور أننا سنشترط عليه شروطا مقابل محاولة مساعدتنا له، وكان غير راغب بإدخالنا منزله، مدعيا أن هنالك الكثير من الجهات التي حاولت استمالته على حساب مبادئه زاعمة الإشفاق على حاله وحال أولاده! إلا أنه عاد واطمأن إلينا حين بينا له أننا نريد مساعدته دونما غاية، ودعانا إلى الدخول. وبعد جهد جهيد من الأخذ والرد بدأ يحدثنا عن فتوحاته الغيبية ووارداته الفيضية وكيف أن ملائكة الرحمن تحادثه جهارا نهارا وتكشف له حجب الغيب وأسرار الإلوهية!! وحدثنا عن رياضاته وعباداته ومجاهداته وكيف قادته خطى طي الآفاق إلى السفر عبر البلدان دونما تعب!! وحدثنا عن الأذى المنظم الذي استهدفته به بعض الدول المعادية بسبب فكره وانتمائه!! وعن صيامه المتواصل الذي نذره لله بأن لا يكلم انسيا!!
 
كنا نستمع إليه مشدوهين من زيف ادعاءاته وتخيلاته الممجوجة حتى ضقنا ذرعا فقلنا له: لقد سمعنا انك قمت بإخراج أولادك الصغار من المدرسة وهذا ما لا يحق لك، ألا يكفيهم بؤسا ما تفرضه عليهم من طقوس حياة يأنف من عيشها حتى وحوش الغاب؟ فقال متبجحا: لست أنا من أخرجهم من مدارسهم، وإنما كانت مدارسهم تستهدفهم وتذيقهم صنوف العذاب لكي يصلوا إلى إجباري للتنازل عن مبادئي. فقلنا له: وما الذي تملكه حتى ينازعوك عليه؟ فسكت.
 
أطفال بلا مدارس
 
منصور ـ كما أطلقنا عليه ـ له من الأولاد خمسة؛ بنتان وثلاثة أبناء وقد أرغمهم على ترك مدارسهم منذ أكثر من خمس سنوات.
 
تساءلنا مع أنفسنا: كيف تسمح الجهات المعنية بأن يدمر مثل هذا الأب غير السوي مستقبل صبية صغار؟ أليس هناك من رادع لهوى نفسه وترهاته؟ وبينما كنا نحدثه دخل علينا أحد أطفاله الصغار وقد لاحت على وجهه إمارات التعب والجوع وعلت جسده ثياب رثه قذرة محا لونها الزمان.
 
أخبرنا أن اسمه حسيب الله وعمره 12 عاما، وحين سألناه إن كان يرغب في العودة إلى المدرسة لم يطق والده الصبر عليه حتى يجيب وإنما انتهره بشدة وأمره بالذهاب.
 
حزنا لحاله ولواقع حياته المظلمة البائسة. فقلنا للأب: لقد رأينا وقت قدومنا أن هناك بنائين شديدي الضيق والصغر على مدخل بيتك فما هما ولأي غاية بنيا؟ فقادنا إلى ساحة المنزل العفن واخذ يطلعنا على بعض أسرار خزعبلاته وقال مفتخرا: لقد فتح الله علي بتأليف كتاب سميته "الهدي العظيم" وأنا أتعبد الله به وأقضي جل نهاري في ترديد فيوضاته.. وفيه عهد ولايتي الذي سلمتني إياه الملائكة!! فنظرنا إلى بعض وريقات كتابه فإذا هي طلاسم وأرقام ورموز متشابكة تحمل إيحاءات بالشر الكامن خلف مجموعة من أسماء الجان!! فصعقنا ما رأينا. ولم نطق المكوث أكثر من ذلك وشعرنا بأن ثمة من سيخرج من كهف نيرانه ليحرقنا.
 
لم ننتظر موافقته على أن نرى بقية أبنائه وسارعنا الخطى إلى غرفة قصية لتستقبلنا ابنتاه، اللتان تبلغ كبراهما الثالثة والعشرين من عمرها أما الصغرى فلم تتجاوز الخامسة عشرة وقد احتبست في عيونها دموع الحزن والألم والحرمان.
 
قالت لي كبراهما "أروى": نحن كما ترون نعيش تحت رحمة أب يضن علينا بأقل حقوق الإنسانية قد فقد رشده وتمييزه، فهو يمنعنا من الصلاة والصيام ويقوم بضرب إخوتي الصغار حال ذهابهم إلى المساجد، كما انه نتيجة تعرضه للتعذيب بالكهرباء في سجون "إسرائيل" قبل عدة سنوات فقد صوابه ويخيل إليه أن مدارس إخوتي الصغار تتواطأ مع "إسرائيل" وتريد الانتقام منه بتعذيبنا، لذلك قام بإخراج إخوتي الصغار من مدارسهم.
 
وأضافت أن "أبي لا يعرف الصلاة أبدا ويكره صوت الآذان ولا يتعبد بالقرآن" وهو يجلس دائما في معتكفه أو خلوته مرددا أسماء غريبة بلغة غير عربية وبطريقة مخيفة، حتى انه قام بإجبار أخي الذي يبلغ من العمر 21 عاما على تلاوته مدعيا انه سيورثه الولاية العظمى مما افقد أخي توازنه وصوابه وحوله لإنسان سلبي يجوب الشوارع ويلوذ بالصمت معظم وقته، ويعتزلنا ولا يتحدث معنا. كما أن أبي يحرمنا من أقل حقوقنا في العيش الكريم ويمنع أقاربنا من التواصل معنا أو تقديم أي نوع من المساعدة لنا. لقد دمر مستقبل إخوتي الصغار حيث يعانون لظى الجوع والعري حتى أنهم محرومون من حرية التعبير مما سبب لهم الكثير من العقد النفسية والخوف من مواجهة الناس أو التحدث معهم.
 
مسؤولية مبكرة
 
واستطردت أروى: انه غير مؤهل لتربية إخوتي الصغار الذين لا يعبأ بأمرهم حتى ولو انحرفوا أو تاهوا عن جادة الصواب. أما عن أمها فتقول أروى إن أباها طلقها منذ زمن طويل "حتى أنني قمت بتربية إخوتي الصغار وقد كان أخي الأصغر يبلغ من العمر ستة أشهر وأخي الآخر عاما ونصف وأختي ثلاثة أعوام وكان عمري آنذاك 13 عاما، فأنا أمهم وأبوهم وكل ما لهم في الحياة، ولقد فكرت كثيرا بالانتحار والتخلص من حياتي ولكن ماذا سيحل بإخوتي من بعدي؟ إنهم يفتقدون كسرة الخبز وشربة الماء وثيابا تستر أجسادهم، يفتقدون مدارسهم وأصدقاءهم، وهم الآن منبوذون من أطفال الحي الذين يعيّرونهم بفقرهم وجهلهم وجنون والدهم، ويمتنعون عن اللعب معهم مما يكسر قلوبهم".
 
قلنا لها: وماذا تفعلون في الشتاء ونحن نرى سقف غرفتكم وقد تصدع نصفه؟ فقالت: إن إخوتي الصغار يقضون الشتاء دون مدفأة، فهذا اختراع!! لم يصل إلى بيتنا قط، كما أنهم على الأغلب حفاة الأقدام لا يجدون ما يحمي أقدامهم من برد الشتاء، وإذا ما اشتدت وطأة الصقيع فهم يقومون بتجميع بعض الحطب وإشعاله في الغرفة مما يؤدي إلى اختناقنا وسط سيل الماء المتساقط فوق رؤوسنا من سقف بيتنا المهشم، مما يدعوني وأختي إلى أن إيثار إخوتي الصغار بغطائنا خوفا عليهما من البرد والمطر.
 
وبعد: تقول أروى: نريد أن نعيش حياة إنسانية كريمة كباقي البشر خالية من العقد النفسية والكبت.
 
ونحن في "الحقيقة الدولية" نوصل نداء هذه العائلة المحطمة إلى "من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد" فهل من ملب لنداء استغاثة هؤلاء الأطفال الموغلين في البؤس؟ وضنك الحياة؟
 
المصدر : الحقيقة الدولية  
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.