الشريط الاخباري
- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
بعد غيبوبة استمرت طيلة سنة 2009 .. السالم يبشر بالازدهار العام المقبل
ما كان لوزير المالية ان يطلق تصريحاته المتفائلة بشأن مستقبل الموازنة العامة خلال مقابلته الصحافية في الزميلة الغد قبل يومين لو كان هناك من يحاسبه على اقواله او يُقيم اداءه, لكن, ليس على الكلام من ضريبة فليتحدث كما يشاء, والواقع أبلغ من اي شيء آخر.
بعد غيبوبة امتدت لعام تقريبا في ادارة الشأن الاقتصادي الذي دخل في حالة كومة اكد الوزير الآن نقاطا عدة كان قد طرحها باسلوب كما انه لو يملك برنامجا اصلاحيا حقيقيا للموازنة, وهو ما يُثير التساؤلات, واين كان فكر الوزير التنويري الاصلاحي سنة 2009 عندما وصل الاقتصاد الى أسوأ وضع مالي منذ عام ,1989 لماذا لم يخرج علينا بأفكار اقتصادية مثل تلك التصريحات المتفائلة, او يقدم بدائل وحلولا للازمة الاقتصادية خاصة وان معاليه سيقارب العام على توليه منصبه في المالية وكان اول من اطلق تصريحات بشأن تداعيات الازمة الاقتصادية السلبية على الاقتصاد الاردني, فماذا فعل معاليه حتى يتجنب تلك الازمة او يحد من آثارها?
الوزير يقول لن تكون هناك ملاحق للموازنة العامة في سنة 2010 ونقول له من اكد لك هذا ?, هل يعتقد معاليه ان زيادة الرواتب المقبلة بنسبة ثلاثة بالمئة وهي نسبة التضخم المفترضة في بلاغ الموازنة ستمر بسلام اذا واصلت اسعار النفط ارتفاعها والتي تشير بعض الدراسات ان معدل سعر البرميل العام المقبل سيكون بحدود 100 دولار للبرميل, وبالأمس سجل اعلى مستوى له منذ عام واقترب من حاجز ال¯ 80 دولارا, ناهيك عن الارتفاع التدريجي لاسعار المواد الاساسية, فهل ستكون تلك الزيادة كافية على الرواتب?, اعتدنا ان نسمع تلك اللاءات في الخطاب الرسمي في انه لن تكون هناك ملاحق اضافية للموازنة, لكن سرعان ما تصدر الحكومة الملحق تلو الآخر بناء على توجيهات عُليا بزيادة منطقية على رواتب العاملين والمتقاعدين للحد من آثار التضخم وتحسين مستوى معيشتهم.
وزير المالية اكد انه سيضبط العجز في موازنة العام المقبل الى حدود 685 مليون دينار, ولا ادري كيف لا يرى الوزير خطرا ماليا اصلا على الموازنة بوجود هذا العجز, وهنا نذكر ما كان يتحدث به الوزير بداية العام من ان العجز ليست له أولوية في المرحلة القصيرة, على اعتبار ان الاقتصاد الاردني يستطيع ان يسد العجز في المرحلة المقبلة بسبب تنامي الايرادات لديه وكل القطاعات تشهد حالة تباطؤ حقيقية ستؤدي الى آثار سلبية على تحصيلات الخزينة من الضرائب سواء كانت من الدخل أو المبيعات وحتى رسوم الاراضي التي يشهد قطاعها أسوأ حالة ركود منذ عام ,1995 ناهيك عن تراجع الصادرات الوطنية خاصة من سلع المناطق المؤهلة والادوية وهبوط في الدخل السياحي والحوالات وغيرها من الارقام التي لا يحب احد من السادة الوزراء الحديث عنها.
وزير المالية اكد أن تخفيض النفقات سيطال المؤسسات المستقلة التي باتت اليوم تشكل عبئا ماليا حقيقيا على الدولة بسبب عجزها الذي حوّل فائضها في السنوات السابقة الى عجز ومديونية كبيرة, وهذا كلام جميل ومنطقي, لكن تطبيقه يتطلب حلولا جذرية بأن تُلغى او تُدمج الكثير من تلك الهيئات التي لا يحتاج لوجودها اكثر من مكتب صغير في احدى المؤسسات او الوزارات, ولا تستطيع اي حكومة اليوم تخفيض انفاقها بناء على تعميم يُصدره رئيس الوزراء, فهناك واقع لا يمكن تجاوزه, وكثير من اعمال تلك المؤسسات مرتبط بمنح وتمويل خارجي.
الوزير وصف موازنة 2010 بأنها استثنائية في تاريخ الأردن وحققت تخفيضا في الإنفاق لأول مرة, كما لو انها أنجزت فعلا, فهذا الوصف الفضفاض لا يكون قبل إعداد قانون الموازنة بأشهر, بل يكون مع اقتراب العام المالي على نهايته, حتى تتبين الحقيقة حينها رغم عدم تناسق مؤشرات الموازنة مع بعضها بعضا من الناحية العملية, فلا يُعقل ان تعد الحكومة موازنة انكماشية وتقلل نفقاتها بنسبة 9.6 بالمئة ويبقى النمو 4.5 بالمئة والعجز يتجاوز ال¯ 685 مليون دينار, ولا يُعقل ان يُعاني القطاع الخاص من أسوأ حالة ركود له منذ عقدين ثم تأتي الحكومة وتقول ان ايراداتها الضريبية سترتفع بنسبة 6 بالمئة العام المقبل متزامنا مع تراجع ارباح الشركات بنسبة 25 بالمئة في النصف الاول, وحالة عدم اليقين تسيطر على سلوك المواطنين الذين سيتأثر انفاقهم بعدم وضوح الرؤية في المشهد الاقتصادي.
وتحدث الوزير عن وجود انفاق مستقبلي اكثر فاعلية, ونسأل لماذا لم يضع حلولا لتحفيز الاقتصاد عندما استلم مهامه اول العام حيث كان باستطاعته التحرك وقتها, وليتذكر الوزير حالة التخبط التي سادت الحكومة بداية العام حول مدى تداعيات الازمة العالمية على الاقتصاد الاردني, والكل يتذكر تصريحات وزير المالية اولا بإيجاد صندوق لدعم نشاط الشركات العقارية ثم التراجع عنه لصالح خطة تحفيز بقيمة 160 مليون دينار ثم التراجع عنها نهائيا وعدم الحديث عن أي حلول لمواجهة حالة التباطؤ, لا بل يعلم الوزير جيدا انه لغاية يومنا هذا لم يلتق الفريق الاقتصادي الحكومي اي قطاع اقتصادي للتباحث معه حول طبيعة المشاكل التي يعاني منها او ايجاد تعاون مشترك بين القطاعين للخروج من الازمة الراهنة بأقل الخسائر.
اما قضية المديونية فأشار الوزير بثقة ان الحكومة تسعى الى موازنة تحافظ على مديونية نسبتها لا تتجاوز 60 بالمئة من الناتج المحلي, ويبدو ان معاليه نسي ان فتحة عداد الاقتراض سواء كان داخليا أو خارجيا العام المقبل ستكون 685 مليون دينار وهي قيمة العجز المستهدف من الناحية النظرية فقط, اي ان الدين العام سيرتفع على الاقل بهذه القيمة, فهل هذه اولوية الحكومة في التعاطي مع المديونية التي باتت كابوسا اليوم يزعزع الاقتصاد والاستقرار المالي للخزينة خاصة انه لم يعد هناك الكثير من الموارد التي بإمكان الحكومة بيعها في اطار ما يعرف ببرنامج التخاصية ناهيك عن استنفاد جميع وسائل التسوية واعادة الجدولة مع المانحين.
الوزير اوضح أن الاستثمار في الكثير من المشاريع الكبيرة يحتاج إلى المحافظة على ثقة المستثمرين من القطاع الخاص بالاقتصاد والسياسة المالية من خلال التأكيد على قدرة الحكومة على مداومة الإنفاق عليها على مدى طول المشروع, ونسأل كيف يكون ذلك والحكومة لغاية اليوم لم تستطع ان تمرر مشروع قانون جديد للضريبة الذي أُجهض ثلاث مرات متتالية في مجلس النواب ولم يكن مقنعا لاحد, حتى الوزير نفسه لم يستطع ان يدافع عنه خلال جلسات الدورة الاستثنائية? وكيف سيتم تعزيز الثقة لدى المستثمرين وهم يرون عشرات المؤسسات والمكاتب التي تتسارع لاختطافهم تحت مظلة تسهيل الاستثمار عليهم وتبسيط الاجراءات ? ولماذا لم يتم اصدار الاستراتيجية الوطنية للاستثمار او تعديل قانون تشجيع الاستثمار رغم جاهزيتهما ووجودهما على رأس اولويات الخطاب الاعلامي الرسمي ووجود توجيهات عليا بذلك?
وفي سبيل تحقيق ضبط حقيقي في نوعية الإنفاق كشف الوزير في مقابلته أن الحكومة حصرت التعيينات في قطاعي الصحة والتعليم وحصر الزيادات على الزيادة القانونية, وهنا نسأل ما هو دور الدولة في المرحلة المقبلة في الحد من مشكلة البطالة? حيث من المعروف ان الكثير من مؤسسات القطاع الخاص اوقفت التعيينات لديها والكثير من الشركات الصناعية سرحت عمالا لديها او منحتهم اجازات قسرية مما يلقي بظلاله على معدلات البطالة في العام المقبل, خاصة مع محدودية الموارد في ايجاد شبكة أمان اجتماعي قادرة على الحد من أي تداعيات سلبية استثنائية على الامن المعيشي للاردنيين.
وزير المالية قلل من تأثير تخفيض النفقات على أداء الاقتصاد مسترشدا بتجارب الدول الصغيرة المعتمدة على الاستيراد مثل الأردن مؤكدا أن تأثير الإنفاق الحكومي على الاقتصاد الداخلي محدود بل ومن شأنه أن يزيد عجز ميزان التجارة الخارجي وأن له تأثيرا سلبيا على النمو على المدى المتوسط إذا كان على حساب الاستقرار المالي, والواقع يشير ان مساهمة الحكومة في الناتج المحلي تتجاوز ال¯ 56 بالمئة وهي اعلى النسب في العالم بعد اسرائيل, وبالتالي هناك تحديات كبيرة امام الخزينة في مواصلة الانفاق وتحقيق النمو, واذا كانت ترى ان القطاع الخاص هو المحرك للنشاط الاقتصادي فان هذا الكلام غير منطقي, لان انفاقه في تراجع ولا يشكل اكثر من 45 بالمئة من الناتج ويعاني من أسوأ حالة ركود وهناك تشدد واضح من الجهاز المصرفي في منح التسهيلات له, في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة بالحصول على ما تريد من اقتراض داخلي.
طبعا هناك الكثير من المداخلات التي بالامكان رصدها وتبيانها للرأي العام حول مضمون تصريحات الوزير الذي باستطاعته ان يقول ما يشاء, فالاقتصاد الاردني ومعطيات ارض الواقع أدق واوضح من كل التصريحات, ففي سنة 2009 يعاني الاقتصاد الوطني من أسوأ عجز مالي منذ عام 1989 ومقداره 1.2 مليار دينار, ويعاني من أسوأ مديونية منذ انهيار الدينار (9.7 مليار دينار منه 5.4 مليار دينا داخليا فقط), ويشهد سوءا كبيرا في التقديرات الضريبية, حيث ان الفجوة بين ما هو محصل يبلغ 377 مليون دينار او ما نسبته 17 بالمئة, وتعاني الصادرات من تراجع بلغ الشهر الماضي 19 بالمئة وهو الاعلى منذ سنة ,1989 ناهيك عن هبوط الحوالات والدخل السياحي والتدفقات الاستثمارية وشُح السيولة على القطاع الخاص وتخوفات من عودة كابوس الاسعار من جديد مع محدودية الموارد المالية للخزينة, وتراجع منح مالية كانت قد رصدت في الموازنة وغيرها من الامور التي ان بقيت على ما هي عليه من دون حل من معالي الوزير الاكرم فانه يكون قد اختصر الوقت لحدوث ازمة اقتصادية كانت امتدت طيلة سبع سنوات في عقد الثمانينيات لحين وصلنا الى ازمة 1989 الى شهور قليلة في زمن وزير المالية باسم السالم.
وزير المالية الذي بدا مطمئنا للمؤشرات المالية لسنة 2010 على اعتبار ان الحديث عن منجزات العام الحالي امر غير مجد ودعونا ننظر للامام, وتركيزه على المستقبل بهذه الطريقة وهذا الاسلوب المتفائل في هذا الوقت هو رسالة الى المرجعيات العليا في الدولة مفادها انه منقذ الاقتصاد من ازمته الراهنة وبالتالي في حال اجراء تعديل او تغيير وزاري فانه من المفترض بقاء الوزير في منصبه, لانه الوحيد القادر على فهم الاقتصاد والخروج به من النفق المظلم, والدليل على ذلك تفاؤله وبشائره التي اطلقها للعام المقبل, وأنا شخصيا اقترح بقاءه لسنوات عديدة ولنقل مثلا حتى عام 2020 او حتى تحدث مجاعة في الاردن لا سمح الله لنرى ابداعات الوزير الفكرية في حل الازمات وايجاد الحلول او حتى في قراءة المستقبل والاستفادة مما يقوله والله المستعان على ما نحن والاردن فيه من بلاء.0 العرب اليوم
الأكثر قراءة