الشريط الاخباري
- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
سجال سياسي بين الحكومة والمعارضة يكسر "الإيقاع الروتيني" لحفل تكريمي لـ "التنمية السياسية"
هل بدأ التسخين من الآن للانتخابات النيابية بين الحكومة والمعارضة؟ سؤال تطرحه سجالية غير متوقعة جرت بين وزير التنمية السياسية موسى المعايطة وأمين عام حزب البعث الاشتراكي تيسير الحمصي، خلال حفل تكريم أقامته أمس وزارة التنمية السياسية للمشاركين في برامج التدريب التي أقامتها الوزارة لطلاب الجامعات ومؤسسات من المجتمع المدني.
السجالية بدأت حين وجّه الحمصي انتقادات حادة للحكومة والسياسات الرسمية خلال كلمته التي ألقاها نيابة عن الأحزاب المشاركة، ورحّب فيها بالإرادة الملكية بحل مجلس النواب.
الحمصي طالب الحكومة بالأخذ بتوصيات أحزاب المعارضة لقانون الانتخاب الجديد، مشيراً إلى أنّ السياسات الرسمية كانت على الدوام تدفع إلى الابتعاد عن الأحزاب والانخراط فيها، مطالباً بفتح كافة الأبواب السياسية والشعبية لها.
شنّ الحمصي، كذلك، هجوما قاسيا على الإعلام الرسمي، لتغييبه الرأي الآخر، مطالباً أن يكون إعلام دولة لا حكومة، ورأى أنّ الناس تقبل على مشاهدة الفضائيات الإخبارية العربية وتفضلها على الإعلام المحلي.
كلمة الحمصي سخّنت أجواء الحفل، وخرجت به عن الإطار البرتوكولي المعتاد، ما دفع بوزير التنمية السياسية، موسى المعايطة، إلى إبقاء كلمته المكتوبة مطوية، ليرتجل كلمة خصص أغلبها لمناقشة ما جاء في كلمة الحمصي.
المعايطة استغرب من دعوى حجب الحكومة للرأي الآخر، في حين إن كلمة الحمصي تأتي في سياق احتفال رسمي تقيمه الوزارة، ويحضره عدد من قيادات الأحزاب السياسية والفاعليات الإعلامية و"الكتاب الصحافيين الذين لا يوفرون نقد الحكومة"، وهو ما لا يزعج الحكومة، بل ترحب به.
أضاف المعايطة أنّ الأردن من زاوية المؤشرات النظرية للديمقراطية يجقق جزءاً كبيراً منها، سواء بوجود الأحزاب وتمويلها وحرية الرأي أو الانتخابات الدورية أو حتى الانفتاح على الشباب والمعارضة السياسية، فكل ذلك متحقق بالتجربة الأردنية.
في المقابل، طالب المعايطة أحزاب المعارضة أن تطبق الديمقراطية على نفسها، كما تطالب الحكومة بها، مؤكّداً على "أنّ القيم الديمقراطية لا تتجزأ".
ودلّل المعايطة على "ازدواجية معايير" بعض قوى المعارضة تجاه الديمقراطية بحادثة شخصية وقعت معه، قبل أن يكون وزيراً للتنمية السياسية، وذلك عندما تمّ ترتيب استضافته في ندوة بنقابة المهندسين، ثم ألغت مشاركته، "فقط لأنه يختلف برأيه مع الجهة النافذة حينذاك في النقابات"، مع أنه ضمن الخط السياسي المعارض.
ورفض المعايطة، كذلك، انتقادات الحمصي للإعلام معتبراً أنّ سقف الحرية الإعلامية وصل إلى مرحلة متقدمة جداً، بشهادة كثير من المراقبين، ومستدلاً على ذلك بالنقد الصارم والقاسي الذي يوجّه للحكومة ورئيسها من قبل الكتاب والإعلاميين.
المعايطة الذي ذكّر بزمالته في أحزاب وقوى المعارضة والخط السياسي القومي واليساري، للحمصي، لم يوفر في ردّه الساخن تراكيب اللغة التي تستخدمها المعارضة، والتي برزت في كلمة الحمصي، كاستخدام مفردات مثل "نحذّر"، مطالباً باستخدام لغة جديدة ومفاهيم أكثر قدرة على التماس مع مشروع التنمية السياسية والحوار الوطني الودي.
وداعب المعايطة الحمصي بالتعقيب على قول الأخير إنه كان منذ العام 1948 عضو في حزب البعث الاشتراكي، بأن طالب أحزاب المعارضة أن تترك فرصة للجيل الشاب ليتسلم القيادة، ويشارك في إدارة العمل الحزبي والسياسي.
وفي تطرقه لقانون الانتخاب، كشف المعايطة أنّ اللجنة الوزارية المكلفة لم تجتمع بعد، وأنّها لا تملك تصوراً محدداً وتفصيلياً للتعديلات المطلوبة، لكنه أشار إلى أنّ الحكومة ستنفتح على القوى والأحزاب السياسية، وستجري حواراً وطنياً حول القانون.
أشار المعايطة إلى أنّه لا يوجد هنالك ما يسمى "قانون عصري" للانتخاب، بل هنالك صيغ معروفة وخيارات كل منها يتلاءم مع ظروف مجتمع ودولة معينة، لكن أغلبها لا يخرج على ثلاثة سيناريوهات، الأول التصويت الفردي المعمول به في الأردن، والثاني القائمة والثالث خليط بين الأسلوبين.
وأكّد المعايطة في ختام كلمته أنّ العام 2010 سيمثل نقلة نوعية للإصلاح السياسي في البلاد، ودعا إلى إنجاح مشروع اللامركزية الذي يساهم في دفع الحياة العامة خطوات كبيرة إلى الأمام، إذ سينتج عن انتخابات المجالس المحلية قرابة 360 ممثلاً عن المحافظات، وهو ما يعكس تجديداً وتغييراً في النخب السياسية والإدارية.
بالرغم من قوة رد المعايطة وارتفاع حدة تعقيبه على كلمة الحمصي إلاّ أنّه بقي ملتزماً بروح الدعابة والهدوء وعقلانيته المعروفة، وقدّم أنموذجاً مميزاً على أهمية فتح أفق الحوار السياسي والنقاش في الفضاء العام، وعلى بناء قنوات الاتصال والانفتاح الرسمي على مختلف القوى.
ما أضفى على الحوار رونقاً خاصّاً، لافتاً أنّ مقدم الحفل هو مدير برنامج الأحزاب السياسية في الوزارة، الأسير المحرر، سلطان العجلوني، ابن المدرسة الإسلامية، وأنّ الحوار جرى بين حزبي عريق وقومي صاحب خط أيديولوجي معروف، تيسير الحمصي، وبين سياسي عريق أيضاً وله خطه السياسي المنفتح، حتى وهو ممثل للحكومة، موسى المعايطة، فكان حواراً عالي المستوى، كسبت فيه الحكومة جولة مهمة في سجالها مع المعارضة، في التسخين والتحضير للانتخابات النيابية.
لعلّ السؤال الذي تثيره مثل هذه الحوارية الجميلة الارتجالية غير المبرمجة مسبقاً، والبراعة الكبيرة التي أظهرها المعايطة في الدفاع العقلاني والحوار المنفتح الذكي مع المعارضة، وقد خرج عن الصمت الحكومي الرتيب غير المبرر إزاء أغلب الملفات الحيوية، هو كم كانت الحكومة (بل الدولة) ستكسب لو عززت فريقها وطاقمها ومؤسساتها بنخبة قوية من السياسيين المتمكنين، الذين يتولون بناء الخطاب السياسي والإعلامي للدولة ويجسرون الفجوة المتنامية مع الشارع، ويملأون الفراغ الحالي، بما يمتلكونه من خبرة سياسية ومن مصداقية شعبية ومن حس وطني لا غبار عليه! الغد
الأكثر قراءة