• يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

السياسة الأردنية وتحدي حماس: دعوة الحكومة لبناء حوار استراتيجي مع حركة حماس

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2009-12-20
1665
السياسة الأردنية وتحدي حماس: دعوة الحكومة لبناء حوار استراتيجي مع حركة حماس

تعاني العلاقة بين الاردن وحركة المقاومة الاسلامية حماس من غموض أولا ومن اللعب في المنطقة الرمادية ثانيا. أما من حيث الغموض فهو المتعلق بالجانب الاردني في تعريفه لمصالحه المتضاربة والمشتركة مع حماس, ووضعها على طاولة الحوار الصريح العقلاني مع الحركة. أما اللعب في المنطقة الرمادية فهو المتعلق بخطاب حركة حماس وممارستها تجاه الأردن.

 هذه كانت احدى استنتاجات كتاب بعنوان السياسة الأردنية وتحدي حماس: استكشاف المناطق الرمادية ومقاربة فجوة المصالح المشتركة, صدر مؤخرا للباحث والكاتب الأردني د. محمد أبو رمان.
 
ويخلص الكتاب بان هناك مناطق واسعة غامضة ورمادية في العلاقة بين الأردن وحماس, لم تخضع لحوار عقلاني معمّق, ولم يجرِ التفاهم حولها.
 
الكتاب الصادر عن مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية, وقدّم لها رئيسا الوزراء الأسبقين, ود. معروف البخيت, وعلق عليها طاهر المصري رئيس مجلس الأعيان حالياً, دعا الحكومة إلى القيام بحوار استراتيجي واقعي عقلاني مع حركة حماس الفلسطينية, يساهم في إضاءة المناطق الرمادية, وفي ترسيم العلاقات الأردنية الفلسطينية في شقيها الداخلي والخارجي.
 
مقدما الكتاب
 
لقد أحسن الكاتب صنعا عندما دفع رئيس الوزراء الاسبق معروف البخيت لتقديم الكتاب, خاصة وان في عهده كرئيس للحكومة أعلنت السلطات الامنية عن اكتشاف مخزن اسلحة في الاراضي الاردنية تابع لحماس وانها اكتشفت مؤامرة تهدف الى القيام باعمال ارهابية في المملكة.
 
ويتتبّع الكتاب المراحل التاريخية التي مرّت بها علاقة الأردن بحركة حماس, وحللت العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة عليها, وصولاً إلى اللحظة الراهنة, وفي نهاية هذا السياق انتهت الى توصية للحكومة بضرورة بناء حوار استراتيجي مع حركة حماس.
 
واعتمد الباحث أبو رمان على بعض الوثائق ومقابلة مع خالد مشعل وبعض قادة حماس والإخوان ومسؤولين أردنيين سابقين وحاليين على صلة وثيقة بالملف, وقد حاول تحميل جزء كبير من هذه الرؤى والآراء من خلال الحواريات التي احتواها الكتاب بصورة واسعة. ومن المتوقع أن تصدر النسخة الانجليزية من الكتاب في نهاية الشهر الأول من العام المقبل.
 
مسؤولية مزدوجة
 
لقد حمّل الكتاب مسؤولية هذا الغموض وتلك المنطقة الرمادية لكلا الجانبين الحكومة وحماس. أما المؤسسات الرسمية الأردنية فقد أخذت عليها الكتاب انها لم تقدّم تعريفاً محدّداً, ذا طابع استراتيجي, لما تريده من حركة حماس, ولمآخذها عليها.
 
يقول الكتاب لقد اتسمت مواقف الأردن بالتذبذب والقلق تجاه الحركة, وبسياسات النفس القصير (يوما بيوم), وذلك خلق شرخاً عميقاً بالثقة, ووضع هذه السياسات والمواقف في عهدة المتغيرات الإقليمية والداخلية من جهة, ولمن هم في موقع صناعة القرار الرسمي الأردني?
 
ويشير الكتاب إلى دور العوامل الخارجية والمتغيرات الإقليمية في جر الأردن لـ مواقف سلبية نقدية تجاه حركة حماس, لكن مع سدّ الباب تماماً أمام محاولات بناء حوار عقلاني واقعي بين الطرفين, قد يكفل هو حماية المصالح الأردنية وتحقيق جزء من مصالح حماس مع الأردن.
 
ولكن من هم على الطرف الآخر لم تبرئهم الكتاب من المسؤولية. فقد وصفت مواقف حركة حماس (تجاه قضايا حساسة في ملف العلاقة مع الأردن) بطابع رمادي غير واضح.
 
دعاوى الدولة
 
ولعلّ إحدى القضايا الجدلية, التي تشير إليها الكتاب وتحللها بصورة معمّقة, تتمثل بمدى تأثير حماس ونفوذها في جماعة الإخوان المسلمين في الأردن, إذ وفقاً لدعاوى الدولة وحتى الجناح الإصلاحي في جماعة الإخوان, لم تلتزم حماس باتفاقها مع الحكومة الأردنية, فقد وسّعت من تجنيد أعضاء الإخوان في صفوفها, وخرقت الاتفاقيات الأدبية, وبنت مؤسسات إعلامية وتجارية وثقافية تابعة لها, وأرادت تحويل جماعة الإخوان في الأردن إلى جزء من نفوذها في المجتمع الأردني - الفلسطيني, من دون أن تكترث بالتجارب الخطرة الشبيهة السابقة, التي مرّت بها المنظمّات الفلسطينية.
 
سد فراغ
 
في تقديمه للكتاب يشير د. البخيت إلى أنّ القيمة الحقيقية له أنه يسد فراغا في البحوث السياسة الجادة لدينا في الاردن, اذ لا بد من الاعتراف بأننا نعاني بشكل عام من ضعف في اجراء دراسات سياسية استراتيجية على سوية بحثية عالية.
 
ويضيف أن هذا البحث توصل لتوصيات بخيارات لسياسات أردنية في مجال العلاقة مع حركة حماس قد تكون مفيدة لمتخذي القرار, فقد حدد الباحث العوامل والاعتبارات المؤثرة في علاقة الأردن وحماس وحللها بأسلوب سلس وبلغة راقية وواضحة وصولاً إلى بحث الخيارات السياسية.
 
في حين ناقش طاهر المصري, في تعليقه على الكتاب, منظور صانع القرار في عمان لحركة حماس والاعتبارات التي تحكم ذلك, إذ يقول حماس هي حركة مقاومة فلسطينية في أساسها, وهي جزء من التنظيم العالمي لحركة الأخوان المسلمين. أهميتها الاساسية بالنسبة للاردن تنبع من أنّها حركة جهادية إسلامية فلسطينية أثبتت وجودها على الساحة النضالية والاجتماعية الفلسطينية, وهي تسعى لإثبات وجودها واستمراريتها على الساحة السياسية هناك. وهناك مخاوف حقيقية من أنها, وهي تسعى إلى تحقيق ذلك, تعمل على مد جسور لها مع الحركة الإسلامية في الأردن ذات القاعدة الشعبية, بخاصة في الأوساط الفلسطينية.
 
ويشير الباحث إلى أن مشاركة كل من البخيت والمصري في التقديم والتعليق على الكتاب تهدف بالنسبة إليه لتوسيع رقعة الحوار والنقاش العقلاني الهادىء لهذا الملف الحيوي, الذي لا يصيب فقط السياسات الخارجية لكل منهما, بل يضرب على الوتر الداخلي الأردني بامتياز.
 
وكانت الكتاب قد أشارت إلى أنّ العلاقة بين الأردن وحماس لم تمر بمسارات واضحة صعوداً أم هبوطاً, بقدر ما شهدت مراحل مد وجزر. بداية الاشتباك العملي بين الطرفين كانت فيما عرف بأسلحة حماس في العام ,1991 وهو الذي قاد إلى مرحلة اتفاق الجنتلمان بين قيادة الحركة ومدير المخابرات العامة السابق, مصطفى القيسي, إذ تضمن الاتفاق غير المكتوب شروط عمل الحركة على الأراضي الأردنية.
 
إلى أنّ الاتفاق لم يصمد أمام الاعتبارات الخارجية والداخلية على السواء, وكانت اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل, التي دخلت حيز التطبيق في العام ,1995 نقطة تحول في العلاقة بين الطرفين, ثم جاءت تغييرات في مواقع سياسية وأمنية عليا لتدفع بالعلاقة إلى مرحلة الأزمة والتصعيد المتبادل.
 
في العام 1999 بدأت مرحلة القطيعة بين الأردن وحماس, بعد أن أعلن عن أغلاق مكاتب الحركة في عمان, وحظر نشاطها, واعتقال قادة المكتب السياسي, ثم خروجهم إلى الدوحة فدمشق. وخلال هذه المرحلة انقطعت أغلب الاتصالات بين الطرفين, وشهدت أزمة مؤقتة بعودة إبراهيم غوشة إلى عمان, ثم حلت بتوقيع الأخير تعهد بعدم العمل لصالح حماس على الأراضي الأردنية.
 
مع انتصار حماس في العام 2006 بالانتخابات الفلسطينية, ثم دخولها في حكومة فلسطينية, انتقلت العلاقة بين الطرفين من القطيعة إلى الأزمة, جراء الفجوة الواسعة بين رهانات الطرفين الاستراتيجية, واختلاف الموقف من عملية التسوية الجارية, وما يتبع ذلك من العلاقة مع المحاور الإقليمية وإيران والسلطة الفلسطينية.
 
إلاّ أنّ فشل اجتماع أنابولس وسيطرة حماس على قطاع غزة وتبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل, وبدء انفتاح أوروبي غير معلن على حركة حماس كل تلك العوامل دفعت بدوائر في القرار الأردني إلى البدء بحوار استراتيجي مع حركة حماس حول القضايا الحيوية المشتركة, التي تمس المصالح الأردنية والفلسطينية.
 
ذلك الحوار لم يستمر طويلاً, إذ انتهى بتغييرات داخل دوائر القرار الأمني, وعادت علاقة الأردن بالحركة إلى المساحة الرمادية, وغياب قنوات الاتصال والحوار, باستثناء قناة خلفية لقضايا إجرائية, لا تمس منظور الأمن والمصالح الاستراتيجية.
 
وتحلل الكتاب بصورة مكثفة ومفصلة طبيعة الحوار الذي قام بين الحركة ومدير المخابرات العامة السابقة, وأسباب الحوار ودوافعه من وجهة نظر المسؤولين الأردنيين وقادة حركة حماس الذين شاركوا في الحوار.
 
وتصل الكتاب إلى تحديد جملة من العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة على العلاقة مع حركة حماس, في مقدمتها الرهانات السياسية لكل من الحكومة والحركة, والشخصيات التي تقع في مركز القرار في عمان, وطبيعة المرحلة السياسية وحيثياتها, تطور العملية السلمية, الضغوط الأمريكية, العلاقة بين الحكومة الأردنية والسلطة الفلسطينية.
 
فيما حظيت جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها الضلع الثالث الرئيس في العلاقة بجزء رئيس من الكتاب, وتحديداً جدل العلاقة بينها وبين حركة حماس, وهو الجدل الذي فجّر مؤخراً أزمة داخل الجماعة وفيما بين التيار الإصلاحي وقادة حماس, بخاصة بعد قرار الأخيرة فك الارتباط التنظيمي مع جماعة الإخوان المسلمين في الأردن, ما يعني عملياً نهاية تنظيم بلاد الشام الذي قام عام ,1978 ويشمل الأردن والضفة وغزة.
 
وتتناول الكتاب رؤية النحبة السياسية الأردنية للعلاقة مع حركة حماس, وهي الرؤية التي تنغكس على اتجاهات النخب الرسمية ومطبخ القرار, من خلال ثلاثة اتجاهات رئيسة:
 
الأول, وهو المتحفظ على الانفتاخ على حركة حماس, لأسباب متعددة, في مقدمتها عدم الثقة بالحركة ومشروعها الأيديولوجي الإسلامي, وكذلك العلاقة الاستراتيجي بين الأردن والسلطة الوطنية وحركة فتح,
 
أما الاتجاه الثاني, فهو الأقرب إلى المعارضة السياسية القومية واليسارية ويطالب بالانفتاح الكامل على حركة حماس وتبديل التحالفات الأردنية مع حماس وإيران وسورية بدلاً من المربع الاستراتيجي الحالي, ويطالب بإلغاء معاهدة وادي عربة.
 
بينما تتحدث الكتاب عن اتجاه ثالث, يطالب بالانفتاح على حركة حماس, والحوار الاستراتيجي معها, ولا يجد أن هناك تناقضاً بين هذه السياسة وبين المربع الاستراتيجي الحالي والعلاقة مع حركة فتح, بقدر ما أنّ هذا الانفتاح يخدم المصالح الأردنية- الفلسطينية, ويوسع المناورة الدبلوماسية الأردنية واستعادة الأوراق الإقليمية, ويوفر مفتاحاً للخطة (ب) في حال فشلت التسوية أو وصلت إلى طريق مسدود.
 
في المقابل, لا توجد مناظرة معلنة لدى حركة حماس حول العلاقة مع الأردن, وهناك قراءتان لذلك, الأولى تستند إلى خطاب مشعل, الذي ألقاه في عزاء والدة بعمان, ويؤكد فيه على ثوابت الحركة تجاه الأردن, بالحرص على أمنه وسلامة اراضيه, ورفض التوطين, والوطن البديل, ورفض التدخل في شؤون الأردن, حتى عبر الحركة الإسلامية.
 
بينما يشكك مسؤولون أردنيون بمصداقية هذه الرؤية, ويشيرون إلى محاولة الحركة بسط نفوذها داخل الأردن, وبصورة خاصة داخل جماعة الإخوان, وهو ما تؤكده رواية التيار الإصلاحي في الجماعة, وبعض تصريحات لمسؤولي حماس تشي بالتعامل مع الأردن باعتباره ساحة نفوذ رئيسة للحركة, نظراً لأنه يحتوي على أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين, ويتداخل مع المشهد الفلسطيني بصورة كبيرة.
 
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :

محمد نزال20-12-2009

عندما تحدث الفريق محمد الذهبي بهذا الشأن قامت القيمامة وصار الرجل ملعون والدين وخائن وما بفهم قتل الشخصيات من احترافتا
رد على التعليق
capcha
: كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها .
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.