• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

المواطن... اغلى ما يملكون !

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2016-10-20
3015
المواطن... اغلى ما يملكون !

بقلم  الاعلامي ..بسام الياسين

 (( كنا في المرحلة العرفية،نبحث عن كتاب يُطفيء عطشنا للمعرفة، حاملين معنا مصباح “ديوجين” في عز النهار،بعد ان ضرب العرفيون عليه الحصار في دعوة مكشوفة للتجهيل.الانكى اعتبروه من المحرمات التي تفسد العقل كالخمرة وتُحطم الشخصية مثل المخدرات.فاصبح التعاطي معه من اشد انواع الموبقات التي تقود الى جهنم،حيث صاحبها مطرود من دائرة الرحمة والغفران…فلا تلوموا الطالب ان نشأت عدواة بينه و بين المطالعة وتدنى معدل قرآءته الى ست دقائق سنويأ…

المسؤولية الى يومنا هذا، تقع على فرسان المرحلة العرفية، فظاهرة إحراق الكتب وتمزيقها تعود جذورها في الذاكرة العميقة الى تلك المرحلة الوحشية البغيضة…الدكتور الاخ الصديق محمد العتوم اللواء المتقاعد،كان ولم يزل احد المتميزيين في محافظة جرش، تمّيز عنا بكثرة المطالعة وامتاز عنا بامتلاك اضخم مكتبة شخصية منذ سبعينات القرن الفائت فيها كتب قيمة ومخطوطات نادرة…كما وصفها لي الصديق اللصيق، الدكتور المرحوم نافذ شاهين استاذ الادب الانجليزي المقارن في جامعة البلقا التطبيقية…للدكتور العتوم تحية المحبة ولأخي نافذ شاهين الرحمة،اما مَنْ قتل روح الابداع والتفوق في اجيالنا عليه الف لعنة ولعنة ))).

*** هاديء وحزين.كسير القلب،مثخن بالجراح…هو المواطن المغلوب على امره عند حله و ترحاله.مكتوب عليه الشقاء على مدى مراحل عمره. لا يخرج من حفرة الا ويسقط في اخرى،فقد اعموا بصره وبصيرته من كثرة ما صفعوه…بالامس سجنوه في قفص الاحكام العرفية حتى فقد القدرة على الكلام.حرمّوا عليه الكتاب والانتساب للاحزاب خوفاً على نقاء عرقه من التلوث بافكار مستوردة هدامة. المفارقة التي تناقض ذاتها،ان المواطن الصالح ـ بنظرهم ـ يجب ان يكون ابيض مثل الكفن بلا جيوب،وممسوحاً كشاهدة قبر…،هم ينقشون عليها ما يريدون، رغم انهم يخطئون بالقرآءة والكتابة،ولا يتقنون الصرف والنحو..يرفعون المفعول به الى اعلى عليين،ويصبون جام غضبهم على من ينتصب امامهمً كالالف الممدودة كشجرة جذورها ضاربة في الارض وفروعها طالعة الى السماء.

يا للسخافة… بثوا فيه الرعب من التعامل مع السياسة…اوهموه ان الوعي اكبر الكبائر.ذانك الشران ـ السياسة والوعي هما البلاء المقيم وسبب هزيمة الشعوب،وهما اشد فتكاً بالمواطنيين من الفساد والنخاسة.من يقرب من المعاصي الفكرية،السياسية،الثقافية، يعصي اوامر ولي النعمة.جزاؤه المنع من السفر،العمل،والتضييق على اللقمة.الانكى ان من زادت عنده جرعة الوعي،مصيره الاقامة المديدة في بيت خالته “سجن المحطة”هذا ان كان ممن انعم الله عليه،اما ان كان من المغضوب عليهم ،فالشحن الى الجفر / السجن الصحرواي… فاصحاب السوابق من اهل”المبادي الهدامة”…هم الخطر على السلطة لا اصحاب السوابق المجرمين.

النكتة السمجة، جاءت بعد سنوات عجاف من العُرفية السوداء. تحديداً،في اعوام الانفراج التي نعيشها هذه الايام، وسط جو مفرط من التشاؤم و القتامة ….حرية منقوصة وديمقراطية فاسدة. في هذا السياق تقول الشبكة العربية لحقوق الانسان :ـ ” التوسع في بناء السجون العربية لم يكن بسبب زيادة السكان بل لتنامي القضايا السياسية وقمع الحريات،لكن الشبكة تجاهلت الزنازين في دوائر الاجهزة الامنية….ونقول ايضاً :ـ ان السجون تُبنى على احدث الاسس الهندسية،ومجهزة بالمياه الدافئة والباردة،والتهوية الجيدة والتدفئة،وميزانيتها جاهزة على الدعسة بينما المدارس متهالكة تكاد تسجد سقوفها فوق رؤوس الطلبة لكثرة الخشوع فيما الطلبة يصطكون من البرودة في الشتاء القارس،ويختنقون من الحر في الصيف اللاهب.

عتاولة العُرفيين آمنوا ان بيدهم مفاتيح الجنة والنار… فمن لا يذعن لهم فهو خصمهم الى يوم الدين…تلك كانت فلسفتهم المُلتوية. فكانت النتيجة المدمرة الماثلة للعيان….موالاة عمياء لا ترى الا ما يراه “المعلم”،حامل العصا والجزرة، ووجوب الاذعان عنوة بوسائل الترهيب والترغيب… الظاهر منها للعيان والخفي….جرى ذلك باسناد مكشوف من ذوي الابواق من اهل الاعلام.اولئك الداعون والمدّعون ان لا خلاص الا بالتسليم المطلق لاهل الحظوة والخطوة من المؤمنيين ان العصا من الجنة.على الضفة الاخرى معارضة طرشاء لا تسمع الا ما قاله السلف ايام زمان ولا مكان للحداثة والمعاصرة.

قزّموا التعليم بالتلقين،فلا ابداع في علم و لا معلومات انما اسراب من الببغاوات.اما اشهار السيف على اسرائيل لا ينفع الا بتقييد الحرية والتحرر من فيروس الديمقراطية.وتحرير الارض المغتصبة لا يتم الا بالاحكام العرفية المؤقتة،والتخلي عن حقوق الانسان الى حين، وتوازن القوى ليس في صالح ملايين العربان،لذلك على الجميع ان يدفنوا رؤوسهم بالرمال كالنعام..ثم جاءت الديمقراطية المزعومة…لم يصدقهم احد،لان الهلع ما زال يعشعش في خلايا ادمغة الناس…ولن ينفع رأب الصدع،ولم يجدِ فتيلا جَسْر الهوة بين السلطة و المواطنيين بعد ان اصابهم رُهاب السياسة والحزبية في مقتل من بطش ايام القمعيين.فـ “ترياق الشفاء من الاحكام العرفية” لا يشفي المرعوبين مما حلَّ بهم من العُرفيين الملاعين الى يوم الدين.الذاكرة البشرية ليست سروالاً قابلا للغسيل كلما لحقه قليل من نجس كما يعتقد الانجاس.

سياسات خرقاء لم تُحصّن المجتمع ضد التعدي الخارجي،والفساد الداخلي،فكان ما كان…احتلت اسرائيل ما بقي من فلسطين في سويعات،وزاد الفساد حتى عمَّ البلاد والعباد… ما يثير القهقهة انهم غيروا العصا الا ان الذهنية العرفية بقيت كما هي…فلا مشروع اصلاحي و لا حتى مشروع تنويري… المتفائلون يئسوا من الاصلاح،فاتجهوا قيام الليل للدعاء في الاسحار بعد ان خاب فألهم، للتعجيل في “ظهور المهدي سيد الزمان ليملأ الارض عدلاً وسلام”،بعد ان مُلئت ظلماً وجورا من العُرفيين وامثالهم.لكن ما يبعث على الاحباط ان الامام طهراني احد كبار علماء حوزة قم اعلن قبل ايام ” ان المهدي اجل ظهوره” ولم يعلل العلامة النحرير سبب التأجيل الا انني اعتقد ان تأجيل ظهور الامام من السرداب، لعلمه ان الاصلاح المطروح بحاجة الى اصلاح ان لم يكن مستحيل.

لم يكتفوا بما كان بل وضعوا الموطن في ظروف حياتية صعبة،منعته ان يتصالح مع ذاته،و اجبرته ان لا يتصالح مع ايامه.هو مسكون على الدوام بقلق الحياة… اعباء ثقيلة فوق قدرته على الاحتمال….ضيق عيش وقلة معاش،ضنك مقيم ومستدام ،لا احد يعرف الفرج الا الله…منذ صياح الديك حتى اغفاءة النوم…هو في معركة ضروس ليرد عن اهله غائلة الجوع…وما يعاني من ذل و اذلال فلا يحتمل،فيقع بالضربة القاضية / الجلطة.

…تاريخنا الحالي ينزف مهانة… اجدادنا كانوا يحرثون الصحاري مشياً على الاقدام،وعندما يتيهون يلجأؤون الى السماء فتدلهم نجومها الى اين يتجهون….في ايامنا العجيبة،اهلنا يغرقون في البحار مع ان قراصنة مراكب الموت يستخدمون التكنولوجيا الحديثة…السعيد ممن نجا و كتبت له حياة كمولود جديد،يجرده الغرب اللئيم من مواطنته ويدمغوا على جبينه ” لاجيء عربي متوحش”….يا لذلنا…صور مضحكة لشدة تباينها…احدثت ثقباً اسود في عقولنا،و لا عجب من انفجار الناس لاتفه الاسباب، ولا غرابة من ازدياد حالات الانتحار.

المواطن أيامه وهم وسراب.دربه طريق آلآم وعلى راسه اكليل شوك،ويجرجر بقدميه الداميتين اثقال من حديد تعجز عنها البغال…خطواته العمياء تقوده إلى حفرة الواقع السحيقة. لهذا إنطفأت في داخله جمرة الانتماء وألق الذاكرة البعيدة والقريبة على السواء. تراه دائم الهرولة خلف اللقمه حتى دخل المنطقة الحرجه صارخاً: ربي لا اريد من هذه الدنيا الا ستر عائلتي و كفاف يومي وكفناً يليق بي .أحلامه الكبيرة تضاءلت وأصبحت صغيرة صغيرة غايتها إشباع المعده كباقي الحيوانات، بعد ترويضه سياسيا وتجويعه فسيولوجيا وتفريغه سايكولوجيا .

في الدنيا كافة،المواطن شريك في الحكم. …شريك في الثروة،لكنه عندنا مخلوق مضروب على راسه لا يعرف نافوخه من كعبه، لا يفرق بين كوعه من بوعه. تراه مسطولاً من كثرة الفواتير….ومضروباً على كفله لا يدري قُدامَه من قفاه …. دائم الشكوى فقد شلحوه لدرجة ستر بيديه العوره…و لم يبقوا له الا جلده، فهل يسلخوه في قادم الايام؟.

احاطوه بالمزالق و الاشواك المسمومة،…سمموا له الاجواء . اشبعوه احلاماً زائفه ….هشموا عظامه ركلاً لانه طالب حقه يوماً ما بالديمقراطية و الحرية كباقي خلق الله… اذلوا انسانيته ومسحوا اعتداده بنفسه….كان جمل المحامل،فاصبح لا يطيق حمل نفسه … بلغ ذروة الاحباط،عندما اكتشف ان ولاة امره يخدعونه و يناقضون الوطنية مناقضة تامة،ويقدمون مصالحهم الفئوية والخاصة على المصلحة العامة،وتفننوا بفنون السرقة بالف طريقة وطريقة…أُصيب بصدمة …كل شيء الآن باطل، قبض ريح،زوبعه من غبار، بيدر من قش،حياته رحلة إجبارية لا معنى لها…امنيته ان ينزل قبره حتى لا يرى وجوههم النكدة.

المواطن … دائما في طرف الصورة إن لم يكن خارج إطارها.هو لزوم ما لا يلزم، لكنه لازم ومفيد لدائرة الضريبه ، للجلوس على المدرجات.. لملء الشواغر في المقاهي ، لزيادة الإزدحام على الأرصفه ، لإطالة صفوف طوابير الإنتظار على المخابز … لتحرير مخالفات السير… لعملية الإحصاء .. لزيادة العدد .. للتصفيق في المناسبات .. للذهاب إلى صناديق الإقتراع من أجل استكمال ديكور العمليه الديمقراطيه …للمشي في جنازات ذوي الحظوة .. لتجارب ردات الفعل وبالونات الإختبار .. لإطلاق أقذع الشتائم في الملاع، لإستطلاعات الرأي وقياس الود بينه وبين الحكومات ، ومعرفة منسوب أزمة الثقه بينه وبين النواب….لا تظنوا انه كالزوج المخدوع لا يعلم…هو يعلم من يخدعه…من يخونه… لا يموت الحق ويوم الحساب آتٍ آتْ!. لا تظنوا انه كومة من حطام .. كومة من عظام… يعيش حالة من عزلة وغربة،فالانهار الصامتة هي الخطرة اما السواقي الضحلة فكثيرة الجعجعة…هو يعرف اوراقكم المستورة، فرداً فردا…فلا تستفزوه اكثر …انه برميل بارود سيقلب عليكم الدنيا،وسيطيح بكم بالضربة القاضية…{{{ و لا تحسبن الل غافلاً عما يعمل الظالمون }}} صدق الله العظيم.

أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.