قال موقع "إل سي إي" الفرنسي إن عدم توفر العديد من المعلومات إلى الآن بشأن هذا الفيروس -مثل معدل الوفيات، ومستوى انتقال العدوى، والوقت الذي يصبح فيه المريض ناقلا للعدوى، وفترة الحضانة- يمنعنا من تحديد التأثير العالمي للوباء الذي ظهر في الصين وكان ناجما عن فيروس كورونا الجديد الذي وقع الإبلاغ عن أول آثاره في ديسمبر/كانون الأول 2019.

ويطلق على فيروس كورونا الجديد اسم "2019-إن سي أو في"، وتشير دراسة نشرت يوم الجمعة الماضي في مجلة "ذا لانسيت" الطبية إلى أن عدد الأشخاص المصابين في ووهان يبلغ 76 ألف شخص (أكثر من عشرة أضعاف التقديرات الرسمية)، وذلك بناء على التوقعات الإحصائية.

وقال مدير برامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايكل ريان الأربعاء الماضي إنه "توفي 2% من الحالات المؤكدة، وهي نسبة تعد مرتفعة مقارنة بالإنفلونزا الموسمية"، لكن هذا المعدل توضيحي فحسب، ويتراجع يوميا، وذلك أن عدد حالات الإصابة الجديدة يرتفع بشكل تناسبي بمعدل أسرع من عدد الوفيات.

في السابق، لم يكن هناك سوى وباءين قاتلين ناجمين عن فيروس كورونا الذي يمثل عائلة كبيرة ينتمي إليها الفيروس الجديد، وهما فيروس سارس (متلازمة تنفسية حادة وخيمة) وميرس (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية).

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، تسبب وباء السارس في وفاة 774 شخصا في جميع أنحاء العالم من بين 8096 حالة في الفترة الممتدة بين 2002 و2003 قبل أن تتم السيطرة عليه، وبلغ معدل الوفيات 9.5%.

وأودى وباء ميرس بحياة 858 حالة من بين 2494 حالة منذ سبتمبر/أيلول 2012، بمعدل وفيات بلغ 34.5% من الحالات.

وعلى سبيل المقارنة، تقدر منظمة الصحة العالمية أن الإنفلونزا الموسمية تتسبب في وفاة ما بين 290 ألفا و650 ألف شخص سنويا في جميع أنحاء العالم.

وبالإضافة إلى خطورة الفيروس فإن قدرته على الانتقال هي التي تحدد مدى خطورة الوباء، وقال ريان إن "فيروسا عدوانيا نسبيا قادر على إلحاق أضرار جسيمة إذا أصيب به كثير من الناس".

ما هو مستوى انتشار العدوى؟

بين الموقع أن أحد معايير خطورة المرض المهمة هو عدد الأشخاص المصابين بسبب شخص مصاب، وهو ما يطلق عليه اسم "عدد التكاثر الأساسي"، وفي الأيام الأخيرة تراوحت تقديرات فرق بحث مختلفة لهذا المستوى بين 1.4 و5.5.

ويعود آخر هذه التقديرات إلى باحثين صينيين نشروا دراسة في مجلة "نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن" الطبية، ويقدرون أن كل مريض مصاب أصاب بدوره ما معدله 2.2 شخص، ويتجاوز هذا المعدل مستوى انتشار العدوى بإنفلونزا الشتاء (حوالي 1.3)، ويقل بكثير عن مرض الحصبة شديد العدوى (أكثر من 12)، وقابل للمقارنة بمعدل السارس.

في أي مرحلة يكون المريض ناقلا للعدوى؟

أشار الموقع إلى أن هذا السؤال الحاسم ما زال دون إجابة، وأوردت السلطات الصينية أن العدوى ممكنة قبل ظهور الأعراض (وهذا هو الحال بالنسبة للإنفلونزا ولكنه لا ينطبق على السارس)، ومع ذلك، لم يتم تأكيد صحة هذه الفرضية.

من جهته، يؤكد البروفيسور مارك وولهاوس من جامعة إدنبرة (أسكتلندا) أن "هناك حاجة ملحة لإجراء أبحاث بشأن هذه المسألة"، فإذا كان المريض ناقلا للعدوى قبل ظهور الأعراض فسيؤدي ذلك إلى تعقيد عملية تحديد الحالات، وبالتالي يمكن أن تصبح عملية احتواء انتشار الفيروس صعبة.

من ناحية أخرى، حتى لو وقع تأكيد هذه الفرضية فسيكون من الضروري "معرفة ما الذي يعنيه أمر مماثل في ديناميات الوباء" كما يشير البروفيسور أرنو فونتنات من معهد باستور في باريس.

وفي الواقع، يعد سعال المريض المصاب عاملا مهما لنقل الفيروس، ولكن مريضا لا تظهر عليه الأعراض لا يسعل.

ما هي فترة الحضانة؟

أورد الموقع أن هذه الفترة تمثل المدة بين الإصابة بالفيروس وبداية ظهور الأعراض الأولى يوم الاثنين الماضي، وقدرت منظمة الصحة العالمية هذه الفترة بحوالي يومين إلى عشرة أيام في المتوسط.

ووفقا للدراسة الصينية التي نشرت في مجلة "نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن"، تبلغ فترة الحضانة حوالي 5.2 أيام في المتوسط وتختلف اختلافا كبيرا حسب الحالات.

وأشارت دراسات سابقة في هولندا إلى فترة تبلغ 5.8 أيام في المتوسط.

ما هو مستوى انتقال العدوى بين البشر؟

أضاف الموقع أن الحالات الرئيسية للعدوى المباشرة بين البشر قد لوحظت في الصين، لكن تم الإبلاغ عن حالات أخرى في فيتنام وألمانيا واليابان والولايات المتحدة وفرنسا.

وعلى وجه الخصوص، دفعت هذه النقطة منظمة الصحة العالمية إلى وصف الوباء يوم الخميس الماضي بأنه "حالة طوارئ ذات بعد دولي".

وقالت الدكتورة ناتالي مكديرموت من كلية الملك في لندن إن "الدول المتقدمة لديها أنظمة صحية قوية ينبغي أن تكون قادرة على الحد من انتشار الفيروس، لكن لا ينطبق هذا الأمر على البلدان الفقيرة".

ما هي أعراضه؟

أشار الموقع إلى أن الأعراض السريرية لمرض الجهاز التنفسي الناجم عن فيروس كورونا الجديد تصبح أكثر وضوحا بعد تحليل الحالات الـ99 الأولى التي جرى رصدها في الصين والتي نشرت في المجلة الطبية "ذا لانيست"، وكان جميع هؤلاء المرضى مصابين بالتهاب رئوي (تضررت رئات ثلاثة أرباعهم)، وكان معظمهم يعانون من الحمى والسعال، في حين عانى ثلثهم من ضيق التنفس.

ويبلغ متوسط عمر هؤلاء المرضى 55 عاما، ثلثهم من الرجال ونصفهم مصابون بأمراض مزمنة (الأمراض القلبية الوعائية ومرض السكري...).

ومنذ 25 يناير/كانون الثاني الماضي توفي 11 شخصا من هؤلاء المرضى، وما زال 57 آخرين في المستشفى وغادره 31.

لا وجود للقاح أو لدواء لفيروس كورونا، وتشمل العناية الطبية علاج الأعراض، بما في ذلك الحمى، لكن هناك علاجات ممكنة قيد الدراسة، فعلى سبيل المثال نجح الباحثون في معهد باستور بباريس في عزل وزراعة سلالات فيروس كورونا الجديد، وهي سابقة في أوروبا تشكل "تقدما كبيرا" في البحث عن لقاح وعلاج.

وأظهرت دراسة صينية أخرى نشرت في "ذا لانسيت" تستند إلى تسعة مرضى أن الفيروس لم يتغير كثيرا منذ ظهوره لدى البشر، وعلق البروفيسور ويفنغ شي -وهو أحد مؤلفي الدراسة- قائلا "بما أنه ينتقل إلى عدد متزايد من الأفراد فمن الضروري مراقبة ظهور طفرات محتملة".