• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

أردوجان ينقذ نجاد وينتقم من أوباما ونتنياهو

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2010-05-17
1335
أردوجان ينقذ نجاد وينتقم من أوباما ونتنياهو

رغم أن الظاهر على السطح هو أن إيران هي الرابح الأكبر من اتفاق تبادل اليورانيوم الذي تم توقيعه في طهران في 17 مايو / أيار ، إلا أن تركيا تكاد تكون حققت المكاسب ذاتها وإن كان بشكل مختلف .

 فموافقة طهران على نقل 1200 كيلوجرام من اليورانيوم الإيراني الضعيف التخصيب إلى تركيا حيث ستتم مبادلته هناك بوقود نووي عالي التخصيب من قبل مجموعة فيينا التي تضم الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والوكالة الدولية للطاقة الذرية هو إنجاز كبير للدبلوماسية التركية لأنه لا يؤكد فقط عودة تركيا بقوة للعب دور إقليمي متصاعد في الشرق الأوسط وإنما لأنه يعود أيضا بفوائد كبيرة على الاقتصاد التركي ، ولعل هذا الأمر هو الذي قد يثير غضب روسيا التي كانت ترغب في مبادلة اليورانيوم على أراضيها لكي تستفيد شركاتها العاملة في هذا المجال .
 
هذا بالإضافة إلى أن تركيا بعثت برسائل قوية لواشنطن وتل أبيب بأنها أصبحت دولة محورية فيما يتعلق بقضايا المنطقة ، بل إن أنقرة بتوقيع الاتفاق السابق لم تنقذ إيران فقط من مواجهة جولة جديدة من العقوبات القاسية التي كانت تعول عليها إسرائيل وأمريكا لشل قدرة الاقتصاد الإيراني والإسراع بإسقاط نظام الرئيس محمود أحمد نجاد وإنما انتقمت فيما يبدو عمليا من واقعة إهانة السفير التركي في تل أبيب وتبني لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي مؤخرا قرارا يصف ما حدث للأرمن من "مذابح على يد الدولة العثمانية أوائل القرن العشرين بأنه إبادة جماعية" ، وهو الأمر الذي ردت عليه تركيا حينها عبر استدعاء سفيرها في واشنطن .
 
وبالنسبة للبرازيل ، فإن وساطتها في اتفاق تبادل اليورانيوم على هامش مشاركتها في قمة مجموعة الـ15 في طهران إنما بعثت برسالة لأوباما مفادها أن هناك تكتلات وقوى صاعدة تبحث عن مصالحها وتحديدا في أمريكا اللاتينية التي تعاني من الهيمنة الأمريكية على اقتصادها .
 
فمعروف أن البرازيل تشارك فنزويلا وكوبا وبوليفيا في جهودها للحد من النفوذ الأمريكي في أمريكا اللاتينية التي تعتبرها واشنطن الحديقة الخلفية لها ، ويبدو أن الدور الذي لعبه الرئيس البرازيلي في توقيع اتفاق تبادل اليورانيوم كان مقصودا في حد ذاته لضمان توسيع الاستثمارات البرازيلية في قطاع النفط الإيراني من ناحية ولتأكيد مكانة البرازيل الدولية من ناحية أخرى .
 
اتفاق تاريخي  
   
وكان وزراء خارجية كل من إيران وتركيا والبرازيل وقعوا يوم الاثنين الموافق 17 مايو / أيار اتفاقا ينص على نقل 1200 كيلوجرام من اليورانيوم الإيراني الضعيف التخصيب إلى تركيا حيث ستتم مبادلته بوقود نووي عالي التخصيب بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية .
 
والاتفاق الذي جاء نتيجة وساطة قامت بها البرازيل وتركيا تم توقيعه بحضور الرئيسين الإيراني محمود أحمدي نجاد والبرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان.
 
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست للصحفيين إنه في إطار هذا الاتفاق ستكون تركيا مكان تخزين اليورانيوم الإيراني الضعيف التخصيب تحت إشراف إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
 
وأضاف أن الاتفاق سيرسل في مهلة أسبوع إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، وفي حال وافقت الدول الكبرى عليه ، فإن إيران سترسل في غضون شهر واحد 1200 كيلوجرام من اليورانيوم الضعيف التخصيب "3,5%" إلى تركيا لمبادلته في مهلة أقصاها عام بـ 120 كيلوجرام من الوقود العالي التخصيب "20%" اللازم لمفاعل أبحاث في طهران يستخدم لإنتاج النظائر المشعة لمعالجة مرضى السرطان .
 
وأكد مهمانبرست أن إيران لن تتراجع عن خيار تخصيب اليورانيوم الخاص بها بنفسها رغم توقيع الاتفاق ، قائلا :" التخصيب حق قانوني لنا، ولا نعتزم التخلي عنه " ، ودعا الولايات المتحدة وسائر القوى الغربية إلى قبول الصفقة بشكلها الحالي الذي اعتبره مطابقاً لعرض التبادل الذي قدمته القوى الغربية في أكتوبر الماضي ، معتبراً أن رفض هذه الصفقة سيظهر بأن الغرب "لا يرغب بالتوصل إلى اتفاق مع طهران" .
 
وكانت الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا اقترحت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي على طهران تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية تسليم 1200 كيلوجرام من اليورانيوم الضعيف التخصيب لكي يتم تخصيبه بنسبة 20% في روسيا ثم تحويله إلى وقود نووي في فرنسا وهذه الكمية كانت تعادل آنذاك 70% من المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب ، غير أن طهران رفضت هذا الاقتراح ، مشيرة إلى نقص في الثقة أيضا وطالبت بأن تتم عملية التبادل على أراضيها وبكميات أصغر مما سبق ، لكن القوى الكبرى رفضت هذا العرض.
 
وسرعان ما أعلنت إيران في شباط / فبراير الماضي عن إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20% ، مما أدى إلى قيام واشنطن بتحركات دبلوماسية واسعة لتعبئة الغرب وروسيا لاعتماد عقوبات جديدة ضد إيران من قبل مجلس الأمن الدولي.
 
إلا أن البرازيل وتركيا العضوين غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي بدأتا وساطة أدت إلى زيارة الرئيس دا سيلفا إلى طهران ثم أردوجان ، وبعد 18 ساعة من المفاوضات ، أعلنت الدول الثلاث في 17 مايو / أيار عن توقيع اتفاق تبادل اليورانيوم ، موجهة صفعة قوية لواشنطن وتل أبيب عبر إجهاض محاولات فرض عقوبات جديدة على إيران .
 
صدمة أوباما ونتنياهو 
 
وما ضاعف من صدمة واشنطن أنها كانت تعتبر الوساطة التركية البرازيلية "الفرصة الأخيرة" وشككت في نجاحها ، إلا أن نجاد ودا سيلفا وأردوجان كان لهم رأي آخر بل إن نجاد وجه أيضا صفعة لروسيا الشريك التجاري الهام لإيران بسبب ما تردد عن احتمال موافقتها على فرض العقوبات مقابل تراجع واشنطن عن نشر نظام الدرع الصاروخي في أوروبا الشرقية والذي ترفضه موسكو بشدة .
 
وبصفة عامة ، فإن نجاد ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد ، حيث أن الاتفاق سيدعم موقفه في وجه المعارضة الإصلاحية ، كما أنه يخفف الضغوط الدولية عليه ويجهض العقوبات قبل أن ترى النور وهذا ما ظهر واضحا في إعلان وزير الخارجية التركي أحمد داود أوجلو بعد توقيع الاتفاق أن العقوبات ضد إيران لم تعد ضرورية ، قائلا :" هذا الاتفاق يجب أن يعتبر أمرا إيجابيا ، واليوم لم يعد هناك حاجة لعقوبات ضد إيران ".
 
ورغم أن الاتفاق يخدم إيران وتركيا بالأساس ، إلا أنه قد يفيد العالم العربي أيضا ، حيث توجت جهود مصر والدول العربية والإسلامية الهادفة لفضح "نووي" إسرائيل خلال مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي في نيويورك بالنجاح بعدما كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية يوم السبت الموافق 8 مايو / أيار أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أدرجت مناقشة القدرات النووية الإسرائيلية في مسودة جدول أعمال مجلس إدارتها المقرر في 7 يونيو/ حزيران وذلك في سابقة من نوعها في عمر الوكالة البالغ 52 عاما .
 
ورغم أنه كان من المتوقع أن تحبط واشنطن مثل هذا الأمر ، إلا أن توقيع اتفاق تبادل اليورانيوم من شأنه أن يحرج أوباما أكثر وأكثر في هذا الصدد ، ولعل ردود الأفعال التي خرجت من داخل إسرائيل تؤكد حجم المأزق الذي يواجهه أوباما ونتنياهو .
 
وكانت إسرائيل أعربت عن قلقها الشديد مما سمته "مناورات" إيران بعد توقيعها الاتفاق ، مبدية تخوفها من أن تكون تركيا والبرازيل تخدمان مصالح إيران بواسطته.
 
ونقلت الإذاعة الاسرائيلية عن مسئول إسرائيلي كبير لم يكشف اسمه القول إن إيران "تلاعبت" بتركيا والبرازيل ، وأضاف قائلا :" تركيا لم تواجه صعوبة كبرى لكي تستدرج على هذا النحو، في حين تصرفت البرازيل ببعض السذاجة دون شك".
 
وتابع " لقد سبق للإيرانيين أن لجأوا إلى الحيلة نفسها بادعائهم الموافقة على آلية كهذه لخفض حدة التوتر ومخاطر عقوبات دولية مشددة ومن ثم رفضوا الانتقال إلى التنفيذ".
 
واستطرد " سيكون أكثر صعوبة بكثير على الأمريكيين أو الأوروبيين رفض هذا الاتفاق لأن الأمر لم يعد يتعلق بإيران حصرا وهو وضع أسهل بكثير التعامل معه بل بات يتعلق بقوى ناشئة مثل البرازيل وتركيا التي تعتبر العلاقات معها شديدة الحساسية".
 
واختتم المسئول الإسرائيلى قائلا :" إن الاتفاق الإيراني التركي البرازيلي سيؤدي الى تفاقم المشكلة الإيرانية عبر جعل التصويت على عقوبات ضد إيران في مجلس الأمن الدولي الذي يطالب به الأوروبيون والولايات المتحدة عملية أكثر صعوبة".
 
والخلاصة أن إيران باتت في موقف أقوى مما سبق ، بل إنها عبر اجتماع مجموعة الـ 15 في طهران بعثت أيضا لواشنطن برسالة مفادها أنها ليست في عزلة دولية .
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.