وصية "مصطفى انور" قبل الرحيل الاخير!

   في بواكير العمر، ومع صرخته الأولى في المهد، وحلمه على بوابة البيت بأن يصبح كبيرا، طرق مصطفى أنور بيديه جدران الحلم الاخضر الندي، وتساقط ياسمينا على نادي الوحدات، ليحمل احلام طفل تراشق الطين اقدامه العارية، وهو يداعب الكرة كعاشق متعب، وقدم نفسه بهيبة النجوم، وأعلن عن مولد موهبة لم تحتج الكثير لتبهر كل من يراها. 
شارك مصطفى أنور مع الوحدات منذ العام 2005، وبقي ركنا اساسيا مع كل فئة يلعب معها، واقتحم بجرأة الكبار الفريق الأول وهو الذي لم يكمل ربيعه الثامن عشر. 
وكانت بداية الالم حين داهمته اصابة ابعدته عن تحقيق الحلم بأن يزامل النجوم مبكرا، ولكنه ارتقى فوق آلامه وجرحه وتشبث بحلمه. 
وتوشح برداء الوطن ودافع عن الوانه في كل ارض كانت قدمه تطؤها، وبدأ الفتى المفعم بالحيوية، وصاحب الابتسامة التي تشي بحياة قادمة وبفرح اخضر، بالتقدم نحو الألق والتوهج... كبر مصطفى أنور، ولكن ليس كثيرا، وقهرسارق اشيائنا الجميلة فرحته، لتبدأ رحلته إلى الاغتراب وزحف صقيع الحياة الذي ارتطم به من بداية الفحوص الطبية. 
مرض خبيث يتسلل اليه والانين يجتاح جسده النحيل، ليرقد على سرير ابيض في مكان لا وجود فيه الا للألم والاكف المصوبة نحو من يجيب الدعاء “الله عز وجل”... قاوم من يحب الحياة والممتلئ بالطيبة والعفوية، تشبث بالحياة “ما استطاع اليها سبيلا” لأجل عشاقه الكثر، وكان يحلم أن هذا المرض سيزول سريعا، وانتظر يدا مخلصة ترفعه من السرير الأبيض، انتظر كثيرا ولكن لم يأت أحد، كان بحاجة لعلاج خارج الأردن، ولكنه ضيق الحال ومشيئة الله سبحانه تعالى. 
مصطفى أنور ودعته الطرقات الباكية ولوح لها بيديه ممتطيا صهوة الريح بعد ان كتب وصيته الاخيرة في ليلة الاربعاء الاستثنائية 29 شباط 2012.. مصطفى أنور مات.