• المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
  • يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

سيف الإسلام حسن البنا: الملك الحسين كان يتمتع برؤية ثاقبة وفكر متقدم وحنكة سياسية

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2012-10-14
2324
سيف الإسلام حسن البنا: الملك الحسين كان يتمتع برؤية ثاقبة وفكر متقدم وحنكة سياسية

 

عضو مجلس شورى الجماعة في مصر .. والشاهد على زمن الإخوان منذ بدايات التأسيس

 

*الملك الحسين كان يتمتع برؤية ثاقبة وفكر متقدم وحنكة سياسية .

 

*مكتب الإرشاد لا يتدخل مطلقا في إدارة أمور البلاد، ولا يجرؤ على التدخل في القرارات السياسية لرئاسة الجمهورية.

 

•بؤر الفساد وتركة النظام السابق ثقيلة علينا

 

*عبد الناصر لم يحل الجماعة بل أوقف نشاطها ثم أعاده مرة أخرى.

 

*هذا ما حدث بين والدي الإمام حسن البنا والفنان أنور وجدي.

 

* الإسلام لا يهدم الوطنيات .. والإخوان هم أول المدافعين عن سيادة الوطن ولا يتدخلون في شؤون الغير.



أمام عشرات وربما مئات التساؤلات التي تحيط بجماعة الإخوان المسلمين ، وأهدافها ورؤيتها ، ومواقفها ، وتوجهاتها ، وحتى النيات التي لم تتكشف بعد ، وفي ظل أجواء من التكهنات والاشاعات والتخوف داخل الشارع المصري والعربي ، بعد الصعود السياسي للجماعة والوصول إلى قمة الحكم في مصر ، وصعودها النافذ في تونس ، ووجودها وتحركاتها في ليبيا واليمن وسورية تحت مظلة مناخ الربيع العربي ، وحتى موقف إخوان الأردن من المشاركة في الانتخابات التشريعية .. أمام المشهد الإخواني العام ، فإن الشخص الوحيد الشاهد على زمن الإخوان منذ بدايات التأسيس وحتى الآن ، هو ابن مؤسس جماعة الإخوان المسلمين " سيف الإسلام حسن البنا " الذي صاحب والده المؤسس ، طفلا ، وشابا ، وعضوا في الجماعة ، ومشاركا في أنشطتها جميعها ، وهو يراقب ويتابع نشأة الجماعة وأفكارها ، وتطلعاتها وأهدافها ، وأسرار وخلفيات الصدامات والمعارك السياسية ، والتحديات والضغوط والسجون ، وقد انخرط في العمل السياسي مبكرا منذ عام 1945 تقريبا ، وتم اعتقاله عام 1965 وأفرج عنه بعدها مع تحديد إقامته في منزله عاما ، ثم اعتقاله مرة أخرى ومحاكمته عسكريا عام 1969 وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات قضى منها 4 سنوات وخرج في مطلع تشرين الأول 1973 ..

" العرب اليوم " حاورت نجل مؤسس الإخوان المسلمين وعضو مجلس شورى الجماعة .. الذي يصفه كثيرون بأنه بئر المعلومات والأسرار والأفكار ، والفقيه القانوني ، ومن أبرز قيادات نقابة المحامين المصريين ، أعرق النقابات المهنية :

الفكرة الوطنية حرز مهم في الفكرة الاسلامية.



* ربما كانت البداية التي تفرض نفسها على الحوار هي عن " صورة الإخوان " داخل الشارع العربي ، والتي تثير لدى بعضهم تخوفات وانتقادات وأيضا اتهامات ، أخطرها أن جماعة الإخوان المسلمين لا تؤمن بالدولة الوطنية ولا سيادة الدول ، وأنها على سبيل المثال لا تنظر إلى مصر باعتبارها وطنا ، ولكن مجرد بلد من بلاد الإسلام ، أو بالأحرى من دولة الخلافة ، وأن انتماءهم الحقيقي هو للتنظيم وأفكاره ؟

** اعتدل في جلسته بهدوء وقال : الوالد الإمام الشهيد له مقولة تنفي كل هذا الكلام ، وهي أن " الفكرة الوطنية صارت حرزا مهما واضحا في الفكرة الإسلامية ، واجتمع بذلك للمسلم ما لم يجتمع لغيره من أبناء الأمم الأخرى ، أن يعمل للوطن وأن يعمل للإنسانية كلها ، من دون تعارض أو اختلاف ، ولم يجتمعا من قبل في مبدأ من المبادئ التي عرفها الناس من قبل ومن بعد " .. ثم من يستطيع أن يلغي مشاعر الانتماء والحب والوفاء لوطنه ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أسوة حسنة ، وهو الذي قال حين خرج مهاجرا من مكة : والله انك أحب بلاد الله إلى قلبي ، ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت . فالإسلام لا يهدم الوطنيات ، لأنه يفرض على أبنائه حماية أرضهم ، والذين يظنون أن الإسلام عصبية خطيرة عليهم مخطئون ، لأنه يوحد بينهم ويسوي صفوفهم ، الإسلام صيانة للوطن ورحمة للعالمين . إن كل هذه الاتهامات التي تطلقها قوى ودول تجاه الإخوان ، غير صحيحة ، وليست لها علاقة بالواقع ، بدليل أن جماعة الإخوان موجودة في كل مكان ، ولم يثبت عليهم تهمة الإرهاب ، ولم يتدخلوا في شؤون الدول التي يعيشون فيها .

رابطة الخلافة

* ولكن فكرة إحياء الخلافة الإسلامية التي يؤمن بها الإخوان ويعملون من أجلها ، تعني أن الوطن مجرد دولة من دول الخلافة ، أي أن الانتماء هنا على المشاع ، بمعنى الانتماء لأمة أولا قبل الوطن ، ومن هنا يرى الكثيرون عوامل القلق والتخوف ؟

** أنا شخصيا لا أجد أي مبرر للتخوف من الإخوان هذا أولا ، أما ثانيا ، فأنا أتساءل ، ما معنى الخلافة الإسلامية؟ المعنى هو رابطة تحافظ على العلاقة بين الدول الإسلامية، ونجد أن بريطانيا حتى الآن تحافظ على العلاقة بين دول "الكومنولث " ورغم تباين هذه الدول التي كانت تحت حكم التاج البريطاني ، ثم لماذا لم يكن هناك تخوف من الاتحاد الأوروبي وهو تجمع سياسي اقتصادي من أجل مصلحة الدول الأوروبية ؟ أنا أرى أن من مصلحتنا وجود رابطة تجمعنا ، تنظيم يوحد قوى الدول الإسلامية ، لأن قرار دولة واحدة مثلا غير فاعل ولا مؤثر ، ولكن قرار واحد يمثل كل الدول الإسلامية أقوى بالطبع وله وزن وله تأثير ، ولو كان هناك اجماع على موقف واحد سوف تشعر الدول الإسلامية بوحدتها ، وسيتأثر العالم بهذه الوحدة ، ولعلنا نذكر أن الرئيس جمال عبد الناصر حين طلب من الدول العربية أن تضرب عن تموين السفن وتفريغها ، تجاوب معه العرب ودول أخرى أوروبية ، وحدث شلل في العالم ، ولنتصور أن قرارا مثل هذا اتخذ على مستوى تجمع الدول الإسلامية كأمة واحدة ، ماذا يحدث ؟ وبالطبع فإن الدول الكبرى في الغرب وأمريكا يحاربون مثل هذه الأفكار لوحدة العالم الإسلامي تحت أي مسمى ، إن فكر الإمام حسن البنا هو أن يجعل الإسلام منهج حياة ..

عبد الناصر له انجازات وعليه أخطاء

* بمناسبة ذكر اسم الرئيس جمال عبد الناصر ، ما هو تقويمكم للعلاقة بينه وبين الإخوان بعد مرور أكثر من نصف قرن ؟

** الرئيس جمال عبد الناصر كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين قبل الثورة ، ثم حدثت تطورات وأحداث بعد الثورة ، ولذلك فإن العلاقة معروفة للجميع ، ولا أريد الحديث عنها الآن ، ويكفي أن الرئيس جمال عبد الناصر قال إن الإمام حسن البنا ، كان زعيما وطنيا لكل المصريين ، أما عن الخلافات فنحن نرى أن له العديد من الإنجازات والعديد من الأخطاء ، والحديث عن أن عبد الناصر قام بحل جماعة الإخوان المسلمين ، لذلك هي الآن جماعة غير شرعية ، غير صحيح بالمرة ، لأن قراراته كانت بحل الأحزاب ولم يعتبر الجماعة حزبا سياسيا ، لكن عندما اختلف مع قيادات الجماعة قام بوقف نشاطها ، وعندما تم الصلح عاد النشاط من جديد ، وتم السماح بإصدار مجلة الدعوة الناطقة باسم الجماعة ، وبعد واقعة ما سميت بحادث المنشية حدث هجوم من الأمن على الجماعة ، وحركة اعتقالات واسعة ، وهكذا تأزمت العلاقة مع الخلاف مع عبد الناصر .

" الجماعة" لم تُحظر

* هذا يقودنا إلى التساؤل الدائر حاليا عن شرعية وجود جماعة الإخوان باعتبارها جماعة محظورة ، وهناك العديد من القضايا تنظرها المحاكم تطالب بحل جماعة الإخوان؟


** وضع جماعة الإخوان الآن شرعي ، والجماعة منذ نشأتها وهي جماعة شرعية وقانونية ، ولا أقبل أن تطالها اتهامات بكونها غير شرعية وباطلة ، والجماعة ضربت المثل على أنها أكثر الهيئات والمؤسسات شعبية ، وأنها نجحت في مواجهة تحديات واستبداد وملاحقات كل الحكام منذ الملك فاروق وحتى مبارك ، ويجب في البداية أن نعلم أن جماعة الإخوان المسلمين ليست جمعية أهلية يعتمد نشاطها على الأوجه الاجتماعية والدعوية فقط ، لكنها نظام اجتماعي شامل يقوم بالأنشطة كافة لتكوين المجتمع الإسلامي ، فنحن ندعو الناس للإسلام وتعاليمه ونحثهم على تطبيق شريعة الإسلام ، فنحن أصحاب رسالة اجتماعية وسياسية واقتصادية ورياضية ، وتتضمن رسالتنا التكافل والرعاية والتربية في كل المجالات ، فنجد مثلا أن الجماعة تنظم دوريا كرويا خاصا بها ، وتهتم بالرياضات كافة وأخرجت العديد من الأبطال مثل بطل السباحة العالمي مرعي حماد الذي استطاع عبور بحر المانش ، ولدينا الكثير من الأبطال من أمثاله . والحقيقة الدامغة أنه لا يوجد أي قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين .

لا يوجد قانون يشمل انشطة الجماعة!

* ولكن هناك مطالب من القوى السياسية بضرورة تقنين وضع الجماعة ما يتيح مراقبة مصادر تمويلها ؟



** أريد أن أوضح نقطة مهمة بخصوص كلمة " التقنين " لأنه لا يوجد قانون يشمل كل الأنشطة التي تقوم بها جمعية أو هيئة واحدة ، وأقصد عدم وجود قانون يضم تحت مظلته كل هذه الأنشطة الكثيرة التي تتبناها الجماعة ، فنحن نسمي " الجماعة " بالهيئة لها أفرع في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدعوية والرياضية ، ففي الأربعينيات تم الإعلان عن هيئة الإخوان المسلمين وتم افتتاح مقرات لها في كل المحافظات والقرى والنجوع ، وكان كل نشاط لها يتبع الوزارة المتخصصة ، ومثلا البِر والخدمة الاجتماعية تبع وزارة الشؤون الاجتماعية ، وهكذا ، وبذلك اكتسبت الجماعة قانونية وجودها في الشارع ، وكما قلت لكم فإن عبد الناصر لم يحل الجماعة بل أوقف نشاطها ثم أعاده مرة أخرى ثم حصل الصدام والخلافات مع رجاله ونظام حكمه ، واستمر من عهد السادات إلى عهد مبارك ، ولقد طالبنا مرارا بوضع إصلاحات تشريعية وقانونية تتيح لكل فرد أو جماعة لديها فكرة أن تنفذها وتحفز أفراد الشعب على الاشتراك فيها خصوصا أن الدولة عاجزة عن تنظيم شؤون الملايين من المواطنين ، في حين أن منظمات وجمعيات المجتمع المدني تستطيع أن تعالج هذا الخلل الاجتماعي والنهوض بالمجتمع . فالقانون الحالي لا يحتوي أو لا يعطي غطاء شرعيا لكل أنشطة الإخوان ، وهناك بالفعل قانون جديد سوف يصدر بتلافي المحدودية التي في القانون الحالي ، وبالطبع حين يصدر القانون الجديد فإن جماعة الإخوان هي أول من تبادر بتوفيق أوضاعها حسب نصوصه ، فالقانون السابق يمنح الدولة حق التدخل في شؤون الجمعيات الأهلية ، بل إن رجال السلطة كانت لهم اليد العليا ، فكيف يمكن لهذه الجمعيات أن تعمل بحرية ، الوضع الآن مختلف تماما بعد أن ثار الشعب وأسقط النظام.


المؤسس كان ضد الحزبية الفاسدة
* أنشطة الإخوان تمددت الآن بعد أن أصبح لها حزب ، رغم أن الأستاذ البنا مؤسس الإخوان كان يكره الأحزاب ويقول :" نحن وطنيون ولسنا سياسيون " فهل تراجع الإخوان عن نهج مؤسس الجماعة ومرشدها الأول حسن البنا ؟


** أولا أنا في المجال السياسي منذ سن الشباب المبكر ومع والدي الإمام حسن البنا ، وكان هناك نشاط سياسي بارز في المدارس والجامعات ، وكان هناك وعي ، وكان للشباب أيضا توجهاتهم ، وكنت أتحاور وأتناقش مع الوالد في مختلف القضايا . وكان موقف الإمام حسن البنا ضد الأحزاب الفاسدة ، وفي ذلك الوقت كانت الأحزاب تعلي من شأن مصالحها الخاصة على حساب مصلحة الشعب المصري ، وكانت تتحالف مع المستعمر أو مع القصر لتفوز بغنائم خاصة ، هذه هي الأحزاب التي كان الوالد ضدها ، ولكن لم يكن ضد فكرة الأحزاب ، ولذلك كان يقول: " ألا قاتل الله السياسة " و " نحن وطنيون ولسنا سياسيون " أي مصلحة الوطن أولا في وجه الأحزاب التي كانت تتناحر على حساب المصلحة العامة . إذا كان المعيار هو المصلحة العامة للوطن والشعب ، ونجاح الأحزاب يقوم على الإخلاص . صحيح أن الإمام رفض وهاجم الأحزاب ، وذلك لأن في عصره كانت معظم القوى السياسية فاسدة ولا تعمل لصالح الوطن ، ولكنه في الوقت نفسه كان مع التعددية الحزبية ، وحرية التعبير والتجمع وحرية تكوين الأحزاب ، وقد فرق الإمام بين الحزبية الصحيحة والحزبية الفاسدة .


لا انفصال بين الاسلام والعمل السياسي


* عاصرت بدايات تأسيس جماعة الإخوان ، وكنت قريبا من الوالد مؤسس الجماعة ومرشدها الأول . هل اختلف فكر ومنهج الإخوان مع مرور هذه السنوات ؟



** فكر حسن البنا هو أن يجعل الإسلام منهج حياة ، وقامت دعوة الجماعة على فهم الإسلام فهما صحيحا وشاملا ، ولكن الغرب يحاول ترسيخ فكرة أن الإسلام دين تعبدي فقط ، وبالتالي تخلو لهم الساحة داخل البلاد من دون معارضة ويستنزفون ثرواتها ويكتمون الحريات ، ولا كلام في السياسة لأن الدين منفصل عن السياسة كما كانوا يروجون ، ولذلك جاءت دعوة الإخوان المسلمين باعتبارها تصحيحا للأوضاع ، وكان فكر الإمام حسن البنا واضحا في هذه العبارة " ان الإسلام الذي جاء به محمد ، الحكومة جزء منه ، والحرية فريضة من فرائضه " أي لا انفصال عن العمل السياسي ، وأن الحرية التي هي ضد الاستعباد وضد الاستعمار ، فريضة ، ولذلك فإن هدف ومنهج الإخوان ثابت ، بأنها ليست جمعية دعوية فقط ، ولكن الشمولية التي تميزت وتمتعت بها الجماعة ، ولكن التفكير الغربي الإستراتيجي يريد أن يعرقل قدرة الدول العربية والإسلامية على استيعاب حياة ديمقراطية ، بحيث تبقى إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في المنطقة ، وهذا كله هدفه الرئيسي ألاّ تنهض هذه البلاد ، لأنهم يدركون تماما أن الحرية هي الطريق إلى النهضة .
لا نتدخل في شؤون الاشقاء.


* حديثكم عن الأحزاب التي تتناحر على حساب المصلحة العامة ، قد ينسحب أيضا على مواقف جماعة الإخوان التي تتمسك بتوجهات يبدو منها أنها تسعى لتحقيق مصالحها أولا . ولا يزال الجدل في الأردن على سبيل المثال حول مشاركة الإخوان في الانتخابات البرلمانية المقبلة ، وهم معترضون على قانون الانتخابات وأقصد نظام التصويت في الانتخابات ؟



** أولا أريد أن أوضح وبكل تأكيد أننا لا نتدخل بأي صورة وحتى لو بالرأي والمشورة في شؤون الدول الشقيقة الأخرى ، كل دولة هي أدرى وأعلم بشؤونها وما يناسبها وبأحوالها وغير ذلك . وثانيا فإن الإخوان وهذا منهجهم لا يسعون مطلقا لمصالح ضيقة وخاصة ولكن المصلحة العامة هي الأساس ، ونحن مع مطالب إخوان الأردن وطالما أن الهدف هو المصلحة العامة للمملكة الأردنية ، وهي دولة نحمل كل تقدير لقيادتها ، وهي أول دولة عربية تمنح جماعة الإخوان المسلمين حرية الحركة والعمل السياسي وفي إطار المنظومة الوطنية للأردن ، ولم يكن هذا غريبا على الأردن ، فقد زرت المملكة منذ سنوات في عهد المغفور له الملك الحسين ، وكانت الزيارة بمناسبة تهنئة الإخوان في الأردن بفوزهم في البرلمان ، وكانت الزيارة مع المرشد العام الراحل " الهضيبي " وذهبنا لنسجل أنفسنا في سجل التشريفات بالقصر الملكي تعبيرا عن تقديرنا للقيادة الأردنية ، ولكن فوجئنا بأن أرسل إلينا الملك الحسين يدعونا لمقابلته ، وكانت لفتة تحمل الكثير من رجل حكيم صاحب حنكة سياسية عظيمة ، وخلال اللقاء تجلت أمامنا صورة قائد له رؤية ثاقبة وفكر سياسي متقدم واستراتيجي يستشرف آفاق المستقبل ، وأن كل ما يسعى إليه هو مصلحة وطنه وتحقيق الاستقرار والرخاء لأبناء وطنه ، وهذه حقيقة بالفعل ، فضلا عن أنه دمث الأخلاق ، وصاحب أخلاقيات عالية ، ووعي سياسي تمتع به من خبرته السياسية الواسعة وما واجهه من تحديات منذ بدايات حكمه وهو لايزال شابا ، ونحن نعلم أن الملك عبدالله يسير على النهج الوطني نفسه لمصلحة المملكة الاردنية ومستقبلها .


اقتناص السلطة


* ولكن الحاصل وعلى الأقل في مصر أن جماعة الإخوان المسلمين تقاتل من أجل اقتناص السلطة ؟


** هذه رؤية غير صحيحة ، لأن كل ما يبذله الإخوان من جَهد وتنظيم وكفاح في الانتخابات ليس طمعا في السلطة ، ولكن هي وسيلة لتحقيق ما يريده الإخوان من نهضة حقيقية وبناء المجتمع على أسس إسلامية صحيحة ، وبناء المواطن الصالح ، ولن يتحقق لهم ذلك إلا عن طريق الانتخابات ، وهي بوابة الشرعية في المجتمعات الديمقراطية ، والدليل على ذلك رفض المناصب وعدم الطمع فيها ، ما حدث في زمن الرئيس جمال عبد الناصر حين رفض الإخوان المشاركة في السلطة بعد أن عرض عليهم أكثر من 12 وزارة ، وسبب الرفض هو عدم اقتناع عبد الناصر بأهمية تطبيق الشريعة الإسلامية ، خصوصا وأنه كان يرى أن الوقت لا يسمح بتطبيقها ، وعدم استعداد المجتمع لذلك ، فضلا عن رفض عبد الناصر الاحتكام للشعب ، وإقامة نظام ديمقراطي يقوم على التعددية .


الفقه الاسلامي كفيل بتحقيق العدلة

* وأنتم لا تجدون بديلا عن تطبيق الشريعة الإسلامية . بمعنى أنه هدف الجماعة ؟


** الإخوان يسعون لبناء الفرد الصالح من أجل المجتمع ككل ، والشريعة الإسلامية هي أفضل منهج لتنظيم وبناء المجتمع ، وأكبر فقيه قانوني عربي هو الدكتور عبد الرازق السنهوري قال: إن الفقه الإسلامي هو الوحيد الكفيل بتحقيق العدالة بكل معانيها ، كما أن أحكام الشريعة الإسلامية هي أرقى من أي تشريع موجود في العالم الآن ، وأسبق منه وجودا ، وفي إحدى الندوات مع قوى سياسية متعددة ، قلت ماذا تجدون في أي مذهب سياسي آخر ، لا تجدوه في الإسلام ، حق العامل موجود ، العدالة الاجتماعية موجودة ، ضرائب تصاعدية مثلا لا يوجد أفضل مما في الإسلام ، والحريات العامة ، وحقوق الأقليات ، وغيرها وغيرها ، حتى الاستثمار والادخار للتنمية ، فالإسلام ضد كنز الاموال وحذر منه ( ولا ينفقونها في سبيل الله ) وتفسير العلماء أي لا يستثمرونها ، وأن يستعمل المال للصالح العام .


تركة ثقيلة


* أعتقد أن الفرصة متاحة أمامكم لتنفيذ هذه السياسة لصالح المجتمع بعد انتخاب أول رئيس مصري ينتمي لجماعة الإخوان . ما هو تقويمكم لهذه التجربة الحقيقية في الحكم . وتقويمكم للمئة يوم الأولى من حكم الرئيس مرسي؟


** ما قاله الرئيس مرسي في الخطاب الأخير بمناسبة ذكرى الانتصار في حرب أكتوبر ، كان في منتهى الدقة وهو يتحدث عما تحقق من وعوده في المئة يوم ، وما ذكره من أسباب ومعوقات . وهذه المعوقات لن تزول إلا بالقضاء على الفساد ، وكشف بؤر الفساد ومحاكمتها قضائيا ، ونحن متمسكون بأن تكون المحاكمات قضائيا لا جزافا أوعشوائيا ، وإنما أمام قاض عادل ، وتتاح لكل متهم بالفساد فرصة الدفاع عن نفسه . والإدارة في مصر الآن جيدة ، وفي " أيد أمينة " ، وإن كان من الصعب قياس مدى نجاحها أو فشلها ، خصوصا وأنهم ورثوا تركة ثقيلة للغاية من صنيعة نظام مبارك الفاسد ، حيث نجد أن الاقتصاد في حالة انهيار تام ، فضلا عن العديد من المشاكل المزمنة التي يصعب حلها سريعا ، مثل أزمة البطالة والإسكان ، وغيرها وغيرها الكثير من المشاكل والأزمات التي تحتاج لفترة زمنية طويلة ومجهود كبير لحلها ، إلى جانب تركة الجهاز الإداري الذي يحتاج لحملة تطهير واسعة النطاق ، وأنا أستطيع أن أؤكد أن قاطرة الجماعة ستنطلق قريبا بمجرد القضاء على بؤر الفساد في الجهاز الإداري .


مكتب الارشاد لا يجرؤ على التدخل في شؤون مؤسسة الرئاسة.


* هل نستطيع القول ان للجماعة رأيا في إدارة أمور مصر ؟ أي هل هناك دور لمكتب الإرشاد في مؤسسة الرئاسة ؟


** بكل تأكيد أقول لا ، فالرئيس محمد مرسي هو رئيس الجمهورية ، وهو المسؤول الأول والأخير عن إدارة شؤون البلاد بعيدا عن مكتب الإرشاد ، وأنا أؤكد لكم أن مكتب الإرشاد لا يجرؤ على التدخل في الشؤون والقرارات السياسية ، رغم أن الجماعة من حقها توجيه النصائح السياسية باعتبارها صاحبة الأغلبية ولديها توكيل من الشعب بمباشرة الحكم ، وبحكم كونها الفائزة بالأغلبية في الانتخابات التشريعية والرئاسية ، ولكن من الملاحظ أن القوى السياسية تحاول ترويج الأكاذيب لمنعها من حقها الشرعي .


التمويل من أين؟


* تبقى الشكوك قائمة تجاه مصادر تمويل جماعة الإخوان المسلمين ، ما دفع بعضهم للمطالبة بوضع مصادرها تحت الرقابة ؟


** أنا أؤكد من مسؤوليتي الشخصية أن ميزانية الجماعة كلها تأتي من حصيلة الاشتراكات سواء في الداخل أو الخارج ، وهو ما جعل لديها مخزونا فائضا لكل الأنشطة ، وهذا راجع لعدة أسباب منها كثرة أعضائها واستعدادهم الشخصي لدفع جزء من رواتبهم لصالح الدعوة ، ولديهم القدرة العالية على تحصيل الاشتراكات بشكل دائم ومستمر بسرعة عالية جدا ، وخصوصا أن كل الأعضاء مقتنعون بفكر الإخوان ، لذا هم أصحاب عقيدة حقيقية وليس مثل الجماعات والأحزاب الأخرى ومن يدخلها يبحث عن تحقيق أهداف شخصية و " عايز ياخذ فلوس " لكن في الإخوان من الممكن أن تجد العضو يصوم يومين أسبوعيا لتوفير ثمن الطعام من أجل أن يدفع الاشتراكات ، أما ما يقال عن أن الجماعة تتلقى تمويلات من كيانات أو دول معينة ، عار من الصحة تماما ، والإخوان لا يمكن أن يقبلوا مساعدات من أي كائن كان ، ومهما كانت المبررات ، ولا يمكن أن تغير الجماعة ثوابتها ومواقفها مهما كانت الإغراءات .

مخاوف الفنانين


* الفنانون والمبدعون لديهم تخوفات من فكر الإخوان المسلمين ، ويخشون على حرية التعبير والإبداع مع وصول الإخوان للحكم ؟


** أريد أن أعرف أولا من هم المبدعون المتخوفون من حكم الإخوان المسلمين ؟ وما هو التعريف الواضح للإبداع؟ هل الابتذال إبداع ؟ ! نحن نؤكد وهناك حقائق وثوابت تاريخية تثبت ما نؤكده بأن الإخوان يدعمون الفن . وأذكر مثلا أن الوالد الإمام حسن البنا توجه يوما إلى البنك العربي المصري يفتح حسابا ، وعندما دخل مكتب الإدارة كان هناك الفنان أنور وجدي ، وهو حينئذ فنان مصر الأول ، بل كان من كبار الفنانين ممثلا ومنتجا ومخرجا ، وله شعبية كبيرة ، وحينما رأى الوالد أمامه وقف حائرا وقلقا ، وقال : انني سعيد بمقابلة الإمام ، ولكني أخشى أن يكون للأستاذ " البنا " موقف ضدي باعتباري ممثلا ، أي فنان يمتهن عملا لا يرضيكم ، ولا أعرف صراحة ماذا أقول بالضبط . وقبل أن يكمل أنور وجدي حديثه ، قال له الإمام حسن البنا مبتسما : يا أستاذ أنور أنت فنان كبير ، ونحن لا نحرم الفن ولسنا ضد الفنانين ، بل ندعم الفن الذي يقدم رسالة للمجتمع ، ويرفع من القيم والسلوكيات ، ويقدم شخصيات تاريخية وإنسانية تعبر عن تاريخنا وحضارتنا ، وتربي النشء على هذه القيم ، ونأمل أن يكون هذا هدفكم الفني ومحل اهتمامكم ، لأن الفن يحمل رسالة مهمة ولها تأثير كبير . 


وانبسطت أسارير الفنان أنور وجدي ، وقال هذه رسالة الفن الراقي والهادف ، وسوف أقدم أعمالا تخدم هذه الرسالة ، وبالفعل قدم أنور وجدي بعد ذلك فيلما راقيا يعبر عن العدالة الاجتماعية في الإسلام وحقوق الفقراء . كما أن شقيق الإمام البنا وهو الأستاذ عبد الرحمن البنا ، قدم عرضا مسرحيا شعريا " جميل بثينة " يعارض به مسرحية أمير الشعراء أحمد شوقي " مجنون ليلى " وتم عرض المسرحية في دار الأوبرا حسب طلبه ، وصدرت طبعة أولى من المسرحية نفدت في الأسواق . هذا هو فكر الإخوان تجاه الفن والفنانين والمبدعين ، كما أن الاشهر المقبلة سوف تشهد ظهور وجوه جديدة تقدم الإبداع والفن الراقي ، خاصة أن أحداث ثورة 25 يناير حفلت بأصوات جديدة وأشعار وأناشيد كانت تخلق أجواء وطنية تحيط بالثوار ، أما في العهد البائد فقد كان ظهور الفنانين والمبدعين قاصرا على من ترضى عنه السلطة ورجالها، ويظهر في التليفزيون وفقا لشروط معينة !!


"الاخوان" قادمون


* بصراحة هل تتوقعون الفوز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية المقبلة ، أم أن منافسة القوى السياسية والليبرالية سوف تحد من طموحاتكم ؟


** أنا أقولها بصراحة أيضا ، انتظروا حشود الإخوان في الانتخابات التشريعية المقبلة ، وانا على ثقة أن 80 % من الشعب المصري سيدلون بأصواتهم لصالح التيار الإسلامي وخصوصا جماعة الإخوان المسلمين ، لأن الشعب غير مقتنع بأفكار التيار الليبرالي ، وفكر أصحاب التكييفات والمكاتب الفاخرة ، وأصحاب التعليم الأجنبي والأفكار الغربية الشاذة عن المجتمع المصري .والإخوان يسعون بصدق وجدية لإجراء انتخابات نزيهة ترسخ الديمقراطية وحرية التعبير، وشفافية الاقتراع ، وأنا أدعو رئيس الحكومة الدكتور هشام قنديل ، لتنقية الجداول الانتخابية وتصحيحها للقضاء بشكل نهائي على أبواب التلاعب ، وتشكيل لجنة خاصة لإدارة العملية الانتخابية برمتها ، وإعطاء كل مرشح نسخة متطابقة من الكشوف ، فضلا عن إتخاذ خطوات إيجابية وفعالة لاستخدام التكنولوجيا الحديثة عبر استيراد ماكينات الفرز الآلي ، كما نرجو أن تكون معارضة القوى السياسية لجماعة الإخوان ، هي معارضة للصالح العام بعيدا عن المعارضة السفسطائية العقيمة .


"أخونة" الدولة


* المعارضة السياسية تتكلم عن وقائع وحقائق ، على الأقل من وجهة نظرها . مثلا موجة " أخونة الدولة " . وعن توجهات الإخوان في العهد السابق لعقد تحالف معه ؟


** هناك إشاعات وهناك تأويلات كثيرة ، أنا أريد أن أقول ان الحديث مثلا عن أخونة الدولة باطل ، ولم يصدر أي قرار يدل على ذلك ، فكل الترقيات والتعيينات التي أقرها رئيس الجمهورية تعتمد على الكفاءة وعلى الأقدمية ، فمثلا التشكيل الوزاري جاء برئيس ليس من الإخوان ، وكان وزيرا كفؤا وتم تكليفه بتشكيل الحكومة ، ولم تحصل جماعة الإخوان إلاّ على عدد محدود جدا ، ثلاث وزارات فقط لا غير ، رغم حقها في تشكيل الحكومة ، لكن الرئيس مرسى يصّر على مشاركة كل القوى السياسية معه في الحكم ، فأين الأخونة ؟ أما ما يقال عن العلاقة مع النظام السابق ، فهذا ماض لا أريد الحديث عنه ، لكني أعترف بأنه كانت هناك مساعي صلح بين الجماعة والرئيس السابق حسني مبارك برعاية بعض الشخصيات الدولية وحكام عرب ، وذلك لتقريب وجهات النظر ، ولكننا طالبنا بحقوقنا الدستورية في التظاهر ، وحقوق تأسيس أحزاب وجمعيات أهلية ، وإجراء انتخابات تشريعية شفافة ونزيهة ، لكن جميعها باءت بالفشل ، ولكن لم يكن بيننا وبين النظام السابق أي تحالف بالمعنى التقليدي . وأريد أن أضيف نقطة مهمة هي أن هناك من يسعى لإفشال مشروع الإخوان ، خصوصا وأن فشل التجربة الإخوانية يعني فشل التجربة الإسلامية برمتها ، وانا متأكد أن جماعة الإخوان ستتجاوز كل المحن والعراقيل لإنجاح التجربة ، ولذلك قلت أن المعارضة السياسية يجب أن تكون معارضة للصالح العام .
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.