- المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
الأردن والأقصى.. معادلة الحياة والموت في بلد لا يحب "وادي عربة"
يواصل مجلس النواب في جلسته المسائية اليوم الأحد مناقشة مشروع قانون الزراعة الذي توقف في مناقشته السابقة عند المادة المتعلقة بالتعريفات.
ويخصص المجلس جلسته المسائية اليوم للجانب التشريعي في الوقت الذي قفز المجلس فيه الأسبوع الماضي عن مناقشة القانون المؤقت لقانون التعليم العالي والبحث العلمي. كما قفز عن طلب المناقشة العامة الذي قدمه العديد من النواب لتخصيص جلسة مناقشة عامة حول اسطوانات الغاز المستوردة من الهند لصالح مصفاة البترول.
وأكدت مصادر نيابية عن ان طلب المناقشة هذا أصبح بحكم المنتهي ولن يصوت المجلس على قبوله لكون الشحنة قد ثبت عدم صلاحيتها وقررت المصادقة على إعادتها الى بلد المنشأ"الهند".
وبالرغم من أن الجلسة المسائية اليوم ووفقا لما أعلنه رئيس المجلس المهندس عاطف الطراونه بأنها ستخصص للجانب التشريعي فإن مصادر نيابية قالت إنها ستثير قرار مجلس النواب الذي اتخذه نهاية الأسبوع الماضي بالطلب من الحكومة طرد السفير الإسرائيلي من عمان وسحب السفير الأردني من تل أبيب احتجاجا على مناقشة الكنيست الإسرائيلي لمشروع قانون يقضي بنزع السيادة الأردنية عن الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس وتحديدا المسجد الأقصى مما يشكل مخالفة صريحة لاتفاقية وادي عربة التي منحت الأردن حق الوصاية الدينية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس. وقالت المصادر إن نوابا سيثيرون في مستهل الجلسة أسئلة تتعلق بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتنفيذ قرار مجلس النواب، في الوقت الذي تؤكد المصادر فيه على أن النواب جاهزون لطرح الثقة بالحكومة، وهو ما سيثير أزمة جديدة في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وفي الوقت الذي لم يحدد فيه مجلس النواب وقتا زمنيا للحكومة لتنفيذ توصيته غير الملزمة للحكومة دستوريا، فإن الحكومة نفسها رضيت بهذا القرار النيابي الذي يشكل بالنسبة لها ورقة ضغط في غاية الأهمية للتأثير في القرار الإسرائيلي بإلغاء مشروع القانون، ورهنه مباشرة بالعلاقات الأردنية الإسرائيلية.
ووفقا لمصادر سياسية متعددة فإن قرار مجلس النواب منح الحكومة والقصر ورقة قوة مضافة في مواجهة التعنت الإسرائيلي تجاه علاقاته بالأردن من خلال إقدامه على اتخاذ قرار بنزع السيادة الأردنية عن المقدسات وتحديدا المسجد الأقصى مما سيدفع الحكومة الأردنية لمواجهة هذا القرار الإسرائيلي بقرار في غاية التأثير يتمثل بطرد السفير الإسرائيلي من عمان، وسحب السفير الأردني من تل أبيب مما سيدخل الأردن وإسرائيل في أزمة دبلوماسية، قد تتطور لاحقا بتطور الإجراءات الإٍسرائيلية تجاه القانون المعروض على الكنيست والمقدم من عضو الكنيست عن حزب الليكود الحاكم في إسرائيل موشيه فيغلين، مما يوحي بأن المشروع نفسه يحظى بدعم من رئيس الحكومة الإسرائيلية نفسه نتنياهو وحزبه.
وحسب السناريوهات فإن مجلس النواب سيمنح الحكومة فسحة كافية من الوقت لمراقبة تطورات المشهد في الكنيست الإسرائيلي، وفي حال أقدم الكنيست على قبول القانون والتصويت عليه فإن الحكومة عندها لن تجد امامها أي خيارات عير تنفيذ القرار البرلماني، وفي حال ذهبت التطورات إلى مساحات أبعد وأكثر خطورة فإن الحكومة ستوعز لمجلس النواب بمناقشة اتفاقية وادي عربة إما في جلسة مناقشة عامة، أو في بند ما يستجد من أعمال ويتم اتخاذ قرار برلماني بوضع اتفاية وادي عربة بمجملها على محك الاختبار لمواجهة التعنت الإسرائيلي الاحتلالي الذي لا يحترم اتفاقاته، ولا يراعي حتى الضامنون له في المجتمع الدولي وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية التي رعت اتفاقية وادي عربة وضمنتها تماما.
وفي السيناريوهات ما يشير الى أن مجلس النواب سيعيد في جلسته المسائية اليوم ممارسة الضغط على الحكومة لتفعيل قراره بطرد السفير الإسرائيلي من أجل تقوية ورقة هذا القرار الذي وصفه رئيس مجلس النواب عاطف الطراونه بأنه ورقة ضغط، وان مجلس النواب قادر على منح القوة للحكومة في حال ذهبت دولة الاحتلال الإسرائيلي في تعنتها في قبول مشروع القانون الذي يراد منه نزع السيادة الأردنية عن المقدسات وتحديدا المسجد الأقصى.
والمسجد الأقصى بالنسبة للأردن إلى جانب وصايته وسيادته على الأماكن المقدسة تشكل في مجملها موضوع وجود وليس مجرد حدود، أو حتى مجرد الترف السياسي والمصالحي، فالقدس بالنسبة للأردن بكل ما فيها من مقدسات تاريخية تمثل بالنسبة إليه مسألة حياة أو موت، لكون تلك السيادة تقوم بالتعويض على الأقل عن الشعور بعقدة احتلال القدس في حزيران 1967 عندما كانت تحت الحكم الأردني، فضلا لما لتلك السيادة من أبعاد دينية عميقة الجذور سياسيا وشعبيا. وليس من المرجح أن تذهب إسرائيل ممثلة بالكنيست للمغامرة بعلاقتها مع الأردن من أجل إقرار قانون تعرف حكومة نتنياهو جيدا أنه سيفجر العلاقات الأردنية الإسرائيلية، وسيؤثر ذلك سلبا في العلاقات بين الجانبين بالرغم مما تمر فيه من فتور ظاهر.
ووفقا للسيناريوهات، فإن الأردن أيضا لن يجد أمامه متسعا من الوقت للمناوره واللعب على خيوط الدبلوماسية في حال أقدمت دولة الاحتلال الإسرائيلي على إقرار قانونها، مما يعني أن الأردن سيفقد شيئا عزيزا ومقدسا عليه، فضلا عن الاعتداء الإسرائيلي الصارخ على اتفاقية وادي عربة، وعندها لن يجد الأردن بديلا عن تجميد العمل باتفاقية وادي عربة، حتى يمنح للتدخلات الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية الفرصة الكافية لترطيب الأجواء.
ولعل أفضل السيناريوهات المتوقعة هي أن الكنيست الإسرائيلي إما أنه سيؤجل إلى إشعار آخر النظر في مقترح القانون لليمين المتطرف ومؤازريه، أو أن يرفضه، وهذا السيناريو في الحقيقة هو أفضل السيناريوهات لعدم رغبة إسرائيل في الدفع بالمزيد من التوتير في علاقتها مع الأردن، ومع المجتمع الدولي وتحديدا مع الولايات المتحدة، وهو ما سيجعل الحكومة الأردنية نفسها تتراجع عن التلويح بقرار مجلس النواب بطرد السفير الإسرائيلي من عمان وسحب السفير الأردني من تل ابيب كخطوة تصعيدية أولى قد تتبعها خطوات تصعيدية اخرى قد تصل في حال تأزمت الأمور إلى إعادة النظر باتفاقية وادي عربة من الجانب الأردني تمهيدا لالغائها وهو ما لا يرغب الأردن به، كما ان اسرائيل نفسها لا ترغب في الوصول إلى هذا المنعطف في علاقاتها مع الأردن التي بنتها إسرائيل على أساس مصالحها الاقتصادية والتسويقية، والأمنية.
وفي أفضل السيناريوهات وأكثرها احتمالا فإن الكنيست الإسرائيلي لن يقر قانونه الداعي لنزع السيادة الأردنية عن المسجد الأقصى وباقي المقدسات الإسلامية في القدس، كما ان الحكومة لن تستدعي السفير الإسرائيلي وتعلن عن طرده، لكون الحكومة تدرك جيدا أن قرار مجلس النواب لا يلزمها دستوريا لكنه صدر كورقة ضغط حقيقية تستخدمها لتقول لإسرائيل بأنني أنا أيضا لدي معارضة في البرلمان وفي الشارع يرفضون سياساتكم التوسعية الاحتلالية الاستيطانية العنصرية والدينية. إن كل السيناريوهات تبقى كالعادة مفتوحة على مصراعيها ، وتبقى محكومة بحجم التغيرات المحتملة السريعة التي تشهدها في العادة مثل تلك الأزمات السيادية الحقيقية بين الدول.
ويبقى القول إن المسجد الأقصى بالنسبة للأردن هو عنوان وجود حقيقي تتمثل فيه معادلة الحياة والموت في بلد أكثر من ثلثي مواطنيه لا يحبون اتفاقية وادي عربة ولا يرغبون في بقائها.
احمد04-03-2014