الشريط الاخباري
- المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
جرش تاريخ وحضارة ام محطة تنقية وحاويات زبالة؟!
بقلم رئيس التحرير.. بسام الياسين
جرش "كانت" المدينة الاحلى في دفتر الوطن. القصيدة الأجمل بذاكرة التاريخ.استاذة الحب الآسروالعاطفة الجياشة.جرش "كانت" مدينة إستثنائية تستحم بماء الصبح كل صباح،وتمشط شعرها الناعم بمطر نيساني اخضر،وعطرها المفضل ضحكات اطفالها.هذه جرش التاريخ والحضارة، شجرة اللوز الدائمة البياض، قبلة اسراب الحمام العاشق، للهديل على اغصانها، والحب تحت افيائها.
** جرش آية في الكشف،اسطورة في الهندسة والمعمار.اعمدتها ذات التيجان الملكية ، تنقر غيوم الماء السابحة في السماء،وشوارعها المبلطة، يسترخي على مقاعدها الحجرية، قمر الشعراء كل مساء،فيما ساحاتها النابضة بالحياة،التي انتصرت على الموت والعزلة،رغم مطارق الرياح ورجفات الزلازل،ظلت عامرة بالناس من كل مكان.اللافت ان أساطيرها،بقيت خبيئة تحت ترابها،و اسرارها لم تزل عصية على العلم والعلماء في فك طلاسمها.
*** جرش الابعد تاريخاً،الاعمق حضوراً، الاكثر وسامة،الاعذب شاعرية.كانت حاضرة في مسرح ارتيمس ،مسرح الشعر والشعراء، ايامهاجاءت بلقيس من اليمن على هودجها،ودارت بالقهوة العدنية على الحضور،ومن العراق جاء القعقاع بلباس الميدان،ومن الشام صلاح الدين جاء،وخالد بن الوليد يتفقدان اليرموك واكناف بيت المقدس،وعبدالناصر جاء من مصر حاملا حلم الوحدة والتحرير،لكن فلسطين اعتذرت عن الحضور،لانها محاصرة بين البنادق والخيانة.مأساة جرش اليوم، لاشعر ولاشعراء،لاموسيقى ولاغناء،فالمدينة خاوية على عروشها،والغربان تسكن كهوفها،لااحد فيها لااحد،سوى بعض المغامرين المصابين بحمى البحث عن الذهب والدفائن،لكن حفرياتهم لم تستخرج سوى قطع الفخار،وعملة زائفة تدعى لردائتها "انتيكة" ترفضها حتى المتاحف الزائفة.
*** هذه جرش الاسطورة والحب، المولودة في مشاتل النعناع،المترعرعة في مساكب الياسمين،المزنرة بزنار من التين والزيتون،الهاجعة على ضفاف نهر الذهب الذي اصبح مكرهة صحية،وحاضنة للحشرات الضارة.هذه جرش الحضارة والتاريخ والشعر التي استنبتت اشجار الحور والجوز واللوز والصفصاف والكينا،وكانت الى ماقبل بضع سنوات الابهى والاجمل اكتمالا بين المدن العشرة الرومانية ،الاهم في تاريخ روما،والاحلى بين مدن المملكة كافة
*** الكارثة الكبرى بدأت حينما استبدل القائمون عليها،روائح العطر والياسمين،باكبر محطة تنقية داخل مزارع التين والزيتون، وعلى خاصرة مزارع البرتقال والليمون.محطة تستقبلك روائحها العطرية من مسافة عدة كيلومترات وتطاردك داخل المدينة لتقتحم المنازل والمتاجر وترافق السياح في جولاتهم الاثرية،من بوابة النصر "بوابة هدريان" حتى معبد الشمس.المفارقة المدمرة ان الرومان افتتحوا المدينة، ببوابة النصر،ونحن افتتحناها بمحطة تنقية.الانكى ان المحطة تقع على مرمى خطوة من اشهر المطاعم السياحية،فاي تخطيط ارعن ،واي عقلية متخلفة تزرع محطة قاذورات داخل منطقة سكنية وسياحية وزراعية. السؤال الجارح اين البلدية؟ واين كانت مجالسها؟واين وزارة السياحة؟واين المحافظة؟ واين سلطة المياه ؟واين التلفزيون الاردني؟واين الصحافة الاردنية؟!الاسوأ اين كان الناس واين هم الآن؟ وكيف قبلوا هذا الاعتداء المشين على بلدتهم؟! .
*** ليلاً كان العشاق يهربون من المدن الاردنية،ويطلبون الراحة في جرش الهادئة الحانية.و كان الراحل الملك حسين ياتي باصدقائه الاوروبيين الى اثار جرش من دون مراسم،وبعد انتهاء جولتهم في جرش الآثار، كان يعرج بهم على مدينة جرش الحديثة الصغيرة الهادئة الهانئة الوادعة.اما اليوم فقد تحولت المدينة الى مزبلة،وحاويات كريهة تطلق سمومها وروائحها وحشراتها،ومحطة تنقية تحرم السكان من الجلوس على شرفات منازلهم او حتى فتح شبابيكهم،لذلك يفضلون الاختناق حراً،على الاختناق بروائح المحطة "النووية".
*** اما المدينة الحديثة،فصارت منطقة منكوبة،الشارع الرئيس كان لوحة متعددة الالوان والحركة والظلال والايحاءات والرموز،مما كان يمثل اغراءً للرسامين العالميين الاجانب،اما اليوم اصبح سوقا للخضار والقاذورات واوبرا من الضجيج لكل انواع"المناداة"على الخضرة من الفجل حتى الجرجير ومابينهما،ومسرحا لفرد العضلات،والتلويح بالسكاكين،فيما صارت الارصفة اماكن عرض للصرامي،وملابس البالة،بينما مداخل مساجد الله تحولت بفعل الشبيحة الى مخازن للبندورة والبطاطا، ومواقع لكل ما يغضب وجه الله .
*** جرش استاذة الحب والجمال والشعر،تلك الكانت تستقبل على اجنحتها الناعمة العشاق من اطراف المملكة، والزوار العرب والسياح الاجانب،هي اليوم كسيرة الجناح ذابلة الجفون،ناشفة الشفاة، تثير الحزن والشفقة، وتدعو للرثاء الى درجة البكاء ومثار خزي لامثار اعجاب.كل هذا العفن و المجلس البلدي لايعنيه من امرها شئياً،والرئيس المنتدب يشكو المديونية الثقيلة، وكيفية تامين رواتب الموظفين نهاية كل الشهر،الادهى، ان البسطات تحتل الشوارع من دون ان تقوى او تجرؤ اية سلطة محلية على ازالتها،اما رأس الهرم "المحافظة" فانها تؤثر الصمت ،بينما النواب الاربعة لايعبأون بما يجري،ويمرون بها مرور الكرام اما لتقديم واجب العزاء او نقوط الفرح...ولمن لايصدق ماقلناه، عليه ان يمر بها كي يخرج من جلده،ويلعن الساعة التي تورط فيها بالدخول الى قلب المدينة،ساعتها سيضطر للقسم ثلاثاً والطلاق بالثلاث،ان لايعيد الكرة مرة اخرى..
إقرأايضاً
الأكثر قراءة
دومنييك28-04-2014
جرشي28-04-2014