• يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

هل فقدت الانظمة مبررات وجودها ؟

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2015-09-05
5380
هل فقدت الانظمة مبررات وجودها ؟

بقلم الاعلامي .. بسام الياسين

(" من وحي إعترافات جلاد عراقي عذب واغتصب السجناء". بئس امة يقود دفتها جلادوها،و يكون مدارء امنها ومخابراتها اعلى مكانة من علمائها و مفكريها،وسجونها اكثر شهرة من جامعاتها. يا الله متى تاتي النهاية السعيدة،نهاية النهاية لكنس الطُغمة وزوال المظلمة ) .

إستمرار أي حكم واستقراره يعتمد على شرعيته المستمدة من شعبته،نقيضه النظام اللا شرعي الفاقد الشعبية، إما ان يقاومه الشعب علناً بانواع الاسلحة كافة او سلباً بادارة الظهر له حيث تكون الجسور بين القاعدة والقمة مقطوعة،اما ان تكون علاقتهما محكومة بالتوتر و اللا ثقة، فيما المرجل الشعبي يغلي من دون الاعلان عن ثورة او عصيان مدني.بمعنى ادق ان الشعب في وادٍ والدولة في وادٍ آخر.ولكي يكون النظام شرعياً يجب ان يبسط العدالة ،ينشر الحرية، يُرسّخ الديمقراطية،يفرد اجنحة المساواة على الكل،يمنح تكافؤ الفرص للجميع .فوق ما سلف ان يطبق القانون ـ كالموت ـ لا يتملص منه احد من اعلى سنام الجمل حتى خفه. من رحم الانظمة الشرعية تولد المعارضة الوطنية،ضمن اطر قانونية،فتكون موضع ترحيب واحترام،لا معارضة شكلية مفبركة تتلقى اوامرها من تحت الطاولة او بـ " الآلو" التكنولوجية .الانظمة الشرعية مهماتها الاولى خدمة "مواطنيها " بينما الانظمة اللا شرعية تعاملهم كبهائم للركوب،حصالات ضرائب، كمبارس لتمثيل ادوار ثانوية كالتصفيق للقادة في المناسبات الوطنية،اللذهاب الى صناديق اقتراع مزورة،وممارسة حريات ملغومة هي اقرب للعبودية. سؤال معلق في فضاء الامة العربية هل انظمتها شرعية،وشعوبها تؤمن بحُكامها ؟.

بصراحة صريحة وثقة واثقة نقولها : بـ "اللا الكبيرة" ( لا،لا،لا) ولتأكيد المؤكد نصرخ بـ "الصوت العالي"،نكتبها بـ "البنط العريض" ( لا ) يتبعها الف " لا ". و الا ما الداعي وجود جلاد يضرب ويغتصب مواطنيها ؟! ما معنى تزايد السجون ذوات الزنازين القذرة بمتواليات هندسية فيما المدارس مستأجرة او آيلة للسقوط ؟!. ما هي مبررات قوانين الطواريء، الاحكام العرفية،القوانين الاستثنائية، قوانين مطبوعات قاتلة لحرية الكلمة....؟!. لماذا اصبحت السجون العربية ذات شهرة عالمية بينما جامعات الامة في ذيل قائمة الجامعات العالمية على مقياس شنغهاي ؟! ناهيك عن النكتة الصفعة ان مدراء الامن والمخابرات اشهر من علمائها ومبدعيها ؟!. وصية الاسكندر لقواده وجنوده عندما اراد ان يغزو العالم : اذا دخلتم مدينة اياكم ايذاء مغنيها و اهل الفن فيها فهم روح الامة . تصوروا عندما يكون عمر سليمان،علي مملوك،عبدالله السنوسي هم روح الامة هي بهدلة الامة بعينها .

اللواء حبيب العادلي وزير داخلية حسني مبارك عين ضابطاً برتبة رائد للعناية بكلبه المدلل،وكان له جناح خاص لقضاء لياليه الحمراء داخل مبنى وزارة الداخلية .يا للعار ـ رجل لا يسوى نكلة ـ نكّل بثمانين مليون مواطن،و اذلهم لكن الظالم لا يفلت من شر ظلمه.يروي سجناء في سجن "طره" ممن زاملوا حبيب العادلي انه تعرض لتحرشات جنسية من بعض السجناء انتقاماً لافعاله المشينة ايام سطوته،ما استدعى تدخل ادارة السجن لانقاذه و اعادته الى زنزانة منفردة على الفور وسط ضحكات السجناء ونكاتهم .الحادثة سمع بها اقارب العادلي فهرعوا الى السجن للسؤال عن ابنهم. ادارة السجن لم تنفِ الواقعة ولم تؤكدها ولم تزل معلقة في ذمة الرواة،وهذا يعكس مقدار الحقد والكراهية للمسؤولين الذين اساؤوا لشعبهم .اما تعاونه مع "النخنوخ" اشهر بلطجي في مصر وعصابته، فتلك حكاية اخرى يعرفها المصريون كافة ؟!. في غياب الحرية،الديمقراطية،الصحافة الحرة،تدوال السلطة،المعارضة الوطنية،سيادة القانون،العدالة الاجتماعية يبرز دور " الجــــــلاد " و يتضخم لان ـ الحاكم بامره ـ يريد عبيداً لا مواطنيين،قطيع اغنام يهش عليهم جلاده بعصاه لا اوادم ينتمون الى البشر حتى لا ينطق احدهم بكلمة " لا " على طريقة شاعرنا الفرزدق في المدح : ـ ( ما قال لا قط الا في تشهده // لو التشهد كانت لاؤه نعم ) ـ .

يوميات الامة قمع مستديم انعكس على المواطنيين امراضاً جسدية،وعللاً نفسية،سوءَ علاقات اجتماعية،ميولاً عدوانية،جرائم بشعة شبه يومية. رغم كل هذا لم تسأل الانظمة العربية نفسها لو مرة واحدة : ما هي اسباب الامراض المنتشرة التي تجاوزت الوباء،ولامست شارة "الجائحة" الخطرة : قرحة المعدة،انتفاخ القولون،السكري، الضغط،اوجاع الظهر المزمنة،ابيضاض الشعر المبكر وسقوطه،الافراط في التدخين،المسكرات،تعاطي المخدرات وحبوب الهلوسة،الارق،الكآبة،القلق،الكشرة الدائمة،المشاجرات المسلحة....!. الانظمة العربية قتلت الانسان داخل الانسان، دمرت روحه،شوهت تركيبته النفسية.هنا تألق دور الجلاد المتوحش،ما ادى الى ما يُعرف بـ "رهاب السلطة "فصار المواطن، يشك بما حوله،يخاف مما يحاك ضده،سيان ما يعتلج في صدره حقيقة او وهماً.فلجأ الى الاحتماء بـ "التقية" مع اقرب المقربين له،وانقسم على ذاته فما يعلنه غير ما يبطنه. لذلك سلك طريقين لا غيرهما اما الهرب المسلح للامام لمواجهة السلطة كما يحدث في سوريا،اليمن،ليبيا وهاهو العراق على الطريق ينتفض على سُراقه ،ولبنان يثور على من اغرقوه بالزبالة المذهبية والنفايات الطائفية. الطريق الثاني المقامرة بالحياة بالهرب على قوارب الموت الى أي شاطيء آمن.تقارير الصليب الاحمر،منظمة العفو الدولية،هيومن رايتس واتش تشير كلها الى ان غالبية الدول العربية اصبحت دولا منكوبة.والسبب يعود الى غياب ابسط انواع العدالة،فيما التعذيب الممنهج صار وجبة يومية في سجونها للحفاظ على الانظمة وحكامها. الجلاد العراقي الذي يُعذب ويغتصب ويقتل،ما هو الا نسخة منسوخة عن الجلاد العربي في كل مكان .

نعم هو مسؤول لانه قَبِلَ بهذا الدور الوضيع لكن المسؤولية اولاً و اخيراً تقع على عاتق المسؤول الرفيع الذي اطلق يديه و تغاضى عن فلتان غرائزه السفلية لإنتهاك اعراض الناس. فشخصية الجلاد شخصية مفككة،مأزومة،سيكوباتية،لان الشخص السوي يرفض هذه اللعبة القذرة بطبعه،وينأى عنها بفطرته الانسانية السليمة. الجلاد جاهل مهما علت رتبته وعلت شهاداته،لانه عدو نفسه. لم يدرٍ المُعَذِبُ "الجلاد" انه لا يقل معاناة و عذاباً عن المُعَذَبِ " الضحية" .فالمجرم / الجلاد تطارده افعاله،يلسعه ضميرة كلسعة عقرب مميتة ،يلازمه الشعور بالذنب على مدى حياته.هو غير قابل للشفاء لانه قاتل مع سبق الاصرار ولو لم تمت الضحية بين يديه.مارس جريمة التعذيب والاغتصاب بكامل وعيه للحصول على ترقية او ترضيه من الذي يوجهه. الضحية / المتلقي لا ذنب له وقد يكون بريئاً.وفي اسوأ الاحوال وقع فريسة بيد الوحش الجلاد للدفاع عن مبادئه ومعتقداته وهذه ليست جريمة بل مفخرة.لكن قدره جره للوقوع بايدي ـ ابن حرام لا يعرف ربه ـ . في كتاب " السجينة " لمليكة اوفقير ابنة وزير الداخلية / الدفاع المغربي الاسبق، المتهم بمحاولة الانقلاب على الملك الحسن الثاني،دخلت هي و امها و اخوانها السجن بجريرة والدها . كانت آنذاك مراهقة ولم تخرج من السجن الا حين ابيًض شعرها حتى يقال ان السلطة المغربية نسيتهم في السجن.كتاب اكتسب شهرة عالمية وصفت فيه احوالها وعائلتها في السجن الصحراوي على الحدود السنغالية ومدى الاذى الجسدي والنفسي والمعنوي الذي تعرضوا له من الجلادين وظروف السجن المرعبة.

مقارنة كتاب "السجينة" بكتاب "معذبو الارض" الذي انتشر في فرنسا،وقدم له حينذاك الفيلسوف الفرنسي سارتر،لمؤلفه الدكتور الثائر فرانز فانون الذي شارك في حرب تحرير الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي،تكتشف ان الجلاد واحد وان اختلف الزمان والمكان سواء كان عربياً ام فرنسياً ام صهيونياً.

كلهم وحوش آدمية لكنهم في المحصلة يقعون في شر اعمالهم من امراض نفسية وجسدية. الجلاد العراقي يشتكي من انه لا يأكل،لا ينام.يعاني من هزال،ويقظة ضمير متأخره مرفوقة باحساس قاتل بالذنب. كذلك هو الجلاد الفرنسي كما يصفه الدكتور "فانون" دكتور الامراض العقلية حيث يقول : وصل الى عيادتي بمدينة " بليدة " في الجزائر محقق فرنسي اشرف على تعذيب الثوار الجزائريين. تتلخص مشكلته انه مفرط في التدخين،فاقد للشهية،عصبي المزاج،نومه جله كوابيس مزعجة. اكثر ما يضايق ـ حضرته ـ انه لا يحب ان يرى احداً يعترضه او يعارضه.عند شعوره بادني معارضة في الشارع،في العمل،في البيت يتحفز للضرب والشتم ورغبة في لطم المعترض.اعترف بضرب اولاده بقسوة حتى الصغير لم يسلم من ركلاته، وحين اعترضت الزوجة على افعاله انهال عليها ضرباً وقيدها بكرسي وقال لها : "ساعلمك من السيد في البيت". بعد إعترافاته السادية انهار باكياً مستجدياً: دكتور ارجوك ان تشفيني... اكاد ان اجن.

جلاد قبيح يستبيح المحرمات،يخترق الخطوط الانسانية كلها لارضاء اسياده الكبار ومباركتهم على افعاله المنحطة. ومحقق عفن يجن جنونه إن إعترضة احد .هنا مربط الجحش لا الفرس،و هنا ايضاً يبزغ السؤال الفيصل.هل تستغني الدول العربية اللا شرعية عن جلاديها،و تقبل بمعارضة وطنية،مجالس نيابية نزيهة،،تداول للسلطة،شفافية في ممارسة الحكم... لا تمطوا شفاهكم قرفاً... لا تتمتموا بالجواب خوفاً بل اطلقوها صارخة في العلن.....انها اللا الكبيرة،فالجلاد هو العمود الفقري في منظومة الحكم العربي لاذلال الناس وليس الدفاع عن حقوقهم او حمايتهم...انه النقطة الاكثر اسوداداً في تاريخ انظمة افلست وتعرت لم يعد ما يسترها الا الكرباج . مدونة بسام الياسين

أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.